09-يناير-2024
العدوان على غزة متواصل

التصعيد يتزايد على الجبهة الشمالية، وقد يصل إلى حرب بشكلٍ متدحرج (Getty)

ترى التحليلات الإسرائيلية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومع انتقاله إلى مرحلة جديدة من العدوان على القطاع المحاصر، فإنه لا يقترب من تحقيق أهدافه في قطاع غزة، بينما تتزايد إمكانية اندلاع جبهة حرب من جنوب لبنان، بعد تصعيد جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته، وتنفيذ عملية اغتيال الشهيد صالح العاروري والقيادي في حزب الله وسام الطويل.

وقال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس": ما تم التلميح إليه بحذر باللغة العبرية بالنسبة للإسرائيليين، أصبح الآن يُقال علنًا باللغة الإنجليزية. وفي مقابلات مع الصحف الأمريكية قال وزير الأمن والمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن المرحلة الثالثة من الحرب في قطاع غزة قد بدأت". مضيفًا: "تعكس تصريحاتهم الوضع الواضح على الأرض في الأسابيع الأخيرة، تقليص حجم القوات في شمال غزة وتقليص العمليات الهجومية. وتسريح جنود الاحتياط، وينصب التركيز الآن على مخيمات اللاجئين في وسط غزة ومنطقة خان يونس في الجزء الجنوبي من القطاع".

تشير التحليلات الإسرائيلية، إلى أن المقاومة الفلسطينية، لم تفقد قدرتها على المقاومة، وتواصل ضرب جيش الاحتلال، بما في ذلك قصف تل أبيب يوم أمس

وعلق هارئيل على ذلك بالقول: "هذه التصريحات لا تبشر بأي حال من الأحوال بنهاية القتال"، مشيرًا إلى قصف تل أبيب يوم أمس. موضحًا: "لا يزال التحدي الذي تفرضه حماس على الجيش الإسرائيلي داخل غزة أكبر، خاصة في وسط وجنوب غزة، حيث تتواصل جهود الجيش للسيطرة على المنطقة وتحديد الأنفاق. كل عملية من هذا القبيل تواجه مقاومة، وتؤدي في بعض الأحيان إلى أخطاء. ونتيجة لذلك، يُقتل الجنود".

أمّا عن عدم إعلان الانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب "صراحة"، قال: "يعود ذلك للمشاكل السياسية التي تواجهها الحكومة. لقد انغلقت على نفسها عند بداية الحرب من خلال وضع توقعات غير واقعية ـ تدمير حكم حماس، والعودة المبكرة لسكان جنوب إسرائيل، وخلق الظروف الملائمة لعودة كافة الرهائن. وبعد مرور ثلاثة أشهر، لا تزال هذه الأهداف بعيدة عن التحقيق".

ورغم الخسائر التكتيكية التي تعرضت لها المقاومة الفلسطينية، قال هارئيل: "أيًا من هذا لم يجعل إسرائيل قريبة من نقطة النصر، وهذا يجعل من الصعب على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تسويق النجاحات للجمهور. وكعادته، فهو يحاول التعويض عن ذلك من خلال كلام فارغ، ويفضل أن يكون ذلك مدعومًا بالتقاط صورة تذكارية مع الجنود".

ويعود هارئيل، مرةً أخرى إلى المرحلة الثالثة من العدوان، قائلًا: إنها "صدرت باللغة الإنجليزية، قبل وقت قصير من وصول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في زيارته الخامسة منذ بدء الحرب. بالنسبة للأميركيين، فإن الإعلان عن الانتقال إلى المرحلة التالية من الحرب مهم، حتى لو تم ذلك من الخارج وبفتور". ويضيف: "تنظر واشنطن إلى العملية الانتقالية على أنها مقدمة أساسية لمحاولتها تحقيق الاستقرار إلى حد ما". كما تسعى الإدارة الأمريكية، إلى ربط هذه التحركات، في التقدم نحو "ملف المحتجزين في قطاع غزة"، وهو الملف الذي لم يتم إحراز أي تقدم حقيقي فيه، خلال الفترة الأخيرة.

وعن عودة أهالي غزة إلى شمال القطاع، والذي تحول إلى مطلب أمريكية، فإن "المؤسسة الأمنية منقسمة حول هذه القضية، ولا يزال الجيش الإسرائيلي يحتفظ بقوة كبيرة من الفرقة 99 في الممر الذي يقسم غزة. ومن وجهة نظر الأمريكيين، فإن عودة الفلسطينيين إلى الشمال ستكون علامة على التقدم الإيجابي".

علق هارئيل، على ذلك، بالقول: "بالنسبة لإسرائيل، يشكل ذلك مشكلة رمزية تتعلق مرة أخرى بالحاجة إلى تسويق الحرب على الجبهة الداخلية. وإذا تم قبول هذا الطلب، فإن بعض سكان شمال غزة سيعودون إلى أحيائهم، التي دمرت إلى حد كبير، في وقت لا تزال فيه المجتمعات الإسرائيلية على حدود غزة فارغة إلى حد كبير"، وفق قوله.

getty

الشمال.. نُذر الحرب

بعد تصعيد إسرائيلي كبير على الجبهة الشمالية، ظهر أمس باغتيال القيادي في حزب الله وسام الطويل، قال هارئيل: "يبدو أن اغتيال الطويل هو إشارة إلى أن كبار مسؤولي حزب الله الذين يتنقلون في جنوب لبنان أصبحوا في مرمى النيران". وأضاف: "الاغتيال كان لا يزال ضمن «قواعد اللعبة»: الطويل اعتبر هدفًا عسكريًا، ولم يكن هناك مدنيون بالقرب منه، وتمت العملية في جنوب لبنان، وليس في البقاع ولا في بيروت. والسؤال هو ما إذا كان هذا التفسير مقبولًا أيضًا لدى نصر الله"، وفق تعبيره.

