18-أغسطس-2020

شركات علاقات عامة تسعى إلى الترويج لحفتر باعتباره الحل القادم في ليبيا (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني عن تورط دبلوماسي بريطاني سابق، وصفه بـ"الكبير" في العمل على تحسين صورة اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في بريطانيا، وتقديمه للسياسيين البريطانيين بوصفه "شخصية ضرورية" لضمان أمن ومستقبل ليبيا.

كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني عن تورط دبلوماسي بريطاني سابق، وصفه بـ"الكبير" في العمل على تحسين صورة اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في بريطانيا

وقال الموقع البريطاني في مستهل تقريره إن الدبلوماسي البريطاني جوليون ويلش، والذي شغل سابقًا منصب نائب مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية، عمل بعد فترة من انضمامه لشركة العلاقات العامة كونسيولم على وضع خطة لتحسين صورة حفتر، على خلفية الاتهامات الموجهة إليه بارتكابه جرائم حرب في الصراع الليبي الراهن.

اقرأ/ي أيضًا: بالفيديو: ميليشيا حفتر تختطف وتعذّب سودانيين في ليبيا

ووفقًا للموقع البريطاني فإن الوثائق التي اطلع عليها ووصفها بأنها "مسودة"، أظهرت أن كونسيولم بدأت العمل على وضع مسودة اتصالات استراتيجية نيابة عن الجنرال الليبي، بعدما تواصل معها وسيط – دون أن تكشف عن هويته – نيابة عن حفتر في أيار/مايرو 2019، بهدف وضع خطة تصّور حفتر على أنه زعيم ليبي يملك "مصداقية"، غير أن الشركة أوقفت خطتها بعدما أجرى ويلش فحصًا حول إمكانية التعامل مع حفتر على أنه زبون أم لا.

ويشير التقرير إلى أن عملية التحقق من التعامل مع حفتر استغرقت أسبوعًا واحدًا، على الرغم من التقارير الدولية التي تتحدث عن ارتكابه جرائم حرب ضد المدنيين، وبعد سلسلة مراسلات بين الموقع البريطاني والشركة، هددت فيها الأخيرة بمقاضاة الموقع بتهمة "التشهير"، قال الفريق القانوني للشركة إن الوثيقة كانت "مسودة أولى" ممكن أن تتطور فيما بعد لـ"مراحل متعددة" تأخذ شكل "خطة مفصلة"، والتي وضعت من قبل موظف صغير، ونفت الشركة أن تكون الخطة استخدمت خارج مكاتبها.

وبحسب التقرير فإن الشركة يحوم حولها الكثير من الشبهات، بدءًا من تعاونها سابقًا مع زبون قديم ممثلًا بالرياض، على الرغم من جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر 2018، حيثُ يعتقد بأن العملية أنجزت بناء على أوامر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فصلًا عن تعرض الشركة لانتقادات وجهتها اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية على خلفية إبرامها لاتفاق علاقات عامة مع حكومة هونغ كونغ، وذلك بعد فرض الصين قانون الأمن الجديد على الجزيرة في حزيران/يونيو الماضي.

ونقل الموقع البريطاني عن وزارة الخارجية البريطانية قولها إن ويلش لم يعد موظفًا دبلوماسيًا، دون أن تشير إلى وقت مغادرته الوزارة، في حين يعتقد أن ويلش انضم للشركة كموظف متفرغ في عام 2014، عندما حصل في تلك الفترة على إجازة بدون راتب، لكنه بقي دبلوماسيًا لأعوام.

ويوضح التقرير نقلًا عن الوثيقة أن العمل على تحسين صورة حفتر في الغرب أعد بناء على "استراتيجية اتصالات متقنة"، بهدف التأثير على وزراء الحكومة والبرلمانيين والصحافيين ومنصات التواصل الاجتماعي، وتصويره على أنه شخصية "ضرورية لمستقبل ليبيا وأفضل فرصة لليبيا مستقرة وآمنة وموحدة ومتعاونة مع مصالح الغرب".

يضيف الموقع بأن الهدف الرئيسي من وراء تحسين صورة حفتر، تمثل بتقديمه على أنه "الحل الموثوق للحرب الأهلية الليبية"، وزعيم "موال للغرب ضد الإرهاب"، وهو ما قد يجعله "الزعيم الانتقالي" في الوقت الذي يواصل فيه البلد البحث عن مستقبله، وضمن هذا الإطار اقترحت الوثيقة كتابة بعض مقالات الرأي تمهيدًا لنشرها في الصحافة الغربية بتوقيع حفتر، إضافةً لتدريب المتحدثين باسمه، واستخدام غوغل وويكيبيديا ومنصات التواصل لتعزيز موقفه وسمعته على الإنترنت.

