03-نوفمبر-2020

جو معكرون، الكاتب والمحلل السياسي المختص في السياسات الخارجية الأمريكية (فيسبوك)

ساعات قليلة تفصلنا عن تحديد هوية الساكن القادم للبيت الأبيض، هل يمهل ساكنه الحالي خمس سنوات أخرى تحت سقفه، أم سيستقبل شخصًا آخر ليس بالغريب عن ردهاته، لكنه آت في هذه المرة بصفة رئيس للولايات المتحدة وليس نائبه.

لإطلالة أوسع على الانتخابات الأمريكية، يحاور "ألترا صوت" جو معكرون، الكاتب والمحلل السياسي المختص في السياسات الخارجية الأمريكية

لإطلالة أوسع على الانتخابات الأمريكية، يحاور "ألترا صوت" جو معكرون، الكاتب والمحلل السياسي المختص في السياسات الخارجية الأمريكية، معرجًا على موضوعات السياسات الخارجية الأمريكية إزاء الشرق الأوسط، وتغيراتها المحتملة في ضوء هذا السباق الانتخابي الجاري.

اقرأ/ي أيضًا: الناخبون الأمريكيون من أصول عربية يؤيدون بايدن في الانتخابات الأمريكية

  • ساعات قليلة قبل حسم الانتخابات الأمريكية، هلّا قدمتم لنا لمحة عن الخارطة السياسية للسباق الانتخابي؟

الواضح هو أن المعركة السياسية الآن محتدمة حول عشر ولايات رئيسية، أولها هي ولايات ما يطلق عليه الجدار الأزرق الديموقراطي؛ ميشيغن، ويسكونسن وبنسلفانيا، يجب على الديموقراطيين تحقيق اكتساح فيها لضمان الفوز على ترامب. وهناك كذلك ولايات أريزونا وتكساس وجورجيا، التي هي تاريخيًا ولايات جمهورية وتصوت لصالح الجمهوريين، لكنها أصبحت الآن حلبة صراع للطرفين، لهذا ستكون يوم الانتخابات تحت الأنظار لمحاولة رصد أي تحوّل.

وفي الأخير هناك الولايات المعروف عنها تاريخيًا أنها متأرجحة، نذكر منها فلوريدا التي سيكون الفوز فيها مهمًا جدًا بالنسبة لترامب، وإلى الآن استطاع أن يحصّل فيها على تقدم طفيف. كارولاينا الشمالية، التي إلى حدود 2008 لم تكن متأرجحة، هي في هذه الأثناء محط الصراع الانتخابي. وولاية أوهايو، التي من دونها من الصعب على ترامب تحصيل كرسيه في البيت الأبيض، لهذا فمن المهم بالنسبة له الفوز بها لضمان ولاية ثانية.

بشكل عام خريطة الانتخابات واستطلاعات الرأي مواتية أكثر لفوز جو بايدن، لكن هناك هامش للخطأ، هناك إشكالية نسبة الإقبال على التصويت، إشكالية التصويت عبر البريد، هناك كذلك إمكانية خروج مناصري ترامب إلى الشارع لتغير المعادلة. يعني، هناك أمور كثيرة من الصعب توقعها من الآن، رغم أن الخريطة مواتية لبايدن، إلا أن هوية ساكن البيت الأبيض للخمس سنوات القادمة صعب تبينها حتى نهاية يوم الانتخابات.

  • إلى صالح من من المرشحين تصب استطلاعات الرأي؟ هل يمكننا الحكم على هوية الفائز بالمقعد الرئاسي؟

بالنسبة للاستطلاعات، فبايدن متقدم  بـ 8 إلى 10 في المئة، لكن طبعًا الأساس هو الولايات المتأرجحة التي ذكرناها، فهناك ولايات مثل ويسكونسن وميشيغان هو متقدم فيها بنسب تتراوح بين الـ 4 و6 في المئة، فيما هناك ولايات أخرى لم يحقق فيها إلا 0.5 في المئة مثل أوهايو وجورجيا. بشكل عام، السباق أصبح أكثر تنافسًا في الأيام الأخيرة، ترامب لديه الزخم الانتخابي أكثر وحيوية أكثر في الساعات الفاصلة، لكن كما سبق وأن ذكرنا فكل شيء يعتمد على الإقبال، يعتمد على التصويت عبر البريد وعلى المناخ العام ليوم الاقتراع. فالاستطلاعات تعطي المزاج العام، تعطي الجو العام، تعطي ربما زخمًا لمرشح أو لآخر، لكن بالنهاية الاقتراع الفعلي هو الذي يحسم الانتخابات.

