19-يناير-2024
انقطاع الاتصالات في قطاع غزة من قبل إسرائيل

(Getty) ينعكس انقطاع الاتصالات على عمليات الإغاثة والإسعاف في قطاع غزة

بينما يتواصل سقوط الصواريخ على قطاع غزة، فإن انقطاع الاتصالات بشكلٍ كامل عن قطاع غزة، يدخل يومه 8، في أطول انقطاع للاتصالات عن القطاع المحاصر، منذ بداية الحرب الإسرائيلية الدموية على قطاع غزة.

وإلى جانب انقطاع الكهرباء والماء والغذاء، تسعى إسرائيل، إلى حرمان أهالي القطاع، الذين يعيشون تحت الصواريخ الإسرائيلية، من وسيلة التواصل الوحيدة مع العالم، بما تشمل من نقل جرائم لا تتوقف، وتواصل عائلي.

كما يساهم انقطاع الاتصالات، إلى عرقلة عملية الإغاثة والإسعاف، مع تواصل القصف الإسرائيلي.

يظهر تواصل انقطاع غزة عن الاتصالات بشكلٍ شبه كامل لليوم 8، وهذا هو الانقطاع التاسع والأطوال، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر

ووفق مجموعة "NetBlocks"، فإن بيانات الشبكة، تظهر تواصل انقطاع غزة عن الاتصالات بشكلٍ شبه كامل لليوم 8، وهذا هو الانقطاع التاسع والأطوال، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.

كيف يحدث القطع المقصود؟

وأدى القصف الإسرائيلي إلى إتلاف شبكات الهاتف المحمول، إذ أصبحت معظم الشبكات الداخلية، التي تربط قطاع غزة "خارج الخدمة وتحتاج إلى إصلاح".

وبحسب مأمون فارس، مدير دعم الشركات في شركة الاتصالات الفلسطينية: فإن الشركة لديها "أكثر من 550 برجًا داخل غزة، معظمها تعرض لأضرار جزئية أو كلية".

وقال لصحيفة "واشنطن بوست"، إن ما يضاعف المشكلة هو نزوح أكثر من 1.8 مليون شخص داخل القطاع، وقد أدى النزوح من شمال ووسط غزة إلى الجنوب إلى إرهاق قدرة الشبكة هناك.

وخلال فترة الهدنة الإنسانية في تشرين الثاني/نوفمبر، قامت الشركة بإجراء إصلاحات وأعادت بعض الخدمات، قال فارس: "منذ ذلك الحين، أصبحت الأمور من سيء إلى أسوأ". موضحًا أن معظم الإصلاحات تتم "تحت النار"، إذ قامت الشركة بتنسيق الإصلاحات مع إسرائيل. وقتل اثنان من موظفي الشركة الأسبوع الماضي، في قصف إسرائيلي، رغم الحصول على تنسيق من أجل إصلاح الضرر في الشبكة.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، قال مقدمو الخدمة الفلسطينيون إن نقص الوقود جعلهم غير قادرين على مواصلة الخدمة. وقال وزير الاتصالات في السلطة الفلسطينية إسحق سدر، إن شركة الاتصالات الفلسطينية تحتاج إلى 14500 لتر من الوقود يوميًا، إضافة إلى وقود التخزين، "لتفادي هذه الكارثة مرة أخرى".

وفي تصريحات سابقة لـ"الترا فلسطين"، عن انقطاع الاتصالات الأول في قطاع غزة، قال وزير الاتصالات في السلطة الفلسطينية إسحق سدر إن "الجيش الإسرائيلي قام بفصل الخطوط بشكل متعمد ويدوي من داخل أراضي 48". ويتزامن قطاع الاتصالات، مع زيادة وتيرة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

انعكاس على الخدمات الصحية

وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، إنها فقدت الاتصال بفرقها في غزة عندما بدأ انقطاع التيار الكهربائي، وإن عمال الطوارئ التابعين لها يجدون صعوبة في الوصول بسرعة إلى الجرحى. 

وقال هشام مهنا، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لـ"نيويورك تايمز" إن انقطاع التيار الكهربائي جعل من المستحيل تقريبًا التواصل مع فرق المنظمة في جميع أنحاء القطاع، بما في ذلك المسؤولين عن استقبال شاحنات المساعدات التابعة للجنة الدولية عند معبر رفح على الحدود مع مصر.

وأضاف مهنا: "عندما تحاول التخطيط لأية مهمة أثناء انقطاع التيار الكهربائي، لا يمكنك التنبؤ بالمفاجآت أو التحديات التي قد يواجهها الفريق في طريقه - فمن الصعب تقديم تقرير إلى مقرنا الرئيسي. هذا هو المكان الذي يصبح فيه الأمر خطيرًا".

