04-أغسطس-2018

المذيعة والممثلة البريطانية باكستانية الأصل، جميلة جميل (Closer)

أجرت صحيفة الغارديان  البريطانية مقابلة مطولة، مع الإعلامية والممثلة البريطانية باكستانية الأصل، جميلة جميل، تحدثت فيها الأخيرة عن مواقفها من الصورة النمطية للمرأة في عالم هوليوود، وعن التحرش والاعتداءات الجنسية التي تلقاها المرأة العاملة في سبيل "اللحاق بكرب العالم الحديث". في السطور التالية ننقل لكم المقابلة مترجمة بتصرف.


عندما يحقق المشاهير البريطانيون نجاحًا كبيرًا في الولايات المتحدة، يمرون بعملية تغير أصبحت مألوفة الآن، ليكتسبوا سمات هوليوود: يُصبحون أكثر رشاقة وأكثر أناقة وأقل مرحًا، ويصرون طوال الوقت على أن استخدامهم العرَضي والاستعراض لألفاظ السباب البريطاني الغريبة ليثبتوا أنهم لم يتغيروا بتاتًا. لكن ذلك لا ينطبق على جميلة جميل.

لدى المذيعة والممثلة البريطانية باكستانية الأصل، جميلة جميل، الكثير من الأسباب لانتقاد الصحافة الصفراء التي تقتات على تنميط المرأة

جميلة جميل، المذيعة السابقة بقناة "تي فور - T4" التي تحولت إلى نجمة لمسلسلات الكوميديا أو ما يعرف بـ"السيتكوم"؛ تقول: "لا يمكننا الحديث هنا، إنه مزدحم للغاية"، كنا في نادٍ خاص قريبًا من منزلها الحالي غرب هوليوود والذي تتشاركه مع صديقها الموسيقي جيمس بلايك منذ ثلاث سنوات. 

اقرأ/ي أيضًا: كيت بلانشيت: "لم أكن لأرضخ للتحرش الجنسي"

وبينما نسير عبر النادي، في كل مكان حولنا، كان الناس ملابس مناسبة لأشخاص مرموقين من لوس أنجلس: فساتين طويلة وصنادل، أو بناطيل جينز من مصممين مشهورين وقمصان أنيقة وأحذية غالية. وعلى النقيض، ترتدي جميلة جميل فستانًا قصيرًا وضيقًا على نحو قد يبدو سخيفًا بالنسبة لمن حولها، بالإضافة إلى حذاء سميك الكعب. يبدو شعرها وكذلك مكياجها غير لامعين بطريقة تجعلها "جميلة" و"محببة" في وسطها.

تقول جميلة جميل، وهي تشير إلى حيلة المكياج التي تعطي إيحاءً بنحافة الوجه وارتفاع عظام الوجنتين، التي تروج لها كيم كارداشيان: "أُفضل أن أضعه بنفسي، لأنني لا أحب طريقة التحديد بالمكياج. كما أنني أيضًا، اعتدت على وضع مساحيق التجميل لأبدو من عِرْق مختلف؛ أكثر بياضًا". فإذا بدت كات ديلي، المقدمة السابقة للبرامج التلفزيونية الصباحية، وكأنها وُلِدت وترعرت في سانتا مونيكا بعد خمس دقائق من وصولها إلى هنا لتقديم برنامج "So You Think You Can Dance"، فما زالت جميلة تبدو كفتاة لندنية.

ولا يزال معظم الشعب البريطاني يعرف جميلة جميل جيدًا منذ أن كانت مذيعة في إذاعة راديو"Radio 1"، والسنوات الثلاث التي أمضتها في برنامج ثقافة البوب على قناة "T4"، بدءًا من عام 2009، عندما كانت مذيعة مليئة بالمرح والحيوية والتي، على سبيل المثال، أخبرت راسل براند على الهواء مباشرة أن إجراء حوار معه كان "كابوسًا". لكنها أصبحت نجمة حقيقة في الولايات المتحدة، بفضل دورها في مسلسل"The Good Place" الذي عُرِض على شبكة "NBC"، والذي أنتجه القائمون على مسلسل "Parks And Recreation".

