12-فبراير-2020

كان الموقف المغربي الشعبي واضحًا في رفضه لصفقة القرن (ألترا صوت)

24  ساعة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن تفاصيل صفقة القرن، خرج وزير الخارجية المغربي في تصريح "مُحايد" يُعبر من خلاله عن موقف المملكة من "خطة السلام"، الأمر الذي أثار الجدل وسط المجتمع المغربي وتُرجم بغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، التي ندد مرتادوها باللغة التي صيغ بها التصريح، الذي "شكر" الإدارة الأمريكية على "جهودها" في القضية الفلسطينية.

في حين بقي الرأي الرسمي المغربي "ضبابيًا" وخاضعًا للاستقطاب، فإن الصوت الشعبي بدا موحدًا، وانتظم آلاف المغارفة تحت شعار "فلتسقط صفقة القرن"

وعلى بعد أيام قليلة على تصريح وزير الخارجية، خرج رئيس الحكومة وثاني رجل في هرم الدولة، سعد الدين العثماني بتصريح في حوار مع موقع "عربي 21" يؤكد من خلاله على الموقف المغربي الرسمي الرافض لصفقة القرن، ناقلًا رسالة من الملك محمد السادس إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

اقرأ/ي أيضًا: صفقة القرن.. وقفة حياد للمغرب وغضب شعبي يدعو لـ"مقاومة القرن"

التحركات الديبلوماسية للمملكة لم تتوقف منذ الإعلان عن صفقة القرن، إذ استقبل الرئيس الفلسطيني، يوم السبت بعمان بالمملكة الأردنية، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الذي أبلغه رسالة شفوية من الملك محمد السادس، حيث قال بوريطة، إنه جدد التأكيد على مواقف المغرب الداعمة للقضية الفلسطينية.

الموقف الرسمي

بعد التصريحات التي أدلى بها ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، والتي يقول فيها إن قضية المغرب الأولى هي قضية الصحراء و"لا يجب أن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين. ينبغي أن نثق في دبلوماسية بلادنا، ومن الصعب أن يقول الفلسطيني شكرًا، والمغربي غير راضٍ"، حمل الوزير رسالة من الملك محمد السادس إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يؤكد فيها موقف المغرب الثابت من القضية الفلسطينية.

تصريحات بوريطة جرت عليه وابلًا من الانتقادات، الأمر الذي دفع منظمي مسيرة شعبية إلى التنديد بتصريحات الوزير، وبالموازاة مع ذلك خرج رئيس الحكومة بتصريح لوكالة الأنباء المغربية، يُؤكد من خلاله على الموقف الثابت للمغرب من القضية الفلسطينية.

وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، وعقب اللقاء مع عباس، قال: "تشرفت بلقاء الرئيس الفلسطيني حاملًا رسالة شفوية من جلالة الملك.. تندرج في إطار التشاور الدائم بين قائدي البلدين حول القضية الفلسطينية، في ظل التطورات الأخيرة، ومناسبة للتوكيد على المواقف الثابتة للمملكة المغربية، كما جرى التعبير عنها مؤخرًا، والتنسيق حول المراحل والخطوات المقبلة".

من جهته بدا سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وكأنه يتدارك التصريحات "الملتبسة" لوزير الخارجية في حكومته، قائلًا إن موقف الحكومة المغربية مما يعرف بـ"صفقة القرن" ينطلق من ثوابت المملكة، ملكًا وحكومة وشعبًا، في تعاملها مع القضية الفلسطينية، ودعم الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه، وفي مقدمتها إنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ورفض كل محاولات تهويد القدس والاعتداء على الحرم القدسي والمسجد الأقصى".

وأوضح العثماني، أن "هذا الموقف هو الذي تتبناه الدبلوماسية المغربية، وعبر عنه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة القاطنين بالخارج، وأكدته المملكة في الاجتماع الوزاري الطارئ لجامعة الدول العربية والاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي".

وأضاف رئيس الحكومة أن هذا الموقف، "يتماشى مع قرار جامعة الدول العربية التي سجلت موقفا إيجابيًا في آخر اجتماع لها على مستوى وزراء الخارجية برفض "صفقة القرن"، وبالتأكيد على الثوابت الفلسطينية وبدعم الشعب الفلسطيني"، مذكرًا بأن هذا الموقف المغربي "حظي بكل التقدير من الجانب الفلسطيني بكل أطيافه ومكوناته".

وخلص سعد الدين العثماني، إلى أن "كل شيء غير هذا فهو مزايدة مرفوضة، وتأويل خاطئ، وفهم مغلوط، لذا وجب الحذر من التدليس والكذب وافتعال ضجة إعلامية للتشويش على الموقف المغربي الواضح والثابت". وتابع العثماني بالقول: "نحن ملكًا حكومة وشعبًا ضد أي تغيير أو مساس بالمسجد الأقصى، لتبقى دائمًا القدس عاصمة للدولة الفلسطينية والمغرب لم يقل قط شيئًا آخر إلا هذا الأمر".

