14-يناير-2023
gettyimages

(Getty) الصفقة تأتي في ظل توتر سياسي بين تركيا والولايات المتحدة

تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى استعادة تركيا، إلى جانبها بشكلٍ كامل، وذلك من خلال بيعها طائرات نفاثة من طراز F-16 أمريكية الصنع، وتستعد إدارة بايدن للحصول على موافقة الكونغرس من أجل إتمام الصفقة، بحسب ما ورد في وول ستريت جورنال. وذلك في محاولة لتعويض تركيا عن استبعادها من برنامج إطلاق الطائرات الأمريكية F-35 عام 2019، والذي كان من المقرر أن تحصل تركيا بموجبه على 100 طائرة نفاثة من الطراز الجديد، وجاء ذلك على خلفية حصول أنقرة على منظومة الدفاع الجوي الروسية إس- 400. مما عرض العلاقات التركية الأمريكية إلى توتر غير مسبوق في حينها.

تسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى استعادة تركيا، إلى جانبها بشكلٍ كامل، وذلك من خلال بيعها طائرات نفاثة من طراز F-16 أمريكية الصنع

وفي الوقت نفسه، تستعد إدارة بايدن لبيع طائرات من طراز F-35 لليونان، وذلك للحفاظ على التوازن في علاقتها مع البلد الجار لتركيا والمتنافس معه سياسيًا.

الصفقة التي ستكون الأكبر ضمن مبيعات الأسلحة لتركيا، تأتي ضمن محاولات الإدارة الأمريكية لإزالة اعتراض تركيا على انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي، وهو الأمر الذي منعته أنقرة نتيجة العلاقة بين البلدين وحزب العمال الكردستاني.

getty

وقال مصادر مسؤولة في الإدارة الأمريكية إن موافقة الكونغرس على الصفقة تتوقف على موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو، بحسب ما جاء في صحيفة وول ستريت جورنال. وذلك بعد، أن أنهت هلسنكي وستوكهولم عقودًا من الحياد عندما قررتا الانضمام إلى الناتو العام الماضي ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

والصفقة بحسب الصحيفة، والتي يتم تداولها داخل الإدارة الأمريكية منذ أكثر من عام، هي أكبر من المتوقع، حيث ستشمل 40 طائرةً جديدةً، ومجموعةً من المعدات لإصلاح الطائرات التركية من طرار F-16، وفقًا لمسؤولين مطلعين على الصفقة. كما ستشمل الصفقة 900 صاروخ جو- جو، و800 قنبلة، بحسب مسؤول أمريكي.

ومن المتوقع أن يتم إخطار الكونغرس بالاتفاق، الأسبوع المقبل، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى واشنطن. في زيارة يثار الكثير من الكلام حولها، بالتزامن مع التوجه التركي للتطبيع مع نظام الأسد، حيث أشار المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، يوم الحمعة، إلى أن بلاده ترفض التطبيع مع نظام الأسد، في إشارة للتحرك التركي. فيما قال وزير الخارجية التركي، إن ملف التطبيع مع الأسد سيكون موضوعًا للنقاش خلال زيارة أمريكا.

getty

أمّا الصفقة مع اليونان، والتي ستقدم كطلب منفصل للكونغرس، فهي ستتم بناءً على طلب من الحكومة اليونانية في حزيران/ يونيو 2022، وستشمل عملية البيع ما لا يقل عن 30 طائرة F-35 من الجيل الثاني (Joint Strike Fighter)، والتي تعد الطائرة النفاثة المقاتلة الأكثر تقدمًا في الولايات المتحدة. 

وأشارت الصحيفة نقلًا عن مصادر مسؤولة، أن توقيت الإخطارات للكونغرس من أجل الموافقة على طلب تركيا واليونان محض مصادفة. فيما يرى أن هذا التزامن يمكن أن يقلل من احتجاجات أثينا على الصفقة التركية، حال الموافقة عليها، نتيجة الخصومة التاريخية بين أنقرة وأثينا.

من جانبه، رفض المتحدث باسم الخارجية الأمريكية التعليق على عمليات "بيع أسلحة محتملة ما لم يتم إخطار الكونغرس بها رسميًا". رغم أن الصحيفة تشير إلى أن الكونغرس لم يمنع أي صفقة أسلحة أجنبية طلبها البيت الأبيض.

getty

تترافق مع الصفقة المتوقعة، توتر سياسي بين أمريكا وتركيا، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى إقناع الرئيس التركي رجيب طيب أردوغان بفرض العقوبات على روسيا، والموافقة على انضمام فنلندا والسويد إلى ناتو.

