27-نوفمبر-2017

دريد لحام وسلافة فواخرجي مع الجيش السوري

لم يبتعد الفنانون السوريون عما حصل في وطنهم كثيرًا، بل إن أغلبهم لم يغادروه إلا لفترات قصيرة، ومنهم من اعتبر أن معركته ليست فنية فارتدى لباس المعركة (عارف الطويل نموذجًا)، وزار جبهات القتال كما يفعل القادة، ومنهم فئة أخرى أشدّ نفاقًا وضعوا الحذاء العسكري على رؤوسهم، بحجة أن أرجل منتعليه صاحبة الفضل في إنقاذ الوطن من "المؤامرة".

هناك من تجاوزوا كل حدّ ووضعوا الحذاء العسكري على رؤوسهم، بحجة أن أرجل منتعليه صاحبة الفضل في إنقاذ الوطن من "المؤامرة"

هذه الفئة اصطفت منذ أول يوم مع مقولة النظام بوجود مؤامرة كبرى عالمية على سوريا من أجل تفتيتها، وإيقاظ الفتنة الطائفية بين أطياف المجتمع السوري، وذهب بعضهم أبعد من ذلك عندما أخذ اصطفافهم لونًا طائفيًا أبعد من سوريا (دريد لحام) عندما وجّه رسائل شكر للإيرانيين والإمام الخامنئي، لأنهم تدخلوا في الحرب ضد "الإرهاب"، وحذا حذوه نجدة أنزور.

اقرأ/ي أيضًا: نقابة الفنانين في سوريا: مجلس تأديب علني

النظام السوري بدوره لم ينس هؤلاء ووقوفهم معه في معركته على المؤامرة، فقدم لهم ما كانوا يسعون له فوق نجوميتهم، بأن أصبحوا أعضاء في مجلس الشعب، ونجدة أنزور تسلّم لأشهر عديدة رئاسة المجلس خلفًا لهدية عباس رئيسته التي تمت إقالتها، وكذلك عارف الطويل الذي برز كعضو فاعل في المجلس ونجم سياسي يحضر فعاليات وطنية على مستوى رفيع.

جمال سليمان في أحد اجتماعات المعارضة
جمال سليمان في أحد اجتماعات المعارضة

في الصف الثاني، كان أغلب أعضاء نقابة الفنانين بلا نكهة أو موقف، بينما رئيسها تصدى لما أسماهم الفنانين الذي خرجوا من البلاد وأخذوا موقفًا مغايرًا وقام بفصل أكثر من ثلاثين فنانًا، من بينهم جمال سليمان وعابد فهد وعبد الحميد قطيفان، والذريعة القانونية أنهم لم يسددوا التزاماتهم للنقابة.

في جانب الثورة كان للفنانين الشباب الدور الأكبر، والتحقوا بصفوف الشعب فور انطلاق مظاهرات الغضب في دمشق وحمص، ومنهم خرجت صيحات "عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد" التي هتف بها محمد آل رشي في حي برزة الدمشقي وركن الدين، والفنانين التوأم الأخوين ملص، ونوار بلبل ومحمد أوسو، كل هؤلاء تعرضوا للاعتقال.

أما على صعيد نجوم الصف الأول، فتعرض نجوم كبار للعسف كخالد تاجا (رحمه الله)، واعتقلت مي سكاف، ورفع عبد الحكيم قطيفان علم الثورة في درعا وهو السجين السياسي السابق، وكذلك فعل فارس الحلو في دمشق وحمص، وجهاد عبدو وزوجته اللذان حلّقا فيما بعد الهجرة في سماء هوليوود، وأما من بقي في السجن لسنوات فهما زكي كورديللو وابنه الذي يعتقد أنهما صفيا تحت التعذيب، وخرجت سمر كوكش صامتة بعد خمس سنوات مظلمة.

عارف الطويل في مناسبة لجرحى الجيش السوري
عارف الطويل في مناسبة لجرحى الجيش السوري

الهجرة واللجوء كانا مصيرًا لفنانين معارضين كثر كمكسيم خليل وزوجته الفنانة سوسن أرشيد، وفارس الحلو، ومي سكاف، وريمة فليحان، يارا صيري، ليلى عوض...وأما الموت فغيّب عامر السبيعي فيما بقي والده رفيق سبيعي (أبو صياح) مع النظام جسدًا وموقفًا حتى وفاته.

في جانب الثورة كان للفنانين الشباب الدور الأكبر، والتحقوا بصفوف الشعب فور انطلاق مظاهرات الغضب في دمشق وحمص

من الفنانين الذين دخلوا السياسة واحتسبوا على الوسط كموقف من الثورة والنظام كان الفنان جمال سليمان، وقد ظهر جليًا في اجتماعات الرياض 2 الأخيرة للمعارضة السياسية من أجل تشكيل جسد واحد للدخول في مفاوضات جنيف الثامنة مع النظام، وعلى منصة البيان الختامي كان جمال سليمان - الذي انتخب نائبًا لرئيس الهيئة الجديد نصر الحريري- نجمًا كعادته اقترب من متطلبات الثورة والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وهي نفس الأهداف التي تأسست من أجلها منصة القاهرة التي يعتبر سليمان أحد أبرز وجوهها.

اقرأ/ي أيضًا: صح النوم يا سوريا

أما على صعيد الأعمال الدرامية فهناك طلاق بائن بين فناني الطرفين المتصارعين، وقلة منهم اجتمعوا في عمل درامي واحد، وعلى سبيل المثال في مسلسل "العراب" اجتمع كل من جمال سليمان وباسل خياط وماهر صليبي في مواجهة مؤيدي النظام باسم ياخور وسلمى المصرين، كذلك استطاع حاتم علي أن يجمع نجوم الدراما السورية على اختلاف مواقفهم في عمله الفانتازي الضخم "أوركيديا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

سارية السواس.. من ملاهي دمشق إلى ممر المشاهير في هوليوود

دراما الثورة السورية (2).. الولادة من الخاصرة