22-أغسطس-2020

خبراء يشككون بنجاح اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا (رويترز)

الترا صوت – فريق التحرير

عبّرت الأمم المتحدة ودول غربية، يضاف إليها الأطراف الدولية الفاعلة في الشأن الليبي، عن ترحيبها باتفاق الوقف الفوري لإطلاق النار الذي أعلن عنه الفرقاء في ليبيا، ويقضي بإجراء محادثات للاتفاق على آلية نزع السلاح من مدينة سرت الساحلية، وذلك في محاولة جديدة لإيجاد صيغة تفاهم مشتركة بين طرفي الصراع المدعومين من أطراف خرجية.

عبّرت الأمم المتحدة ودول غربية، يضاف إليها الأطراف الدولية الفاعلة في الشأن الليبي، عن ترحيبها باتفاق الوقف الفوري لإطلاق النار الذي أعلن عنه الفرقاء في ليبيا

وأعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا، فايز السراج، في بيان نشر يوم الجمعة، توجيه "تعليماته لجميع القوات العسكرية بالوقف الفوري لإطلاق النار وكافة العمليات القتالية في كل الأراضي الليبية"، داعيًا في البيان عينه إلى "إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال آذار/مارس المقبل، وفق قاعدة دستورية مناسبة يتم التوافق عليها بين الليبيبن".

اقرأ/ي أيضًا: تقرير يكشف تورط دبلوماسي سابق بتحسين صورة حفتر في بريطانيا

في حين أكد رئيس برلمان طبرق شرق ليبيا عقيلة صالح على أن اتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع حكومة الوفاق "يقطع الطريق على أي تدخلات عسكرية أجنبية وصولًا إلى إخراج المرتزقة"، وأضاف صالح في بيانه مشددًا على أن "وقف إطلاق النار يجعل من مدينة سرت مقرًا مؤقتًا للمجلس الرئاسي الجديد، يجمع كل الليبيين ويقربهم، وتقوم قوة شرطية أمنية رسمية من مختلف المناطق بتأمينها تمهيدًا لتوحيد مؤسسات الدولة".

وفي مشهد يدل على حجم الجهود الأممية المبذولة لاحتواء الصراع الليبي الراهن، والتوصل لاتفاق على آلية حل سياسي في البلد الذي مزقه الاقتتال الداخلي بين الأطراف الداخلية المتحاربة، عبرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة في ليبيا ستيفاني وليامز عن ترحيبها بقرار وقف إطلاق النار، واصفة الإعلان عنه بأنه "قرار شجاع"، مطالبةً بـ"فك الحصار عن إنتاج وتصدير النفط" في المنشآت التي تسيطر عليها ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

في الأثناء قالت المؤسسة الوطنية للنفط إنها ترحب بالبيانين الداعيين لوقف إطلاق النار في عموم الأراضي الليبية، مطالبة بدعم مقترحها الذي يفضي لـ"استئناف إنتاج وتصدير النفط وتجميد إيرادات البيع في حسابات المؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف الليبي الخارجي حتى يتم التوصل الى ترتيبات سياسية شاملة وفق مخرجات مؤتمر برلين"، وأضافت المؤسسة مشددة على وجوب إنهاء "كافة أشكال الوجود العسكري لضمان أمن وسلامة عامليها لتتمكن من رفع حالة القوة القاهرة، والمباشرة في عمليات تصدير النفط".

من جهتها، انضمت واشنطن وموسكو والدول الغربية والعربية الفاعلة في الشأن الليبي إلى الأمم المتحدة بإعلانها في بيانات منفصلة ترحيبها باتفاق الأطراف الليبية، في حين أكدت أنقرة على لسان سفيرها في طرابلس سرحات أكسن على موقفها الداعم لحكومة الوفاق المعترف بها دوليًا، بينما برز تناغم واضح في تصريحات موسكو والقاهرة وأبوظبي الذين أكدوا تعلى رحيبهم بمبادرة وقف إطلاق النار.

بعد ساعات من إعلان اتفاق حكومة الوفاق ومجلس طبرق على وقف إطلاق النار، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان صادر عنها تسجيل "ارتياحها" لهذه "المبادرة التوافقية"، وجددت "استعدادها لاحتضان حوار شامل بين الأشقاء الليبيين ينطلق بوقف إطلاق النار بهدف الوصول إلى حل سلمي يحفظ مصالح ليبيا والشعب الليبي الشقيق".

وعلى الرغم من التفاعل الإيجابي الذي ظهر في بيانات المنظومة الدولية المرحبة بالاتفاق، فإن خبراء ومحللين أشاروا إلى أن احتمالات نجاح الاتفاق تبدو غير مؤكدة إلى حد كبير، وفقًا لتقرير نشر في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، مرجعين سبب ذلك لعدم وجود رد فوري من اللواء المتقاعد حفتر، أحد أبرز أطراف الصراع العسكري في الأزمة الليبية.

وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أنه على الرغم من موقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحازم من تقديم الدعم العسكري للواء حفتر، فإنه اتجه منذ سلسلة الهزائم التي منيت بها قوات حفتر على أطراف طرابلس خلال الأسابيع الأخيرة، لتقديم الدعم السياسي لبرلمان طبرق، والذي يتمتع رئيسه عقيلة صالح بدعم واسع من القبائل في شرق ليبيا.

وبحسب نيويورك تايمز فإن المفاوضات على إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية ستكون مدفوعة بالمصالح المتضاربة للأطراف الدولية الفاعلة في الشأن الليبي، إذ إنه في الوقت الذي تحاول فيه القاهرة إيجاد صيغة يمكن من خلالها تهدئة الصراع العسكري، فإن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، الذي تصفه بالحاكم الفعلي للإمارات، ينظر إليه على أنه من أكثر الأشخاص شنًا للحروب، في إشارة لدعمه غير المحدود للجنرال حفتر.

تضيف الصحيفة الأمريكية مشيرةً إلى مساعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النأي بنفسه عن الصراع الليبي الراهن، على الأقل بشكل مباشر أمام المجتمع الدولي، فيما يبرز الموقف التركي في الأزمة الليبية كجزء من السباق الدولي على الموارد الطبيعية على سواحل البحر المتوسط، لافتةً إلى أن أنقرة كانت قد اشترطت على حكومة الوفاق توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، في مقابل تقديم الدعم العسكري لها، ردت عليها القاهرة بتوقيعها اتفاقية بحرية مع أثينا مؤخرًا.

 المفاوضات على إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية ستكون مدفوعة بالمصالح المتضاربة للأطراف الدولية الفاعلة في الشأن الليبي

وكانت قوات حفتر قد بدأت هجومًا عنيفًا للسيطرة على العاصمة طرابلس في نيسان/أبريل من العام الماضي، في مقابل حصولها على دعم عسكري وسياسي من أبوظبي، وبشكل خاص القاهرة، وموسكو لاحقًا، قبل أن تتغير موازين القوى العسكرية بعد تقديم الحكومة التركية دعمًا عسكريًا وسياسيًا لحكومة الوفاق المعترف بها دوليًا في آذار/مارس من العام الجاري، مما ساعدها على استعادة سيطرتها على المناطق التي كانت خارجة عن سيطرتها في محيط العاصمة طرابلس، وإطلاق معركة جديدة للسيطرة على مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 مصر تفاوض مجلس طبرق لتوقيع اتفاقية بحرية في المتوسط.. ما علاقة تركيا؟

ملف شرق المتوسط.. تعقيدات تزيد من احتمالات التصعيد