  • تحدّث الرئيس ترامب عن عزمه الإعلان المسبق عن انتصاره إذا ما لاحظ تقدمه عند فرز الأصوات، ماذا يمكن أن نفهمه من إعلان كهذا؟

ترامب لم يقل بشكل مباشر أنه سيعلن عن الانتصار المسبق، كان هناك تسريب، لكنه نفى بعد ذلك صحته. لكن بشكل عام، ترامب منذ فترة يحاول التشكيك بالانتخابات، التشكيك بالتصويت المبكر، والتشكيك ببعض الأمور الأخرى.. هذا لا يساعد المسار الانتخابي، لاسيما أنه في أمريكا ولقرون كان هناك انتخابات بشكل منتظم، ولم يسبق خلال كل هذه المدة أن حصلت نزاعات وحوادث تزوير، إذن، وكما قلت، التشكيك لا يساعد المسار الانتخابي. على كل حال، هناك محامون يراقبون الانتخابات في الولايات المتأرجحة، وقد يكون هناك دعاوى، طلبات إعادة الفرز للأصوات، خصوصًا في حالة ما إذا كانت النتائج متقاربة. قد يدعون إلى إعادة فرز وتدقيق بعض الأصوات ما قد يؤدي ربما إلى تأجيل إعلان نتائج بعض الولايات. كل هذه السيناريوهات ممكنة إذا كان هناك تقارب كبير في نسب الأصوات. لكن إذا كان هناك فوز بفارق كبير لصالح بايدن فليس من الضروري انتظار ولاية أو ولايتين.

لكن بشكل عام، ترامب يحب دائمًا أن يترك هذه الغيمة من عدم اليقين فوق المشهد الانتخابي، وللأسف فإن حديثًا من هذا النوع يصدر من رئيس البلاد، لكن هذه طبيعة حملته الانتخابية وطريقة لتشجيع مناصريه على الخروج، وأيضًا تحضيرهم للخسارة، بمعنى تبريرها بأن هناك شيء ما حصل حرمه من الفوز. فعلينا أن نرى إلى ماذا ستتطور الأمور يوم الاقتراع، لكن في النهاية ليس لدى ترامب في هذا الشأن مخارج كثيرة في التعامل مع الموضوع، لأنه لكل ولاية قانونها الانتخابي الخاص ومقاربتها المختلفة للعملية الانتخابية، إذن فالأمور مفتوحة على كل الاحتمالات. 

  • كيف ينظر المصوت الأمريكي إلى سياسات ترامب الخارجية فيما يخص الشرق الأوسط، وكيف أثرت هذه السياسات على قرارت الكتلة الناخبة الأمريكية بالتصويت على ترامب من عدمه؟

آثار السياسة الخارجية محدودة بشكل عام خلال هذه الانتخابات، لأنها متأثرة أكثر بكورونا وتداعياتها الاقتصادية، دور الرعاية الصحية، دور الحكومة الفيديرالية في المرحلة المقبلة، كل هذه المواضيع طاغية إذا ما قارناها بمواضيع السياسة الخارجية، قبل كورونا كان هناك موضوع الصين ومواضيع خارجية أخرى، لكن المواضيع الداخلية أخذت منها الأولوية في هذه المرحلة التي يعيش فيها الأمريكيون ذروة الموجة الثانية للوباء، وهم على وعي تام بهذا الموضوع. وهناك أيضًا موضوع شخصية بايدن وشخصية ترامب، والاختلاف بين الشخصيتين، سيكون هذا عامل لتحديد من سيختار الأمريكيون في المرحلة المقبلة.

طبعًا هناك بعض الأقليات أو الفئات الناخبة ربما لديها أولوياتها الخاصة، فاليهود الأمريكيون على سبيل المثال لا يدعمون ترامب لأن غالبيتهم ليبراليين، و70 في المئة منهم على الأقل يؤيدون بايدن، العرب الأمريكيون يميلون كذلك إلى الديموقراطيين نتيجة موضوع الهجرة والحقوق المدنية وموقف ترامب منها وإدارة بوش سابقًا، لهذا يميلون إلى الليبراليين بشكل عام، فيما لدى الكوبيين الأمريكيين موضوع مهم هو سياسية الولايات المتحدة من كوبا، وهذا عامل مهم في تحديد من سيفوز بولاية فلوريدا على سبيل المثال، فكل فئة ناخبة عندها ربما مجموعة من الأولويات، لكن ما يجمعهم كلهم هو المشاكل اليومية التي يعيشونها، الاقتصاد، كورونا والرعاية الصحية، مع الأفضلية للسياسة الخارجية في الاختيار عند بعض الفئات وموقف كل من الديمقراطيين والجمهوريين منها. 

