11-أغسطس-2020

لا يزال اللبنانيون تحت وطأة الصدمة (الأناضول)

بعد مرور أسبوع تقريبًا على الانفجار الضخم في مرفأ بيروت، والذي راح ضحيته عشرات القتلى وآلاف الجرحى، لا يزال اللبنانيون تحت وطأة الصدمة حتى اليوم. وفيما لا تزال التحقيقات في ملابسات وأسباب التفجير مبهمة ومتناقضة، ومع خروج عشرات الروايات والروايات المناقضة، وتقاذف التهم بين هذا الفريق وذاك، يبدو أن قدرة المواطن اللبناني على التحمّل قد نفذت، الأمر الذي انعكس في التظاهرة الشعبية الحاشدة التي شهدتها ساحة الشهداء في بيروت يوم السبت الماضي، والتي تخلّلها قيام الناشطين بتعليق مشانق رمزية للقادة السياسيين.

بعد مرور أسبوع تقريبًا على الانفجار المهول في مرفأ بيروت، والذي راح ضحيته عشرات القتلى وآلاف الجرحى، لا يزال اللبنانيون تحت وطأة الصدمة حتى اليوم

وفيما كان حسان دياب يحاول شراء الوقت لإنقاذ حكومته، من خلال تقديم اقتراح تقصير مدّة المجلس النيابي وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، أو من خلال طلب مهلة شهرين لمحاولة تدارك الأوضاع، تبيّن أن طموح رئيس الحكومة بعيد المنال، حيث بدأ الأفرقاء يرضخون الواحد تلو الآخر لضغط الشارع من خلال سحب وزرائهم من الحكومة، ليجد دياب نفسه مضطرًا في النهاية لإعلان استقالة حكومة، بعد جلسة وزراء عُقدت في السراي الحكومي. وليتجنّب بالتالي سيناريو إقالة حكومته، في حال استقال ثلث وزرائها.  

اقرأ/ي أيضًا: من بيروت إلى مينسيك.. خارطة الاحتجاج العالمية تتوسع من جديد

وكانت حكومة حسان دياب قد نالت ثقة المجلس النيابي قبل 6 أشهر فقط، إثر استقالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري تحت وطأة الضغط الشعبي الذي أفرزته انتفاضة 17 تشرين الأول/أكتوبر. وفي حين أن حكومة دياب وعدت اللبنانيين في بيانها الوزاري برزمة من الإصلاحات، وقدّمت نفسها على أنها حكومة أخصائيين غير مسيسين، فإن جزءًا كبيرًا من اللبنانيين على ما بدا من الاحتجاجات، أصبح يعتقد بفشلها وعجزها التام، وارتهان أعضائها للأحزاب السياسية.

موجة الاستقالات من الحكومة، كانت قد بدأت قبل انفجار المرفأ، حيث قدم وزير الخارجية ناصيف حتّي استقالته الأسبوع قبل الماضي، قبل أن تسارع الحكومة وتعيّن بديلًا له على الفور بهدف حماية تماسك الائتلاف الحكومي، مع تواتر أخبار يومها عن نيّة أكثر من وزير تقديم استقالته. وفيما نجح دياب في الصمود في السراي الحكومي، متجاهلًا أصوات آلاف المحتجين والمنتفضين الذين طالبوه بالرحيل مع حكومته، مشيرين إلى عجزه وفشله في إدارة جميع الملفات المالية والصحية والاقتصادية، ومتسلّحًا بالدعم الواسع من قبل حزب الله، بدا واضحًا أن الانفجار الذي هزّ بيروت ولبنان، أعاد خلط الأوراق من جديد، وأنه سيرسم ملامح الحياة السياسية في لبنان في الفترة القادمة.

لم تتأخّر الارتدادات السياسية لانفجار بيروت، فأعلن النائب مروان حمادة، المنتمي لحزب وليد جنبلاط، استقالته من المجلس النيابي في اليوم التالي، قبل أن تكرّ سبحة الاستقالات وتشمل نواب حزب الكتائب وعددًا من المستقلين، وتتوسع يوم الأحد بعد أن قدّم وزراء البيئة والإعلام والعدل استقالاتهم تباعًا. في هذا الوقت، كان عدد من الوزراء قد أبلغوا حسان دياب برغبتهم بالتنحي، إلا أن الأخير طلب منهم التريث، وانتظار جلسة مجلس الوزراء المزمع عقدها عصر الإثنين، في محاولة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. لكن الأمور بدت وكأنها أكبر من دياب وفريقه فسقطت حكومته.

في قراءة أولّية لاستقالة حكومة دياب، يبدو أن حركة الاتصالات والزيارات التي شهدها لبنان، وخاصة زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون، والأفكار التي تمّت مناقشتها بين أكثر من جهة مؤثرة، حملت الفريق الحاكم بقيادة حزب الله، على القبول بتسوية مرحلية، فكان رئيس الحكومة أول الضحايا. وبدا أن دياب الذي كان يفاخر بإنجازاته خلال إطلالاته الإعلامية، ويؤكد على تمسكّه بكرسي الرئاسة وجد نفسه وحيدًا وفي مهبّ الريح.

تبقى اليوم كل الاحتمالات مفتوحة، بانتظار الزيارة المرتقبة لديفيد هيل، وكيل الخارجية الأمريكية إلى بيروت

تبقى اليوم كل الاحتمالات مفتوحة، بانتظار الزيارة المرتقبة لديفيد هيل، وكيل الخارجية الأمريكية إلى بيروت، والتي من المفترض أن تُناقش خلالها قضية ترسيم الحدود البحرية ضمن جملة من النقاط التي يحملها، وبالتالي فإن عددًا من المحللين يرى أن إسقاط الحكومة يأتي كمبادرة "إيجابية" من أحزاب السلطة اللبنانية تجاه المجتمع الدولي، والولايات المتحدة تحديدًا، فيما يتخوف آخرون من عدم وجود بديل حكومي ما سيغرق البلاد في الفراغ لعدة أشهر، في ظل أزمة على جميع المستويات عززها انفجار المرفأ.