22-يونيو-2023
gettyimages

يسعى المبعوث الفرنسي للقيام بدور محفز للتوصل إلى حل للأزمة في لبنان (Getty)

وصل جان إيف لودريان مبعوث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الأربعاء، إلى بيروت في زيارة تستمر لثلاثة أيام، وتأتي الزيارة في إطار جهود حل الأزمة السياسية في لبنان متمثلة في الفراغ الرئاسي المستمر منذ نحو 8 أشهر أخفق خلالها مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفًا لميشال عون.

المبعوث الفرنسي لن يقدم أي اسم مفضل للمنصب الرئاسي، ولكنه يسعى إلى خلق توافق داخل لبنان

وكانت الجلسة 12 المنعقدة الأسبوع الماضي هي آخر جلسة لاختيار رئيس جديد للبلاد، حيث انحصر التنافس بشكل أساسي بين جهاد أزعور وسليمان فرنجية، ولم يستطع أي من المرشحين الحصول على العدد المطلوب من الأصوات في الجولة الأولى.

وفور وصوله إلى بيروت استهلّ لودريان لقاءاته باجتماع مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وبحسب مصادر إعلامية رسمية سيجري لودريان "لقاءات ومحادثات مع قيادات رسمية وحزبية وسياسية تتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية"، حيث سيقابل اليوم الخميس، رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي.

ووصف رئيس مجلس النواب اللبناني، اللقاء مع المبعوث الفرنسي بـ"الصريح والجيد".

تنا

وقال مصدر مقرب من بري لـ"العربي الجديد"، إن "لودريان لا يحمل معه مبادرة رئاسية، لكنه استمع إلى موقف بري حول الأزمة الرئاسية والأسباب التي تحول دون انتخاب رئيس للبلاد، بعد 8 أشهر على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وأكد بري للودريان أهمية إجراء حوار وطني لإنهاء الشغور الرئاسي، الذي لا يمكن ملؤه إلا باتفاق القوى السياسية اللبنانية".

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر دبلوماسي فرنسي قوله إن لودريان "لن يقدم حلولًا لكنه يسعى لأن يقوم بدور محفز للوصول إلى حل للأزمة"، يشار إلى أن الإليزيه يُصرّ على أنه ليس معنيًا باقتراح أسماء لمنصب رئيس الجمهورية، ويلعب فقط دور المسهّل لعملية التوافق وإخراج لبنان من أزمته السياسية المستفحلة.

في السياق، قال مصدر دبلوماسي في السفارة الفرنسية في بيروت لـ"العربي الجديد"، إن "جولة لودريان ستشمل القادة والمسؤولين السياسيين في البلاد بالدرجة الأولى، وسيستطلع خلال اللقاءات آراء ومواقف الأفرقاء، ويستمع إلى وجهات نظرهم حيال الأزمة، أسبابها والأمور التي تحول دون الاتفاق بين المكونات اللبنانية"، مشيرًا إلى أنها "قد تشمل أيضاً لقاء مع سفراء الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني الرئاسي، ليضعهم في أجواء جولته".

ولم يستبعد مصدر "العربي الجديد" الفرنسي أن يلوح المبعوث الفرنسي بفرض عقوبات على المسؤولين عن العرقلة، وإطالة أمد الشغور الرئاسي.

يذكر أن جان إيف لودريان زار لبنان مرارًا حين كان وزيرا للخارجية، واستقبل تعيينه مبعوثا إلى لبنان بصورة إيجابية.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عيّن لودريان في السابع من حزيران/يونيو الجاري مبعوثًا خاصًا إلى لبنان للمساعدة في إيجاد حل "توافقي وفعال" للأزمات اللبنانية المتتالية.

وتزامن وصول لودريان إلى بيروت مع دعوات الفرقاء اللبنانيين إلى التوافق والحوار، حيث عاد الحديث في لبنان مجددًا إلى شروط إنجاح الحوار والتوافق على مرشح رئاسي عقب إخفاق جلسة الأربعاء الماضي في تنصيب رئيس جديد ينهي حالة الشغور الرئاسي، فقد دعا حزب الله وحركة أمل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى حوار وطني لإنهاء الأزمة في وقت دعا فيه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى الالتقاء للتباحث حول ورقة الأولويات الرئاسية مع أي تعديلات لازمة عليها،  فيسهل، حسب وجهة نظره، "التلاقي على الأسماء التي تتناسب مع هكذا برنامج سيادي إصلاحي"، على حدّ وصفه.

وبناء على ذلك، تزايد الحديث، عن ما بات يسمى "الخيار الثالث" أي تسمية مرشح توافقي من غير الاسمين المطروحين أزعور وفرنجية.