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، قال مهنا إنه هو نفسه لم يتمكن من الوصول إلى اللجنة الدولية والعودة إلى العمل بعد زيارة عائلته النازحة في رفح. وأضاف أنه لجأ إلى المراقبة من شرفة المبنى وإيقاف مركبات الصليب الأحمر المارة، وعاد في نهاية المطاف بعد يومين من الموعد المحدد.

ما السياق؟

وقالت الأستاذة في جامعة هارفارد هيلجا طويل- صوري، إنه بموجب اتفاقات أوسلو، ومجموعة منفصلة من البروتوكولات الاقتصادية، حصلت إسرائيل على السيطرة على الاتصالات الخلوية والتكنولوجيا.

وأضافت: "أن الاتصالات والبنية التحتية لا يمكن فصلهما عن السياق السياسي الأوسع. هناك صفحات حول ما يُسمح للسلطة الفلسطينية ببثه، ونقاط قوة الإشارة. يُسمح لك بوضع هذه الأبراج في مناطق معينة. يُسمح لك ببناء أبراج بهذا الارتفاع. لا يمكنك التدخل في هذا النوع من الإشارات. إذا كنت تريد بناء شيء جديد، عليك أن تعمل من خلال الإسرائيليين".

وقالت: "هكذا تمكنت إسرائيل من قطع الاتصالات عن غزة مع بداية الحرب".

وأوضحت: "لا يوجد كابل يربط غزة بأي شيء خارج غزة باستثناء تلك التي تمر عبر إسرائيل. لذلك فإن وزارة الاتصالات الإسرائيلية هي التي تسيطر في نهاية المطاف على كابلات الألياف الضوئية التي يمكنها إيقاف تدفق الاتصالات على تلك الكابلات".

وفي تشرين الثاني/، قال مسؤول أمريكي كبير لصحيفة "الواشنطن بوست"، إن الاتصالات في غزة تمت استعادتها بعد أن "أوضحت الولايات المتحدة، لإسرائيل أنه يجب إعادة تشغيلها".

وقالت طويل- صوري إن هناك عاملاً مقيدًا آخر، وهو مقدار الطيف الترددي - الترددات الراديوية - المخصصة لشركات الهاتف المحمول. موضحةً: "الهيئة الوحيدة التي تمنح توزيع الطيف عبر غزة وإسرائيل والضفة الغربية والقدس هي وزارة الاتصالات الإسرائيلية"، وقد تمت زيادتها مرة واحدة فقط منذ التسعينيات للسماح لشركة اتصالات خلوية جديدة بالعمل في الأراضي الفلسطينية.

وخلال زيارة عام 2022، عرض الرئيس الأمريكي بايدن ترقية التغطية الخلوية في غزة والضفة الغربية إلى 4G، وذلك ضمن حزمة "تهدئة" الوضع حينها.

الإدارة الأمريكية.. تحث بلا ضغوط

وقال موقع "بوليتيكو" الأمريكية، إن الإدارة الأمريكية، تحث إسرائيل على "إعادة الوصول إلى الاتصالات في غزة وسط انقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي امتد لستة أيام وترك ملايين الفلسطينيين بدون كهرباء أو إنترنت".

وبحسب الموقع الأمريكي، يخشى مسؤولو الإدارة الأمريكية، أن يفقد انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات، على أي شخص معرفة ما يحدث في الحرب، مما قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل. 

قال مسؤول أمريكي في البيت الأبيض، لـ"بوليتيكو": إن الولايات المتحدة "كانت على اتصال بحكومة إسرائيل بشأن هذا التعتيم وحثتها على إعادة تشغيل الاتصالات". ولم يحدد البيت الأبيض شكل هذا الضغط

وقال مسؤول أمريكي في البيت الأبيض، لـ"بوليتيكو": إن الولايات المتحدة "كانت على اتصال بحكومة إسرائيل بشأن هذا التعتيم وحثتها على إعادة تشغيل الاتصالات". ولم يحدد البيت الأبيض شكل هذا الضغط. 

من جانبها، حذرت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، أدريان واتسون، من أن "غياب الاتصالات يحرم الناس من الوصول إلى المعلومات المنقذة للحياة، بينما يقوض أيضًا قدرة المستجيبين الأوائل والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى على العمل والقيام بذلك بأمان".

وقالت واتسون إن المسؤولين الإسرائيليين برروا انقطاع التيار الكهربائي بإخبار البيت الأبيض أنه قد تكون هناك "أسباب تشغيلية للانقطاع المؤقت" لكن تلك الأسباب يجب أن تظل "نادرة وقصيرة المدة"، وفق البيان.