09-مايو-2023
Getty

تمكن اليمين من السيطرة على أغلبية لجنة كتابة الدستور في التشيلي (Getty)

حقق اليمين الشعبوي المتطرف في تشيلي فوزًا في الانتخابات التي جرت الأحد، لاختيار 50 عضوًا في لجنة ستضع مسودةً لنص الدستور البديل عن دستور البلاد المعتمد منذ حقبة حكم الديكتاتوري أوغستو بينوشيه.

يمكن أن تحصل تشيلي على نسخة أسوأ من الدستور السابق الذي وضع خلال الحكم العسكري

وقالت هيئة "Servel" الانتخابية، إن نتائج التصويت، وضعت الحزب الجمهوري في المرتبة الأولى بحصوله على 35% من أصوات الناخبين، أي ما يعادل 22 مقعدًا في لجنة إعادة صياغة الدستور. فيما حصل الائتلاف اليساري المدعوم من الرئيس غابريال بوريك على 29% من الأصوات، أي ما يعادل 17 مقعدًا. أما الأحزاب اليمينية التقليدية فحصلت على 21% من أصوات الناخبين، وهو ما يعادل 11 مقعدًا. 

 

Getty

وسيكون عمل اللجنة الجديدة، هو تقديم نص يقوم بصياغته خبراء، "يشمل 12 مبدأ أساسيًا لا يمكن تعديلهم"، وسيتعيّن على اللجنة بعد ذلك تقديم النص الجديد للتصويت العام في كانون الأول/ديسمبر القادم. وسيبدأ عمل اللجنة التي يجب أن تتكوّن من 25 رجلًا وعدد مماثل من النساء في حزيران/يونيو القادم.

Getty

ردود الفعل على نتائج التصويت

من جانبه، قال زعيم الحزب الجمهوري خوسيه أنطونيو كاست الذي أسس الحزب عام 2019 وخسر ضد الرئيس الحالي غابريال بوريك في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت في كانون الأول/ديسمبر 2021: إن "الأفكار القائمة على المنطق انتصرت"، وفق تعبيره.

من جهته، وفي خطاب أعقب الإعلان عن نتائج التصويت، دعا الرئيس التشيلي غابريل بوريك، أعضاء اللجنة للتصرف "بحكمة واعتدال، وتجنب المواقف التي لا تقبل المساومة". 

وأضاف بوريك، أن "العملية السابقة فشلت كما هو حال أمور أخرى، لأنه لم يكن بإمكاننا الإنصات لأولئك الذين يفكرون بطريقة مختلفة". في إشارة إلى إخفاق أول محاولة لإعادة صياغة للدستور، والتي قادها ائتلاف اليسار الذي يمثله، داعيًا إلى إطلاق العملية من دون أي "ثأر".

وهذه المرة الثانية التي يشارك فيها الجمهور بالتشيلي في إعادة صياغة دستور عام 1980. ففي أيلول/سبتمبر الماضي، رفض 62% من الناخبين التشيليين نصًا مقدمًا من جمعية دستورية مشكّلة بمعظمها من شخصيات مستقلة سياسيًا. بعد أن كانت تشيلي قد صوتت بأغلبية ساحقة لصالح إعادة كتابة دستور البلاد ليحل محل الدستور الذي فرض قبل أربعة عقود في ظل الدكتاتورية العسكرية للجنرال أوغستو بينوشيه.

Getty

دستور أكثر يمينية

التقديرات في تشيلي تشير إلى إمكانية طرح دستور جديد قد يكون أسوأ من سابقه، وقالت رئيسة برنامج العلوم السياسية في جامعة تشيلي كلوديا هايس لوكالة "فرانس برس"، إن النتائج التي حققها الحزب الجمهوري اليميني المتطرف الذي لطالما عارض عملية إعادة صياغة الدستور فاقت "كل التوقعات". وأضافت أنه مع فوزه بـ22 مقعدًا في اللجنة، "لا يحتاج الحزب الجمهوري للتفاوض مع أحد. يمكنهم كتابة الدستور كما يحلو لهم، ولديهم القوة التي تتيح نقض أي تعديل".

من جهته، قال الخبير السياسي روبرت فانك، إن نتائج يوم الأحد تعني بأن "المسودة التالية لدستور تشيلي من المرجح أن تكون أكثر يمينية". وأضاف: "أخبار سيئة جدًا... في الوقت الحالي، يبدو أنه سيكون لدينا في أفضل سيناريو تغييرات قليلة جدًا لما لدينا الآن، وفي أسوأ السيناريوهات سيكون لدينا تحول إلى اليمين".

وأشار فانك، إلى أنه يمكن للحزب الجمهوري "حظر الإجهاض في الدستور الجديد، لذلك يمكن أن ننتهي في الواقع بدستور أكثر تحفظًا فيما يتعلق بقضايا القيم مما لدينا الآن". 

وإذا حدث ذلك، فمن المحتمل أن يقاطع اليسار التشيلي المسودة الجديدة أو أن يقوم بحملة نشطة ضد مشروع الدستور الجديد، مع إمكانية رفضه عند طرحه للتصويت من جديد، مثلما جرى في نهاية العام الماضي.

هذه المحاولة الثانية للتشيلي من أجل التخلص من دستورها الذي وضع خلال الحكم العسكري

وتتحدث تقديرات إعلامية، عن أن فوز اليمين المتطرف، بالأغلبية ضمن لجنة صياغة الدستور، سوف يساهم في تعزيز مكانة كاست باعتباره الشخصية المهيمنة على اليمين في تشيلي، وهو تذكير آخر بالحضور القوي لليمين المتطرف الشعبوي المستمر في جميع أنحاء دول أمريكا اللاتينية، على الرغم من هزيمة اليميني الأبرز في القارة جايير بولسونارو في الانتخابات الرئاسية البرازيلية التي جرت في تشرين أول/أكتوبر من العام الماضي.