12-ديسمبر-2023
البحث عن صورة نصر في غزة

خلال كل حروبها غير المحسومة كانت إسرائيل تبحث عن صورة للنصر (Getty)

ضمن بحثه عن صورة "نصر" في قطاع غزة، يدير جيش الاحتلال الإسرائيلي قناة على تطبيق "تليغرام"، يعرض فيها مجموعة من الصور للشهداء والأسرى من قطاع غزة، وبعضها تحتوي على صورة للأشلاء أو تمثيل بجثث الشهداء، وكلها موجهة للجمهور الإسرائيلي، في خطوة غير معتادة، ولكنها تكررت عدة مرات في الأعوام الأخيرة، ضمن الفشل الإسرائيلي في إنتاج صورة لـ"النصر".

ويتحدث الكاتب الإسرائيلي أنشيل فيفر، عن معضلة إسرائيلية تاريخية لإنتاج صورة "النصر"، قائلًا: "في القائمة الطويلة من العناصر التي لا تزال إسرائيل تدفع ثمنها منذ 56 عامًا بعد انتصارها الخاطف في حرب الأيام الستة، هناك الحاجة الماسة إلى ’صورة النصر’. لم يكن معظم الإسرائيليين قد ولدوا حتى عندما طبع الناشرون بسرعة ألبومات النصر الأكثر مبيعًا في تلك الحرب، لكن الصور لا تزال حية".

يتحدث الكاتب الإسرائيلي أنشيل فيفر، عن معضلة إسرائيلية تاريخية لإنتاج صورة "النصر"

وأضاف: "بعد ست سنوات، بعد حرب يوم الغفران، لم تكن هناك ألبومات انتصار، بل فقط قوائم طويلة من الضحايا والاتهامات المتبادلة. وكتب المؤرخ العسكري عميرام إزوف، الذي ألف سلسلة من الكتب عن الحرب، أن الرغبة في الحصول على صورة النصر النهائي كانت وراء قرار إرسال جنود إسرائيليين إلى مدينة السويس، وهو القرار الذي كلف حياة 80 جنديًا. وإذا كان هناك أي شيء، فقد أدى ذلك إلى زيادة الرغبة غير المتبادلة في الحصول على صورة نصر أخرى".

واستمر بالحديث عن "الهوس" الإسرائيلي في صورة "النصر"، بالقول: "على مدى العقود التالية، دارت الحروب في لبنان وغزة، والانتفاضات، ضد منظمات كانت مختبئة عن الأنظار، إلى حد كبير في المناطق الحضرية - وهو ليس المكان المثالي لصورة النصر. في حرب لبنان الثانية، اقترح ضابط شاب في وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بشكل نصف جدي، تصنيع تمثال لزعيم حزب الله حسن نصر الله، ثم وضعه في وسط قرية لبنانية وتفجيره من أجل صورة النصر".

ويشير فيفر، إلى أن "ما فشل الإسرائيليون في فهمه هو أن عصر صور النصر كان قد انتهى، وليس فقط بالنسبة لإسرائيل".

وتابع فيفر: "عندما يكون لديك الكثير من الكاميرات في ساحة المعركة، يعتقد الجميع أنهم يلتقطون صورة النصر النهائي. لكن هذه الصور، التي تم التقاطها بشكل مخالف للقواعد -حيث يمنع الجيش الإسرائيلي الجنود من استخدام هواتفهم المحمولة داخل غزة، رغم أنه من الواضح أن العديد منهم يفعلون ذلك- لها طريقتها في الانحراف". مضيفًا: "في الأسبوع الماضي، ظن أحدهم أن لديه صورة النصر المثالية: عشرات الرجال الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم في غزة وتجريدهم من ملابسهم. وقد تم تسريب الصور إلى المراسلين الإسرائيليين اليمينيين، الذين قدموها بلا هوادة على أنها صور انتصار على حماس (على الرغم من أن عددًا قليلًا منهم فقط تم احتجازهم كمشتبه بهم بعد الاستجواب الأولي). لكن ذلك لم يمنع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، من محاولة التمسك بسرد الاستسلامات الجماعية في إيجازه اليومي. وفي وقت لاحق فقط ادعى الجيش الإسرائيلي أن هذه الصور لم تكن مرخصة رسميًا".

