31-يناير-2024
قتل المنازل وتدمير أحياء غزة بيت حانون والزهراء وخانيونس

(Getty) يقدر أن ما بين 142,900 و176,900 مبنى في قطاع غزة قد تضرر حتى 17 يناير/كانون الثاني

كشف تحقيق بصري نفّذته صحيفة "الغارديان" البريطانية تفاصيل الدمار الشامل الذي تعرض له قطاع غزة، نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع المحاصر.

وبحث التحقيق، في ثلاثة مناطق في قطاع غزة، وهي بيت حانون شمالًا، والزهراء والمغراقة في وسط القطاع، وخانيونس جنوبًا.

وقالت الصحيفة البريطانية: "لقد سُويت مباني بأكملها بالأرض، وحقول بالأرض، ومحيت أماكن العبادة من الخريطة. لم يجبر الدمار 1.9 مليون شخص على مغادرة منازلهم فحسب، بل جعل من المستحيل على الكثيرين العودة". 

في غزة، سُويت مباني بأكملها بالأرض، وحقول بالأرض، ومحيت أماكن العبادة من الخريطة. لم يجبر الدمار 1.9 مليون شخص على مغادرة منازلهم فحسب، بل جعل من المستحيل على الكثيرين العودة

ما سبق، دفع الخبراء إلى وصف ما يحدث في غزة بأنه "قتل منزل"، أي التدمير المتعمد والواسع النطاق للمنازل لجعلها غير صالح للسكن، مما يمنع عودة النازحين.

وفي تحليل نفذ حتى 17 كانون الثاني/يناير، يكشف تحليل بيانات الأقمار الصناعية الذي أجراه كوري شير من جامعة نيويورك وجامون فان دن هوك من جامعة ولاية أوريغون، أن ما بين 50 % إلى 62 % من جميع المباني في غزة تضررت أو دمرت.

بيت حانون

كانت بيت حانون، وهي مدينة تقع في شمال شرق غزة وتحيط بها الأراضي الزراعية، موطنًا لحوالي 50 ألف شخص في عام 2017. وأعلن الجيش الإسرائيلي السيطرة الكاملة على المنطقة في كانون الأول/ديسمبر.

وبحسب التحقيق، تم محو مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وهو ما يمكن رؤيته في صور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركة "بلانيت لابز" في 30 تشرين الثاني/نوفمبر. وتم تدمير معظم الدفيئات الزراعية، وتنتشر الآن مسارات جديدة للمركبات المدرعة في جميع أنحاء المنطقة. وخلص تحليل أجراه "يونوسات" في كانون الأول/ديسمبر إلى أن 39 % من الأراضي الزراعية في شمال غزة قد تضررت.

وفي بيت حانون، تم تسوية حي سكني كامل من قبل الاحتلال، يضم أكثر من 150 مبنى بالأرض. كما تم تدمير المدارس، بما في ذلك المدرسة التي تديرها الأمم المتحدة والتي فجرها جيش الاحتلال الإسرائيلي في منتصف كانون الأول/ديسمبر. وتعرض مستشفى بيت حانون لأضرار بالغة، ودمر مستشفى بلسم.

ووجد تحليل صحيفة الغارديان أن المقبرة قد تم تجريفها، وأن المساجد تضررت أو دمرت. ومن بينها مسجد أم النصر الذي يعود تاريخ أجزاء منه إلى عام 1239.

وقال عمار عزوز، زميل باحث في جامعة أكسفورد ومؤلف كتاب عن جرائم قتل المنازل، الذي تعرضت مدينته حمص في سوريا لأضرار بالغة في عام 2012: "إن تأثير جرائم قتل المنازل يتكشف مع مرور الوقت. ولا ينتشر الألم بين أولئك الذين فقدوا منازلهم في غزة فحسب، بل يمتد أيضًا إلى أولئك الذين ظلت منازلهم سليمة بسبب استهداف بنيتهم ​​التحتية الأوسع".

تدمير غزة

الزهراء والمغراقة

يُعد حي الزهراء من أغنى الأحياء الواقعة في وسط غزة، وكان يضم أبراجًا وجامعات ونحو 5000 شخص قبل الحرب.

