21-ديسمبر-2023
الأسرى الفلسطينيون

استشهد أبو عصب، البالغ من العمر 38 عامًا من قلقيلية بالضفة الغربية، في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، وكان معتقلًا منذ عام 2005 (Getty)

يخضع 19 حارسًا من مصلحة السجون الإسرائيلية، بعد الاعتداء على الأسير ثائر أبو عصب، في سجن النقب، الشهر الماضي، مما أدى إلى استشهاده.

وظهرت آثار عنف شديد على جثة الأسير ثائر أبو عصب، الذي كان معتقلًا في سجن كتسيعوت بالنقب، لكن تقرير الطب الشرعي الذي كتب بعد تشريح الجثة، لم يقم بالإشارة إلى أن الوفاة "ناجمة بشكلٍ مباشر عن الضرب"، فيما تزعم السلطات الاحتلال: أن "الحراس المتورطون في الحادث يرتدون خوذات، وأدت صعوبة التعرف على الأفراد في اللقطات الأمنية من كاميرات السجن إلى ارتفاع عدد المشتبه بهم".

بعد شهر من استشهاد الأسير ثائر أبو عصب، تم التحقيق بالقضية التي يواجه في عناصر مصلحة السجون الإسرائيلية الاتهام

وبحسب مصدر أمني إسرائيلي، ورغم استشهاد الأسير قبل شهر، إلا أن الاتهامات الموجهة ضد الحراس لم يتم تقديمها للفحص إلا مؤخرًا.

واتهم المشتبه بهم من حراس السجن بالتسبب في إصابات وأذى جسيم في ظروف مشددة وعرقلة التحقيق.

واستشهد أبو عصب، البالغ من العمر 38 عامًا من قلقيلية بالضفة الغربية، في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، وكان معتقلًا منذ عام 2005.

وقد تم إيقاف الحراس المشتبه بهم عن العمل هذا الأسبوع بعد تحقيق أجرته وحدة تحقيق حراس السجون في الشرطة الإسرائيلية.

ووفق التحقيق، قام الحراس بضرب الأسير ​​في إحدى زنازين السجن بالعصي، مما أدى إلى إصابته.

وتم استجواب المشتبه بهم الـ 19 من حراس السجن الإسرائيلي، ثم أطلق سراحهم وتم منحهم إجازة حتى إشعار آخر. وقد قدم المحامون من منظمة هونو (منظمة يمينية في إسرائيل)، الذين يمثلون مجموعة من الضباط، استئنافًا إلى المحكمة ضد الشروط التقييدية للإفراج عن الحراس.

وقال وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير: "لن أجري محاكمة ميدانية للسجانين. لديهم قرينة البراءة، ولا إمكانية لتحديد مصيرهم قبل إجراء تحقيق شامل، يجب أن نتذكر"، وفق قوله.

سياسة إسرائيلية

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، ارتقى 6 شهداء داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهو رقم غير مسبوق، في فترة قصيرة، كما تشير التقديرات. لكنه يكشف عن ظروف السجون وطريقة الاعتقال، خاصةً أن 5 شهداء، ارتقوا خلال فترة قصيرة من اعتقالهم، وهم عمر دراغمة، وعرفات حمدان، وعبد الرحمن مرعي (اعتقل في شباط/ فبراير)، وماجد زقول وهو من عمال غزة، بالإضافة إلى شهيد مجهول الهوية حتى الآن من عمال غزة، وثائر أبو عصب المعتقل منذ عام 2005.

وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، وفي وقت سابق، قد كشفت عن استشهاد عاملين من قطاع غزة أثناء احتجازهما في قواعد عسكرية بالضفة الغربية، كان يعتقل فيها الآلاف من عمال غزة الذين ألغيت تصاريح عملهم عندما بدأ العدوان في غزة الشهر الماضي. 

وأضافت الصحيفة: "في حين أنه يتم الإبلاغ عادة عن وفاة السجناء والمعتقلين، فإن الجيش لم يصدر إشعارًا بالوفيات خلال الأسابيع الثلاثة التي انقضت منذ وفاة أحدهم في قاعدة عناتوت" بالقرب من القدس المحتلة.

وبحسب مصدر "هآرتس"، فإنه قبل وقت قصير من استشهاد العامل المعتقل في "عناتوت"، حذر من أنه بحاجة إلى علاج طبي. أما العامل الآخر الذي توفي فقد كان محتجزًا في عوفر. ولم تفتح الشرطة العسكرية تحقيقًا، لكن الجيش الإسرائيلي قال إنه يجري فحصًا لملابسات ما حصل.

واحتُجز المعتقلون في ظروف قاسية، ووفقًا للروايات التي حصلت عليها "هآرتس"، كان العمال المحتجزين في عناتوت ينامون على حصائر موضوعة على الأرض في مرافق تشبه الأقفاص. وعند وصولهم، كان عليهم الوقوف في الشمس لساعات، مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين قبل نقلهم إلى الشاباك للاستجواب. كما تم تقديم وجبات طعام دون المستوى المطلوب، والذي كان يتكون بشكل أساسي في الأيام الأولى من سمك التونة.