ويدور مسلسل "The Good Place" في عالم ما بعد الموت، ويشارك في بطولته كريستين بيل وتيد دانسون، ويعتبر من الأعمال النادرة التي تبدو في غاية الذكاء وتبدو تافهة إلى حد بعيد في نفس الوقت، إِذْ تدور محادثات مطولة عن كيركجارد وأفلاطون (بينما تحاول الشخصيات التعرف على ما إذا كانوا أخيارًا أم أشرارًا) في مقابل نكات حول بلو إيفي وجيمس فرانكو. وتبدو جميلة جميل مضحكة للغاية في دورها، إِذْ تلعب دور فتاة مثالية صغيرة مرموقة التي ما تفتأ تذكر بريطانيا في حديثها: "لم أنزعج بهذه الطريقة منذ أن تعرضت صديقتي الطيبة تايلور لمقاطعة فظة من صديقي الطيب الآخر كانيه، الذي كان يدافع عن أعز صديقاتي، بيونسيه". وقد أنهوا لتوهم تصوير الموسم الثالث من العرض.

بعد الندب الذي نتج عن سرطان الثدي عندما كانت في عمر 28، قررت جميلة جميل أنها لن تنتظر بعد الآن لتفعل الأشياء التي تود فعلها. ولذا، انتقلت إلى لوس أنجلس في عام 2015، على أمل أن تعثر على عمل ككاتبة سيناريوهات في المقام الأول. ما أثار دهشتها هو أن مديرها أقنعها بدلًا من ذلك بأن تتقدم لتجربة أداء للحصول على دور في مسلسل "The Good Place"، وعلى الرغم من أنها لم تمثل من قبل، حصلت على الدور. في البداية، توسلت إلى منتج العرض، مايكل شور، حتى يعيد التفكير في قراره، "لأنني لا أريد أن أظهر بمظهر الحمقاء أمام العالم بأكمله"، كما تقول.

وعلى غرار شخصية توم هافرفورد التي أداها الممثل الأمريكي من أصول هندية "عزيز أنصاري" في مسلسل "Parks And Recreation"، وظهر في العرض على أنه أمريكي بكل بساطة؛ فإن جميلة جميل، التي ينحدر والديها من أصول هندية وباكستانية، تلعب دور شخصية مميزة بطابعها الإنجليزي، دون أن يمثل أصلها العِرْقي أي مشكلة.

وبالمثل، يلعب الدورين الرئيسيين بالنسبة للرجال الممثل الأمريكي ذو الأصول الإفريقية "وليام جاكسون هاربر" بالإضافة إلى الممثل الكندي من أصول فلبينية "ماني جاسينتو"، وفي كلتا الحالتين لم تمنعهما أصولهما العرقية من تقديم قصص رومانسية على الشاشة مع نساء من خلفيات أخرى. وقليلًا ما يحدث، أن يؤدي كل هذا العدد من ذوي البشرة الملونة أدوارًا محايدة من ناحية لون البشرة، وهو أمر نادر الحدوث في التيار السائد في التلفزيون الأمريكي.

جميلة جميل في مسلسل "The Good Place"
جميلة جميل في مسلسل "The Good Place"

وكما تقول جميلة جميل: "كانت هناك لحظة أثناء تصويرنا للموسم، عندما أدركت أنني في مشهد مع امرأتين أخريين تنحدران من جنوب آسيا، ولم يلق الأمر تعليقًا في العرض أو أي شيء. لقد كنا جميعًا مصدومين جراء هذا، لأن عِرْقنا لم يوضع في قالب ما، وصُدِمنا من صدمتنا!".

في الوقت ذاته، شرعت جميلة جميل في لعب دور بارز، يتمثل في الانتقاد الصريح للغاية لثقافة المشاهير. أطلقت جميلة جميل حسابًا على إنستغرام تحت عنوان "I Weigh" تنشر عليه النساء صورًا لأنفسهن ويُفصحن عن "أوزانهن"، ليس بالكيلو ولكن بالصفات التي يحبونها في أنفسهن، مثل: "صديقة عزيزة"، و"مغنية سيئة"، و"شقيقة محبة"، وما إلى ذلك.

وتصدرت جميلة عناوين الأخبار في وقت سابق من هذا العام عندما انتقدت كيم كارداشيان لترويجها لشيء يُطلق عليه "المصاصة المُفقدة للشهية". وغرّدت جميلة جميل على تويتر: "تبًا لكِ، يا له من تأثير مسمم مروع على الفتيات الصغيرات". وحذفت كارداشيان منشورها في وقت لاحق.