وإلى الشمال توجد محطة كبيرة لمعالجة مياه الصرف الصحي، لكنها الآن محاطة بمسارات للمركبات المدرعة فوق الأراضي الزراعية المسطحة. وظهرت مسارات وتحصينات جديدة حفرتها القوات الإسرائيلية على شبكة قديمة من الطرق لم يعد من الممكن التعرف عليها.

وإلى الشرق، في بلدة المغراقة، لم يتبق من مبنى واحد سوى حفرة كبيرة، في حين تعرضت مبانٍ مدرسة قريبة لأضرار واضحة.

والطرق المليئة بالحفر تحيط بمستشفى الصداقة التركية الفلسطينية. فيما أبلغ المستشفى عن أضرار ناجمة عن الانفجار في غرفتين وإمدادات الأكسجين والمياه. في قلب الزهراء تقع ثلاث جامعات، معظمها متضرر ومحاط بالحفر.

ومن بينها جامعة الإسراء التي فجرتها القوات الإسرائيلية هذا الشهر، بعد استخدامها كقاعدة عسكرية.

وقد سويت أبراج برج الزهراء، التي تؤوي أكثر من 3000 شخص، بالأرض بسبب القصف الإسرائيلي.

وقال بالاكريشنان راجاجوبال، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في السكن الملائم: "إن الدمار في غزة أسوأ بكثير من حيث الحجم والشراسة والتأثير مقارنة بما حدث في أوكرانيا أو سوريا أو الصراعات الأخرى". ودعا راجاجوبال إلى الاعتراف بقتل المنازل كجريمة بموجب القانون الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2022.

وبين عامي 2013 و2016، تظهر بيانات الأمم المتحدة أن 40% من المباني في حلب تضررت خلال قصف النظام السوري على المدينة. وحتى يوم 5 كانون الثاني/يناير، أي في أقل من ثلاثة أشهر من الصراع، قال راجاجوبال إن 60% من جميع المباني قد تضررت أو دمرت في غزة.

قصف منطقة الزهراء

خانيونس

تقع خانيونس في جنوب غزة على حافة خط الإخلاء السابق في شمال غزة. كانت المدينة تعتبر في البداية منطقة آمنة، وفق مزاعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، وقد استقبلت المدنيين الفارين والمصابين عندما كانت الحرب تركز على الشمال، لكنها تعرضت للقصف بلا هوادة منذ كانون الأول/ديسمبر، بعد أن وسع الجيش الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة.

ووجد تحليل صحيفة الغارديان أن العديد من المساجد دمرت بشكل لا يمكن التعرف عليها، إلى جانب الدفيئات الزراعية والمباني السكنية المدمرة.

كما تم تدمير ملعب رياضي، إلى جانب منطقة سكنية كاملة تضم مباني سكنية وحقول زراعية. ولا تزال هناك حفر كبيرة وأنقاض حيث كانت توجد أكثر من 100 دفيئة.

وتظهر على الصيدليات ومحلات السوبر ماركت والمدارس ورياض الأطفال علامات الضرر، والطرق المليئة بالحفر تحيط بمستشفى البندر الشرقي.

أمّا في مخيم خانيونس للاجئين، الذي كان يأوي 41 ألف شخص في عام 2017، فقد تعرض لعدة ضربات وظهرت عليه علامات الأضرار.

قصف خانيونس

وقال راجاجوبال، مقرر الأمم المتحدة: "إن الإبادة الكاملة لبيت حانون وتدمير الزهراء وخانيونس، دليل على أن الاستخدام الإسرائيلي للقوة جعل الحياة مستحيلة، من خلال جعلها غير صالحة للسكن. يتم تدمير كل ما يهم لعيش حياة كريمة وآمنة، وهذا ليس قانونيًا أو مشروعًا بأي حال من الأحوال في عالم قائم على القانون".

وقال عزوز: "يُظهر التحقيق كيف تستخدم إسرائيل الهندسة المعمارية في غزة كسلاح، وتدمر مواقع التراث الثقافي للفلسطينيين والنسيج الحضري اليومي".

ويقدر أن ما بين 142,900 و176,900 مبنى في قطاع غزة قد تضرر حتى 17 يناير/كانون الثاني.