  • ما التغيرات التي ستعرفها العلاقات الأمريكية العربية وفقًا لنتائج الانتخابات الحالية وحسب كل مرشّح؟

بالنسبة لتأثر السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط بنتائج الانتخابات الحالية، ففي حالة فوز ترامب بولاية ثانية سيحافظ على نفس السياسة التي أدار بها هذه العلاقات خلال الجزء الأخير من ولايته الأولى، مع إضافة أنه سيكون أقل انشغالًا بالهاجس الانتخابي وأكثر تركيزًا على إرثه محاولًا إيجاد شيء ما جديد، ربما إنجاز جديد في السياسة الخارجية خلال الولاية الثانية. لكنه سيستمر في الضغط على إيران. وعلى ما أعتقد هذه المرة سيتجه إلى فتح خطوط تفاوض معها، وقد يواجه هذا ممانعة من مستشاريه. أيضا فكرة التحالف العربي الإسرائيلي ضد إيران، سيستمر بها محاولًا توسيع نطاق التطبيع لدول أخرى، وهذا جزء من أولوياته. بعض الأمور الأخرى أفق إحداث تغيير فيها محدود، إلا إذا ما اتضحت نتائج كيفية تعامله مع إيران وكيف سترد إيران إذا ما رغبت بالرد. فالموضوع الإيراني بدون شك سيطغى على الولاية الثانية، ومهما كانت قرارات ترامب سيكون حاضرًا فيها كعامل أساسي. وسيستمر بطبيعة الحال في تحالفاته مع دول في المنطقة، كالسعودية وغيرها، فهذه المقاربة أصبحت تمثل جزءًا من نظرته إلى المنطقة، وستبقى على هذا الطابع التجاري لرسم السياسة الخارجية، وحتى طابع علاقاته الشخصية التي أصبحت تربطه مع قادة هذه الدول عبر صهره ومستشاره جاريد كوشنر وغيره.

أما في حالة ما فاز بايدن، سنعود أولًا إلى الطابع المؤسساتي للسياسة الخارجية الأمريكية، سيكون هناك ربما تجاذب داخلي أكثر داخل الإدارة حول رسم سياسات المنطقة، وسيحاول ربما إعادة أمريكا إلى الاتفاق النووي الإيراني، لكن ضمن السقف الذي حدده ترامب، أقصد الصواريخ البالستية ودور إيران الإقليمي. فبايدن عليه أن يتعامل مع إرث ترامب، الأمر الواقع الذي تركه ترامب، فبالتالي سيكون امتدادًا لإرث أوباما مع الأخذ بعين الاعتبار القيود التي تركها ترامب. من ناحية مثلًا نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، فلا يمكن لبايدن تغييرها، من ناحية كذلك التطبيع العربي الإسرائيلي الذي أصبح أمرًا واقعًا. كما القيود التي تركها ترامب في سوريا تقيد الموقف الأمريكي، والتعامل مع العراق ولبنان في ظل التوتر مع إيران أيضًا، سيكون على بايدن مواجهة كل هذه الأمور.

النظرة الاستراتيجية للقضايا، الكبيرة منها على الأقل، ستكون متقاربة بين الطرفين، لكن في التكتيك وفي الأسلوب وفي العلاقات مع الحلفاء أو التكتيكات السياسية سيكون هناك اختلاف كبير

بالتالي، وبشكل مختصر، في اعتقادي أن النظرة الاستراتيجية للقضايا، الكبيرة منها على الأقل، ستكون متقاربة بين الطرفين، لكن في التكتيك وفي الأسلوب وفي العلاقات مع الحلفاء أو التكتيكات السياسية سيكون هناك اختلاف كبير بينهما، فبايدن لن يكون بنفس الاهتمام الكبير  بالشرق الأوسط كما كان ترامب، وسيحاول أكثر إدارة الأزمة وتغيير الانتباه إلى أماكن أخرى لكن الأولويات الأمريكية بشكل عام تبقى كما هي.