وحدة شعبية: عهد الله لن نخون

 وفي حين بقي الرأي الرسمي "ضبابيًا" وخاضعًا للاستقطاب، فإن الصوت الشعبي بدا موحدًا، وانتظم آلاف المغارفة تحت شعار "فلتسقط صفقة القرن". هكذا خرج، صباح الأحد الماضي، الآلاف من المغاربة في مسيرة جابت أكبر شوارع العاصمة الرباط، رافضين لـ"خطة السلام" التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قبل أسبوعين في مؤتمر صحفي وسط البيت الأبيض، كحل يرفضها الفلسطينيون ومعظم الدول العربية.

اختلفت الأيديولوجيات والانتماءات، لكن الجميع بدا مصطفًا يردد شعارات من قبيل: "الشعوب تقاوم والأنظمة تساوم، وفلسطين تقاوم والأنظمة تساوم"، و"إدانة.. إدانة للتطبيع والخيانة"، و"إدانة.. إدانة لصفقة الخيانة".

نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال العريق، قال في حديثه لـ"ألترا صوت"، على هامش الرفض الشعبي، إن "موقف المغربيين رافض لصفقة القرن، لأنها تشرعن الاحتلال، وتمس حق الشعب الفلسطيني لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، كما أنها تُزعزع استقرار المنطقة".

لم يخاف رأي الأمين بركة رأي سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية قائد الائتلاف الحكومي، والذي قال إن المسيرة هي نسخة للوحدة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الرافض لصفقة القرن، والذي تدعمه كل مكونات الشعب المغربي المُطالب بالدفاع على القضية الفلسطينية والوفاء لها.

أنا نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، فاعتبر أن "خطة السلام" الأمريكية هي "مؤامرة القرن" اتجاه الشعب الفلسطيني، لأنها تُشرعن لانتهاك حقوق الفلسطينيين في حق العودة، وإقامة دولتهم وعاصمتها القدس.

وكان لجماعة العدل والإحسان المعارضة، وكما العادة، إنزال كبير في المسيرة التي تقدمها قادة الأحزاب السياسية، إذ عبرت الجماعة من خلال القيادي فيها، حسن بناجح في تصريح لـ"ألترا صوت"، على "أن الموقف الشعبي اتجاه صفقة القرن واضح وهو موقف يُدافع عن المقدسات ولا يحق لأي جهة أن تُعبر على عكس هذا الموقف". 

أما نبيلة منيب، الزعيمة اليسارية، فوصفت مسيرة الأحد بـ"مسيرة الغضب" الرافضة لصفقة القرن، معتبرة أنها "تعبير عن الغضب من المواقف الرجعية، وسياسة القوة والتركيع"، مضيفة أن القضية الفلسطينية قضية حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته، وهو الحق الذي قالت إن الشعب الفلسطيني سيصل إليه عاجلًا أم آجلًا.

وجاء في البيان الختامي للمسيرة تأكيد كل الهيئات السياسية والنقابية والمهنية والحقوقية والجمعوية والنسائية والشبابية المشاركة على "انخراطها في معركة تحرير فلسطين والتصدي للمشروع الصهيوني الإمبريالي المقيت.. مع الإدانة الشديدة لـ"صفقة القرن"، معتبرًا أن الخطة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي "خطة مشؤومة لا تُشكل عدوانًا جديدًا على فلسطين فقط بل وعلى الأمة العربية والإسلامية، والتصدي له وإسقاطه واجب وطني وقومي وديني وإنساني".

اقرأ/ي أيضًا: صفقة القرن.. انقسام عربي أمام مشروع تصفية القضية الفلسطينية

ووسط حديث غير مؤكد عن مقترح إسرائيلي لابتزاز المغرب بقضية "الوحدة الترابية" من أجل قبوله بالتطبيع مع إسرائيل، حذرت الهيئات المشاركة من أن أية محاولة للتفكير في المقايضة على فلسطين والقدس بالقضايا الوطنية ستكون محاولة فاشلة ومدانة وستشكل خيانة لفلسطين، مضيفة أن "من يخون فلسطين يخون الوطن والأمة".

مسيرة الأحد حسب الهيئات المشاركة ليست سوى البداية لبرنامج نضالي متواصل وطنيًا وإقليميًا وعلى المستوى الدولي

مسيرة الأحد حسب الهيئات المشاركة ليست سوى البداية لبرنامج نضالي متواصل وطنيًا وإقليميًا وعلى المستوى الدولي، وأيضًا دعوة لكل فعاليات المجتمع المغربي للانخراط المتواصل، من أجل إجهاض "صفقة العار"، والتي تشكل "مفصلًا في مشروعهم لتصفية القضية الفلسطينية، والتي لا تقف آثارها عند فلسطين بل تتجاوزها إلى شعوب المنطقة والعالم".