من بين الاستراتيجيات التي تضمنتها الوثيقة استهداف 22 وزيرًا ومسؤولًا وبرلمانًيا وصحافيًا بريطانيًا، وصفتهم بأنهم "أصحاب الأسهم"، دون أن تتطرق للآلية التي يمكن من خلالها إقناعهم بتقديم الدعم لحفتر، لكنها اقترحت في مقابل ذلك التأثير على الرأي العام البريطاني، كبداية استراتيجية "دعم واسعة داخل المؤسسة السياسية الغربية" للجنرال الليبي.

وبحسب ما نقل التقرير عن الوثيقة، فإنها أظهرت إعطاء الأولوية للتأثير على الرأي العام البريطاني، وذلك لأن "بريطانيا عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وتبقى بريطانيا لاعبًا نشطًا في الصراع المستمر في ليبيا، ومع الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما من الدول الغربية، فإن دعم بريطانيا للجنرال حفتر قد يكون له أثر حاسم في تقوية الدعم الغربي".

ونفت الشركة على لسان المتحدث باسمها أن تكون قد تعاونت مع حفتر، وأشار المتحدث في تصريح للموقع البريطاني إلى أن كونسيولم "لم تقم أبدًا بالتحرك أو اتفقت مع خليفة حفتر"، لافتًا إلى أنه بعد التحقيق تبيّن أن "التعاون سيكون غير مناسب"، ومشددًا على افتخار كونسيولم بعملها على "تطوير البرامج التي تساعد الدول والحكومات على تحسين عملها وبناء قدراتها وتشجيع النتائج الاقتصادية والتحكم بالتغيير" على حد تعبيره.

وكانت شركة ليندين غفرمنت سوليشنز – وهي إحدى شركات الضغط الأمريكية مقرها تكساس – قد أعلنت بعد إعداد مسودة كونسيولم بوقت قصير عن توقيعها عقدًا بقيمة مليوني دولار لتحسين صورة حفتر، وبحسب الطلب الذي قدمته الشركة لوزارة العدل الأمريكية الخاص بقانون تسجيل الوكلاء الأجانب، أشارت إلى أن مهامها تقتصر على تقديم "استشارة وخدمات استراتيجية ونصيحة وتخطيط وعلاقات عامة"، فضلًا عن ترتيب لقاءات مع قادة المال والأعمال ومسؤولي الحكومة، ولم تجدد الشركة عقدها مع حفتر بعد انتهائه.

بينما تقدم برلمانيون بريطانيون إلى جانب وزير النقل غرانت شابس بمقترح لتمرير قانون مشابه للقانون الأمريكي الخاص بتسجيل الوكلاء الأجانب في تموز/يوليو الماضي، وذلك على خلفية تقرير البرلمان البريطاني المرتبط بفشل الوزراء والمؤسسات الأمنية في قضية التدخل الروسي في استفتاء البريكست في عام 2016، فيما قالت وزارة الداخلية البريطانية إنها تنظر في الأمر.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا يريد حفتر من حملته العسكرية على طرابلس؟

وتأسست شركة كونسيولم على يد الموظفين السابقين في شركة بيل بوتينغ، تيم رايان وماثيو غانثر بوشيل في عام 2012، وكان للصور التي التقطها صحفي استقصائي لمدراء بوتينغ أثناء نقاشهم استخدام "الفنون الشريرة" لمساعدة دول تملك سجلات سيئة بحقوق الإنسان مثل بيلاروسيا وسريلانكا في عام 2011، درو فيما يبدو لترك الموظفين عملهما في الشركة، بالأخص أن التقرير لم يشر لعلاقتهما بالنقاشات.

يقول موقع ميدل إيست آي إنه حصل على وثيقة لكونسيولم تقترح استراتيجية إعلامية يمكن نشرها بعد مقتل خاشقجي، تضمنت استهداف مؤسسات إعلامية وصحفيين ومعلقين داعمين ومعارضين للسعودية

وجرى تجميد كونسيولوم في عام 2017، بعدما كشفت وثائق عن تورطها في التحريض على التوتر العنصري في جنوب أفريقيا لخدمة مصالح عائلة قوية هناك، لكن الوثائق أظهرت مجددًا عدم ضلوع رايان وبوشيل بالأمر. وتملك كونسيولم مكتبًا في لندن تضاف إليها مجموعة مكاتب في بعض دول الخليج، وكان لها تعاون بشكل قريب مع الرياض لإنتاج مقالات خبرية تحسن من صورتها في الصحافة الغربية، ويقول موقع ميدل إيست آي إنه حصل على وثيقة لكونسيولم تقترح استراتيجية إعلامية يمكن نشرها بعد مقتل خاشقجي، تضمنت استهداف مؤسسات إعلامية وصحفيين ومعلقين داعمين ومعارضين للسعودية.