10-أغسطس-2020

طالب المحتجون بإسقاط النظام السياسي في لبنان (Getty)

توالت الاستقالات من الحكومة والمجلس النيابي في لبنان، بعد احتجاجات واسعة شهدتها العاصمة بيروت وسخط شعبي عام. فبعد استقالة كل من مروان حمادة وبولا يعقوبيان وناصيف حتي وكتلة نواب حزب الكتائب الثلاثة في الأيام السابقة، تقدمت الأحد، وزيرة الإعلام منال عبد الصمد بالاستقالة. وفي مقابلة تلفزيونية قالت النائبة ديما جمالي عن كتلة المستقبل النيابية، إنها ستتقدم باستقالتها الإثنين "لأننا لم نستطع التغيير بالشكل المطلوب والمفروض أن نستمع للشعب الموجوع والمقهور".

تصاعدت الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن في بيروت، مع إطلاق للقنابل الصوتية وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين وسط العاصمة، وسقوط العديد من الإصابات بالرصاص المطاطي

وقدم النائب ميشال رينيه معوض استقالته من المجلس النيابي قائلًا: "نحن أمام سلطة لا تريد إصلاح ولا تريد حياد لبنان وتريد إغراقه بالحروب والسلاح، ولم تستقل الحكومة ولم يجتمع مجلس النواب ولم يقبلوا بتحقيق دولي ولأن المؤسسات مخطوفة من قبل منظومة السلاح". من جهته، قدم دميانوس قطار وزير البيئة استقالته من الحكومة أيضًا "مع انسداد أفق الحلول وعلى وقع التجاذبات السياسية العبثية وفي ظل آليات نظام عقيم ومترهل أضاع العديد من الفرص"، كما قال في بيانه. وهناك أحاديث تفيد عن نية بعض الوزراء والنواب الآخرين تقديم استقالاتهم في الأيام القادمة حيث لوحت النائبة ستريدا جعجع زوجة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن "كتلتها تضع ورقة الاستقالة في جيبتها وهي جاهزة للوقت المناسب".

اقرأ/ي أيضًا: بيروت تنتفض غضبًا

تجدر الإشارة أن الحكومة تسقط تلقائيًا في حال تقديم 7 وزراء استقالتهم (شرط أن لا يتم تعيين وزراء غيرهم)، غير أن ضغوطًا تمارس على الوزراء من قبل أحزابهم للتماسك وعدم إسقاط الحكومة، كما يبدو أن حسان دياب ليس لديه ميول للاستقالة لكنه يود الانتظار حتى يوم الخميس المقبل، موعد جلسة المساءلة النيابية للحكومة.

عمت الاحتجاجات شوارع وساحات بيروت (Getty)

تأتي هذه الاستقالات بعد تصعيد في المشهد السياسي اللبناني على خلفية انفجارات بيروت وبعد الفضائح التي رافقت هذا الملف، في ظل تكشف خيوط جديدة تفيد بتورط مسؤولين ومسؤولين سابقين في ملف السفينة التي حملت المتفجرات إلى بيروت، وجاءت هذه الاستقالات لتعبر عن فشل الحكومة أو لتعبر عن معارضة وضغط سياسي من قبل خصوم تحالف 8 آذار وغيرهم من المجتمع المدني، وبعض الأحزاب اليسارية والمستقلين من مجموعات 17 أكتوبر.

وبدا من الواضح أن هناك نية للتصعيد من قبل أركان 14 آذار (سابقًا) حيث عادت إلى المشهد في لبنان حدة الانقسام السياسي بين ائتلافي 14 و8 آذار، وتمترس كل فريق سياسي خلف محوره الإقليمي والدولي، فيما بدأ الحديث عن تسوية إقليمية ودولية، أو تدويل للأزمة التي تمر بها البلاد لإعادة التوازن السياسي.

على الأرض، تصاعدت الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن في بيروت، مع إطلاق للقنابل الصوتية وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين وسط العاصمة، وسقوط العديد من الإصابات بالرصاص المطاطي. وقد بدأ المتظاهرون بالتوافد في الساعة السادسة ليلًا. ومن حالة التأهب الأمني، بدا أن هناك قرارًا بفض التظاهرة وإبعاد المتظاهرين وهم بالمئات عن مبنى البرلمان.

هتف المشاركون بإسقاط رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وإسقاط النظام السياسي الحالي وصياغة نظام جديد. فيما شهدت العاصمة العديد من التوترات بين مناصري الأحزاب الموالية لحزب الله وحركة أمل وتلك المعارضة لهما، وأدت إلى إصابات.

متظاهر يرفع العلم اللبناني في أحد شوارع بيروت يوم السبت الـ8 من آب/أغسطس الجاري (Getty)

كما انعقد الأحد مؤتمر المانحين للبنان في العاصمة الفرنسية باريس بمشاركة 36 دولة ومؤسسة ومنظمة دولية، واللافت أن المساعدات المخصصة كانت شحيحة مقارنة بالتقديرات لحجم الميزانية اللازمة لإعادة إعمار المدينة، حيث قاربت التبرعات 253 مليون يورو، من المفترض حسب التصريحات الرسمية أن تجد طريقها مباشرة إلى الشعب اللبناني بدون المرور عبر الأقنية الحكومية للدولة اللبنانية لضمان "الشفافية". وهو ما رأى فيه ناشطون إقرارًا دوليًا صريحًا بفشل الدولة والمسؤولين اللبنانين. وتقدر بعض الترجيحات خسائر لبنان جراء الانفجار بمليارات الدولارت.

هتف المشاركون بإسقاط رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وإسقاط النظام السياسي الحالي وصياغة نظام جديد. فيما شهدت العاصمة العديد من التوترات

وفي حين أن ما تم إقراره من مساعدات لن يمثل حلًا على المدى المنظور، مع الفجوة بين ما تم تقديمه وبين ما تحتاجه عملية إعادة الإعمار، فإن تلك المساعدات أيضًا لن تصل إلا بعد إقرار إصلاحات جوهرية في بنية النظام اللبناني، ما قد يستدعي تقديم تنازلات من قبل محور حزب الله، وهو أمر سيبقي وصول المساعدات رهينًا للتعقيدات السياسية. وفي هذا الصدد أعطى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "مهلة ثلاث أسابيع للأحزاب اللبنانية للتوصل إلى ميثاق سياسي جديد" وطالب بتشكيل حكومة خبراء فعلية، ودعا المسؤولين اللبنانيين بالقول "أوقفوا الفساد" وحذر من العنف والفوضى وطالب بمساعدة لبنان لأن "المنطقة بأسرها في خطر".