وفي تعليق سابق لوزير هيئة شؤون الأسرى قدورة فارس لـ"الترا صوت"، قال: "ارتقاء 6 شهداء في ظرف شهر، هذا معناه إنه أمر ممنهج، وهناك تعليمات للضباط والشرطة، بأن الاعتداء على الأسرى مسموح، حتى لو أدى ذلك إلى الوفاة، ودمهم مستباح".

وفي وقت سابق، نشرت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، شهادةً من قبل أسير أفرج عنه سجن النقب، تكشف عن تفاصيل استشهاد ثائر أبو عصب.

وجاء في الشهادة: "الساعة 7:20 مساء يوم السبت الموافق 18/11/2023، قامت قوة من وحدات القمع المسماة (كيتر)، باقتحام غرفة (6) في قسم (24) في سجن (النقب)، حيث تقوم وحدات القمع مؤخرًا، باختيار غرفة في القسم أثناء العدد، للتنكيل بالأسرى المحتجزين فيها".

وأضافت الشهادة: "خلال عملية الاعتداء على الأسرى داخل (الزنزانة- الغرفة)، غرفة رقم (6) وعدد الأسرى فيها 10، نفّذت وحدات القمع اعتداءات بالضّرب المبرّح على الأسرى، وتحديدًا على الأسير ثائر أبو عصب، وبعد انتهاء العدد، وعملية القمع، تدهورت حالته الصحيّة، وتم طلب الممرض، إلا أنّ إدارة السّجن رفضت الاستجابة للأسرى، وبعد ساعة ونصف حضر ممرض، وبالفحص الأولي، تبين أن هناك مشكلة في النبض، وجرى نقله، خارج الغرفة، دون معرفة مصيره". وفي شهادة أخرى لأسير محرر، قال، إن الشهيد أبو عصب "سأل السجّان سؤالًا من كلمتين ’في هدنة؟’".

ووفق صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، وبناءً على تقارير الوفاة والشهادات التي وصلت إليها، فإن جثتين لأسرى على الأقل كانتا مصابتين بكدمات. وفي بعض الحالات توجد أدلة على العنف، أو الإهمال الطبي. وتضيف الصحيفة الإسرائيلية: "في إحدى الحالات، تشير شهادة أحد السجناء المفرج عنهم وملخص تشريح الجثة إلى أن العنف ربما كان السبب في وفاة المعتقل الإداري. ولكن لم يتم تحديد سبب الوفاة".

ويتعرض التقرير، إلى استشهاد الشاب عبد الرحمن مرعي، الذي تم تشريح جثمانه بعد عشرة أيام من استشهاده، بالقول: "بحسب النتائج التي أرسلت إلى هآرتس، فقد أصيب مرعي بكدمات في صدره وكسور في ضلوعه وعظم صدره. كما كانت هناك علامات على وجود كدمات خارجية في رأسه ورقبته وظهره وأردافه وذراعه اليسرى وفخذه. وبحسب التقرير، كان يتمتع بصحة جيدة ولم تكن لديه أي أمراض سابقة قبل سجنه". وطبقًا لتقرير شرطة الاحتلال، فإن مرعي كان تحت "تقييد شديد" قبل ستة أيام من إعلان استشهاده.

وتقول الصحيفة الإسرائيلية: "إن تدهور أوضاع السجناء يشكل سياسة رسمية، على الأقل جزئيًا. ففي 18 تشرين الأول/أكتوبر، صادق الكنيست على تعديل لقانون السجون يسمح بالاعتقال في ظروف مكتظة، حيث ينام بعض الأسرى على الأرض".

بالإضافة إلى ذلك، خلال الحرب، تعمل السجون الإسرائيلية وفق نظام الطوارئ المعروف باسم "الإغلاق" حيث تم خلاله تعليق الزيارات العائلية، وإغلاق الهواتف العامة وقطع الأجهزة الكهربائية.

وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر، تقدمت جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل، وهموكيد، وعدالة، وأطباء من أجل حقوق الإنسان، واللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، بالتماس ضد السياسة الجديدة. ورد وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير ومصلحة السجون، بأن الاكتظاظ حدث بالفعل، وانقطعت الكهرباء عن الأسرى، كما تم منعهم من الوصول إلى المقصف، في حين تم تقييد الإضاءة خلال النهار وأوقات الاستحمام. ونفت مصلحة السجون انقطاع المياه عن المغاسل أو المراحيض، وتم رفض الالتماس.

من جانبها، تقول عنات ليتفين، رئيسة قسم السجناء والمحتجزين في منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان: "سياسة مصلحة السجون وإدارة السجون تجاه السجناء الفلسطينيين في الشهرين الماضيين تثير مخاوف جدية من أن المصلحة، أصبحت منظمة تعمل بدافع الانتقام وخارج القانون والأخلاق تمامًا. هناك شك جدي في أن أربعة أشخاص [عمال غزة استشهدوا في منشأة تابعة للجيش] قد دفعوا حياتهم ثمنًا لذلك، وأن الكثيرين غيرهم معرضون للخطر. والمشكلة ليست فقط في عدم وجود نظام للرقابة، ولكن الوزير المسؤول عن مصلحة السجون يشجع مثل هذه الأمور، في سلوك عنيف وانتقامي"، وفق ما ورد في "هآرتس".