20-يناير-2024
الحرب في جنوب لبنان

(GETTY) تسعى إسرائيل لتجنب الحرب المفتوحة مع حزب الله اللبناني

بحث وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت مع نظيره الأمريكي لويد أوستن تطورات الحرب على غزة، وناقشا تحول إسرائيل للمرحلة الأقل "كثافة" في حربها على غزة، بالإضافة لملف المحتجزين، والاستعدادات لمرحلة "الاستقرار" التي ستتبع الحرب، كما تم التطرق للوضع على الحدود الشمالية مع لبنان.

وجاء في بيان وزارة الدفاع الأمريكية، أن وزير الدفاع الأمريكي أوستن أكد لغالانت على الحاجة إلى تسريع المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء غزة وحماية المدنيين.

فرصة التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع حزب الله، دون توقف الحرب في قطاع غزة، تنحسر بشكلٍ كبير

كما ناقش كذلك الأوضاع في الضفة الغربية، بالإضافة لمجموعة من المسائل الأمنية والإقليمية. وشاطر أوستن المخاوف الإسرائيلية بشأن التطورات على الحدود اللبنانية، لكنه كرر تصميم الولايات المتحدة على منع تصاعد الوضع.

فيما ذكرت القناة 13 الإسرائيلية، أن غالانت أخبر أوستن أن "أهداف الحرب لم تتغير، وأن إسرائيل مصممة على الاستمرار حتى تحقيقها".

من جهته، أشار بيان وزارة الأمن الإسرائيلية إلى أن الوزير الإسرائيلي، أطلع نظيره الأمريكي على "التطورات العملياتية في الحرب"، كما أثار غالانت "التهديد الذي يشكله حزب الله على الحدود الشمالية"، مؤكدًا "أولوية عودة النازحين إلى منازلهم في المنطقة، وجدد تفضيل إسرائيل للقنوات الدبلوماسية مع الحفاظ على الاستعداد العسكري"، وشدد: على أن "إسرائيل ستعيد الأمن إلى المنطقة الحدودية مع لبنان من خلال العمل العسكري، إذا لم يُتوصّل إلى اتفاق دبلوماسي".

وقبل مكالمة غالانت وأوستن، وصل وزير الأمن الإسرائيلي، إلى المنطقة الشمالية، وفي لقاء مع اللواء الثامن في جيش الاحتلال، قال: "نتيجة العملية الحالية ضد حزب الله هي نتيجة جيدة بحسب ما حددناه. نحن نصد ونحبط محاولات التسلل ونبعد حزب الله عن السياج"، وفق تعبيره. 

وأضاف: "حزب الله يخسر المعركة التكتيكية. إذا لم يحترم حق سكان الشمال في العيش بأمان، فسنحقق ذلك بالقوة"، على حد قوله.

وعن توقعه للاشتباك في جنوب لبنان، قال: "أقدر أنه طالما استمر القتال في الجنوب، فسيكون هناك قتال في الشمال. لكننا لن نقبل بهذا الأمر لفترات طويلة من الزمن. لا أرغب في الحرب، ولا أريد أن أتخذها كخيار أول، ولذلك نحاول استنفاد الخيار التوافقي. لكن إذا اضطررنا إلى استخدام القوة، سنستخدمها"، وفق تعبيره.

غالانت وأوستن في لقاء سابق (GETTY)

نقاش دبلوماسي

وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أمس الجمعة، أن إسرائيل أبلغت الإدارة الأمريكية نهاية الشهر الماضي، بأنه إذا تعذر التوصل إلى اتفاق حدودي طويل الأمد مع لبنان خلال الأسابيع المقبلة، سيقوم جيش الاحتلال بشن عملية عسكرية على لبنان، وهو سيناريو حاولت إدارة بايدن والدول الأوروبية تجنبه بشدة.

وقال مسؤول أمريكي كبير لصحيفة "واشنطن بوست": إن "الإسرائيليين لم يضعوا موعدًا نهائيًا لبدء حملتهم العسكرية ضد حزب الله، لكنه اعترف بأن نافذة المفاوضات تضيق".

وردًا على الاستفسارات حول المطالب الإسرائيلية، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ليور هيات: إن"الموقف الإسرائيلي هو أننا نفضل الحل الدبلوماسي، وإذا لم يكن الحل الدبلوماسي ممكنًا، فسيتعين علينا التصرف بمفردنا"، وفق تعبيره.