وهذه الجهود لم تبتعد عن الجيش الإسرائيلي نفسه، إذ قال: "صورة انتصار أخرى، تلك التي صنعها الجيش الإسرائيلي عمدًا، كانت صورة إضاءة أضواء الحانوكا في ميدان فلسطين بمدينة غزة، حيث ادعى ضابط كبير أنه قبل أسبوعين فقط قدمت حماس عرضًا كبيرًا للرهائن الإسرائيليين في المكان. وكانت المشكلة، كما أشار آفي شارف من صحيفة هآرتس من خلال تحديد الموقع الجغرافي، هي أن هناك ساحة فلسطين أخرى في غزة وأن حماس سلمت الرهائن هناك".

صورة نصر فوق الدمار والأشلاء

ويوجز فكرته، بالقول: "في نهاية المطاف، مهما حاولت الجيوش صنع صورة النصر المثالية، فسوف يحكم عليها التاريخ دائمًا. وفي نيسان/أبريل 2003، ظن الجيش الأمريكي أن لديه صورة النصر عندما أسقطت دبابة إم-1 أبرامز تمثالًا لصدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد. وبعد بضعة أيام، أنتجت البحرية الأمريكية صورة "تم إنجاز المهمة" للرئيس جورج دبليو بوش أثناء هبوطه على حاملة الطائرات يو إس إس أبراهام لنكولن. ويُنظر الآن إلى كلتا الصورتين على أنهما تذكير مرير بالغطرسة الأمريكية والاستراتيجية المعيبة".

ويختم مقاله، بالقول: "من غير المرجح أن يكون لدى الجيش الإسرائيلي صورة النصر من تحت أنقاض غزة".

الجيش يبحث عن صورة "نصره"

كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن أن دائرة التأثير في مديرية العمليات في الجيش الإسرائيلي، المسؤولة عن "عمليات الحرب النفسية ضد العدو والجماهير الأجنبية"، تدير قناة على منصة تليغرام تسمى "72 عذراء – غير خاضعة للرقابة"، والتي تستهدف الجمهور الإسرائيلي، وتظهر جثث الشهداء في غزة.

ووفق الصحيفة الإسرائيلية، تتفاخر القناة بـ"المحتوى الحصري من قطاع غزة"، ومنذ بداية العدوان نشرت أكثر من 700 مشاركة تتضمن مجموعة من الصور والمقاطع المصورة، لجثث الشهداء والاعتقالات ومشاهد الدمار من غزة.

وينفي الجيش الإسرائيلي أنه يدير القناة، لكن مسؤولًا عسكريًا كبيرًا، أكد لصحيفة "هآرتس" أن الجيش مسؤول عن تشغيلها.

وتم إنشاء القناة في 9 تشرين الأول/أكتوبر، بعد يومين من بدء الحرب، باسم "المنتقمون". وفي اليوم التالي تم تغيير الاسم إلى "عزازيل"، في دمج للنطق العربي لكلمة "غزة والجحيم".

كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن أن دائرة التأثير في مديرية العمليات في الجيش الإسرائيلي، المسؤولة عن "عمليات الحرب النفسية ضد العدو والجماهير الأجنبية"، تدير قناة على منصة تليغرام تستهدف الجمهور الإسرائيلي، وتظهر جثث الشهداء في غزة

وتنشر القناة مقاطع فيديو يكتب عليها "لن تصدق مقطع الفيديو الذي حصلنا عليه! يمكنك سماع صوت طحن عظامهم. سنقوم بتحميله على الفور، استعدوا".

وتضيف "هآرتس"، ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن عملية حرب نفسية يقوم بها الجيش الإسرائيلي تستهدف جمهورًا إسرائيليًا. إذ كشف عن قيام الجيش بحملة في عام 2021، قامت عليها وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بـ"هدف زيادة المعرفة بهجمات الجيش الإسرائيلي و’كلفتها’ على الفلسطينيين". واحتوت الصور المنشورة عبر سلسلة من الحسابات الوهمية على صور الدمار من غزة، وكتب عليها مرةً: "حتى يعرفوا أننا ننتقم بشكل كبير".