13-أكتوبر-2019

من فيلم الحبل السري

أطلق مجموعة من المخرجين والعاملين في المجال السينمائي السوري، بيانًا بعنوان "بخصوص التصوير السينمائي في المُدن والبلدات السورية المدمرة والمهجّر سكانها قسرًا". أعربوا فيه عن رفضهم لاستخدام المدن المدمرة وأنقاض الأحياء التي تم استهدافها وتدميرها في سوريا لأغراضٍ سينمائية. وجاء هذا البيان على خلفية مشاركة فيلم المخرج السوري الليث حجو "حبل سري" في مهرجان مالمو للسينما العربية الذي أقيم أول الشهر الجاري.

أطلق مجموعة من السينمائيين السوريين بيانًا يرفض استخدام المدن المدمرة وأنقاض أحيائها لأغراضٍ سينمائية

جاء في نص البيان: "تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة استخدام بيوت وأحياء المدن والبلدات السورية المنكوبة والمُدَمَرة والمُهَجّر سكانها قسرًا، كمواقع تصوير لأفلام سينمائية بموافقة السلطات السورية. ولا ينفك يتوالى على تلك الأحياء والأماكن المنكوبة وبإذن من القوى العسكرية المسيطرة عليها، عدد متزايد من المشاريع السينمائية، يقتحم فريق تصويرها تلك الأحياء والبلدات بكاميراتهم مُتَجاهلين ذاكرة المكان وحرمة البيوت وقصص وأرواح وذكريات ساكنيها، ملتزمين بحياد فادح وسكوت مطبق تجاه المسؤول عن كل هذا القتل والتهجير".

اقرأ/ي أيضًا: "داخل سورية الأسد".. صور عادية من الجحيم

كما تطرق البيان بشكلٍ مباشر للتنديد بما يقوم به بعض السينمائيين من استخدام للمناطق المدمرة كإستديوهات لتصوير الأفلام السينمائية، بموافقة المؤسسات والجهات الحكومية السوريّة، ومما تم ذكره "نحن السوريات والسوريين، المُشتغلات والمُشتغلين في مجال السينما، احترامًا لذواتنا ولشرف مهنتنا، نرفض أن تتحول المدن السورية المدمرة، بكل ما تحمله من أدلة وبراهين وشواهد على الجرائم التي ارتكبت بحق الناس الذين خرجوا يطالبون بالكرامة والحرية وكريم العيش إلى ديكور لأفلام سينمائية تطبع مع النظام. وأن يدفن مع أنقاض المدن السورية المُدَمَرة، ذكرياتنا وقصصنا وآمالنا. نحن لن نساوم على سرديتنا ولن نقبل التلاعب بقصصنا وأمكنتنا وصورنا. هذه المنازل المُتَداعية والخالية من سكانها، لم تكن ولن تكون يومًا أطلالًا نبكي عليها، إنها جزء من حكايتنا التي سنصونها ونرويها ونتوارثها إلى أن تتحقق العدالة ويحاسب القَتَلَةْ".

الجدير ذكره أن عددًا كبيرًا من المخرجين والمشتغلين في المجال السينمائي سبق لهم أن صوروا أفلام كاملة أو بعض المشاهد من أفلامهم في مناطق وبلدات مدمرة، كان أول تلك الأفلام فيلم "مطر حمص" للمخرج جود سعيد، والمعروف بتأييده للنظام السوري، كما أقدم العديد من المخرجين على اتخاذ تلك المناطق كمواقع تصوير سينمائية. كذلك المخرج نجدت اسماعيل أنزور الذي صور على أنقاض مدن وبلدات سوريّة مثل بلدة داريا التي حول بيوتها المدمرة لإستديو لتصوير أحد أفلامه والمعروفة بتسويقها لبروباغندا النظام السوري.

ذكر الموقعون على البيان بأن "هذه المُدن المُدَمَرة التي تحولت إلى مواقع للتصوير السينمائي، ليست فقط أماكن حدثت فيها جرائم حرب آنية موصوفة من قصف لأحياء سكنية أو لمدارس أو مشافي أو مخابز، ولكنها أماكن ومواضيع لجرائم ضد الإنسانية لا تزال ممتدة ومُستمرة وقيد التنفيذ عن طريق الإمعان بجريمة التهجير القسري لساكنيها ومنعهم من العودة إلى بيوتهم، وتشريع ذلك من خلال إجراءات قانونية، أقرت مؤخرًا في سياق ما سُمّي بعملية إعادة إعمار وتنظيم المدن، سعيًا لمحو آثار الجريمة والانتهاء من فرض وقائع جديدة على الأرض، بهدف تجريد أصحاب الأرض والبيوت من أملاكهم وحيواتهم وذاكرتهم وحقهم في العودة وفي العدالة، وبالتالي تجريدهم من حقهم في مواطنتهم".

أكد الموقعون على أهمية استقلالية الثقافة وحرية الفن والتي لا تكون بفرض الرقابة على العمل الفني، ولا بالتطبيع مع الجريمة أو بالقبول بسردية القتلة (من أي جهة كانوا) وتناسي تضحيات ونضالات شعوب ثارت من أجل الحرية والكرامة.

المُدن السورية المُدَمَرة التي تحولت إلى مواقع للتصوير السينمائي أماكن ومواضيع لجرائم ضد الإنسانية

وأضافوا كما جاء في ختام البيان: "من هنا فإننا نعلن إدانتنا لأفلام تورطت وتتورط في التعفيش السينمائي، وتتلاعب بذاكرة الأمكنة والناس، وتتواطئ مع المسؤولين عن جرائم الحرب وعن الجرائم ضد الإنسانية".

اقرأ/ي أيضًا: "دم النخل".. طائفية سينما النظام السوري بتصفيق بشار الأسد

يمثّل هذا البيان إدانة ودعوة للوقوف في وجه محاولات النظام السوري وأتباعه من مخرجين وفنانين يعملون جاهدين على تبييض صورة النظام والتغطية على جرائمه من خلال روي حكايات أخرى، واستخدام طرق وسبل من شأنها طمس الحقيقة وتجاهل المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا يوثق نظام الأسد بالكاميرات الروسية دمار حمص؟

فنانون سوريون.. ما بين الثورة وبساطير النظام