11-أكتوبر-2017

طالبت شخصيات جزائرية معروفة بعدم ترشح بوتفليقة للرئاسة مجددًا (توماس تروتشيل/ Getty)

في عام 1999، حين حطت الطائرة التي كانت تقل عبدالعزيز بوتفليقة على أرضية مطار هواري بومدين، أجمع الجزائريون على أن الرجل العائد من المهجر، أتى ليكون رئيسًا للجزائر، وليس مجرد مرشحٍ كغيره في الرئاسيات. فالرجل الذي كان ذراعًا أيمن للرئيس الراحل هواري بومدين، وهو لا يبلغ من العمر إلا 25 سنة، رجع كابن ضال بعد غربة دامت عشريتين. اتفق الجميع أن صناع القرار في الجزائر، قد توافقوا عليه كرئيس للبلاد، وبدأت حملات إظهاره كمنقذ للجزائر من أزمتيها الاقتصادية والأمنية.

 بسبب مرضه وشيخوخته، تقدمت 3 شخصيات معروفة، حقوقية وسياسية وعسكرية، برسالة تطالب بوتفليقة بعدم الترشح لعهدة خامسة

واليوم وبعد مرور 18سنة من تلك الذكرى، لايزال الرجل في منصبه وهو الذي لم يخاطب شعبه منذ أكثر من ثلاث سنوات. لقد فاز (أو هكذا قيل) بنسبة ساحقة في انتخابات لم يره الناس فيها، إلا أثناء إدلائه بصوته في مركز انتخابي بالأبيار، وهو على كرسي متحرك. لكن يبدو أن الأمور الآن قد لا تتوقف عند العهدة الرابعة، فلقد تعالت بعض الأصوات تناشد "فخامته" بعهدة خامسة، فهل سيحكم بوتفليقة الجزائر مرة أخرى؟

اقرأ/ي أيضًا: ولد عباس:" بوتفليقة رئيسًا مدى الحياة"

رسائل لبوتفليقة: "لا تترشح"

قبل أيام، توجهت ثلاثة شخصيات سياسية وعسكرية معروفة في الجزائر، برسالة نشرتها وسائل الإعلام، تطالب بوتفليقة بعدم الترشح لعهدة خامسة، خاصة مع التردي الواضح لحالته الصحية، وعدم تمكنه من القيام بمهامه، وهو الذي يظهر فقط في شريط على نشرة أخبار القناة الرسمية لمدة لا تتجاوز بعض الثواني، مُستقبلًا ضيوف الجزائر من وزراء وسفراء ورؤساء دول. 

حملت الرسالة توقيع كل من المحامي المعروف علي يحي عبدالنور، الذي يُلقّب بـ"عميد المناضلين الحقوقيين" في الجزائر، والوزير السابق طالب الإبراهيمي، وكذا الجنرال المتقاعد رشيد بن يلس القائد السابق للقوات البحرية الجزائرية. وجاء في نصّها، إن "المسؤولين عن هذا الإفلاس، وقد اطمأنوا إلى الإفلات من العقاب، يتمادون في كبريائهم واحتقارهم للمواطنين إلى حدّ الإعداد لفتح طريق لعهدة رئاسية خامسة لشيخ عاجز عن الحركة، وغير قادر على التعبير".

الموالون لبوتفليقة يزعمون أنه لازال قادرًا على أداء مهامه بل والتدقيق في كل صغيرة وكبيرة، رغم ما يبدو واضحًا من مرضه وشيخوخته 

هذه الرسالة شديدة اللهجة، تُضاف إلى حملة دُشّنت قبل أيام، طالب فيها جامعيون ومثقفون بضرورة تطبيق المادة 102 من الدستور الجزائري، التي تنص على أنه "إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبًا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع". وأصحاب هذا البيان يرون أن الحل الوحيد المتبقي هو النداء لانتخابات رئاسية مبكرة.

اقرأ/ي أيضًا: جمهورية الجنرال توفيق

الموالون: "بوتفليقة يركز في كل صغيرة وكبيرة"!

في الأثناء، يرى الموالون للرئيس بوتفليقة، وعلى رأسهم جمال ولد عباس، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، أن بوتفليقة لا يزال قادرًا على أداء مهامه، وهو يترأس المجالس الوزراية ويسدي الأوامر والتوجيهات ويقف على كل صغيرة وكبيرة، وفق زعمه. بل ذهب ولد عباس بعيدًا، بمناشدته عبدالعزيز بوتفليقة من أجل الترشح لعهدة خامسة ومواصلة المسيرة التي بدأها منذ 18 سنة! 

أما عبدالقادر بن صالح، الأمين العام السابق للتجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أكبر أحزاب البلاد، فقد صرح بأن الداعوات لتطبيق المادة 102، "مجرد ترويج لتأويلات خاطئة صادرة عن أمزجة أصحابها وأفكار نابعة من رغبات ذاتية غير بريئة"، بتعبيره!

والمتتبع للمشهد الجزائري قبل أقل من سنتين من موعد الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها عام 2019، يلاحظ أن البديل المقترح لخلافة بوتفليقة مبهم وغير واضح تمامًا، سواء تعلق الأمر بأسماء تحوم في فلك النظام أو أسماء من خارجه، خاصة مع شتات الأحزاب المعارضة التي أصيبت بمرض "مرشح التوافق"، والتي تتفرق كل جهودها في مفترق الطرق.

إلى الآن، ليس ثمة بديل واضح لبوتفليقة، خاصة مع تشتت المعارضة، وخوف الأسماء الكبيرة من البوح برغبتها في الترشح كي لا يتم إقصاءهم 

يُضاف إلى ذلك خوف الأسماء الكبيرة من البوح علانية برغبتها في الترشح، كي لا يلقوا مصير وزير الحكومة السابق الذي خرج من اللعبة السياسية بمجرد أنه تحدى الرئيس وترشح لمنافسته، كما يُلمّح الكثيرون أيضًا لسيناريو "التوريث"، خاصة مع الظهور الصريح لسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس، والذي يرى البعض أن هناك وجبة تطبخ في مطبخ "المرادية" من أجل تسليمه الرئاسة خلفًا لشقيقه، خاصة وأنه تربطه علاقات حميمة مع رجال المال والأعمال، فيما يذهب البعض أيضًا لتوقع سيناريو تثبيت بوتفليقة ليحقق حلمه الأسمى، ففي الجزائر تتواتر رواية تقول أن عبد العزيز جاء كي يموت رئيسًا!

 

اقرأ/ي أيضًا:

 الغموض يلف المشهد السياسي في الجزائر

متاهات جزائرية