ففي ظل "استحالة" حصول أي طرف على 86 صوتًا لحسم الفوز لصالح مرشحه، وبالنظر لعدم قدرة أي مجموعة سياسية على الحفاظ على نصاب الـ86 للدورة الثانية، وجد الفرقاء في لبنان أنفسهم أمام ضرورة العودة للحوار، وبدأ ذلك بالدعوات لاستئنافه بروح وإرادة جديدة من أجل الاتفاق على رئيس توافقي.

getty

وكانت البداية بتأكيد رئيس البرلمان نبيه  بري على أن انتخاب رئيس للجمهورية "لن يتحقق إلا بالتوافق وسلوك طريق الحوار".

مضيفا عقب انتهاء جلسة الانتخاب: "كفى رميًا بكرة المسؤولية على هذا الطرف أو ذاك في إطالة أمد الفراغ، ولنعترف جميعاً بأن الإمعان بهذا السلوك والدوران في هذه الحلقة المفرغة، وانتهاج سياسة الإنكار، لن نصل إلى النتيجة المرجوة التي يتطلع إليها اللبنانيون والأشقاء العرب والأصدقاء في كل أنحاء العالم، الذين ينتظرون منّا أداءً وسلوكًا يليق بلبنان وبمستوى التحديات والمخاطر التي تهدده".

وأردف بري قائلًا: "بداية البدايات لذلك هي الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، وذلك لن يتحقق إلا بالتوافق وسلوك طريق الحوار، ثم الحوار، ثم الحوار".

وحدّد بري مواصفات الحوار بأن "يكون من دون شروط، لا يلغي حق أحد في الترشح، وتتقاطع فيه إرادات الجميع حول رؤية مشتركة لكيفية إنجاز هذا الاستحقاق من دون إقصاء، أو عزل، أو تحدٍّ، أو تخوين، وأن يكون تحت سقف الدستور يحافظ على الميثاقية والشراكة". وختم بري كلمته: "آن الأوان لكي يمتلك الجميع الجرأة والشجاعة من أجل لبنان بسلوك هذا الطريق، فهل نحن فاعلون؟".

بدوره دعا مرشح "حزب الله وحركة أمل لمنصب الرئاسة" زعيم تيار المردة فرنجية "لحوار بنّاء مع الجميع نبني عليه للمرحلة المقبلة لإحقاق المصلحة الوطنية"، حسب تعبيره.

زكي وزكية الصناعي

على ذات المنوال عزف "حزب الله اللبناني" الذي قال نائب رئيس مجلسه التنفيذي الشيخ علي دعموش، في بيان، إن "كل السيناريوهات المحتملة لجلسة انتخاب الرئيس لن تؤدي إلى نتيجة"، مشيراً إلى أن "ما يؤدي إلى النتيجة المطلوبة له طريق وحيد هو الحوار والتفاهم والتوافق على مرشح جامع، يلمّ اللبنانيين، ويكون قادراً على معالجة الملفات التي تهمّهم، ومنفتح على الجميع في الداخل والخارج".

على الطرف الآخر بادر مرشح قوى جهاد أزعور بنشر بيان، أعرب فيه عن أمله في أن يكون المشهد الجديد "حافزاً على التلاقي على خيار إخراج لبنان من الأزمة، وعلى المضي في العملية الانتخابية من أجل مصلحة الشعب اللبناني".

ونشر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تغريدة في حسابه على تويتر  قال فيها: "جلسة اليوم أثبتت كما قلنا امس أن لا أحد يستطيع تخطي المكوّن المسيحي في رئاسة الجمهورية وأن لا فرض للرئيس من أحد على أحد وأن التيار ملتزم ويتبع قناعاته فقط"، مضيفًا بأن "كل عناد سيقابله عناد آخر فلا حلّ إلا بالتوافق على البرنامج و على الرئيس من دون إقصاء أو تشاطر، ولا نجاح لأي رئيس بلا برنامج متفق عليه"، متابعًا القول في ذات التغريدة "أسقطوا الشروط المسبقة فهذا ليس حوار، وأقلعوا عن نظريات الفرض والتحدّي فهذا ليس لبنان، ولاقونا إلى ورقة الأولويات الرئاسية مع أي تعديلات لازمة عليها،  فيسهل التلاقي على الأسماء التي تتناسب مع هكذا برنامج سيادي إصلاحي وخلاصي!".

فور وصوله إلى بيروت استهلّ لودريان لقاءاته باجتماع مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي

وتتزايد الضغوط على الزعماء اللبنانيين، للخروج من حالة الشغور الرئاسي، وآخرها بيان للخارجية الأمريكية اعتبر أن "الشلل السياسي التام في لبنان مشكلة لا بد لزعمائه من حلها"، كما حمل البيان الأمريكي "انزعاج واشنطن لمغادرة نواب لبنانيين جلسة البرلمان لمنع التصويت على انتخاب الرئيس" في الجولة الثانية التي رفعت بذريعة عدم اكتمال النصاب (86 نائبًا) وهو نصاب مختلف في صحته الدستورية. ودعا بيان الخارجية الأمريكية "زعماء لبنان و نخبته إلى التوقف عن تقديم مصالحهم وطموحاتهم على مصالح الشعب"، على حد تعبير البيان.