09-أكتوبر-2023
فلسطينيون يحتفلون من أمام دبابة إسرائيلية محترقة في غلاف غزة

(Getty) فلسطينيون يحتفلون قرب دبابة إسرائيلية محترقة في غلاف غزة

مكّنت عملية طوفان الأقصى، التي شاركت فيها جرافات ودرجات نارية وطائرات شراعية ومسيّرة، وعدد كبير من رجال النخبة في حركة المقاومة الفلسطينية من مفاجئة "إسرائيل" والتغلب على ما يوصف أنه أقوى جيش في الشرق الأوسط.

عملية طي الكتمان

تشير وكالة "رويترز" للأنباء في تقرير أن هجوم يوم السبت هو أسوأ اختراق لدفاعات "إسرائيل"، منذ حرب تشرين أول/أكتوبر 1973.

يقول التقرير إن حركة حماس أبقت خططها العسكرية طي الكتمان، إلى درجة أن "إسرائيل" اقتنعت بأنها لا تريد القتال.

وتحدث مصدر مقرب من حركة حماس إلى الوكالة، إنه بينما كانت "إسرائيل" تعتقد أنها تحتوي الحركة التي أنهكتها الحروب السابقة، من خلال توفير حوافز اقتصادية للعمال في غزة، كان مقاتلو حماس يتدربون على العملية، وعلى مرأى من الجميع.

بينما كانت "إسرائيل" تعتقد أنها تحتوي حماس التي أنهكتها الحروب السابقة، من خلال توفير حوافز اقتصادية للعمال في غزة، كان مقاتلو حماس يتدربون على العملية، وعلى مرأى من الجميع

وقدم المصدر العديد من التفاصيل حول رواية هجوم طوفان الأقصى وما تبعها، والتي جمعتها "رويترز". كما تطابقت هذه الرواية مع ثلاثة مصادر داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.

وأضاف المصدر المقرب من حماس أن الحركة "أعطت إسرائيل انطباعًا بأنها غير مستعدة للقتال"، واصفًا خطط الهجوم، بأنها الأكثر رعبًا منذ حرب عام 1973، عندما فاجأت مصر وسوريا "إسرائيل" وجعلتها تقاتل من موقع دفاعي للنجاة.

وبحسب المصدر؛ "استخدمت حماس تكتيكًا استخباراتيًا غير مسبوق لتضليل إسرائيل خلال الأشهر الماضية، من خلال إعطاء انطباع عام بأنها غير مستعدة للدخول في قتال أو مواجهة مع إسرائيل أثناء التحضير لهذه العملية الضخمة".

وتابع المصدر إن أحد العناصر الأكثر لفتًا للانتباه أن حركة حماس قامت ببناء مستوطنة إسرائيلية وهمية في غزة، حيث تدربت على الإنزال العسكري، وتدربت على اقتحامها، مضيفًا أنهم قاموا حتى بتصوير مقاطع فيديو للمناورات.

وأكد المصدر "من المؤكد أن إسرائيل رأتهم، لكنهم كانوا مقتنعين بأن حماس لم تكن حريصة على الدخول في مواجهة". وأضاف: "لقد تمكنت حماس من بناء صورة كاملة بأنها غير مستعدة لمغامرة عسكرية ضد إسرائيل".

11 أيلول/سبتمبر إسرائيلي

وتعترف "إسرائيل"، بأنها تفاجأت بالهجوم الذي تزامن مع يوم السبت اليهودي وعطلة دينية. واقتحم مقاتلو حماس البلدات الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 700 إسرائيلي واختطاف العشرات. في حين قتلت "إسرائيل" أكثر من 400 فلسطيني خلال هجومها على قطاع غزة، منذ انطلاق العملية.

وقال المتحدث باسم القوات الإسرائيلية الرائد نير دينار: "هذا هو 11 أيلول/سبتمبر"، وأضاف "لقد فاجأونا وجاءوا بسرعة من عدة مواقع، سواءً من الجو أو الأرض أو البحر".

من جهته، قال ممثل حركة حماس في لبنان أسامة حمدان، لوكالة "رويترز" إن "الهجوم يظهر أن الفلسطينيين لديهم الإرادة لتحقيق أهدافهم، بغض النظر عن قوة إسرائيل وقدراتها العسكرية".

حماس خدعت "إسرائيل"

ومنذ حرب عام 2021 (سيف القدس) مع حماس، سعت "إسرائيل" إلى توفير مستوى أساسي من الاستقرار الاقتصادي في غزة من خلال تقديم حوافز تشمل آلاف التصاريح حتى يتمكن سكان غزة من العمل في "إسرائيل" أو الضفة الغربية، حيث يمكن أن تصل الرواتب في وظائف البناء أو الزراعة أو الخدمات إلى 10 أضعاف مستوى الأجور في غزة.

وقال متحدث آخر باسم الجيش الإسرائيلي "اعتقدنا أن حقيقة مجيئهم للعمل وجلب الأموال إلى غزة ستخلق مستوى معين من الهدوء. كنا مخطئين".

واعترف مصدر أمني إسرائيلي بأن حركة حماس خدعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وقال المصدر: "لقد جعلونا نعتقد أنهم يريدون المال، وطوال الوقت كانوا يشاركون في التدريبات حتى قاموا بالهجوم".

مصدر أمني إسرائيلي: "لقد جعلونا نعتقد أنهم يريدون المال، وطوال الوقت كانوا يشاركون في التدريبات حتى قاموا بالهجوم"

 

وتحدث مصدر أمني إسرائيلي ثالث أنه كانت هناك فترة اعتقدت فيها "إسرائيل" أن قائد الحركة في غزة يحيى السنوار، كان منشغلًا بإدارة القطاع بدلًا من قتال الإسرائيليين، وأضاف: "في الوقت نفسه، حولت إسرائيل تركيزها بعيدًا عن حركة حماس في الوقت الذي دفعت فيه للتوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية".

وكجزء من التمويه في العامين الماضيين، امتنعت حركة حماس عن القيام بعمليات عسكرية ضد "إسرائيل"، حتى عندما قامت حركة الجهاد الإسلامي، بسلسلة من الهجمات الصاروخية.

واعتبر المصدر أن ضبط النفس الذي أبدته الحركة أثار انتقادات علنية من بعض المؤيدين، بهدف خلق انطباع بأن حماس لديها مخاوف اقتصادية، ولا تفكر في حرب جديدة.

وتقول "رويترز" إن هناك كثيرين في الضفة الغربية، التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية، ممن سخروا من حركة حماس بسبب التزامها التهدئة.

واتهم بيان لحركة فتح، نُشر في حزيران/ يونيو 2022، قادة حماس" بالفرار إلى العواصم العربية للعيش في فنادق وفيلات فاخرة، تاركين شعبهم للفقر في غزة".

العامل الاستخباراتي

لطالما تفاخرت "إسرائيل" بقدرتها على اختراق جماعات المقاومة ومراقبتها. ونتيجة لذلك، قال المصدر المقرب من حركة حماس، إن "جزءًا حاسمًا من الخطة هو تجنب التسريبات"، وأضاف: "العديد من قادة حماس لم يكونوا على علم بالخطط"، وأثناء التدريبات، لم يكن لدى آلاف من المقاتلين الذين شاركوا في الهجوم أي فكرة عن الغرض الدقيق من وراء هذه التدريبات.