07-ديسمبر-2023
إرتكب طرفي الصراع في السودان جرائم ضد الإنسانية (GETTY)

ارتكب طرفي الصراع في السودان جرائم ضد الإنسانية (GETTY)

في غياب أي أفق للحل في السودان، ومع استمرار المعارك وتوسع نطاقها، تتوارد التقارير عن انتهاكات خطيرة تجري في مختلف مدن السودان من قبل طرفي الصراع.

وفي هذا الإطار، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا، حملت فيه الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المسؤولية عن ارتكاب جرائم حرب. وتوصلت الخارجية الأمريكية إلى أن قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها، مارست التطهير العرقي. إذ لفت البيان إلى ضلوعهم في "ترويع النساء والفتيات من خلال العنف الجنسي، أو مهاجمتهن في منازلهن، أو اختطافهن من الشوارع، أو استهداف أولئك الذين يحاولون الفرار إلى بر الأمان عبر الحدود".

وأشار البيان: إلى أن "أصداء الإبادة الجماعية التي بدأت منذ ما يقرب من 20عامًا في دارفور، شهدت انفجارًا في العنف المستهدف ضد بعض مجتمعات الناجين نفسها".

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا، حملت فيه كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المسؤولية عن ارتكاب جرائم حرب

واتهم البيان، قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها بمطاردة المدنيين من قبيلة "المساليت" الذين قالت: إنهم "تركوا ليموتوا في الشوارع، وأضرمت النيران في منازلهم، وقيل لهم إنه لا يوجد مكان لهم في السودان".

هذا، وأكد البيان أن واشنطن تكثف الضغط على طرفي الصراع لإنهاء القتال الذي تسبب في كارثة إنسانية. داعيةً الطرفين إلى "وقف هذا الصراع فورًا والامتثال إلى التزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان ومحاسبة المسؤولين عن الفظائع".

وبحسب الخارجية الأمريكية، جاء البيان "نتيجة لتحليلات قانونية مفصلة بقيادة وزارة الخارجية الأمريكية"، لكنه لا يتضمن تلقائيًا إجراءات عقابية، وبالتالي ليس له تأثيرات فورية على طرفي الصراع.

يشار إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية، فرضت الإثنين الماضي، عقوبات على 3 مسؤولين سودانيين سابقين لدورهم في تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان.

وذكر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للوزارة أن "العقوبات فرضت بموجب أمر تنفيذي أمريكي يفرض عقوبات على الأشخاص الذين يزعزعون استقرار السودان ويقوضون الديمقراطية". وأشارت الوزارة إلى أن الأشخاص الثلاثة المعنيين هم: طه عثمان أحمد الحسين، وصلاح قوش، ومحمد عطا المولى عباس، وجميعهم من نظام عمر البشير المعزول.

على الصعيد الميداني، واصلت قوات الدعم السريع تقدمها في إقليم كردفان في وسط وجنوب البلاد، وهي المناطق التي تفصل بين العاصمة الخرطوم عن إقليم دارفور، الذي أصبحت تسيطر عليه قوات الدعم السريع بالكامل باستثناء ولاية شمال دارفور، ليتمدد حجم سيطرتها ليصل إلى حوالي نصف مساحة السودان.

وتشهد 4 من 5 ولايات في إقليم دارفور، وهي شمال وجنوب ووسط وغرب دارفور، اشتباكات دامية بين الجيش والدعم السريع، خلفت مئات القتلى، كما فرّ آلاف المدنيين إلى تشاد، ونزح آخرون إلى ولايات بعيدة.

وأحرزت قوات الدعم السريع تقدمًا كبيرًا في جنوب وغرب دارفور، بعد انسحابات كبيرة للجيش السوداني، وانهيار حاميته العسكرية هناك.

وخلال الشهر الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها التامة على قيادة المنطقة الغربية من دارفور، بعد سقوط مدينة نيالا التي تتمركز بها الفرقة "16 مشاة"، التي حاصرتها من كل الجهات، بعد معارك دامية استمرت لأكثر من شهر.

وتمتلك نيالا موقعًا استراتيجيًا مهمًا، فهي من حيث الكثافة السكانية تعد الثانية بعد العاصمة الخرطوم، إذ يقدر عدد سكانها بـ3.4 مليون نسمة، وتعتبر نقطة ربط للطرق البرية بين مدن السودان شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، كما تقع على الحدود مع كل من دولة جنوب السودان وأفريقيا الوسطى وتشاد.

وبعد سقوط نيالا وقبلها زالنجي في وسط دارفور، والجنينة في الغرب، لم يتبقَّ في إقليم دارفور سوى ولاية شمال دارفور وعاصمتها الفاشر التي لا تزال خارج مناطق سيطرة الدعم السريع، والتي توجد فيها الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، التي أعلنت حيادها من الاقتتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إلا أنها أصدرت تهديدات للدعم السريع بعد حصاره لمدينة الفاشر، مؤكدةً أنها ستنحاز إلى جانب الجيش السوداني في حال وصلت المعارك لمناطقهم.

في حين أن حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم كانتا قد أعلنتا الخروج عن حالة الحياد في الصراع الحالي، وقتالهما بجانب الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع التي تتهمه والميليشيات المتحالفة معه، بارتكاب انتهاكات ترقى لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في دارفور خلال الفترة الماضية.

وخلال مؤتمر صحفي عقده قائدي الفصيلين في مدينة بورتسودان شرقي البلاد، شرح فيه موقفهما بالانحياز إلى الجيش، لاستهداف الدعم السريع المدنيين ونهب الممتلكات، كما تحدثا عن أيادٍ خارجية تشارك في هذا القتال، تهدف لتنفيذ أجندة تصب باتجاه تفتيت وتقسيم السودان.

خلال الشهر الماضي، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها التامة على قيادة المنطقة الغربية من دارفور، بعد سقوط مدينة نيالا التي تتمركز بها الفرقة "16 مشاة " التي حاصرتها من كل الجهات، بعد معارك دامية استمرت لأكثر من شهر

وتعد حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان جزءًا من القوة المشتركة لحماية المدنيين، التي جرى تشكيلها في أواخر نيسان/أبريل الماضي، بعد نحو أسبوعين من اندلاع المعارك في السودان، لتتولى مهام تأمين وصول المساعدات عبر الطرق البرية وحماية المدنيين، خاصة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

ومنذ اندلاع القتال في السودان، قدرت منظمات تعنى بالصراعات المسلحة وأحداثها، سقوط أكثر من 10 آلاف قتيل، كما تسببت الحرب بنزوح نحو 6 ملايين شخص داخل البلاد، أو إلى دول مجاورة، بحسب تقارير للأمم المتحدة التي حذرت من أن الحرب في السودان هي على حافة "الشر المطلق".