وفي مدونتها، غالبًا ما تتخذ جميلة جميل خطوة غير معتادة بالنسبة للمشاهير، والتي تتمثل في السخرية من الصحفيين، ومن زملائها الممثلين بالاسم، فتستهل تدوينة بعنوان: "كتبت امرأة بغيضة تُدعى هيدي باركر في صحيفة ديلي ميل مقالة، تعاير فيه إلى حد كبير حمل جيسيكا بيل المتقدم بسبب ثقل وزنها". كما كتبت مدونة ذكية عن فضيحة عزيز أنصاري، بعد اتهام الممثل الكوميدي بأنه مارس ضغوطًا لتحويل موعد غرامي لممارسة الجنس، وربط عدم الاهتمام بموافقة الأنثى بتوفر المواد الإباحية بشكل متزايد، علمًا بأن جميلة جميل والأنصاري كلاهما لديهما نفس مدير الأعمال. 

ولدى جميلة جميل الكثير من الأسباب التي تدفعها إلى انتقاد الصحافة الصفراء في بريطانيا؛ فعندما بدأت مشوارها على شاشة "T4"، انتقدتها الصحف لنحافتها الشديدة. بعد ذلك، عندما اكتسبت بعض الوزن بعد تناول الستيرويد بسبب إصابتها بالربو، انتُقِدت لكونها بدينة للغاية؛ ونشرت الصحف الصفراء صورًا سيئة للغاية لها وهي منحنية في الشارع.

تقول جميلة: "خارج منزلي! وأنا ألتقط مفاتيحي! ثم نشروا صور مؤخرتي في المجلات"، واصفة الأمر: "يا له من تعدٍ سافر، يجب أن يجرم هذا الأمر"، مضيفةً: "إلا أن الأمر فتح عيناي بالفعل، لأنه عندما كان مقاسي ستة أو ثمانية، التقطوا صورًا لي من شأنها أن تجعلني أبدو جيدة وأنا أخطو على السجادة الحمراء أو أي شيء آخر. وبمجرد أن أصبح مقاسي عشرة، أرادوا فقط التقاط صور لي وأنا أبدو بمظهر سيء. على سبيل المثال، عندما أفتح فمي أو أغلق عيناي، إِذْ لم يرغب أحد في التقاط صورة لي وأنا أجري عندما كنت نحيفة، فقط رغبوا في ذلك عندما كنت بدينة".

غير أن ما يزعج جميلة جميل بالفعل أنهم "لم يوثقوا أي شيء عن نجاحي المهني أبدًا، مثل كوني أول امرأة تستضيف برنامج the chart show على إذاعة Radio 1 التابعة لـبي بي سي. لقد تحدثوا دائمًا عن إخفاقي في اجتياز النموذج المبدئي لفيكتوريا سيكريت".

جميلة جميل: "لا يمكنني أن أصبح عميلة مزدوجة للنظام الأبوي الذكوي، فذلك هو ما شكل دائمًا أكبر مخاوفي"

وتمتلك جميلة جميل حاليًا قواعدها ومبادئها الخاصة التي تتمثل في عدم رغبتها بتعديل أي صور لها. وبهذا، تعتبر جميلة جميل واحدة من الجيل الجديد من النساء اللائي يعترضن علنًا على حيل التصوير الفوتوغرافي للمشاهير، ففي العام الماضي، انتقدت الممثلة لوبيتا نيونقو مجلة "غراتسيا" لإزالة تصفيفة ذيل الحصان الأفريقية؛ واشتكت سولانج نولز عندما أزالت مجلة "Evening Standard" تاج الضفائر.

اقرأ/ي أيضًا: نظرة في تاريخ الطبيعة الذكورية للمجتمع الإنساني

وتقول جميلة جميل: "لا أعرف أي امرأة تشعر بالرضا بالفعل حيال مظهرها، لأن النساء تطمح دائمًا إلى الجمال المثالي، وأعرف أن هذا الأمر سيء بالفعل". وتضيف: "كتبت مؤخرًا تغريدة عن إحدى الصحف الصفراء التي وصفت كوين لطيفة بأنها تشبه الحوت الذي انجرف إلى الشاطئ! هل يمكن تخيل ذلك؟! إن عدم احترام كوين لطيفة بعد عقود من النجاح الذي شهدته، يبدو أمرًا سخيفًا، تمامًا مثل عدم احترام أوبرا وينفري".

