08-ديسمبر-2023
دمار غزة

تدمير أكثر من ثلث منازل غزة أثناء قصف إسرائيل للقطاع، دفع خبراء القانون الدولي إلى إثارة مفهوم ’قتل المنازل’، أي التدمير الشامل للمساكن لجعل المنطقة غير صالحة للسكن (Getty)

تواصل إسرائيل، تدميرها للحياة في قطاع غزة، إذ تقتل البشر وتدمر كل إمكانية للاستمرار بالحياة فيه، خاصةً مع حملة القصف التاريخية التي تفوق ما حصل في عدة مدن حول العالم.

وقالت صحيفة "الغارديان": "إن تدمير أكثر من ثلث منازل غزة أثناء قصف إسرائيل للقطاع، دفع خبراء القانون الدولي إلى إثارة مفهوم ’قتل المنازل’، أي التدمير الشامل للمساكن لجعل المنطقة غير صالحة للسكن".

وتشير الصحيفة البريطانية، إلى أن التدمير في غزة، وحجم الدمار الحالي، هو من نوع مختلف عن كافة الحروب السابقة.

قتل المنازل، هو مفهوم يحظى بقبول متزايد في الأوساط الأكاديمية

وأضافت: "أن قتل المنازل، وهو مفهوم يحظى بقبول متزايد في الأوساط الأكاديمية، لكنه لا يعتبر جريمة متميزة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي. وقد قدم المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في السكن تقريرًا إلى الأمم المتحدة في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، جادل فيه بأن هناك حاجة إلى ردم فجوة مهمة للغاية" في القانون.

واستمر التقرير، بالقول: "أدى تدمير المنازل في حلب خلال قمع نظام الأسد للثورة السورية، وتسوية أماكن سكن الروهينجا في ميانمار، وتدمير ماريوبول في أوكرانيا، إلى زيادة التركيز في السنوات الأخيرة على هذه القضية".

وقال مقرر الأمم المتحدة  وأستاذ القانون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في بوسطن بالاكريشنان راجاغوبال: إن "هناك فجوة في القانون الدولي، لأنه على الرغم من أن حماية منازل المدنيين مشمولة في نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بجرائم الحرب في النزاعات بين الدول، إلا أنها ليست مدرجة ضمن الجرائم ضد الإنسانية".

تدمير قطاع غزة

وأضاف: "هذا له صلة بالتدمير الشامل للمساكن في حالة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في غزة. ستقول إسرائيل إن الصراع ليس صراعًا مسلحًا دوليا لأن إسرائيل لا تعترف بفلسطين كدولة. لكن معظم الصراعات التي شهدت أكبر عدد من الوفيات منذ الحرب العالمية الثانية كانت صراعات مسلحة غير دولية، وكان الصراع بين روسيا وأوكرانيا استثناءً وليس القاعدة".

وأشار إلى أن "فجوة مماثلة فيما يتعلق بالمجاعة قد تم سدها للتو. وقد أدرج نظام روما الأساسي التجويع باعتباره جريمة حرب وليس جريمة ضد الإنسانية". وضغطت سويسرا من أجل تعديل النظام الأساسي لجعل التجويع جريمة ضد الإنسانية، وهو التغيير الذي تم تنفيذه أخيرا في عام 2022.

وقال راجاغوبال: "أود أن أناشد هذه الدول التي تعارض ما يحدث في غزة، مثل جنوب أفريقيا وإسبانيا، أن تفعل بالضبط ما فعلته فيما يتعلق بالمجاعة لمعالجة فجوة الحماية والتأكد من الدمار الشامل للمساكن في غزة، يمكن المحاكمة عليه".

وأضاف أنه على "أساس الحقائق والتصريحات التي أدلى بها القادة الإسرائيليون، فإنه يعتقد أن الغرض من الدمار بهذا الحجم لم يكن مجرد القضاء على حماس، بل جعل غزة غير صالحة للسكن".

قصف على غزة

ووفق تحليلات الأقمار الصناعية، فقد تضرر 98,000 مبنى، حتى 29 تشرين الثاني/نوفمبر، وهو تاريخ بداية وقف إطلاق النار المؤقت. واستندت النتائج إلى تحليل بيانات القمر الصناعي كوبرنيكوس سينتينل-1 لوكالة الفضاء الأوروبية التي أجراها كوري شير من جامعة مدينة نيويورك وجامون فان دن هوك من جامعة ولاية أوريغون.

وأظهرت الصور التي تتحرك من الشمال إلى الجنوب أن الأضرار بلغت 47% إلى 59% بين 7 تشرين الأول/أكتوبر و22 تشرين الثاني/نوفمبر في شمال غزة، و47-58% في مدينة غزة، و11-16% في دير البلح، و10-15% في خان يونس و10-15% في خان يونس. 7-11% في رفح المنطقة الأقرب للحدود مع مصر.

وأشار هيو لوفات، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إلى أن إسرائيل "تدمر بشكل متعمد ومنهجي المؤسسات المدنية والبنية التحتية التي ستكون ضرورية لحكم غزة وتحقيق الاستقرار فيها بعد الصراع".

قالت صحيفة "الغارديان": "إن تدمير أكثر من ثلث منازل غزة أثناء قصف إسرائيل للقطاع، دفع خبراء القانون الدولي إلى إثارة مفهوم ’قتل المنازل’، أي التدمير الشامل للمساكن لجعل المنطقة غير صالحة للسكن"

وتكشف صور الأقمار الصناعية أيضًا عن تدمير البساتين والدفيئات الزراعية والأراضي الزراعية في شمال غزة. وقالت هيومن رايتس ووتش يوم الإثنين: "في شمال شرق غزة، شمال بيت حانون، أصبحت الأراضي الزراعية الخضراء ذات يوم بنية ومقفرة. وتعرضت الحقول والبساتين للأضرار لأول مرة خلال الأعمال القتالية التي أعقبت الغزو البري الإسرائيلي في أواخر تشرين الأول/أكتوبر. وقامت الجرافات بشق طرق جديدة، مما أتاح الطريق أمام المركبات العسكرية الإسرائيلية".

وتظهر تسريبات من داخل الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك وزارة المخابرات، أن المسؤولين يدرسون سبل إجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة، إما طوعا أو قسرا، مثلمًا جاء في وثيقة وزارة الاستخبارات الإسرائيلية. أو كما قال وزير الزراعة الإسرائيلي ورئيس الشاباك الأسبق آفي ديختر: "هذه نكبة غزة 2023".

وكتب غيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في صحيفة يديعوت أحرونوت: "ليس أمام دولة إسرائيل خيار سوى تحويل غزة إلى مكان من المستحيل العيش فيه بشكل مؤقت أو دائم. وخلق حالة من الفوضى الشديدة. الأزمة الإنسانية في غزة هي وسيلة ضرورية لتحقيق الهدف… غزة ستصبح مكانًا لا يمكن أن يوجد فيه إنسان".