17-يناير-2024
أوضاع مأساوية للنازحين في رفح (GETTY)

(Getty) أوضاع مأساوية للنازحين في رفح

تأخذ أوضاع النازحين الإنسانية في منطقة رفح بالتدهور، مع ارتفاع أعدادهم التي تجاوزت المليون، وتواصل غارات طائرات الاحتلال على المنطقة الحدودية مع مصر.

ويرصد موقع "ميدل إيست آي" ظروف العائلات النازحة الصعبة في الخيم المؤقتة التي لا توفر أية حماية، لا من البرد ولا من القنابل الإسرائيلية. ففي بلدة المواصي القريبة من رفح، لم تجد رشا منصور البالغة من العمر 37 عامًا أي شيء سوى الرمال ومكان فارغ بدون خيام.

وغادرت منصور وزوجها وأطفالهما الخمسة منزلهما في مخيم البريج للاجئين في وسط غزة قبل أسبوعين، بعد أن طلبت إسرائيل من سكان المخيم الخروج منه والانتقال إلى مدينة دير البلح المجاورة، أو التوجه جنوبًا إلى رفح، التي يتواجد فيها الآن أكثر من مليون نازح.

يرصد موقع "ميدل أيست آي" أوضاع النازحين المتدهورة، في الخيم المؤقتة التي لا توفر أي حماية من البرد، والقنابل الإسرائيلية

ومع عدم وجود مساحة في دير البلح، أخبرت منصور زوجها أنها تعتقد أنه يجب عليهم السفر إلى رفح حتى لا يُجبروا على الانتقال إلى أي مكان مرة أخرى.

وأخبرت منصور "ميدل إيست آي" أن الحرب ضربت العائلة، إذ قصفت إسرائيل مخيمهم، على الرغم من التأكيدات بأنه آمن. وقالت: "خلال الشهر الثاني من الحرب، فقدت أخي الأصغر عبد الرحمن وعائلة عمي. سقطت الصواريخ على منزل عمي بجوارنا، وقُتل جميع أقاربي في المبنى. عمي وأحفاده وبناته وأخي"، وتابعت: "أمي وأبي في مصر منذ عدة أشهر لعلاج والدي، نحن نعيش في أصعب الظروف بدون والديَّ".

وبعد فترة وجيزة، فرت منصور وعائلتها جنوبًا، تقول: "أخذت معي بطانية وفراشًا كافيًا للعائلة وبعض الأشياء الأخرى"، وعند وصولهم إلى المواصي، وجدوا أرضًا قاحلة مكتظة على شاطئ البحر.

وأوضحت منصور: "كان من الصعب الحصول على خيمة، كنت خائفة جدًا من الجلوس في العراء دون مأوى مع فتياتي الثلاث. مكثنا هناك لمدة يومين بصعوبة كبيرة. شعرت كما لو كنت في الشارع، كان المكان مزدحمًا بالناس، بعضهم يصنعون خيام النايلون لأنفسهم، وأجبر بعضهم على النوم على الأرض بدون مرتبة".

ذهب زوج رشا منصور للبحث عن خيمة وقيل له إن بعضها يباع مقابل ما يصل إلى 2000 شيكل (528 دولار)، وهو سعر لا تستطيع العائلة تحمله. ولهذا أوضحت: "صنعنا خيمة من القماش وجلسنا فيها، لقد غادرنا منازلنا التي كانت آمنة ودافئة، الآن نحن هنا في هذا المكان الفارغ في خيمة من القماش مع شتاء بارد جدًا".

يواجه النازحون ظروفًا قاسية في العراء، وتضيف منصور: "في أي لحظة، يمكن أن يتساقط المطر. ويوجد الآلاف في الشارع بدون خيمة أو مأوى، الخيمة ليست حلًا، نحن بحاجة إلى وقف الحرب، ويجب السماح لنا بالعودة إلى منازلنا. عشنا النكبة عام 1948، ولكن ما نشهده الآن أكثر صعوبة بكثير".

نزح الآن حوالي 1.9 مليون شخص من منازلهم في غزة، حيث توجه الكثير منهم جنوبًا إلى رفح، والمواصي القريبة، وهي المناطق تعتبر "أكثر أمانًا" من غيرها، وهو المكان الذي طلب منهم الجيش الإسرائيلي الذهاب إليه.

وفي منشور على منصة تليغرام، قال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية أشرف القدرة، إن "البنية التحتية والخدمات الطبية في رفح لا يمكنها التعامل مع احتياجات ما يقدر بنحو 1.3 مليون نازح".

كما كثفت إسرائيل من غاراتها الجوية على رفح، خلال الأيام الماضية، قصفت المنازل التي تتواجد فيها العائلات النازحة.

وتمتلك مدينة رفح المعبر الحدودي الوحيد لقطاع غزة مع العالم، والذي لا يقع تحت السيطرة الإسرائيلية، لكن إسرائيل تواصل الحديث، عن نيتها تنفيذ عملية عسكرية في محور فيلادلفيا، الذي يقع عليه معبر رفح.

وفي مدينة رفح يقضي رامي أبو قدوس، البالغ من العمر 40 عامًا، أيامه في البحث عن مكان للعيش فيه مع زوجته وأطفاله، بعد أن أُجبروا على مغادرة مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة.

وقال أبو قدوس: "الخيمة ليست مكانًا جيدًا للعيش فيه، لدي ثلاثة أطفال لم يتعافوا من المرض بسبب البرد. نشارك النداءات على مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على خيمة مناسبة للعيش، ولكن لا يوجد شيء. كل شيء يتطلب المال والأسعار ارتفعت للضعف، الخيمة والطعام والشراب وكل شيء آخر باهظ الثمن. لا أريد أن أنفق ما يقرب من 500 دولار على خيمة لن تحمينا من الشتاء".

قال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية أشرف القدرة، إن "البنية التحتية والخدمات الطبية في رفح لا يمكنها التعامل مع احتياجات ما يقدر بنحو 1.3 مليون نازح"

وتابع أبو قدوس: "إسرائيل قصفت بعض المناطق في المواصي، وأجزاء أخرى من رفح، لا يظهر الجيش الإسرائيلي رحمة مع أي شخص خلال هذه الحرب".

ويصف الظروف المعيشي الصعب: "إذا لم أجد أي سلع معلبة في السوق، فلن تجد عائلتي أي شيء تأكله أبدًا، لا تملك المدينة الخدمات والبنية التحتية للتعامل مع عدد الأشخاص الذين فروا إليها"، مؤكدًا أن الوضع الإنساني يتدهور بسرعة نتيجة لذلك. فجيش الاحتلال لا يزال يطلب من المواطنين إخلاء مناطقهم السكنية في مدينة خان يونس والذهاب إلى رفح".

وقال: "كان لدي أحلام ومستقبل لأطفالي، أعمل كمدرس في مدرسة وكان لدي روتين يومي جميل"، وتابع: "أريد استعادتها مرة أخرى، أريد أن تنتهي الحرب دون أن أفقد أي شخص من عائلتي، أفتقد منزلي وجيراني ومخيمي".

توقف المعلم عن الحديث قليلًا، ثم واصل: "أريد العودة إلى حياتي، لترك هذه الخيمة التي صنعتها من بعض النايلون، والتي لا تحمينا من البرد أو الشمس، أريد أن أهرب من الانفجارات في الليل، والهدوء القاتل خلال النهار".