07-أبريل-2018

ريم مع طافم تحكيم نسائي برفقة الحكم الدولي هدى العوضي (فيسبوك)

بعد تطور كرة القدم النسائية في لبنان بشكل ملفت في الستوات الأخيرة، والتي كنا قد تحدثنا عنها سابقًا في "ألترا صوت"؛ برزت في الفترة الأخيرة ظاهرة الحكام اللبنانيات النساء، وهي تجربة ريادية تستحق التوقف عندها والإشارة إليها.

في الآونة الأخيرة، برزت في لبنان ظاهرة الحكام اللبنانيات النساء لمباريات كرة القدم، وهي تعد ظاهرة فريدة من نوعها في المنطقة العربية

وفي دوري كرة القدم للسيدات لهذا الموسم، أدارت المباريات طواقم حكام نسائية لبنانية، وهو إنجاز لافت ومثير للاهتمام، فما هو واقع التحكيم النسائي؟ وما هي أبرز التحديات والمعوقات؟

اقرأ/ي أيضًا: كرة القدم النسائية في لبنان.. أحوالها ومستقبلها

ريم منصور، طالبة جامعية محبة لكرة القدم، وتمارسها منذ عدة سنوات، وتلعب لصالح أندية لبنانية، انخرطت في تجربة التحكيم منذ أكثر سنة، تحدثت إلى "ألترا صوت" عن تجربتها.

بدأت الرحلة بمبادرة من الحكم هدى العوضي، وهي واحدة من حكمين في لبنان حاصلتين على شارة تحكيم دولية. وبالتنسيق مع الاتحاد اللبناني لكرة القدم، نظمت العوضي دورة مجانية للفتيات الراغبات في حمل شارة التحكيم.

بدورها التحقت ريم بالدورة التدريبية رفقة أربع فتيات في البداية. تألفت الدورة من شق نظري تقوم الفتيات خلاله بمشاهدة حالات تحكيمية دقيقة، عبر مقاطع فيديو، فيقمن بتحليلها والاستماع لملاحظات هدى العوضي.

ريم منصور (يسار) رفقة الحكم الدولي دموع البقار (فيسبوك)
ريم منصور (يسار) رفقة الحكم الدولي دموع البقار (فيسبوك)

كما أن هناك شق تطبيقي يتم تنفيذه على أرض الملعب من خلال تحكيم مباريات تجريبية، تتبادلن خلالها الأدوار، بإجراء محاكاة لحالات تحكيمية، وإطلاق الأحكام عليها، إضافة إلى تدريبات رفع اللياقة البدنية، وتدريبات ذهنية لموجهة الضغوطات النفسية.

الدورة التي خضعت لها الفتيات جعلتهن متمكنات من قوانين اللعبة، وقد قمن بتحكيم مباريات بطولة الدوري اللبناني للسيدات. عن مباراتها الأولى كحكم راية، تقول ريم منصور: "واجهتُ ضغطًا نفسيًا قبل المباراة. كانت الأجواء مثيرة والجمهور يملأ الملعب". حينها قالت لها هدى العوضي: "نجاحك اليوم هو نجاح لكل الفتيات، لا يمكنك أن تخذليهن". كان ذلك تحفيزًا مؤثرًا بالنسبة لريم، لكنه "زاد من الضغط وحمّلني مسؤولية كبيرة"، كما تقول. 

بشكل عام سارت الأمور جيدًا، لكن دون أن تخلوا الأجواء من احتجاجات وانتقادات من قبل مدربيْ الفريقين. "إرضاء المدربين غاية لا تدرك"، تقول ريم، إذ لم يخلُ الأمر من بعض التعليقات الجندرية، والتي وإن كانت قليلة نسبيًا، فهي تعكس ثقافة سائدة تُشكك في قدرات المرأة "بحجة أن عاطفة المرأة تتحكم في قراراتها. نريد أن نثبت أن هذا غير صحيح"، تقول ريم وهي تضحك.