مرحلة حساسة في الشمال

وفي سياق متصل، قال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي، الذي راقب يوم الأربعاء مناورة لقوات الاحتياط في جيش الاحتلال في الشمال، إن "احتمال نشوب حرب في الشمال في الأشهر المقبلة أعلى بكثير مما كان عليه في الماضي. وسنقوم بذلك عند الضرورة"، وفق تعبيره.

من جانبه، علق المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "لقد تم تفسير تصريحاته في وسائل الإعلام على ظاهرها: إسرائيل تعتقد أن الحرب مع حزب الله تلوح في الأفق وتستعد وفقًا لذلك. لكن هذا التحليل قد يغفل عنصرًا آخر: ألا وهو أن هليفي لا يحاول إشعال حرب بقدر ما يحاول منعها". موضحًا: "أرسل رئيس الأركان إلى حزب الله رسالة مفادها أن الجيش الإسرائيلي يستعد لمواجهة أوسع نطاقًا، وإذا لزم الأمر، لن يتردد في تنفيذ خطته. ومع ذلك، فإن هيئة الأركان العامة تأمل في أن يساعد التهديد العسكري الملموس الجهود الأمريكية للتوصل إلى حل وسط".

يأتي كل ذلك، مع فشل الوساطة الأمريكية، في تحقيق أي تقدم، مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ورفض حزب الله إيقاف المواجهة على حدود، دون وقف إطلاق النار بغزة.

وقالت مصادر مشاركة في المحادثات لصحيفة "فايننشال تايمز"، يوم الخميس، إن نافذة الفرصة للتوصل إلى اتفاق آخذة في الانحسار. وبحسب ما ورد، نقلت إسرائيل عبر الأمريكيين طلبًا لحزب الله بالانسحاب من الحدود إلى نهر الليطاني، الذي يقع في الغرب على بعد حوالي 30 كيلومترًا من الحدود. لكن هذا الطلب قوبل بالرفض، والآن تدور المحادثات حول الانسحاب إلى مسافة 10 كيلومترات من الحدود.

وأضاف هارئيل: "يبدو أن المواجهة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله أصبحت الآن تحت السيطرة النسبية وسط جهود الجانبين لتجنب حرب واسعة النطاق. ومع ذلك، فإن حدة الأحداث تزايدت في الأسابيع الأخيرة، مما يزيد من خطر سوء التقدير. في الواقع، قد يكون الدمار الكبير الذي يحدثه الجانبان عاملاً مقيدًا". وتابع هارئيل في هذا السياق، قائلًا: "يكمن كعب أخيل في إسرائيل بصعوبة إعادة ما يقرب من 80 ألف لاجئ داخلي إلى المستوطنات الشمالية".

وختم تحليله، بالقول: "لإقناع السكان بالعودة، يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى ترتيب مؤقت على الأقل: وقف إطلاق النار مدعومًا بانتشار واسع النطاق بالقرب من الحدود. لكن مطلب رؤساء المجالس ورؤساء البلديات، هو الوعد بالهدوء المطلق، ويعتقد الكثير منهم أن ذلك لن يتحقق إلا من خلال حرب كبرى تبدأها إسرائيل. والجيش الإسرائيلي غير مقتنع بأن هذا هو الحل وما زال يعتقد أن هناك مساحة يمكن فيها إدارة المواجهة دون الانزلاق إلى حرب شاملة. ولا يزال الوضع في الشمال حساسًا وخطيرًا للغاية، لكن الحرب ليست حتمية بعد".

التحليلات في إسرائيل، تقلل من إمكانية اندلاع حرب واسعة ومفتوحة مع حزب الله، في الفترة القريبة

وقال المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" ألون بن دافيد: "هناك تلميحان مهمان قد يشيران إلى أن الحرب على لبنان قد لا تكون وشيكة كما يهدد غالانت، الأول هو أن الجيش الإسرائيلي منهك، جسديًا ونفسيًا، بعد حرب غزة، ويحتاج إلى فترة قبل إعادة تأهيله لفترة أخرى"، وأضاف: "العامل الثاني، تغييرات قريبة متوقعة في قيادة الجيش الإسرائيلي، والحرب المحتملة على لبنان لن تقودها القيادة الحالية للجيش".

وفي وقت سابق، قال الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية غادي آيزنكوت، عن التفكير الإسرائيلي بضرب حزب الله اللبناني، إنه يعتقد أن وجود حزبه في حكومة الحرب الإسرائيلية حال دون نشوب حرب شاملة مع حزب الله، وهو ما قال إنه كان سيشكل "خطأ استراتيجيًا فادحًا للغاية". مضيفًا: لو دخلنا الحرب، كنا قد حققنا رؤية السنوار الإستراتيجية لإشعال حرب إقليمية على الفور".