وتتمثل الحقيقة المحزنة في أن العديد من هذه المقالات وهذه الصحف الصفراء، تكتبها وتحررها نساء. تقول جميلة جميل: "حتى لو قامت إحدى النساء بتحرير مجلة أو صحيفة، فهناك رجل ما يمتلك المؤسسة التي تتبعها المجلة أو الصحيفة، وأعتقد أن مدى استقلالية النساء يعد من الأشياء المخيفة بالنسبة للرجال".

كما تقول: "ليس من مصلحة نظام سلطة الرجال بالنسبة لنا أن نكون متعددي الأوجه. إنهم يريدوننا أن نشعر بالقلق حيال مظهرنا، لأن هذا يعطلنا ومن ثم فمن غير المرجح أن نتجاوزهم. ومن المفيد لي أيضًا أن أظهر الشكل الذي أبدو عليه فعلًا نظرًا لأنه لن تكون هناك قيمة في صور الصحف الصفراء الخاصة بي حينها. اعتاد الناس على رؤية التجاعيد والبقع أسفل دائرة العين، لذا لا يمكن لمصوري المشاهير التقاط صور تظهرني بشكل سيء".

من السهل أن تمتلك الجرأة التي تمكِّنك من إظهار وجهك الحقيقي للعالم عندما يكون جميلًا بشكل طبيعي مثل وجه جميلة جميل؛ والذي يتجلى في عينيها البنيتين الكبيرتين، وشعرها الأسود الطويل المجعد، ومظهرها الجذاب ما يجعلها تبدو جميلة كجميلات أفلام الرسوم المتحركة تقريبًا. وتنشر على حساب إنستغرام الخاص بها الكثير من صور "السيلفي" الجذابة، وتقول: "لا أمانع من ارتداء ملابس أنيقة والاستمتاع بوقتي، لكن هذا يمثل جزءًا بسيطًا فقط من الأشياء التي أهتم بها. إنني أتأكد من أنني تخليت عن كتاباتي وحملاتي هناك، وآمل بأن تكون الصورة التي تخيلتها مكتملة".

ترى جميلة جميل أن بحملة #MeToo أثر كبير في ارتعاد المتحرشين والمعتدين على المرأة

وسواءً أكان ذلك بسبب وزنها أو لون بشرتها، استمر تعرض جميلة جميل للتنمر عندما كانت صغيرة في المدرسة. ففي سنّ 12 عامًا، بلغ طولها خمسة أقدام وعشر إنشات وكانت كبيرة بالنسبة لمن في مثل عمرها، واكتسى وجهها بالحبوب ووضعت تقويم الأسنان، وفي مدرستها الخاصة بالفتيات في لندن، حيث حصلت على منحة دراسية، كان التنمر الذي تعرضت له بلا هوادة. وتسترجع ذكرياتها قائلة: "كانوا ينادونني باسم الباكستانية البدينة (Fat Paki)".

ومؤخرًا، في عام 2016، تعرضت جميلة جميل لاعتداء عنصري في لندن. تقول جميلة جميل، وهي مستمتعة وغاضبة في آن واحد: "كنت في نوتينغ هيل في اليوم الذي أعقب الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقال أحدهم: اذهبي لبلادك، أيتها الباكستانية!".

وعندما كانت في سن الـ14، أُصيبت جميلة جميل باضطراب تناول الطعام، والذي تنظر إليه حاليًا على أنه محاولة لاكتساب بعض السيطرة على الحياة التي تبدو فوضوية، وحتى تتماشى مع الفتيات في المدرسة، "رغم أن ذلك لم يُجد نفعًا" كما تقول.

وتضيف بأن حادثًا كبيرًا غيّر مسار حياتها، وذلك عندما صدمتها سيارة وهي في 17 من عمرها، ما ألحق أضرارًا بعمودها الفقري، وظلت ملازمة للفراش لمدة عام واعتقدت أنها لن تتمكن من السير مجددًا دون مساعدة. تقول: "هناك شيء ما يتعلق بعدم قدرتك على الحركة، والذي يمنحك احترامًا جديدًا لجسمك، وأعتقد بصدق أن هذا الحادث أنقذني".

وخلال ذلك كله، كانت حياة جميلة جميل المنزلية صعبة؛ كان والديها غير سعيدين في زواجهما وانفصلا عندما كانت صغيرة جدًا. كم أنها تعرضت مرتين لاعتداءات جنسية من قبل غرباء. كانت المرة الأولى عندما كانت الـ12 من عمرها، وكانت تسير عبر شارع أوكسفورد عندما جذبها شخص ما من المنطقة بين فخذيها. وعندما لم يتركها تذهب، اضطرت إلى الركض في الشارع وإلقاء نفسها على أحد الجدران في محاولة لتتخلص منه، ثم تهرب.

