16-مايو-2018

حقق الهومنتمن لقبه الأول في بطولة كرة السلة اللبنانية (IMlebanon)

تمكّن فريق الرياضي حامل لقب بطولة كرة السلة بلبنان، من تحقيق فوز ثمين على ملعبه في المنارة ببيروت، ضد الهومنتمن صيف العام الماضي، في المباراة السادسة في السلسلة النهائية،  ليفرض عليه مباراة  حاسمة، وهي المرة الأولى في تاريخ المسابقة، التي تصل فيها سلسلة المباريات النهائية إلى مباراة سابعة، والتي فاز فيها الهومنتمن، محققًا لقبه الأول في البطولة.

للمرة الأولى في تاريخ بطولة كرة السلة بلبنان، تصل سلسلة المباريات النهائية إلى مباراة سابعة بين الرياضي والهومنتمن

وشهدت المباريات الست السابقة مشاحنات كبيرة بين جمهوري الفريقين، حيث تبادلا أقذع الشتائم، إضافة إلى الهتافات المذهبية والطائفية وحتى العرقية. وانتقلت المشادات هذه إلى وسائل التواصل، فتراشق مؤيدو الفريقين بالألفاظ الخارجة، لتتحول مباراة في كرة السلة إلى وسيلة ومناسبة لإفراغ كل الكراهية الكامنة في نفوس بعض الجماهير، في صورة تدعو للأسف.

اقرأ/ي أيضًا: لاعبة كرة السلة زينب نصار.. If I were a boy

وتحظى كرة السلة بشعبية كبيرة في لبنان، وغالبًا ما تمتلئ الملاعب عن بكرة أبيها، بل إنها تنافس كرة القدم في هذا المجال. وقد ازدادت شعبيتها خاصةً ابتداء من تسعينات القرن الماضي، مع وصول النادي الرياضي لنصف نهائي بطولة آسيا لعام 1998، كأول فريق عربي يحقق هذا الإنجاز، قبل أن تبدأ الفترة الذهبية لنادي الحكمة. 

في العام 1999 تمكن الفريق البيروتي (نادي الحكمة)، الذي كان يترأسه رجل الأعمال الراحل أنطوان شويري، من تحقيق لقب بطولة آسيا، في إنجاز غير مسبوق، وقد استمرت الاحتفالات أيامًا عديدة، وبدأت مرحلة مشرقة في كرة السلة اللبنانية. وتمكن الحكمة بقيادة المدرب غسان سركيس، من تحقيق ألقاب عديدة محلية وقارية. 

بينما استمرت كرة السلة اللبنانية في صعودها الصاروخي نحو القمة، على مستوى الأداء والنتائج، وعلى مستوى التجهيزات والنقل التلفزيوني والأكاديميات التي ترعى الناشئين، كما تطورت السلة النسوية وحققت سيدات لبنان إنجازات مهمة على المستوين العربي والآسيوي. في الوقت الذي نجح فيه منتخب لبنان في الوصول إلى نهائيات كأس العالم ثلاث مرات وحقق نجاحات لافتة توّجها بالفوز على فرنسا في 2006.

إبان الوصاية السورية، كانت جماهير الحكمة تطلق هتافات في وجه هذه الوصاية، كواحدة من الطرق القليلة يومها للتعبير عن السخط في وجه هذا الاحتلال. الانقسام الطائفي والمذهبي الذي شهده لبنان على خلفية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في عام 2005، انسحب على جماهير ومدرجات كرة السلة، فباتت الجماهير تعكس من خلال هتافاتها الواقع السياسي والمذهبي الذي يعيشه البلد.

تحظى كرة السلة في لبنان بشعبية كبيرة تنافس شعبية كرة القدم، وتقدم الفرق اللبنانية أداءً رائعًا في المباريات المحلية والقارية

وبالرغم من أن كل الفرق اللبنانية تضم لاعبين من مختلف المذاهب والاتجاهات، إلا أن جماهير معظم هذه الفرق تتسم بصبغة مذهبية وسياسية، فالرياضي بيروت يمثّل البرجوازية السنية البيروتية، بينما يعتبر الحكمة رمزًا لليمين المسيحي وخاصة القوات اللبنانية. أما الهومنتمن فهو فريق الأرمن، والشانفيل محسوب على التيار الوطني الحر، وهكذا! 