داخليًا، يمكن أن يشكل الاقتراح مواجهةً محتملةً داخل الكونغرس، وذلك بعد تعهد بعض المشرعين الأمريكان بعدم الموافقة على صفقات أسلحة لتركيا، ومن بينهم النائب الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مينينديز، الذي قال إنه لن يوافق على بيع مقاتلات F-16 إلى تركيا، مشيرًا إلى مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان.

وبموجب قوانين تصدير الأسلحة الأمريكية، سيكون أمام الكونجرس 30 يومًا لمراجعة الصفقة. وإذا أراد الكونجرس عرقلة الصفقة فعليه إصدار قرار بالرفض. ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم يشجعون أردوغان على التخلي عن معارضته لانضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، وعبر عن ذلك مسؤولين قابلتهم الصحيفة وصفوا صفقة الطائرات بـ"جزرة على عصا" لإقناع تركيا بالموافقة على انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو.

وينظر تحديدًا إلى توسيع حلف الناتو، باعتباره عاملًا مساعدًا لتقليل الاعتراضات على الصفقة بين أعضاء الكونغرس، بحسب تصور وزارة الخارجية الأمريكية التي ترى ضرورةً في توسيع الحلف من أجل تحقيق الأمن الجماعي. وتتجه التوقعات إلى أن صفقة البيع المقترحة لليونان يمكن أن تمر، فيما هناك إمكانية لتأخر الصفقة التركية بسبب حجب بعض الأعضاء الكونغرس دعم الصفقة.

getty

وكان الرئيس التركي قد هدد باستخدام حق النقض على انضمام الدولتين إلى حلف الناتو بسبب العلاقات بالجماعات الكردية المسلحة في العراق وسوريا، والتي تخوض تركيا ضدهم حربًا منذ سنوات، كان آخرها عملية "المخلب- السيف" في شمال سوريا والتي توسعت إلى شمال العراق، عقب تفجير إسطنبول في شهر تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي.

في المقابل، يقول حلف الناتو، إن فنلندا والسويد، تصدتا لمخاوف تركيا، بالموافقة على اتفاق تقومان بموجبها بمراجعة وتقييم طلبات التسليم التركية للأكراد المتواجدين فيهما، وإلغاء القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة إلى أنقرة.

ويتصاعد التوتر بين تركيا والسويد، في الأيام الأخيرة، وذلك على خلفية مظاهرة لحزب العمال الكردستاني في العاصمة السويدية، ظهرت فيها شعارات مناهضة لتركيا، وعلقت فيها دمية تصور الرئيس التركي أردوغان مشنوقًا. مما دفع تركيا إلى استدعاء السفير السويدي لديها والاحتجاج على المظاهرة، والمطالبة بالتحرك ضد حزب العمال الكردستاني في البلاد. وربطت أنقرة بين هذه التصرفات وانضمام السويد إلى حلف الناتو، بعدما قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن حزب العمال الكردستاني "يزرع الألغام في طريق انضمام السويد إلى حلف الناتو"، معتبرًا أن التعامل مع هذه القضية يعود للسويد التي تمتلك خياراتها للتعامل مع الأمر.

وبحسب وول ستريت جورنال، "لا تزال إدارة بايدن متفائلةً بحذر بأن تركيا ستوافق في النهاية على انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو". فيما تعتقد إدارة بايدن أن عملية بيع الطائرات، يمكن أن تساعد في إعادة الحرارة للعلاقات التركية الأمريكية.

لا تزال إدارة بايدن متفائلةً بحذر بأن تركيا ستوافق في النهاية على انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو

يشار إلى أن تركيا تلعب دورًا مهمًا في الحرب الروسية على أوكرانيا، فقد سهلت عمليات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، وتوسطت في اتفاق استئناف تصدير الحبوب الأوكرانية للعالم. في الوقت نفسه، تثير العلاقة بين الرئيس التركي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مخاوف إدارة بايدن، وخاصةً من ناحية تدفق الأموال الروسية إلى تركيا، بما في ذلك أصول الأوليغارشية الروسية الخاضعة للعقوبات.