13-سبتمبر-2023
gettyimages

يتصاعد الصراع الدموي في دارفور، مع استمرار خسارة الأرواح بين المدنيين (Getty)

دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى فتح تحقيق "فوري ومستقل" بشأن التقارير حول الغارة الجوية التي استهدفت سوق في الخرطوم، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، صباح الأحد.

واعتبر المرصد أن الهجوم، قد يرقى لـ"جريمة حرب"، مشددًا على منع الجناة من الإفلات من العقاب، بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

ذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحفي، أن الادعاءات تشير إلى قيام طائرات حربية، باستهداف سوق "قورو" الشعبي في حي مايو جنوبي العاصمة الخرطوم، في حوالي الساعة السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي

وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحفي، أن الادعاءات تشير إلى قيام طائرات حربية، باستهداف سوق "قورو" الشعبي في حي مايو جنوبي العاصمة الخرطوم، في حوالي الساعة السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي، ما أدى إلى مقتل نحو 40 شخصًا، وإصابة آخرين، بحسب "غرفة طوارئ جنوب الحزام".

من المسؤول؟

وبحسب المرصد، في الوقت الحالي لا يمكن التحقق بشكل قاطع عن المسؤول المباشر من طرفي النزاع في السودان عن هذا الهجوم، على الرغم من نشر حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، مقربة من الجيش السوداني، منشورات تبرّر الهجوم، وتزعم أن السوق المستهدف كان مقصدًا لتجارة الممتلكات التي نُهبت من منازل السودانيين الذين فرّوا بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مناطقهم.

وأكد بيان المرصد، أن "لا ضرورة حربية" تُجيز استهداف المدنيين على هذا النحو، والتسبب بخسائر بشرية فادحة، حتى في حال كان "السوق مكانًا لتجارة الممتلكات المنهوبة، ويرتاده عناصر من قوات الدعم السريع، فإنّ ذلك لا يبرر بالمطلق استهدافه، إذ لم يتم عسكرته وما يزال يحافظ على طبيعته المدنية، وبالتالي لا يمكن جعله هدفًا مشروعًا، أو شرعنة مهاجمته".

اتهامات أطراف الصراع

بدوره، قال مدير المكتب الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي في لبنان محمد المغبط: "على مدار خمسة أشهر من النزاع في السودان، لم ينفك طرفا النزاع عن ترويج احترامهما لمبادئ القانون الدولي الإنساني، لكنّ الوقائع على الأرض سرعان ما تكشف زيف هذه الادعاءات، مع استمرار سقوط ضحايا من المدنيين على نحو يومي". 

وأضاف: "ما يثير القلق حقًا هو أنّ طرفي النزاع في السودان لم يواجها حتى الآن ضغوطًا دولية جادّة وحازمة لوقف القتال أو تحييد المدنيين عن العمليات العسكرية، ما أسهم على الأرجح في تحفيزهما على مواصلة القتال واستمرار تجاهل قواعد القانون الدولي الإنساني التي تُوجب حماية المدنيين".

50 شخصًا يقتلون يوميًا

وكشف المرصد، أنه منذ اندلاع القتال في ‎السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قُتل نحو 7500 شخصًا، بمعدل نحو  50 شخصًا في اليوم، وأصيب الآلاف، بينما اضطر أكثر من 4.5 مليون شخص إلى الفرار من ديارهم، بينهم 3.6 مليون نزحوا داخليًا.

وبسبب استمرار القتال وتعطل العمليات الإنسانية للمنظمات الإغاثية، توفي منذ بدء النزاع 498 طفلًا سودانيًا بسبب الجوع، وفق منظمة "أنقذوا الأطفال"، التي قالت إنها اضطرت إلى إغلاق 57 من مرافق التغذية التابعة لها، في حين تعاني المرافق الـ108 التي ما تزال الوكالة تعمل فيها من نقص خطير في مخزونات الأغذية العلاجية.

اتهامات متبادلة

من جهتها، اتهمت قوات الدعم السريع، الجيش السوداني بالمسؤولية عن الهجوم الذي استهدف حي مايو جنوب الخرطوم، وأدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح.

ونفى الناطق باسم الجيش السوداني، المعلومات عن تورط الجيش في هذا القصف، وقال في بيان: "روج اليوم إعلام المليشيا المتمردة كعادته ادعاءات مضللة وكاذبة تفيد بتوجيه القوات المسلحة لضربة استهدفت مدنيين بمنطقة مايو".

إلى ذلك، نددت الأمم المتحدة بالقصف  الذي تعرض له سوق "قورو" الشعبي ، الذي خلف عشرات القتلى الأحد الماضي، في حين أكدت المنظمة الدولية مقتل المئات بولاية غرب دارفور.

وقالت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالسودان كليمنتاين سلامي، إن الهجمات العشوائية على المناطق السكنية في الخرطوم غير مقبولة على الإطلاق وتنتهك القانون الإنساني الدولي.

وكتبت سلامي منشورًا  على منصة إكس (تويتر سابقًا)، جاء فيه: أن "الهجوم الذي أدى لمقتل وجرح العشرات بأحد الأسواق الشعبية في الخرطوم الأحد، ليس إلا أحدث مثال على الفظائع اليومية التي يواجهها المدنيون بالسودان".

وكانت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، قد أعلنت في بيان أن عدد ضحايا القصف على سوق "قورو" قد ارتفع إلى 43 قتيلًا والمصابين إلى 55.

وأشار البيان إلى أن آلة الحرب تواصل حصد أرواح المدنيين، وتدمير ممتلكاتهم، ومؤسساتهم وحياتهم العامة.

هجمات عرقية في دارفور

في سياق متصل، قال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، خلال كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، أمس  الثلاثاء، أن "الهجمات ذات الدوافع العرقية التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والمليشيات العربية المتحالفة معها، أدت إلى مقتل مئات المدنيين غير العرب، معظمهم من مجتمعات المساليت بولاية غرب دارفور". 

وأضاف تورك، أن "مثل هذه التطورات تعكس صدى ماض مروع يجب ألا يتكرر"، في إشارة إلى الصراع الدموي الذي شهده إقليم  دارفور بين عامي 2003 و2008.

حسب المرصد، في الوقت الحالي لا يمكن التحقق بشكل قاطع عن المسؤول المباشر من طرفي النزاع في السودان عن هذا الهجوم، على الرغم من نشر حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، مقربة من الجيش السوداني، منشورات تبرّر الهجوم

وشدد المسؤول الأممي، أن الوقت حان "لتحديد مرتكبي هذه الانتهاكات الجسيمة والتحقيق معهم ومحاسبتهم"، وأضاف "لقد حان الوقت لكسر دائرة الإفلات من العقاب. لقد كان الفشل في محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات الماضية مساهمًا رئيسيًا في عدم الاستقرار المستمر منذ عقود في السودان، وقد أدى في نهاية المطاف إلى تأجيج الأعمال العدائية الحالية".

وشدد تورك، على الحاجة إلى "إرادة سياسية منسقة، ومشاركة وتعاون من جانب أصحاب النفوذ في المجتمع الدولي لوضع حد لهذه المأساة".