29-ديسمبر-2022
gettyimages

تُقبل تونس بداية العام القادم على إضراب في قطاع النقل (Getty)

تُقبل تونس بداية العام المقبل على وضع جديد عنوانه الأبرز المواجهة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر هيكل نقابي في البلاد، وذلك بعدما أعلنت الجامعة العامة للنقل التابعة للاتحاد، يوم الأربعاء 28 كانون الأول/ديسمبر 2022، عن "قرارها تنفيذ إضراب عام ليومين في قطاع النقل برًّا وبحرًا وجوًّا"، مبررةً هذا القرار بنكوص الحكومة عن التزاماتها ورفضها للحوار.

تُقبل تونس بداية العام المقبل على وضع جديد عنوانه الأبرز المواجهة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل

ويأتي هذا القرار، في الوقت الذي أعلن فيه الاتحاد العام التونسي للشغل أنه بصدد بلورة مبادرة سياسية للإنقاذ مع أطراف في المجتمع المدني بينها عمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان  على خلفية نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات التشريعية التونسية التي دعت عدة جهات سياسية إلى وقف مسارها بعد المقاطعة الشعبية الكبيرة لها، وهي انتخابات أقيمت على أساس قانون انتخابي ودستور جديد وضعه الرئيس التونسي قيس سعيّد بعد انقلاب تموز/ يوليو 2021.

إلّا أن الرئيس التونسي قيس سعيّد استبق الأحداث وقطع الطريق على مبادرة الاتحاد بتصريح جديد له قال فيه إن العملية الانتخابية ستتواصل، بالرغم من مقاطعة غالبية الناخبين عن المشاركة. كما عاد سعيد ليلة الخميس في خطاب أمام مجلس الأمن القومي ليطلق الاتهامات بالخيانة والمؤامرة على الدولة ضدّ خصومه السياسيين، متوعّدا بمحاسبتهم وعدم الرضوخ لهم، مستغربًا عدم تلقّيه برقيات تهنئة من الدول والحكومات التي دأبت، حسب قوله، على تهنئة الحكومات السابقة على الاستحقاقات الانتخابية التي طعن في شفافيتها. معتبرًا أن نسبة المقاطعة العالية أفضل من أن تكون الانتخابات مزورة.

getty

وحول تفاصيل الإضراب الجديد قال الأمين العام المساعد في الاتحاد العام التونسي للشغل صلاح الدين السالمي: "لم يعد ممكنًا قبول رفض الحوار من قبل وزارة النقل ولم يعد ممكنًا تفادي الإضراب الذي تأجل مرارًا لإعادة دفع الحوار لكن دون جدوى"

وجاء في بلاغ نشرته جامعة النقل على صفحتها بموقع التواصل فيسبوك، أن الإضراب العام  في القطاع الذي أقرته الهيئة الإدارية القطاعية للنقل سيكون يومي الأربعاء والخميس 25 و26 كانون الثاني/يناير 2023.

ويأتي قرار الإضراب "بعد تعطل كل أشكال الحوار والتفاوض مع وزارة النقل التونسية المتعللة بالمنشور عدد 21 المعيق للمفاوضات الاجتماعية والمعيق لتنفيذ الاتفاقيات المبرمة سابقًا، زيادةً على عدم الجدية في الحوار حول مستقبل القطاع الذي يعاني بمختلف أسلاكه ويواجه أوضاعًا غير مسبوقة من جهة تقادم الأسطول وغياب قطع الغيار والصعوبات المالية والديون المتراكمة"، وفق ما نقله موقع الشعب نيوز التابع لاتحاد الشغل عن الجامعة العامة للنقل.

الاتحاد العام التونسي للشغل يحمّل قيس سعيد مسؤولية القطيعة معه

بعد الرد السلبي على مبادرة الإنقاذ التي تقدم بها الاتحاد العام التونسي للشغل من طرف الرئاسة التونسية، قال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل والناطق باسمه سامي الطاهري، يوم الأربعاء 28 كانون الأول/ديسمبر 2022، إنه "لا يوجد أي تواصل بين الاتحاد ورئاسة الجمهورية من قبل فترة الاستفتاء الذي انتظم في تونس بتاريخ 25 تموز/يوليو 2022"، مشيرًا إلى أن السؤال حول سبب ذلك يطرح على الرئيس التونسي قيس سعيّد، وفقه.

وأضاف الطاهري في تصريح لوسائل إعلام محلية: "نحن في الاتحاد ليس لدينا أي حرج ونتعامل مع رموز وأدوات الدولة، وإن أخطأت نقول إنها أخطأت وإن أصابت نقول كذلك إنها أصابت".

واستدرك قائلًا: "لكن إلى حد الآن ليس هناك تواصل مع أيّ أحد، وهناك حالة غير مسبوقة من الانغلاق والصمت والتفرد، لم نشهدها حتى في فترات الاستبداد"، مؤكدًا أن "تونس اليوم تعيش أزمة من أخطر الأزمات التي عرفتها البلاد".

يشار إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل صعّد خلال الفترة الأخيرة من خطاباته المعارضة للسلطة في تونس، لا سيّما بعد الإعلان عن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية والتي اعتبرها الاتحاد في بيانه الصادر عن مكتبه التنفيذي بتاريخ 21 كانون الأول/ديسمبر 2022 قد أفقدت الانتخابات "شرعيتها ومصداقيتها"، وهو الموقف الذي لم يرق على ما يبدو لقيس سعيّد الذي دافع عن تلك النسبة معتبرًا أنها أفضل بكثير من نسب المشاركة المرتفعة في جميع الانتخابات التي شهدتها تونس بعد الثورة لأنها من وجهة نظره انتخابات غير شفافة ومنظّمة من طرف "نخبة سياسية فاسدة تعمل لصالح أطراف خارجية"، على حدّ قوله.

من جانبه، قال اتحاد عمال تونس إن "الموازنات الواردة بقانون المالية لسنة 2023 تنذر بانفجار اجتماعي وبمزيد تأزم الوضع"، مضيفًا، "أن ما جاء في قانون المالية سيكون له تأثير اجتماعي سلبي على المواطن في علاقة برفع الدعم عن المواد الأساسية الذي قدر بنسبة 26.4 بالمائة والضغط على كتلة الأجور في إطار الإصلاحات الموجعة التي أملاها صندوق النقد الدولي من أجل التوصل إلى اتفاق والحصول على قرض"، بحسب ما جاء في بيانه.

بدورها، أشارت الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي (التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل) إلى أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التونسية قررت تخفيض منحة الدولة بعنوان التسيير بنسبة 20%، وذلك وفق ما ورد في مراسلة وجهتها لرؤساء الجامعات والمؤسسات التعليمية.

واعتبرت الجامعة العامة، أن الخطوة "تمثل سابقةً خطيرةً تندرج في إطار مسار بدأ منذ سنوات اعتمد أساسًا سياسة التقليص في ميزانيات مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي والضَرَب في عمق منظومة التعليم العالي وهمّش المؤسسات الجامعية العمومية، خدمة لمصالح فئوية ضيقة وقطاع التعليم العالي الخاص".

اعتبرت الجامعة العامة، أن الخطوة تمثل سابقة خطيرة تندرج في إطار مسار بدأ منذ سنوات اعتمد أساسًا سياسة التقليص في ميزانيات مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي

كما أعلنت عدة نقابات أمنية تونسية، عن نيتها التظاهر صباح اليوم الخميس، أمام مقر وزارة الداخلية التونسية، وذلك "إثر القرارات المتسارعة لسلطة الإشراف المستهدفة للحق النقابي الأمني"، بحسب ما جاء في بيانها.