20-يناير-2024
تدمير مستشفيات غزة

(Getty) يقول الأطباء إن عشرات الآلاف من المصابين بأمراض مزمنة تُهدد حياتهم، ظلوا دون علاج لعدة أشهر

دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي، النظام الطبي في قطاع غزة، بشكلٍ ممنهج، مما أدى إلى تعطيل الخدمات الصحية، وإجبار ما تبقى منها على العمل في ظروف صعبة، تشمل استخراج شظايا الصواريخ والقذائف الإسرائيلي، وبتر الأطراف، دون استخدام مخدر.

وجاء في سلسلة مقابلات، نفذتها صحيفة "الغارديان" البريطانية، مع الطواقم الطبية، الكشف عن ظروف كارثية وصعبة للطواقم الطبية، في تعاملها مع عشرات الآلاف من الضحايا والإصابات، جراء القصف الإسرائيلي، المتواصل على قطاع غزة.

قالت الصحيفة البريطانية: "تركز الاهتمام على الخسائر المباشرة الناجمة عن الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، لكن المتخصصين الطبيين يشعرون بقلق متزايد بشأن الضحايا غير المباشرين للحرب"

وقالت الصحيفة البريطانية: "تركز الاهتمام على الخسائر المباشرة الناجمة عن الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، لكن المتخصصين الطبيين يشعرون بقلق متزايد بشأن الضحايا غير المباشرين للحرب".

يقول الأطباء إن عشرات الآلاف من المصابين بأمراض مزمنة تُهدد حياتهم، ظلوا دون علاج لعدة أشهر، وهم الآن "بدون مناعة"، إذ ضعفت أجسادهم بسبب سوء التغذية والبرد والتعب. وفي إحدى الحوادث التي تم وصفها لصحيفة الغارديان، توفي طفل مصاب بحالة دماغية قبل ساعات من وصول فريق الأمم المتحدة بالأدوية الحيوية.

وقال متخصصون في مرض السرطان لصحيفة "الغارديان" إنهم لم يتمكنوا من علاج المرضى الذين هم في أمس الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك الأطفال المصابين بسرطان الدم أو الأورام التي تتطلب جراحة فورية لإنقاذ حياتهم.

وقال مدير عام مستشفى الصداقة التركية وطبيب الأورام صبحي سكيك، عن مرضى الأورام: "ليس لدينا ما نقدمه لهم. لا نستطيع إجراء العمليات الجراحية وليس لدينا أدوية على الإطلاق"، مشيرًا إلى إغلاق قسم الأوراق بالمستشفى في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر.

وأضاف: "هناك أشخاص مصابون بالسرطان، يهاجم الكبد والعظام والرئتين. يجب أن أشرح لهم حالتهم وأنه لا يوجد شيء يمكننا القيام به. لدينا مرضى سرطان الدم، بما في ذلك الكثير من الأطفال، الذين ماتوا. ليس لديهم آلية دفاع، ولا جهاز مناعة، وفي هذه البيئة يكونون معرضين للخطر للغاية".

وقال سكيك، إن رجلًا كان يحضر ابنه إليه كل يوم لمدة ثلاثة أسابيع، ويعاني الصبي من ورم سريع النمو في حلقه وسيمنع تنفسه قريبًا، مضيفًا: "يأتون كل يوم وكل يوم يجب أن أقول إنه لا يوجد شيء يمكننا القيام به. أنا جراح. يمكنني إجراء هذه العملية دون صعوبة، ولكن ليس لدينا أي مرافق. أمر فظيع".

ووفقا لمسؤولي الصحة، يُعاني 350 ألف شخص في غزة من أمراض مزمنة ويفتقرون إلى جميع الأدوية تقريبًا. كما تنتشر الأمراض بسرعة في الأماكن المزدحمة وغير الصحية.

وقال أحد الذين يقيمون في كلية تدريب مهني تابعة للأمم المتحدة في غربي خانيونس ودمر منزله في القصف الإسرائيلي: "الجميع يسعلون. يعاني الأطفال جميعًا من الإسهال أو التهابات الصدر، كما أن هناك الكثير من حالات التهاب الكبد الوبائي الآن".

ومع محاولة إعادة افتتاح مستشفى الشفاء في غزة بعد تدميره على يد الجيش الإسرائيلي، قال الطبيب مروان أبو سعدة، إنه يأمل في افتتاح وحدة العناية المركزة الأسبوع المقبل، لكن الوقود والكهرباء والأدوية ما زالت في حالة نقص، موضحًا: "لقد تم تدمير مولدات الأكسجين الرئيسية، لذا نعتمد على الأسطوانات".