إثارة في الملعب ومشاحنات طائفية بالمدرجات

وتستغل الجماهير تواجدها الكثيف على المدرجات، لإطلاق الهتافات والشعارات، والتي لا تخلو من التجريح والقدح وإهانة مقدسات الآخر الدينية وتوجهاته السياسية والاجتماعية. وفي العام قبل الماضي، التقى الغريمان التقليديان؛ الحكمة والرياضي، في نهائي البطولة، لتشهد سلسلة المباريات النهائية توترات حادة بين جماهير الفريقين. 

اقرأ/ي أيضًا: لبنانيات يخضن تجربة تحكيم مباريات كرة قدم.. صافرة للحرية في الملعب وخارجه!

ووصل  هذا التوتر إلى لاعبي وإداريّي الفريقين، خرج عدد منهم بتصريحات بعيدة كل البعد عن الروح الرياضية. وقد توقفت عدة مباريات بسبب الشغب الجماهيري والتشنج داخل الملعب وخارجه، بل إن فريق الحكمة رفض تكملة المباراة السادسة في أرضه في غزير، بعدما كانت النتيجة تشير إلى تقدّم الرياضي بفارق عشر نقاط، قبل دقيقتين من نهاية المباراة. يومها قال أحد مسؤولي النادي الأخضر، إن فريقه لن يسمح لأي فريق بالتتويج باللقب في غزير! ليعود الاتحاد لاحقًا ويعتبر الرياضي فائزًا في البطولة.

وبالعودة إلى مباراة الأمس الحاسمة، فقد استقبل الهومنتمن على ملعبه في برج حمود فريق الرياضي، وعينه على الظفر بالمباراة، وتحقيق اللقب للمرة الأولى في تاريخه. واتجهت الأنظار كلها إلى ملعب المباراة، وقد ساهمت الأحداث التي شهدتها المباريات السابقة، في رفع حرارة المباراة قبل حتى أن تبدأ، وخاصة في المباراة الأخيرة بالمنارة، والتي توقفت عدة مرات بسبب الشغب الجماهيري وإلقاء عصي وعبوات بلاستيكية على الملعب، ما دفع بإدارة الهومنتمن المطالبة بإيقاف المباراة عدة مرات، قبل أن تنجح المساعي في إكمالها. 

إلا أن أهم ما في المباراة، كان رفع جمهور الرياضي للعلم التركي، في تلميح للإبادة الأرمنية التي يُتهم بها الجيش التركي مطلع القرن الماضي، وهو الأمر الذي رأى فيه جمهور الهومنتمن استفزازًا كبيرًا وغير مقبول. 

وفي المباراة السابعة، رفعت جماهير الهومنتمن العلم الإيراني وعلم حزب الله لاستفزاز جمهور الرياضي، الجمهور البيروتي المؤيد بغالبيته للحريرية السياسية المناوئة للخط الإيراني ولحزب الله.

على عكس المباريات الست السابقة، والتي شهدت ندية وإثارة كبيرة، لم يجد هومنتمن صعوبة في الفوز بالمباراة والظفر بلقبه الأول، وبفارق مريح وصل إلى 15 نقطة، ليكسر سطوة الرياضي المهيمن على البطولة في السنوات الأخيرة (خسر مرة واحدة فقط منذ 2005). 

الشغب الجماهيري والهتافات الطائفية، كانت سمة المباريات النهائية لكرة السلة في لبنان على مدار السنوات الأخيرة

إلا أن الشغب الجماهيري والهتافات الطائفية، كانت سمة المباريات النهائية في السنوات الأخيرة، في ظل غياب واضح للروح الرياضية وثقافة احترام الخصم أيًا كانت النتيجة، في الوقت الذي تراجع فيه مستوى كرة السلة اللبنانية نوعًا ما بسبب تأثرها بعوامل مختلفة، ما يعكس الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية السيئة التي تمرّ بها البلاد.

اقرأ/ي أيضًا:

البيانات والإحصاءات تُمسكان بخناق الرياضة العالمية

النقاش عن الطائفية: اتهام الدين لتبرئة السلطة