16-نوفمبر-2023
Israeli soldiers inside Al-Shifa

جيش الاحتلال في مجمع الشفاء

نادرًا ما يتم الإعلان عن عملية عسكرية ضد مستشفى كبير بهذا الوضوح. هذا ما تقوله صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير عن اقتحام قوات الاحتلال لمجمع الشفاء.

ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون منذ أسابيع، دون أن يقدموا سوى القليل من الأدلة العلنية، أن حركة حماس لديها مركز قيادة أسفل مستشفى الشفاء في غزة، وهو الذي أصبح ملجأ لآلاف المرضى والجرحى والمدنيين النازحين المذعورين، والأطباء المثقلين بالعمل.

ليلة الثلاثاء، بعد ساعات من تأييد المسؤولين الأمريكيين لادعاءات "إسرائيل" حول النشاط المسلح في الشفاء، داهمت القوات الإسرائيلية المجمع في ما وصفه جيش الاحتلال بأنه "عملية دقيقة وموجهة ضد حماس في منطقة محددة". وقال العاملون إن الجنود دخلوا غرفة الطوارئ، ووحدة أمراض القلب، بينما سُمع دوي طلقات نارية، بينما كان الأطباء يتجولون بين الدخان.

وكانت العملية التي جرت في وقت متأخر من الليل تتويجًا لأسابيع من الرسائل من قبل المسؤولين الإسرائيليين حول تسلل مقاتلي حركة حماس المزعوم إلى المستشفيات في غزة.

وخلال عشرات المؤتمرات الصحفية والمقابلات الإعلامية، أكّد المسؤولون الإسرائيليون مرارًا وتكرارًا أن المرافق الطبية تستخدم لأغراض عسكرية، وأن مستشفى الشفاء على وجه التحديد هو "القلب النابض" للبنية التحتية لقيادة حركة حماس في شمال غزة.

تتمتع المستشفيات بوضع محمي بموجب القانون الإنساني الدولي، ولا تفقده إلا في الظروف التي يتم فيها استخدام المنشأة من قبل أحد الأطراف المتحاربة

في حين أنه لا يزال هناك الكثير من الادعاءات حول الغارة على مستشفى الشفاء غير واضح.

وتتمتع المستشفيات بوضع محمي بموجب القانون الإنساني الدولي، ولا تفقده إلا في الظروف التي يتم فيها استخدام المنشأة من قبل أحد الأطراف المتحاربة. وحتى ذلك الحين تظل رعاية المرضى ذات أهمية قصوى.

وقال أستاذ القانون في جامعة روتجرز، عادل حق: "حتى لو فقد المبنى حمايته الخاصة، فإن جميع الأشخاص الموجودين بداخله يحتفظون بحمايتهم"، وأضاف: "أي شيء يمكن للقوة المهاجمة أن تفعله للسماح باستمرار المهام الإنسانية لذلك المستشفى فهي ملزمة بالقيام به، حتى لو كان هناك مكتب ما في مكان ما في المبنى حيث قد يكون هناك مقاتل متحصن".

ونشر الجيش الإسرائيلي مقطعي فيديو وبعض الصور، يوم الأربعاء، من مجمع الشفاء تظهر ما قيل إنها أسلحة تعود لحركة حماس، ومعدات أخرى وجدت في المجمع.

ويبدو أن غالبية مقاطع الفيديو قد تم تصويرها داخل مبنى وحدة الأشعة بالمستشفى، والتي تسمى مركز الأمير نايف، وتقع بجوار غرفة الطوارئ في قلب مجمع الشفاء.

 وفي مقطع الفيديو الأطول، يقوم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، جوناثان كونريكوس، بجولة في المبنى، ويتوقف بشكل دوري لإظهار المكان الذي قال إن حماس قد أخفت فيه "حقائب سفر".

ينحني كونريكوس خلف جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي ليُظهر للمشاهدين حقيبة ظهر بها بندقية من طراز "AK" وذخيرة. ثم ينتقل إلى أسفل القاعة، ويتوقف عند خزانة حيث قال إنه تم العثور على أربع بنادق من طراز "AK" مع مخزون قابل للطي.

وفي مقطع آخر، استشهد الضابط بالجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري، بربطة شعر على الأرض كدليل على أن حماس احتجزت رهائن في قبو المستشفى.

كما كُتب على تقويم مثبت على الحائط "طوفان الأقصى"، وهو الاسم الذي أطلقته حركة حماس على هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وزعم هاجاري أن التقويم يتضمن أيضًا أسماء مقاتلي حماس المكلفين بحراسة الرهائن باللغة العربية. لكن "واشنطن بوست" لفتت إلى أنه ذلك لم يكن سوى تقويم لأيام الأسبوع.

ويبدو أن الصور التي نشرها الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق تُظهر الأغراض الكاملة، التي تم وضعها بدقة وهي: زي عسكري، 11 بندقية، 3 سترات عسكرية، واحدة عليها شعار حماس، 9 قنابل يدوية، نسختان من القرآن الكريم، سلسلة من المسبحات، وعلبة تمر.

وتقول الصحيفة الأمريكية أنها لم تتمكن من التحقق بشكل مستقل من ملكية هذه الأسلحة، أو كيفية وصولها إلى وحدة الأشعة.

وبدوره يرى بريان فينوكين، أحد كبار المستشارين في مجموعة الأزمات الدولية، والمستشار القانوني السابق في وزارة الخارجية الأمريكية: "لا يبدو أن هذه الأسلحة في حد ذاتها تبرر التركيز العسكري على الشفاء، حتى لو وضعنا القانون جانبًا".

وكان متحدث آخر باسم الجيش الإسرائيلي، هو ريتشارد هيشت، حذرًا في تصريحاته، خلال مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، حول ما تم اكتشافه خلال اقتحام المجمع، إذ قال: "لقد وجدنا أشياء معينة، هذا كل ما يمكنني قوله في هذه المرحلة".

نفى الأطباء في مجمع الشفاء استخدامه لأغراض عسكرية. وقال المتحدث باسم حركة حماس باسم نعيم: "الاتهامات المتعلقة بمستشفى الشفاء هي مسرحية كوميدية"

في حين ذكر راديو جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الجيش لم يعثر على أي علامة على وجود رهائن في الموقع.

وقد نفى الأطباء وغيرهم من العاملين الطبيين في المجمع بشدة استخدامه لأغراض عسكرية. كما قال المتحدث باسم حركة حماس، باسم نعيم: "الاتهامات المتعلقة بمستشفى الشفاء هي مسرحية كوميدية".

وقال جراح التجميل، أحمد مخللاتي، الذي لا يزال يقيم في مستشفى الشفاء في وقت متأخر من يوم الإثنين: "أنا وزملائي لن نعرض حياتنا للخطر لأن هناك شخصًا يحمل سلاحًا، لا يوجد سوى مدنيين هنا".

وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية انهيار المستشفى منذ بداية العدوان، حيث تحولت الممرات داخله إلى غرف عمليات، وتم إجراء العمليات الجراحية دون تخدير، وتم إخراج الأطفال الخدج من حاضناتهم.

وعندما نفذ وقود المولدات وانطفأت الأضواء، اضطر الأطباء إلى اتخاذ قرارات مؤلمة بشأن من يجب إنقاذه.