16-يناير-2017

المحامي خالد علي محتفلًا بالحكم بمصرية جزيرتي تيران وصنافير (محمد الراعي-الأناضول-Getty)

في ضربة قوية للنظام المصري، قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر برفض طعن الحكومة على حكم من القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة مع السعودية، وأكدت على استمرار السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير، عند مدخل البحر الأحمر الشمالي.

في ضربة قوية للنظام المصري، قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر برفض طعن الحكومة على حكم  بطلان اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية

وجاء منطوق الحكم مفاجئًا لقطاعات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال القاضي، المستشار أحمد الشاذلي إن "سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها".

اقرأ/ي أيضًا: دفعة جديدة من معتقلي "تيران وصنافير"

وأضاف الشاذلي: "دخول الجزيرتين ضمن الأراضي المصرية ما انفك راجحًا رجحانًا يسمو لليقين، وذلك كأثر لسيادتها المستقرة من ناحية، وأن الحكومة لم تقدم وثيقة أو شيءًا آخر يغير أو ينال من هذا اليقين".

وقدَّم حيثيات حكمه بقوله "مصر ليست نقطة على خريطة الكون أو خطوط رسمها عالم جغرافي على خرائطه إنما هي بلد قديم خلقه الله من رحم الطبيعة بين بحرين عظيمين ربط بينهما بدم وعرق بني برباط مادي ومعنوي، والتاريخ يقف طويلاً حتى  يتذكر دولة غير مصر تركت حكم دولة مجاورة كانت ولا تزال تمثل عمقها الاستراتيجي، ويحمل ملكها اسمها مع مصر إلى شعبها مكتفية بعلاقات الود والقربى وحرمة الدم".

ونسفت المحكمة ادّعاء الحكومة المصرية أنّ سلطة مصر على الجزيرتين مجرّد سلطة إدارية قائلة: "ذلك مردودٌ عليها، ولا يوجد أي اتفاق أو وثيقة تؤكد ذلك". وتابعت: "يحظر على كل سلطات الدولة، وبل على الشعب ذاته بأمر الدستور، إبرام معاهدة أو اتخاذ إجراء يؤدي إلى التنازل عن الجزيرتين"، مشيرة إلى أن الحكم المطعون فيه (حكم أول درجة) قد صدر "مرتكزًا على صحيح حكم القانون والواقع".

وهو الدَفْع القانوني الذي دَفَع بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى إعادة تداول المادة 777 من قانون العقوبات المصري، مطالبين بمحاكمة عاجلة لرئيس الحكومة، شريف إسماعيل، جزاء توقيعه الاتفاقية، ووصلت المطالبات إلى حدِ محاسبة السيسي، الرئيس المصري، أمام البرلمان.

اقرأ/ي أيضًا: تيران وصنافير..في المحاكم إلى الأبد؟

وتنصّ المادة 777 على أنه "يُعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمداً فعلاً يؤدي إلى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها". وهو ما يُعد خيانة عُظمى"، وفي البند "هـ" من المادة ذاتها: " يُعاقب بالسجن المؤبد كل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أجنبية في شأن من شؤون الدولة فتعمد إجراءها ضد مصلحتها".

من السيناريوهات المتوقعة أن يقرّ البرلمان المصري اتفاقية التنازل عن الجزيرتين، وهنا يدخل معركة قانونية ودستورية أمام مجلس الدولة

وعقب النطق بالحكم هلل المحامون والحاضرون في الجلسة بهتفات من بينها "مصرية مصرية" في إشارة إلى الجزيرتين الواقعتين بمدخل خليج العقبة بالبحر الأحمر. ورغم أن حكم مجلس الدولة يعتبر نهائيًا، فلا تزال هناك بعض العقبات، التي ربما تنفيه، وتضعه الآن قَيْد "وقف التنفيذ".

أول السيناريوهات المتوقَّعة، أن يقرّ البرلمان المصري اتفاقية التنازل عن الجزيرتين، الواقعتين فوق رأس خليج العقبة، وهنا يدخل معركة قانونية ودستورية أمام مجلس الدولة.

ثاني السيناريوهات قدَّمه أنور عشقي، الجنرال السعودي المتقاعد، عضو مجلس الشورى السابق، لدى تعليقه على الحكم، قائلًا إن السعودية قدَّمت للجانب المصري المستندات الكافية لإثبات سعودية الجزيرتين. وأضاف عشقي، الذي يوصف بـ"المطبع الأكبر" نظرًا لعلاقاته المعلنة بإسرائيل، في تصريحات لـ"بي بي سي"، أن السعودية ربما تلجأ إلى الأمم المتحدة والتحكيم الدولي ضد مصر لإعادة الجزيرتين إلى سيادتها.

ويعدّ موقف "عشقي" رسميًا، نظرًا لقربه من دوائر القصر بالمملكة، خاصة أنّ أول رد سعودي رسمي جاء متوازيًا مع تصريحاته، فقد علق الأمير بندر بن خالد بن فيصل آل سعود، على الحكم المصري برفض طعن الحكومة على بطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، المعروفة إعلاميًا بـ"التنازل عن تيران وصنافير"، عبر "تويتر"، قائلًا: "اللي يشوف المصريين يقولك جالسين أربع وعشرين ساعة هناك.. والله ماحد يعرف عنها شي.. بس الفضاوة وماتعمل.. عالم فاضيه".

وفيما يخصّ معاهدة "تيران وصنافير" مصريًا، رفضت مصادر رئاسية الإدلاء بأي تصريح لصحف القاهرة، مكتفية بالإشارة إلى أنّ الأمر والقرار النهائي لا يزال معلَّقًا بين يدي البرلمان، ملقيًا بالكرة في ملعب النواب، وفي اتصال برئيس مجلس النواب المصري، رفض التصريح بما لديه، مكتفيًا بـ"لا تعليق".

وأكَّد مراقبون أنّ النظام المصري حتى الآن لا يزال خائفًا من هبة شعبية إذا تقرر التنازل عن تيران وصنافير بشكل نهائي للسعودية، ولذلك يسعى لمدّ أجل الحكم حتى تهدأ الجموع، التي تتظاهر حتى الآن، مطالبة بحق مصر في سيناء بالكامل. وأشار قطاع واسع إلى أنّ النظام المصري يراوغ السعودية للحصول على أكبر مكاسب ممكنة، مستندًا إلى أنّ الأمور بشأن الجزيرتين بدأت تتأزَّم بالتزامن مع توتر العلاقات السياسية بين البلدين فقط.

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف خسرت السعودية في مصر؟

هل بدأت الحرب الباردة بين مصر والسعودية