وعندما كانت في الـ15، جذبها أحد الغرباء إلى سيارة في منتزه بيلسايز، أكثر أحياء لندن ثراء، ونجت فقط لأن أحد الغرباء رآها وهي تقاوم. "لم أعتبر هاتين التجربتين صادمتين حتى الآن، لأنني أعتقد أنهما حدثتا للجميع وأنها أمور طبيعية. والآن أدرك أن هذا ربما يكون صحيحًا، ولكن لا ينبغي أن يكون كذلك"، تقول جميلة جميل.

شجعها هذا الإدراك على التحدث علنًا ضد صناعة السينما، إذ تشعر جميلة جميل بأن بعض الأمور قد تحسنت بالفعل، وذلك بفضل حملة "#MeToo"، إذ "لم يعد المنتجون الغريبون أصحاب السمعة السيئة  يقترحون عقد اجتماعات متأخرة في الساعة التاسعة مساءً، ولا يحاول الرجال حتى أن يعانقونهن ناهيك عن تقبيلهن في نهاية الاجتماع"، تقول جميلة جميل. 

ترى جميلة جميل أن حملة "#MeToo" كان لها أثرٌ كبير في ارتعاد رجال السينما والإعلام من أن يقدموا على أي إساءة للمرأة

وتعد جميلة جميل الصديقة المقربة من دانييلي بيرنفيلد، وهي مديرة تنفيذية سينمائية تعرضت للاعتداء بضراوة من الممثل إميل هيرش عام 2015، وتم تغريم هيرش وحُكِم عليه بالسجن 15 يومًا. تقول جميلة جميل والغضب واضح عليها: "لكنه لم يتوقف عن العمل. وفي الوقت ذاته، أصيبت صديقتي باضطراب ما بعد الصدمة". ويقوم هيرش حاليًا بتصوير فيلم "Once Upon A Time In Hollywood"، للمخرج كوينتن تارانتينو الذي يدور حول عمليات القتل التي قام بها تشارلز مانسن. ذلك الفيلم الذي يتعلق بموت امرأة، وهي شارون تايت، ويخرجه رجل اعترف بأنه يعرف أن هارڤي واينستين كان يعتدي على النساء، ويشارك في بطولته رجل اعتدى على إحدى النساء.

اقرأ/ي أيضًا: بعد كشفهن عن قصصهن مع التحرش.. كيف غيرت حملة "#MeToo" حياتهن؟

تقول جميلة جميل: "إنه أمر غريب للغاية. كيف يجرؤ أي شخص من العاملين في هذا الفيلم على ارتداء دبوس Time’s Up عند توزيع جوائز غولدن غلوب؟ هل يمكن للمعنيين بصناعة السينما ألا يوظفوا هؤلاء الذين كادوا أن يقتلوا  النساء؟".

جميلة جميل: "لا يمكنني أن أصبح عميلة مزدوجة للنظام الأبوي الذكوي"

ومع ذلك، هناك الكثير من النساء اللائي، على أقل تقدير، يقللن من شأن العنف الذكوري. فقبل وقت ليس بالطويل من مقابلتي مع جميلة جميل، قالت جيرمين غرير، لأسباب لا يعرفها أحد سواها، في مهرجان "هاي" للأدب والفنون: "بدلًا من التفكير في الاغتصاب باعتباره جريمة شنعاء إلى حد كبير، وبعض جرائم الاغتصاب هي بالفعل كذلك، فكروا في الأمر على أنه تم دون موافقة الطرفين، وهذا ما يجعله معاشرة جنسية سيئة".

تصرخ جميلة جميل جالبة انتباه كل من حولنا: "يا له من أمر سيء للغاية. جيرمين غرير!". وتضيف: "لا يعتبر الاغتصاب مجرد معاشرة جنسية سيئة. إنها فقط تريد أن تقبع في سلة القمامة وأن تعيش وتُنشئ متجرًا هناك، بالإضافة إلى هؤلاء النسوة الفرنسيات العجائز!"، في إشارة منها إلى رسالة موقعة من 100 امرأة فرنسية، من بينهم توقيع الممثلة كاترين دينوف، يدينون فيها حملة "#MeToo" نظرًا لما ترمي إليه من "كراهية للرجال والحياة الجنسية"، على حد قولهن.

