15-سبتمبر-2019

بوستر فيلم "دم النخل"

الترا صوت – فريق التحرير

أعلنت المؤسسة العامة للسينما في سوريا، تأجيل عرض فيلم "دم النخل" بعد موجة الانتقادات التي تعرض لها على خلفية العرض التجريبي في "دار الأسد" للثقافة والفنون قبل أيام. 

أُجّل عرض فيلم "دم النخل" السوري، بسبب الانتقادات التي وجهت إليه باعتماده مقاربة طائفية بين السوريين في الحرب على داعش

وتعرض الفيلم لانتقادات شديدة بسبب استخدام صُنّاعه لدلالات طائفية. ويصور الفيلم استعادة قوات النظام السوري لمدينة تدمر قبل عامين من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

اقرأ/ي أيضًا: فيلم ملكات سوريا.. ممالك ضائعة ونظام زائل

وظهر في الفيديو الترويجي للفيلم أحد الممثلين الذي يؤدي دور جندي في قوات النظام من أبناء السويداء التي ينتمي سكانها للطائفة الدرزية. ويقول الجندي باللهجة المحلية لأبناء السويداء: "أني كنت مفكر داعش بدن يهجموا على تدمر بس مكنتش عارف إنن صاروا بنص تدمر"، ما اعتبره أبناء جبل العرب محاولة من منتجي العمل على إظهار أبناء السويد "جبناء"، بسبب رفضهم القتال ضمن قوات النظام خلال السنوات السابقة.

وعلى الجانب الآخر، يُظهر العمل أبناء الساحل الذين ينتمون للطائفة العلوية بأنهم "أبطال"، وقاتلوا حتى النهاية من أجل استرجاع مدينة تدمر من قبضة تنظيم داعش.

 

 

وبحسب صحيفة الوطن الموالية للنظام السوري، فإن "دم النخل" يوثق سيرة عالم الآثار خالد أسعد الذي أعدمه تنظيم داعش بعد سيطرته على مدينة تدمر. وتتداخل مشاهد الفيلم بين الماضي ممثلًا بملكة تدمر زنوبيا، والحاضر ممثلًا بالطفل خالد الأسعد عالم الآثار الذي رفض الخروج من المدينة للحفاظ على آثارها من النهب والسرقة غداة سيطرة داعش عليها عام 2015.

وتشير الصحيفة إلى أن "دم النخل" صور خلال 25 يومًا فقط بين مدينتي ريف دمشق وتدمر، ويمتد لساعتين من الأحداث مع مزيج من التوثيق والدراما. وهو من إخراج عضو مجلس الشعب نجدة أنزور، وكتبت نصه السيناريست ديانا كمال الدين، وهو التعامل الثالث بين أنزور وكمال الدين بعد فيلمي "فانية وتتبدد" و"رد القضاء".

تأجيل عرض الفيلم

وكان لافتًا أن العرض الأول للفيلم المخصص للإعلاميين، حضره رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى جانب زوجته أسماء الأسد، بحسب ما أظهرت مقاطع مصورة جرى تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ووفق ما أظهرت الصور الملتقطة كان أنزور يجلس إلى جانب الأسد أثناء عرض الفيلم.

 

 

إلا أن حضور الأسد العرض الأول لــ"دم النخل" لم يجنبه موجة الانتقادات الحادة التي تعرض لها من قبل كتاب وصحفيين حتى من الموالين للنظام، لمسوا في مضمون الفيلم دلالة طائفية بعد مفاضلته باختيار "أبطال" قوات النظام لأبناء مناطق على حساب مناطق أخرى، وهو ما دفع المؤسسة العامة للسينما نتيجة الانتقادات التي تعرض لها الفيلم، تأجيل عرضه الذي كان مقررًا في دور السينما السورية اعتبارًا من اليوم، 15 أيلول/سبتمبر الجاري.

وقالت المؤسسة في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك: "ارتأينا تأجيل العروض الجماهيرية للفيلم (دم النخل) حتى يتسنى لنا دمج الآراء التي جمعناها ليخرج الفيلم بصيغته الجاهزة للعروض الجماهيرية، منسجمًا مع قيمة وقداسة كل تلك التضحيات".

 

 

وفي محاولة للتبرير، قالت السيناريست ديانا كمال الدين في منشور لها على فيسبوك، إن "المكتوب في السيناريو أن حوار هذا الجندي هو باللهجة البيضاء أي أنه من الممكن أن ينتمي إلي أي محافظة وإلى أي منطقة". 

وأضافت كمال الدين في منشورها الطويل: "الذي حدث هو أن الممثل الذي قام بدور هذا الجندي هو من السويداء، وقد تحدث بلهجته بعفوية، ولأن ليس بيننا أحد في فريق العمل من فنيين وفنانيين يفكر بعقلية ضيقة طائفية أو مناطقية فلم نتوقف عند لهجته أثناء التصوير خصوصًا في وجود تنوّع في اللهجات في الفيلم نتيجة لانتماء جنود الجيش السوري إلى كافة المحافظات السورية".