تقول ريم منصور إن اختيارها تحكيم مباريات كرة القدم، هو نوع من إثبات أن المرأة قادرة على لعب دور قيادي واتخاذ قرارات حاسمة

كيف يتجاوب المجتمع مع فكرة احتراف المرأة تحكيم مباريات كرة القدم؟ تجيب ريم بأن الأمر ليس سهلًا. لقد واجهت بنفسها صعوبات في إقناع عائلتها ومحيطها بقرارها، علمًا بأنها واجهت نفس الصعوبات عندما قررت ممارسة كرة القدم قبل سنوات.

اقرأ/ي أيضًا: لاعبة كرة السلة زينب نصار: "If I were a boy"

أما السبب في اختيار التحكيم، فهو "نوع من التحدي لإثبات أن المرأة قادرة على لعب دور قيادي، واتخاذ قرارات حاسمة، وإطلاق الأحكام على الحالات"، تقول ريم، مُضيفةً: "ولإثبات أنها قادرة على مواجهة التعليقات الساخرة والذكورية أحيانًا، وإثبات كفاءتها"، وهذا ما تعتبره ريم جزءًا من ثقافتها ومنظومتها الفكرية المطالبة بتحرر المرأة وتعزيز دورها ومكانتها في المجتمع.

وترى ريم أن الحكم "ليس مجرد آلة مطلوب منها تسجيل وضبط الحالات"، وإنما هو في تعريفه "قائد يدير المباراة"، فهو وفقًا لها "مطالب بتقدير الحالات واتخاذ القرارات المناسبة، واستخدام روح القانون عند اللزوم، بهدف قيادة المباراة إلى بر الأمان".

خلال المباريات لا تهتم ريم سوى بكونها حكمًا وفقط دون التفات للتصنيفات الجندرية (فيسبوك)
خلال المباريات لا تهتم ريم سوى بكونها حكمًا وفقط دون التفات للتصنيفات الجندرية (فيسبوك)

وخلال المباراة تعتبر ريم نفسها حكمًا وفقط، لا تهمها التصنيفات الجندرية والأحكام المسبقة، فهي جزء من طاقم تحكيمي يبذل جهده ليحكم بـ"العدل والأنصاف"، كما تقول. أما خارج الملعب، وفي الحياة اليومية، فتهتم ريم بكل ما يرتبط بكونها أنثى. 

تُشدد ريم على أن التنميط الذي يربط كرة القدم بـ"الخشونة والذكورية"، هو أبعد ما يكون عن الحقيقة، مستدلة بالكثيرات من نجمات كرة القدم العالميات، المشهورات بأناقتهن.

في الجامعة، غالبًا ما يسألها زملاؤها عن صحة هدف من عدمه، أو عن حالة تسلل أو ركلة جزاء، مما يشاهدونه في المباريات الأوروبية. يشعرها هذا الأمر بالرضى، وتقوم بشرح الحالة تفصيليًا، وبحسب القانون الدولي، مع الحرص على استخدام المصطلحات الدقيقة.

ريم منصور: "الحكم ليس مجرد آلة مطلوب منها تسجيل وضبط الحالات، إنما هو قائد يدير المباراة"

يسعدها أيضًا أنها اليوم باتت قادرة على إطلاق الحُكم الموضوعي، وبعيدًا عن التعصب، على الحالات الدقيقة، وإبداء رأيها بتجرد حتى وإن كان ضد فريقها المفضل.

أما عن المستقبل، فالطموح هو الحصول على شارة التحكيم الدولية، وقيادة مباراة في دوري الدرجة الأولى، وفي ملعب ممتلىء بالجماهير، وإثبات كفاءتها في هذا المجال.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كرة القدم اللبنانية.. يا خسارة!

الملاعب اللبنانية.. أبو خيزرانة مرّ من هنا