15-أكتوبر-2016

بنجاح مخابرات الجيش في القبض على ياسين، نجا لبنان من مخطّطٍ دموي فتنوي، ومن تمهيدٍ لدخول مقاتلي "داعش" إلى الضيع الحدودية البقاعية

شكّل القبض على عماد ياسين، أمير تنظيم "الدّولة الإسلامية" في مخيّم عين الحلوة، أكبر مخيّمٍ للاجئين الفلسطينيين في لبنان مفاجأةً أمنيةً كُبرى، فياسين كان مطلوبًا منذ فترة، كأمير في "داعش" وقيادي سابقٍ في "القاعدة"، ومشاركًا بالتّخطيط للعديد من العمليات الإرهابية في الدّاخل اللبناني، فضلًا عن إنشائه مجموعاتٍ عنقودية تأتمر بإمرته في المناطق اللبنانية من الشّمال والجنوب.

في فيديو القبض على عماد ياسين، يبدو مطمئنًا ويسير بمفرده، ومرد ذلك إلى أنه تلقى تطمينات أمنية بقرب تسوية ملفه مع الأمن اللبناني

استغلت داعش الجزر الأمنية، أي المخيّمات الفلسطينية غير الخاضعة بشكل تام للأمن اللبناني، وذلك لتوسّع نفوذها ولتستقطب مقاتلين راديكاليين تنقلهم من لبنان إلى سوريا، حيث سقط ما يقارب العشرين شابًا ترك المخيّم ذاهبًا إلى سوريا للقتال بصفوف التّنظيم. عماد ياسين ومن خلال بنائه شبكة علاقاتٍ داخل عين الحلوة، نجح في تثبيت سيطرة داعش على المناخ الإسلامي، قبل أن تقوم الأجهزة الفلسطينية بالتّعاون مع الدّولة اللبنانية بالاتفاق على تسوية ملفات المطلوبين، فسلّم بعض المطلوبين أنفسهم، بينما ينتظر البعض الآخر تطميناتٍ وضمانات.

اقرأ/ي أيضًا: أمريكا تقرر..لا ضربات لبشار الأسد حاليًا

نجحت مخابرات الجيش اللبناني في القبض على الصّيد الثّمين، بعد أشهرٍ من الرّصد والمراقبة، فالمخابرات استأجرت بيوتًا محيطةً بأماكن تواجد ياسين في المخيّم، ورصدت تحرّكاته قبل تنفيذ خطّتها، والقبض عليه دون إسالة دماءٍ أو وقوع ضحايا، كيف نجحت الأجهزة الأمنية في فعل ذلك؟

من المعروف أن مقاتلي "داعش" يتحزّمون دائمًا بحزامٍ ناسف، ولا يتنقّلون بشكلٍ فردي خوفًا من القبض عليهم، فالمقاتل المنتمي للتنظيم، جاهزٌ لتفجير نفسه وإيقاع ضحايا، على أن يُقبض عليه ويُضطر للبوح بمعلوماتٍ سرّية.

قبضت المخابرات اللبنانية على عماد ياسين بينما كان يتنقل على قدميه في شارعٍ قريبٍ من حاجزٍ للجيش اللبناني في المخيم، ياسين يبدو متنقلًا باطمئنانٍ ودون حماية، فياسين (47 عامًا)، كان قبيل إلقاء القبض عليه، بصدد تنفيذ تفجيرات إرهابية ضدّ مراكز الجيش ومرافق حيوية وسياحية وأسواق تجارية وتجمعات شعبية وأماكن سكنية في أكثر من منطقة لبنانية، وينسق بشكلٍ مباشر مع قيادة داعش في الرّقة، مع ذلك، تنقّل دون أمنٍ أو حماية.

