14-مايو-2024
نقاش السيطرة على معبر رفح

(Getty) تتسبب السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح في توتر بين القاهرة وتل أبيب

يتصدر العدوان الإسرائيلي على مدينة رفح، النقاشات والتصريحات العالمية، ورغم توجه الاحتلال إلى تقدم تدريجي في رفح، إلّا أنّ خطوته الأبرز كانت السيطرة على معبر رفح، الذي قد يكون "التحول" الأساسي من قبل دولة الاحتلال في الحرب، من خلال الاعتماد عليه كمدخل لـ"اليوم التالي" واستمرار احتلال غزة "دون حضور واضح أو بشكلٍ غير مباشر".

وحول معبر رفح، أكد مصدر فلسطيني مسؤول لـ"الترا فلسطين"، يوم الإثنين، أن الولايات المتحدة الأميركية طلبت من السلطة الفلسطينية في رام الله السيطرة على معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر، وذلك "بناءً على رغبة إسرائيلية"، غير أنّها رفضت الطلب الذي لا يأتي "ضمن حل سياسي كامل".

مصدر لـ"الترا فلسطين": واشنطن طلبت من السلطة الفلسطينية في رام الله السيطرة على معبر رفح، "بناءً على رغبة إسرائيلية"، لكنها رفضت الطلب الذي لا يأتي "ضمن حل سياسي"

وأوضح المصدر الفلسطيني، أنّه تم بالفعل نقل هذا الطلب إلى القيادة الفلسطينية عبر القنوات الأمنية والسياسية الأميركية، بالتوازي مع "تدخّل بريطاني" في هذا الاتجاه، يوم الجمعة الماضي.

وحول الدّافع من وراء الطلب الأميركي من السلطة بخصوص تسلم معبر رفح، قال المسؤول الفلسطيني لـ"الترا فلسطين" إنّ هناك ضغطًا دوليًا على إسرائيل لفتح معبر رفح، وكان هناك تفكير إسرائيلي بنقل معبر رفح إلى معبر كرم أبو سالم، لكن أمام الرفض الأميركي والمصري، فشلت الخطة الإسرائيلية.

وأضاف: "بما أنّ إسرائيل لا تريد إدارة معبر رفح، فقد عرضت إدارته على القيادة الفلسطينية التي رفضت بدورها هذا الأمر، لأنه لا يأتي في سياق حل سياسي كامل". 

وبحسب موقع "أكسيوس" الأميركي، فإن إسرائيل اقترحت على السلطة الفلسطينية إرسال ممثلين إلى معبر رفح الأسبوع الماضي للمشاركة في تشغيله، ولكن ليس بصفة رسمية.

وجاء الاقتراح الإسرائيلي في أعقاب إغلاق معبر رفح بعد اقتحام جيش الاحتلال له، يوم الإثنين الماضي. ومنذ الإغلاق، أوقفت مصر نقل شاحنات المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم. مشيرةً إلى أنها ستستأنف السماح بمرور الشاحنات بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من معبر رفح.

وأبلغ مدير الشاباك الإسرائيلي رونين بار نظيره المصري عباس كامل أن إسرائيل تريد إعادة فتح معبر رفح، لكن عودة حماس للسيطرة على "المنطقة أمر غير مقبول"، وفق تعبيره.

قال مسؤول إسرائيلي إن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يوم الأحد، أن إسرائيل منفتحة على العديد من الحلول لـ"معبر رفح باستثناء عودة حماس".

وصرح مسؤولون إسرائيليون كبار لـ"أكسيوس" أنهم خططوا لمحاولة جلب عناصر فلسطينية غير مرتبطة بحماس لإدارة الموقع في غضون أيام قليلة من الاستيلاء عليه.

وفي الأسبوع الماضي، اقترح رونين بار ومسؤولون إسرائيليون آخرون دمج أفراد السلطة الفلسطينية في العمليات الخاصة بمعبر رفح. وكان أحد شروط إسرائيل هو ألا يعمل الأفراد الذين يتم إرسالهم إلى المعبر كأعضاء في السلطة الفلسطينية، ولكن سيتم تعريفهم على أنهم لجنة مساعدات محلية.

وقال مسؤولون أميركيون كبار إن الشرط الإسرائيلي أثار غضب رئيس السلطة محمود عباس ومستشاريه، الذين أوضحوا للولايات المتحدة وإسرائيل أنهما لن يوافقا على العمل في معبر رفح "سرًا".

وقال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون كبار إن السلطة الفلسطينية طالبت، في إطار النقاش، وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش بالإفراج عن عائدات الضرائب الفلسطينية التي تم وقف تحويلها.

وكما نشر "الترا فلسطين"، قال مسؤولون فلسطينيون وأمريكيون كبار لـ"أكسيوس" إن مسؤولي السلطة الفلسطينية أبلغوا إسرائيل أن السيطرة على معبر رفح يجب أن تتم كجزء من صفقة أوسع توفر أيضًا مستقبلًا سياسيًا وليس لمرة واحدة تهدف فقط إلى حل الأزمة بين إسرائيل ومصر.

وقال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون كبار إن المحادثات مستمرة وأن السلطة الفلسطينية لم ترفض بشكل قاطع إمكانية إرسال ممثلين إلى معبر رفح.

وفي وقت سابق، نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية، عن مصدر في السلطة الفلسطينية، أنّ محمود عباس رفض مقترحًا أميركيًا وإسرائيليًا بالسيطرة على معبر رفح الحدوديّ مع مصر، بذريعة أنّه غير مستعدّ لإرسال رجاله إلى المعبر الحدودي مع مصر طالما القتال مستمر في قطاع غزة، وغياب أيّ فرص حقيقيّة للاتفاق على وقف إطلاق النار.