وأضاف: "جاءت الضربة بعد خمسة أيام من اغتيال المسؤول الكبير في حماس صالح العاروري في بيروت، وبعد يومين من إطلاق حزب الله وابلًا من الصواريخ والقذائف المضادة للدبابات على وحدة المراقبة الجوية التابعة للجيش الإسرائيلي على جبل ميرون ردًا على ذلك، مما أدى إلى إتلاف نظام الرادار الخاص به. إن الحكمة التقليدية، إذا كانت لا تزال لها أي قيمة، تقول إنه لا إسرائيل ولا حزب الله لديهم مصلحة حاليًا في خوض حرب شاملة". مضيفًا: "مع ذلك، فإن الأحداث على الأرض تقرب الأطراف من منطقة الحرب، مع تزايد خطر سوء التقدير المتبادل".

واستمر هارئيل، قائلًا: "بالإضافة إلى الوضع في غزة، ستتناول زيارة بلينكن التصعيد المتزايد على الحدود اللبنانية. استعدادًا للزيارة، يبدو أن إدارة بايدن بذلت جهدًا إضافيًا لتسليط الضوء على استيائها من نتنياهو وسياساته. إذ تلقت أهم الصحف الأميركية تقييمًا استخباراتيًا من وزارة الدفاع يفيد بأن الجيش الإسرائيلي سيواجه صعوبة في مواجهة حزب الله أثناء انتشار قواته في قطاع غزة. وأن نتنياهو فقد السيطرة على الوضع، ومن الممكن أن يبدأ حربًا في الشمال من أجل الهروب من مأزقه القانوني والسياسي. وبالإضافة إلى ذلك، قيل لهم إن واشنطن تخشى هجومًا إسرائيليًا على حزب الله في لبنان أكثر من خوفها من هجوم حزب الله على إسرائيل".

وأضاف هارئيل، قائلًا: "يبدو أن الأمريكيين يرون حلًا محتملًا في قيام إسرائيل بسحب قواتها من القطاع وإعلان الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب؛ ويعتقدون أن ذلك قد يجعل من الممكن تهدئة رياح الحرب في لبنان تدريجيًا والدفع قدمًا نحو اتفاق يعيد الهدوء إلى الحدود الشمالية".

إسرائيل في حفرة

من جانبه، وصف المعلق الإسرائيلي البارز ناحوم برنيع، موقف إسرائيل الحالي بأنها في "حفرة"، والسؤال هو كيفية الخروج منها. 

وأضاف برنيع: "كان دينيس هيلي وزيرًا للدفاع في بريطانيا في الستينيات. لقد قدم للعالم نصيحة قصيرة وفعالة لإدارة الأزمات: عندما تكون في حفرة، توقف عن الحفر. من المؤسف أن المسؤولين عن الحرب في إسرائيل لا يستمعون إلى دينيس هيلي".

واستمر في القول: "منذ ثلاثة أشهر ونحن نسمع أخبارًا عن تدمير حماس، وهزيمة حماس، والقضاء على حماس. لسوء الحظ، فهي لا تعكس الواقع. من الناحية العسكرية البحتة، هناك إنجازات، لكن هناك مسافة كبيرة بينها وبين القضاء على حماس. لقد خلق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو توقعات عالية، لا توجد طريقة لتحقيقها، وبالتالي حكم علينا بحرب لا نهاية لها". متابعًا القول: "حتى الهدف الأكثر تواضعًا، وهو تفكيك حماس، يتطلب تعديل التوقعات. إن أي نفق يتم اكتشافه وتفجيره في قطاع غزة هو خبر جيد، لكن تفجير النفق لا يدمر كل القدرات العسكرية والحكومية".

محلل إسرائيلي، طالب بقبول صفقة مع حركة حماس، رغم "صعبوبة الأمر"

ويتحدث برنيع، عن خسائر إسرائيل في عدوانها على غزة، قائلًا: "في الأسابيع الثلاثة الماضية، لم تغير الحرب الواقع".

ودعا برنيع إلى قبول صفقة مع حركة حماس، قائلًا: "إنه أمر فظيع؟ نعم، إنه أمر فظيع. فهل من الصحيح قبوله؟ ربما يكون الأمر كذلك، لأن الفشل له ثمن؛ لأن موت المختطفين في أسر حماس سيكون وصمة عار لا تمحى على ضمير المجتمع الإسرائيلي، وعلى تماسكه؛ لأننا لسنا مستعدين حاليًا لفتح جبهة في الشمال؛ لأننا نعتمد على أمريكا. يجب تأجيل الحساب مع حماس حتى اللحظة التي انتهك فيها الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه".