11-يوليو-2023
تنتظر زعماء دول حلف الناتو في قمة فيلنيوس عدد من القضايا الخلافية التي لم تحسم (GETTY)

تنتظر زعماء دول حلف الناتو في قمة فيلنيوس عدة قضايا الخلافية لم تحسم (GETTY)

وصل قادة دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى العاصمة الليتوانية فيلنيوس، لحضور قمة الحلف المنوي عقدها الثلاثاء والأربعاء، والتي تركز على الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، بالإضافة لمناقشة مجموعة واسعة من الملفات محل خلاف.

يناقش زعماء دول حلف الناتو في قمة فيلنيوس مجموعة واسعة من الملفات محل خلاف

الخطط الدفاعية

وينتظر أن يناقش قادة دول الحلف العسكري عدة ملفات، من بينها طلب عضوية أوكرانيا وانضمام السويد إلى الحلف، وتعزيز مخزونات الذخيرة، ومراجعة الخطط الدفاعية، وهو أحد الأسباب التي دفعت قادة الحلف إلى رفع هدف الإنفاق العسكري خلال قمة فيلنيوس، مما يجعل الهدف الحالي المتمثل في 2% من الناتج المحلي الإجمالي هو الحد الأدنى من المتطلبات. في خطة من المقدر أن تستغرق عدة سنوات.

ونقلت وكالة "رويترز" عن خمسة دبلوماسيين، أن الدول الأعضاء في حلف "الناتو" توصلوا، أمس الاثنين، إلى اتفاق حول خطط توضح بالتفصيل كيف سيرد الحلف على هجوم روسي، متجاوزين على اعتراض تركي لعرقلة الاتفاق، فقد حاولت تركيا عرقلة الاتفاق على الخطط بسبب مشكلة صياغة تتعلق بمواقع جغرافية تتعلق بقبرص.

زكي وزكية الصناعي

ويشير هذ الاتفاق إلى تحول كبير، إذ تعد هذه المرة الأولى التي يضع فيها الحلف مثل هذه الخطط، منذ نهاية الحرب الباردة قبل ثلاثة عقود.

ولم يتم الكشف عن الخطط بشكل مفصل، وعن الكفية لتعزيز درجات الاستعداد السريعة لقوات الحلف على الأرض، وكيفية التصدي للهجمات البحرية، والجوية، والسيبرانية، والفضائية المحتملة.

وسبق التصديق على هذه الخطوة، قرار صدر العام الماضي بإبقاء نحو 300 ألف جندي في أقصى درجات الاستعداد في المستقبل. 

وحتى الآن، يوجد لدى حلف "الناتو" قوات عالية الاستعداد، تعتبر هي القوة الرئيسية لعمليات الأزمات السريعة، يقدر عددها حاليًا بنحو 40 ألف جندي.

وقال الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ، في وقتٍ سابق، إن التغييرات في قوة الرد السريع وغيرها من الردود على التهديدات الروسية "تشكل أكبر إصلاح شامل لدفاعنا الجماعي، وردعنا منذ الحرب الباردة".

المبنى الذي سيشهد اجتماع زعماء حلف الناتو

عضوية السويد

وفي جزئية عضوية السويد في حلف "الناتو"، قال ستولتنبرغ، مساء الإثنين، إن تركيا وافقت على إحالة طلب السويد الانضمام للحلف إلى البرلمان التركي، وأوضح الأمين العام لحلف "الناتو" إلى الصحفيين، بأن "الرئيس رجب طيب أردوغان، وافق على إحالة بروتوكول انضمام السويد إلى مجلس الأمة التركي في أقرب وقت ممكن، والعمل عن كثب مع المجلس لضمان التصديق على الطلب".

جاء ذلك، بعد لقاء جمع الأمين العام لحلف الناتو والرئيس التركي، مع رئيس الوزراء السويدي، لمناقشة انضمام السويد إلى الحلف، قبيل قمة الحلف التي تنطلق اليوم.

وأشار ستولتنبرغ إلى أن" إتمام مسعى انضمام السويد يعد خطوة تاريخية، وأن تعاون السويد مع تركيا في مكافحة الإرهاب سيستمر حتى بعد انضمامها للحلف".

من جهة أخرى، نقلت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، عن مسؤول تركي قوله: "إن مسؤولي الاتحاد الأوروبي وافقوا على تسريع مفاوضات عضوية تركيا في التكتل الأوروبي، وإن المفاوضات تشمل انضمام تركيا للاتحاد الجمركي، والسماح لمواطنيها بالسفر دون تأشيرة".

وجاء هذا الاختراق، الذي أعقب شهورًا من المفاوضات الشاقة، وقبل ساعات من انطلاق قمة زعماء دول حلف "الناتو"، في العاصمة الليتوانية فيلنيوس.

وافقت تركيا على إحالة طلب عضوية السويد إلى البرلمان التركي

انضمام أوكرانيا إلى الحلف

من جهة أخرى، يطغى الملف الأوكراني على أعمال المؤتمر، إذ يتعين على قمة فيلنيوس التوافق حول مسألة عضوية أوكرانيا في حلف "الناتو".

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس الإثنين، إن بلاده بحاجة إلى ضمانات أمنية واضحة في قمة الحلف، التي ووصفها زيلينسكي بالمهمة للغاية، قائلًا: إنه "إذا لم تكن هناك وحدة بشأن دعوة أوكرانيا إلى الانضمام، فإن من المهم أن تكون هناك إرادة سياسية لإيجاد الصياغة المناسبة" لدعوة بلاده.

وشدد الرئيس الأوكراني إلى أنه من الضروري توجيه رسالة بأن الناتو لا يخشى روسيا.

وكانت مصادر صحافية غربية قد كشفت، قبل انعقاد القمة، أن زيلينسكي ربما لن يحضر القمة بشكل شخصي، إذا لم تكن هناك "إشارات واضحة أو قرارات شجاعة"، وربما يكتفي بالتحدث عبر الفيديو كموقف يعبر عن خيبة أمله من مسألة العضوية في الحلف.

وتسارعت في الساعات الأخيرة مساع دبلوماسية لتليين الموقف الأمريكي على وجه التحديد، بشأن مستقبل علاقة كييف بالحلف، حيث تتمسك واشنطن وبرلين بموقف سلبي من انضمام أوكرانيا للحلف أثناء الحرب، باعتبار أن ذلك يمكن أن يستفز الكرملين.

وفي هذا الإطار، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال لقاء مع شبكة "CNN"، أن عضوية أوكرانيا في حلف "الناتو" لن تكون قبل نهاية الحرب، واعترف الرئيس الأمريكي، أن "قبول أوكرانيا الآن، بالنظر إلى التزام حلف الناتو بالدفاع الجماعي، من شأنه أن يؤكد أننا في حالة حرب مع روسيا"، وهذه حجة طرحها الرئيس الأمريكي منذ 15 شهرًا.

بالمقابل، فإن الموقف الأوكراني يلقى دعمًا داخل الحلف من دول البلطيق، ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا، ودول اسكندنافية، وبولندا، ومؤخرًا تركيا.

لا يزال الخلاف مستمر بين دول الحلف حول انضمام أوكرانيا

خطة عمل العضوية

هذا، وأعلن مسؤول غربي، أمس الإثنين، أن حلف الناتو سيزيل عائقًا أساسيًا أمام عضوية أوكرانيا في الحلف، وقال المسؤول لوكالة "فرانس برس"، إن "اجتماع الحلفاء في ليتوانيا، سيتخلى عن مطلب خطة عمل العضوية اللازمة لترشيح أوكرانيا"، وأضاف أن "الحلفاء سيتخذون هذه الخطوة كمؤشر على أن أوكرانيا أحرزت تقدّمًا في طريقها نحو عضوية حلف شمال الأطلسي".

وتحدد "خطة عمل العضوية" لائحة إصلاحات مطلوبة للدول التي تسعى إلى الانضمام إلى حلف الناتو. لكن المسؤول الغربي حذر من أن هذه الخطة "هي مجرد واحدة من الخطوات في عملية الانضمام إلى الحلف"، موضحًا أنه "حتى مع شطبها سيبقى على أوكرانيا أن تستكمل إصلاحات إضافية قبل انضمامها إلى الحلف".

الموقف من الصين

هذا، وتشهد القمة مشاركة رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، الذي سيلقي إحدى كلمات الافتتاح، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد بين الدول الأعضاء في الحلف لتكثيف حوارهم مع دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

ونشر الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ، مقال رأي، أمس الإثنين، في مجلة "Foreign Affairs"، يتطرق فيه إلى الموقف الصيني من الحرب في أوكرانيا، قائلًا: "الصين، على وجه الخصوص، تراقب لترى الثمن الذي تدفعه روسيا، أو المكافأة التي تتلقاها، مقابل عدوانها على أوكرانيا"، وأضاف أن "القادة في كوريا الجنوبية، واليابان، كانوا قلقين بشكل واضح من أن ما يحدث في أوروبا اليوم، يمكن أن يحدث في آسيا غدًا".

يعتبر ستولتنبرغ ما يحدث في آسيا مهم لأوروبا، وما يحدث في أوروبا مهم لآسيا

ولم يأتي ستولتنبرغ على ذكر اسم تايوان، ومع ذلك، فإن احتمال نشوب صراع بين الصين والجزيرة يبقى قائمًا، حيث تعتبرها بكين جزءًا من أراضيها، هو ما يدفع حلف الناتو إلى التواجد في المنطقة.

وفي العام الماضي، وخلال قمة مدريد، التي عُقدت بعد أشهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، تحدث حلف الناتو، بأن وجود الصين، إلى جانب روسيا، يشكل تهديدًا منهجيًا لمصالح الدول الأعضاء في الحلف.

وفي قمة فيلنيوس، سيحاول القادة من منطقة آسيا والمحيط الهادئ عرض القضية على أعضاء حلف الناتو، وكما قال ستولتنبرغ في حزيران/يونيو الماضي: "ما يحدث في آسيا مهم لأوروبا، وما يحدث في أوروبا مهم لآسيا".

من

الانقسام حول الموقف الصين

في المقابل، تشير تحليلات إلى أن بصمة الصين داخل أراضي دول أعضاء حلف الناتو، أصبح من الصعب تجاهلها، وتقول الباحثة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، ميا نوينز: إن "المشاركة المتزايدة للتحالف مع الشركاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لا تتعلق فقط بالنظر إلى الشرق"، وتابعت "الصين تتوسع عسكريًا غربًا"، مشيرة إلى أن البحرية الصينية أجرت تدريبات بالذخيرة الحية في البحر الأبيض المتوسط.

ومع تزايد القلق بشأن استعداء الصين، التي تتهم حلف الناتو بـ "التوسع باتجاه الشرق"، يعني أن الوضع سيظل مشحونًا، خاصةً مع الانقسام الحاصل في دول الحلف، حول كيفية التعامل مع الصين، ففي أيار/ مايو الماضي، قال وزير الخارجية المجري، إن "التعاون مع الصين يوفر فرصًا، لا المخاطر".

أعلن مسؤول غربي، أمس الإثنين، أن حلف الناتو سيزيل عائقًا أساسيًا أمام عضوية أوكرانيا في الحلف

وخلال القمة، من المتوقع أن يؤجل الأعضاء اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان ينبغي لحلف الناتو فتح مكتب اتصال في طوكيو أم لا، بعد أن أوضحت فرنسا أنها تعارض هذه الخطط، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، إن "توسيع رقعة حضور الحلف في المحيطين الهندي والهادئ سيكون خطأ كبيرًا"، في حين وصفت الصين، الخطط بأنها محاولة "لتدمير السلام والاستقرار الإقليميين".