وأوضح المصدر أن المقربين من عباس، أوضحوا للأميركيين أنهم لن يتمكنوا من تولي إدارة المعبر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، طالما لا توجد "تفاهمات محلية" مع قادة حماس لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم المشكلة، ولن يؤدي إلّا إلى "الاشتباكات وسفك الدماء".

وقبل عدة أيام، تحدثت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن طرح إسرائيلي يدور عن إمكانية "تسليم معبر رفح إلى شركة أمن، قد تكون أميركية".

ماذا تريد إسرائيل؟

منذ أيام، والتوترات بين القاهرة وتل أبيب تتصاعد، نتيجة الهجوم الإسرائيلي على رفح، مما دفع مصر إلى إعلان عزمها الانضمام إلى ملف جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، ضد إسرائيل.

كما أوقفت مصر نقل شاحنات المساعدات إلى غزة، ورفضت الطلب الإسرائيلي بنقلها عبر معبر كرم أبو سالم، مع التشديد على دخولها عبر معبر رفح.

وصباح اليوم الثلاثاء، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، تقريرًا يتحدث عن إمكانية قيام مصر بخفض علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، نتيجة سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح بالتحديد.

وفي وقت سابق، قال المعلق الدبلوماسي في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تسفي بارئيل، إن إسرائيل "لا تستطيع السيطرة على معبر رفح باعتباره جيبًا معزولًا دون السيطرة على الجزء الشرقي من محور فيلادلفيا، ما لم يتم العثور على بديل متفق عليه للهيئة التي تدير المعبر. فإسرائيل، التي لا تثق بمصر في جزئية السيطرة على الحدود، وترى السيطرة على ممر فيلادلفيا بمثابة خطوة حاسمة لمنع تمرير الأسلحة إلى حماس. ولكن منذ بداية الحرب، لم يكن معبر رفح نفسه جزءًا من هذا التهديد، حيث يتم تفتيش كل شاحنة تمر عبره بعناية من قبل الجيش الإسرائيلي قبل دخولها إلى القطاع".

وأكد بارئيل على أن قضية معبر رفح، من القضايا "الإشكالية" التي تحتاج إلى حل، نظرًا للذي يترتب على هذا القضية، موضحًا: "يبدو إلى أن يتم التوصل إلى حل متفق عليه لهذه القضية، فإن إسرائيل تتوسع وتثبت مكانتها كمحتل لغزة، بكل ما يترتب على هذه المكانة من تبعات بموجب القانون الدولي".

وفي مقال آخر، استعرض بارئيل الخيارات أمام إسرائيل في مواجهة السيطرة على معبر رفح، وقال: "من أجل تأمين خطة ’اليوم التالي’ التي تشمل السلطة الفلسطينية في غزة، يجب على إسرائيل أن تأخذ المفاتيح من بتسلئيل سموتريتش، باعتباره يوقف حاليًا أموال المقاصة ويضغط على السلطة، وتواجه التغيير السياسي الضروري. من أجل إتاحة وجود السلطة ضمن ترتيب ما على المعبر".

والمقترحات الإسرائيلية، تأتي في ظل حديث قيادات في جيش الاحتلال عن أن انعدام "خطة سياسية في غزة، يساهم في تبديد أي إنجاز عسكري، وهو ما يظهر من خلال عودة جيش الاحتلال إلى اقتحام مناطق شمال القطاع". وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قدّم المسؤول عن السياسات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي استقالته، احتجاجًا على فشل المستوى السياسي في "إيجاد بدائل لحكم حركة حماس في قطاع غزة".

وتسعى إسرائيل، عبر نقل السيطرة على معبر رفح، إلى جهة فلسطينية أو دولية، التخلص من "عبء" المعبر الحدودي، الذي ينطوي على توصيفات قانونية تعني احتلال غزة المباشر، بالإضافة إلى تحمل مسؤولية كاملة ومباشرة وسريعة عن منع وصول أي إمدادات إلى قطاع غزة، في ظل الحديث المستمر عن ملف تل أبيب المفتوح أمام محكمة العدل الدولية، بفضل جهود جنوب أفريقيا، وإمكانية تطوره إلى المحكمة الجنائية الدولية.

قال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون كبار إن المحادثات مستمرة وأن السلطة الفلسطينية لم ترفض بشكل قاطع إمكانية إرسال ممثلين إلى معبر رفح

إلى جانب ما سبق، فإن هذه الطريقة من السيطرة على المعبر الحدودي، أي نقله إلى طرف آخر، تعني استمرار الهيمنة عليه، دون تبعات واضحة على العلاقة مع مصر، التي يتصاعد التوتر داخلها، رغم عدم وصول التوتر إلى مرحلة القطيعة.

يضاف إلى ذلك، أن هذه العملية، ستكون مدخلًا إسرائيليًا إلى ما يعرف بـ"اليوم التالي"، وقد تكون الخطة الأولى الواضحة فيه، كما أنها تكشف عن "تراجع" محدود في الموقف الإسرائيلي لناحية قبول إسرائيل، وجود السلطة الفلسطينية في غزة، رغم رفض نتنياهو المطلق لذلك، إلّا أنّه يتوافق مع التصور الأميركي، وقد تكون بادرة إلى تقليل مستوى "الخلاف" بين بايدن ونتنياهو.