تقول جميلة جميل: "أفكر أحيانًا أن المساء كبار السن، ينظرن إلى الماضي ويدركن أنهن تعرضن لصدمة ويريدون منا أن نتوقف عن الحديث عنها، لأنهن لا يردن التفكير في الأمر. غير أننا نحاول فقط أن نمنع حدوث ذلك للجيل القادم من الفتيات".

لكن. هل شعرت جميلة جميل أبدًا بالقلق من أن انتقادها الصريح ربما قد يؤثر على مسيرتها المهنية؟ تجيب: "أنا لا أهتم لذلك، لأنه لا يمكنني أن أصبح عميلة مزدوجة للنظام الأبوي الذكوي، فذلك هو ما شكل دائمًا أكبر مخاوفي".

ومع ذلك، لا تزال هناك حقيقة محرجة، وهي أن وكيل أعمالها هو ديف بيكي، الذي لا يعتبر فقط وكيل أعمال الممثل الكوميدي عزيز أنصاري المتهم بالتحرش الجنسي، بل إنه أيضًا المدير السابق للكاتب التلفزيوني لويس سي كي، الذي اعترف بقيامه بإساءة السلوك الجنسي العام الماضي. واتُهِم بيكي من قبل اثنين من ضحايا سي كي بأنه أخبرهما ألا يتحدثا عن الأمر، ثم أصدر اعتذارًا علنيًا في وقت لاحق.

وتقول جميلة جميل وهي تضحك بشكل متوتر، "إنه لم يعد وكيل أعمال لويس سي كي. لكنني قررت الاستمرار معه لأنه يمثل عددًا كبيرًا من النساء اللائي أحبهن"، إذ يمثل بيكي أيضًا إيمي بويلر وإيسا راي وناتاشا ليون.

تدرك جميع النساء تقريبًا فكرة أن عليهن تقديم تنازلات للحاق بركب العالم الحديث، فإذا كنت تعمل في مجال الترفيه، فستكون أكثر دراية من الجميع. وإذا كانت هناك بعض العناصر المحددة التي لا تزال جميلة جميل تتعرف عليها، فلا يمكن لأحد أن يشكك في شجاعتها للقيام بذلك بينما لا تزال في بداية مسيرتها المهنية في هوليوود.

جميلة مع صديقها الحميم جيمس بلايك
جميلة جميل مع صديقها الحميم جيمس بلايك

شكل صديقها الحميم جيمس بلايك مصدر دعم كبير لها. فقد تعرفا على بعضهما في لندن، لكنهما اجتمعا سويًا عندما انتقلا إلى لوس أنجلوس في نفس الوقت. تقول جميلة جميل، "إن العيش إلى جواره وفرّ لي مناخ الاستقرار". وفي المقابل كانت الحملات التي تنظمها تفتح أعين بلايك: "لقد شاهد التأثير الذي أحدثه كونك صوت العقل بالنسبة للأشخاص الذين حالفك الحظ في الوصول إليهم".

ترفض جميلة جميل أن تبقى صامتة على الانتهاكات التي تتعرض لها صورة المرأة وإن أدى ذلك إلى التأثير سلبًا على مسيرتها المهنية

هناك مفارقة واضحة في أن القدوم إلى لوس أنجلوس، التي تعتبر بؤرة عالمية للاضطرابات العصبية وإساءة استغلال العمل، كان الدافع لتحول جميلة جميل إلى محاربة بالنيابة عن الصورة الذاتية للمرأة وسلامتها في العمل. لكنها تقول إن هذا المكان هو ما دفعها إلى حافة الهاوية. ومن هذا المنطلق، فمن المحزن أن المزيد من النساء أيضًا لم يكن لديهن ردة الفعل هذه التي هي لدى جميلة.

تقول جميلة جميل: "لا يمكنني أن أبقى صامتة أكثر من ذلك، لا أستطيع. لا يهمني أن أهوي إلى القاع، فأنا أهوي وسط النيران. سأكون بخير إذا لم أعمل في هذه الصناعة، لكنني لن أكون بخير إذا لم أُفصح عما بداخلي".

 

اقرأ/ي أيضًا:

سينا ميلر: شغفي بالتمثيل لا حدود له

إيمي شومر: أعتمد في قراراتي على غرائزي