وتتضاعف المعاناة، نتيجة انعدام الوقود في قطاع غزة، وعدم وجود وسائل نقل للجرحى والمرضى، وقال أحد مسؤولي الأمم المتحدة في خان يونس إنه بحث عن حمار لنقل والده، الذي كان يعاني من نوبة قلبية، إلى المستشفى.

وفي كانون الأول/ديسمبر، أُجبر طبيب في مدينة غزة على بتر الجزء السفلي من ساق ابنة أخته، دون تخدير على طاولة في المنزل بعد أن أصيبت بفعل قذيفة سقطت على المنزل، وقال طبيب هاني بسيسو: "لسوء الحظ، لم يكن لدي أي خيار آخر. كان الاختيار بين أن أترك الفتاة تموت أو أحاول قدر استطاعتي".

وتضيف "الغارديان": "كما أن انقطاع الاتصالات لعدة أيام، والذي تفرض إسرائيل بعضه، يسبب مشاكل خطيرة لأنه يمنع المحتاجين من استدعاء سيارات الإسعاف".

وتتوجه طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني إلى مواقع الغارات الجوية أو القصف عندما يرونها أو يسمعونها.

وقالت المتحدثة باسم الهلال الأحمر نبال فرسخ: "لا تستطيع مركبات الإسعاف، دخول المناطق العسكرية الإسرائيلية. سيطلقون النار علينا. هناك أشخاص أصيب أفراد من أسرهم وأخبرونا ولا نستطيع الوصول إليهم. هناك أشخاص لديهم أقارب متوفين معهم لعدة أيام، لأنهم لا يستطيعون الخروج لدفنهم في فناء منزلهم".

وأضافت فرسخ أن 14 مركبة إسعاف دمرت وتضررت 19 أخرى في الحرب الإسرائيلية على مدى ثلاثة أشهر، مما أدى إلى استمرار عمل حوالي 24 مركبة فقط.

وفي رفح، التي تحولت إلى مخيم كبير، يوجد مستشفى عام صغير يضم حوالي 40 سريرًا، وبعض العيادات الخاصة وعدد قليل من المستشفيات الميدانية التي لا يمكنها سوى تقديم رعاية أساسية للغاية.

وقال الطبيب سكيك: "بالنسبة للتشخيص، ليس لدينا سوى حكمنا السريري. ربما يمكننا إجراء أشعة سينية أو بعض الموجات فوق الصوتية ولكن لا شيء أكثر من ذلك. لقد عدنا 30 أو 40 عامًا إلى الوراء".

أمّا عن المزاعم الإسرائيلية، بتخفيض حدة العدوان على قطاع غزة، والتوجه إلى مرحلة ثالثة أقل كثافة. قال ويليام شومبرغ، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة: "هناك انفصال بين الخطاب والواقع ونحن نرى العواقب الإنسانية".

وفي المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: إن إسرائيل تسمح فقط بدخول "الحد الأدنى" من المساعدات اللازمة لمنع حدوث أزمة إنسانية.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، إن المزيد من الإمدادات فقط هو الذي يمكن أن يعكس "الوضع الإنساني المتدهور في غزة".

ووصف طبيب بريطاني المشاهد في مستشفى الأقصى في دير البلح وسط قطاع غزة، وقال جيمس سميث، الذي سافر إلى غزة مع منظمة "المساعدة الطبية للفلسطينيين"، إن المستشفى، مثل المرافق الطبية الأخرى، تم تحويله إلى مأوى لآلاف النازحين الذين أقاموا في كل مكان متاح.

وأضاف سميث: "كانت هناك مساحة محدودة للغاية لتخفيف الألم أو الكرامة أو الراحة. كانت الظروف ضيقة للغاية وصاخبة للغاية". وذكر قصة عن طفل، قائلًا: "كان هناك صبي يبلغ من العمر ست سنوات تم إحضاره بمفرده ملفوفًا ببطانية. كان مصابًا بحروق كبيرة في وجهه وجرح [خطير جدًا] في الصدر. لحسن الحظ، وجدناه، وإلا لكان قد مات".

يقول الأطباء إن عشرات الآلاف من المصابين بأمراض مزمنة تُهدد حياتهم، ظلوا دون علاج لعدة أشهر

وكانت المرافق المحدودة تعني الانتظار لعدة أيام قبل إجراء العمليات الجراحية لضحايا الحروق. وأدى النقص في الإمدادات الأساسية إلى قضاء البعض ساعاتهم الأخيرة في معاناة مبرحة.

كما ذكر سميث قصة أخرى، بالقول: "تم إحضار طفلة مصابة بحروق [عميقة جدًا] في وجهها وجذعها وجزء كبير من أطرافها. كانت لا تزال على قيد الحياة بطريقة أو بأخرى وتعاني من آلام مبرحة بشكل واضح. كانت بحاجة إلى مسكنات لكننا لم نتمكن من إعطائها لها".