بنجاح مخابرات الجيش في القبض على ياسين، نجا لبنان من مخطّطٍ دموي فتنوي، ومن تمهيدٍ لدخول مقاتلي "داعش" إلى الضيع الحدودية البقاعية

اقرأ/ي أيضًا: لأول مرة..مصر وروسيا تقيمان مناورات عسكرية مشتركة

يجدر الذّكر أن تنظيم داعش في عين الحلوة، لم يسجّل أي اشتباكٍ مباشر مع الجيش اللبناني، بل اقتصر نشاطه على التّخطيط لعملياتٍ في الخارج، فالتّنظيم يعي جيّدًا أن الاشتباك مع الجيش اللبناني في المخيم أو على أبوابه يعني خسارته عددًا من مقاتليه، إضافةً إلى التّضييق عليه.

كما أفادت مصادر مطلعة في مخيم عين الحلوة لـ "ألترا صوت" أن القبض علي ياسين نتيجة عملٍ دقيق، دبلوماسي وأمني، فعماد ياسين لم يكن يتنقل في السّابق دون حزامٍ ناسف، ومرافقة عددٍ كبيرٍ من المقاتلين وفي جوف الليل لا نهارًا، فياسين لم يخرج من منزله الكائن في حيّ الطوارئ إلا في حالات استثنائية، إذ إنّه يعاني من إصابة في صدره ويده اليمنى تعرّض لها عام 2008 إثر محاولة اغتياله بعبوة ناسفة، والرّجل كان المسؤول عن الجناح العسكري لتنظيم جند الشّام، المنشق عن تنظيم "عصبة الأنصار"، المحسوب على أبي محجن، المدرج على اللوائح الأمريكية للإرهاب.

تنقّل عماد ياسين بشكلٍ فردي كما يظهر فيديو القبض عليه، مردّه إلى أن الرّجل تلقّى تطميناتٍ من جهاتٍ أمنية، بأن ملفه سيتم تسويته، من ضمن ملفات المعتقلين الإسلاميين والمطلوبين الذين سلّموا أنفسهم للقوى الأمنية اللبنانية والفلسطينية في الشّهرين الماضيين، واقتضت التّسوية مع الرّجل، حسب قنوات التّواصل، على تسليمه نفسه مقابل تسوية أوضاعه والسّماح له لاحقًا بمغادرة البلاد إلى سوريا أو أي وجهة يختارها.

اطمأن عماد ياسين للتسوية، وأيقن أن لا نيّة بالقبض عليه، وأن الأجهزة الأمنية اللبنانية لن تتعرّض له بانتظار قراره هو تسليم نفسه، فنزع حزامه النّاسف، وعاد ليتمشّى نهارًا دون خوفٍ أو قلق، ودون علمٍ أيضًا بأن الأجهزة الأمنية تراقبه، وتنتظر الفرصة المناسبة للانقضاض عليه وهذا ما جرى. بعد القبض على ياسين، روّج البعض لسيناريو التّسوية مجدّدًا، وأن ياسين تمّ اعتقاله بموافقته، وذلك كي يتحرّر من قيود التّنظيم، على أن يُخلى سبيله لاحقًا وتُسقط التّهم، لكن سرعان ما تم دحض هذه الفرضية، بنشر المخابرات والأجهزة لمحاضر التّحقيق معه، وكشفها المخططات الدّموية التي كان ينتوي ياسين تنفيذها.

بنجاح مخابرات الجيش في القبض على ياسين، نجا لبنان من مخطّطٍ دموي فتنوي، ومن تمهيدٍ لدخول مقاتلي "داعش" إلى الضيع الحدودية البقاعية، لبنان ليس النّاجي الوحيد، كذلك نجت قوات "اليونيفيل" الدّولية في الجنوب، والتي كانت من ضمن أهداف ياسين ومجموعاته التي تساقطت وتتساقط تباعًا، إضافةً إلى المراكز التّجارية والشّواطئ والمصانع ومركز تعبئة الغاز في منطقة الأوزاعي، ويؤكّد مصدر في عين الحلوة لموقعنا أن القبض على ياسين، ساهم في هروب العديدين من المحسوبين عليه من جنسياتٍ مختلفة إلى سوريا، وإلى انهيارٍ في المنظومة الدّاعشية في المخيّم.

اقرأ/ي أيضًا:

ماهي وظيفة الرئيس العراقي؟

هل بدأت الحرب الباردة بين مصر والسعودية؟