 

 

معارضون: "دم النخل" إهانة مقصودة

على الجهة الأخرى، كان مثقفون ونشطاء معارضون من مدينة السويداء قد هاجموا منتجي "دم النخل" بسبب مضمونه الذي وجه ما وصفوه بـ"الإهانة المقصودة" لأبناء المدينة، لرفضهم الالتحاق بقوات النظام. 

وأشاروا في منشوراتهم، إلى أن النظام السوري هو من قام بتسليم الجنود الذين يؤدون الخدمة الإلزامية لـ"الإرهابيين" حتى يسمح لضباطه بالهروب بعد دخول تنظيم داعش إلى تدمر. فيما أعاد آخرون نشر وثائق تؤكد الدور الذي لعبه أبناء الجبل في المعارك ضد الاحتلال الفرنسي خلال الثورة السورية الكبرى.

وكتبت السيناريست والمعارضة السورية ريما فليحان، معلقًة على الأسباب التي أدت لإظهار أبناء مدينة السويداء كـ"جبناء" في الفيلم: "دم النخيل وسواه من الأفلام التي تنتجها المؤسسة العامة للسينما، ومن خلفها وزارة الثقافة في سوريا، هي إحدى أدوات النظام السوري في ترويج البرباغندا الخاصة به، خاصة في السنوات الثمانية الماضية. 

وأضافت: "لا شيء عفوي في ذلك الإنتاج و هو أمر مفهوم، طبعًا نجدة أنزور هو أحد أبواق النظام، وأدواته في الوسط الفني هو ذاته من قاد حملات مقاطعة الفنانين والكتاب الذين وقعوا بيان من أجل أطفال درعا في بداية الثورة".

وأوضحت فليحان قصة مدينة تدمر بعد دخول داعش إليها، قائلة: "أما قصة تدمر فليسأل هؤلاء ومن يصفقون للنظام من قام بتسليم الجنود وضحى بهم ليفر الضباط في تدمر وسواها. من ترك الإرهابيين يصلون إلى تدمر دون استهداف في بادية مكشوفة حيث كان يمكن استهدافهم بالطيران بدلًا من انشغال طيران النظام بقصف المدنيين في محافظات سورية أخرى. من أوصل الإرهابيين بباصات مكيفة إلى بادية السويداء ليقوموا بهجومهم القذر ضد المدنيين.

 

 

وعلق الصحفي مالك أبو خير على الفيلم، بقوله: "خبر عابر.. السينما الطائفية السورية بأوسخ صورها"، مستطردًا في وصف ما جاء في الفيلم من مقاربة بين "البطولة" و"الجبن" على أساس طائفي.

 

 

أما الشاعر والصحفي السوري ماهر شرف الدين، فغرد عن الفيلم قائلًا: "عندما يفتتح بشار الأسد فيلمًا لنجدت أنزور يصوّر فيه الدروز بأنهم جبناء، والعلويين بأنهم أبطال؛ فهذا أمر لا يمكن أن يكون عفويًا، خاصة أن بشار سبق أن تحدّث عن انزعاجه من رفض عشرات آلاف الشبان الدروز الالتحاق بالجيش. نعم نحن جبناء في ذبح أهلنا، وتركنا هذه البطولة لطائفتكم الشجاعة".

 

 

واستعاد رضوان فهد رضوان، صورة توثيقية من كتاب المؤرخ جميل علواني لمن قضوا خلال أربعينات القرن الماضي أثناء قتالهم ضد الاحتلال الفرنسي في سوريا، معلقًا عليها بقوله: "معًا لوقف وحرق فيلم دم النخل للكاتبة ديانا لا كمال ولا دين، والمخرج أنزور كثيري فيه". 

 

 

كما أن التعليق على الدلالات الطائفية التي وردت في الفيلم تضمن مشاركة لصحفيين في الصحف الرسمية التابعة لوزارة الإعلام في حكومة النظام السوري، حيث كتب الصحفي ماهر الصغير، في جريدة "تشرين" اليومية، معلقًا على الفيلم: "لماذا الطائفية؟ لماذا لم نغضب لأن المشهد صور جندي سوري خائف وليس لأنه درزيًا من السويداء؟ هل السويداء تحتوي فقط على الطائفة الدرزية؟ هل الكاتب يجهل المستوى الثقافي للمجتمع السوري حتى قدم نفسه وجبة سهلة لتجار الطائفية؟ لماذا لم يستخدم اللهجة البيضاء في هذا المقطع؟".

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

9 وثائقيات تناولت الحرب السورية

فيلم "Damascus Cover".. سوريا في قبضة الموساد