14-نوفمبر-2018

تتصاعد الأخبار عن عمليات اغتيال سياسي في الفترة الأخيرة (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

لقد بدا جليًا خلال الفترة الماضية، أن هناك تصاعدًا غير مسبوق في الأخبار المتداولة عن عمليات اغتيال سياسي، أو عن مخططات لها. منذ واقعة اختطاف الصحفي السعودي جمال خاشقجي، واغتياله في مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول، وهو ما أثار جدلًا واسعًا، تمت الإشارة على نطاق واسع إلى عمليات شبيهة بهذا النوع.

ثمة جديد في سياق الاغتيالات، مرتبط بالاستهتار الذي يترافق مع التخطيط لعمليات عابرة لحدود الدولة نفسها. كان هذا واضحًا في حالة خاشقجي

لم تقتصر هذه الاغتيالات على صفوف الصحافيين، ولكنها توزعت بشكل واسع على جميع أطياف المجتمع، وفي أنحاء كثيرة من العالم. وفي السنة الأخيرة فقط، فإن العراق شهد عمليات اغتيال منظمة لعديد الناشطين السياسيين والاجتماعيين،  خاصة بعد احتجاجات البصرة التي طالبت بالخبز والعمل والخدمات الأساسية على غرار الماء والكهرباء. أما في سوريا، فقد كشفت السجلات في الأشهر الماضية عن واحدة من حملات الاغتيال الأكثر تنظيمًا في التاريخ المعاصر، حيث قُتل آلاف الناشطين تحت التعذيب في سجون تفتقر إلى أي صفة إنسانية.

وفي السعودية والإمارات، كان الناشطون والصحافيون، وكل العاملين في الشأن العام، الضحية الأولى للتقلبات التي طرأت في السلطة أو على السياسة العامة، وشُنت حملة اعتقالات واغتيالات بشكل لا يقل تنظيمًا. في مصر، فإن الأوضاع تسوء بشكل لافت من هذه الناحية، حيث يتبنى النظام سردية الأمن أولًا، ليعطي شرعية سياسية على عمليات واسعة من التصفية. وفي إيران، حيث تتداخل مصائر السياسة والشأن العام مع الأنظمة في البلدان العربية، فإن قمع الاحتجاجات المطلبية التي بدأت مطلع هذا العام، استدعى أشكالًا متعددة من الاغتيال السياسي.

اقرأ/ي أيضًا: رجال دين وعارضات وفنانون.. ضحايا "القاتل المجهول" في العراق

ثمة جديد في هذا السياق، مرتبط بالاستهتار الذي يترافق مع التخطيط لعمليات اغتيال عابرة لحدود الدولة نفسها. كان هذا واضحًا في حالة خاشقجي، ويبدو أنه لم يكن ليقتصر عند هذا الحد. في مقابلة مع صحيفة العربي الجديد، أمس الثلاثاء، بين وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، أن بلاده كانت على علم بمخططات سعودية لاغتيال مسؤولين إيرانيين، وهو ما تداولته بعض وسائل الإعلام في الفترة الماضية. يأتي ذلك متزامنًا مع عمليات الاغتيال التي تقودها ميليشيات تابعة لإيران نفسها، في دول عربية عديدة أهمها العراق.

يترافق هذا التوسع في مفهوم الاغتيال السياسي، مع كثير من الاستهتار ليس فقط في أرواح الناس وحياتهم، ولكن أيضًا في الصورة الحقوقية أمام العالم، التي كانت حتى الدول القمعية قبل سنوات حريصة جزئيًا عليها. كما أنه يترافق مع استهتار بالعلاقات الدبلوماسية بين الدول. وهي كلها ظروف قائمة على تحول في شرعية هذه الدول، إزاء المسألة الحقوقية، وشعورها بالالتزام أمام مجتمع دولي غير مبالٍ، ومستعد للقيام بصفقات متعددة مع هذا النوع من الأنظمة، على غرار المال مقابل الصمت، وردع الهجرة مقابل رفع العقوبات، وشراء السلاح مقابل غض النظر عن استخدامه في قتل الأطفال، إلخ.

لم يكن من قبيل المصادفة، أن تحقيقات صحفية كشفت في هذه الفترة أيضًا، عن استخدام كثيف من قبل السعودية والإمارات لمرتزقة دوليين من أجل تنفيذ عمليات اغتيال في اليمن، أما التقنيات الأمنية الإسرائيلية، فقد كانت حاضرة من أجل تسهيل عمليات المراقبة والتجسس. وهي كلها مؤشرات متصاعدة، على تصرف هذه الدول، كميليشيات يقتصر دورها على وعد الناس بتحقيق الأمن، دون أن تحققه في أغلب الأحيان.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف اختطفت السعودية خاشقجي من إسطنبول؟ 

ملف جمال خاشقجي.. الغموض مستمر