19-مارس-2024
إسرائيل تسعى إلى تعميق الاستيطان في الضفة الغربية

نشر موقع "الترا فلسطين"، مادة ترصد هجمات المستوطنين على  5 عائلات فلسطينية، أجبرتهم على الرحيل من تجمّع "السخن" البدوي، شرق محافظة نابلس (GETTY)

تعمل إسرائيل على تعزيز وتعميق الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وبينما يتم شرعنة آلاف الوحدات الاستيطانية، فإن المتطرف سموتريتش يسعى إلى سيطرة كاملة على العملية الاستيطانية في الضفة، من أجل تعزيز ومواصلة الاستيطان.

ويريد وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش تعيين أحد المقربين منه نائبًا لرئيس الإدارة المدنية، وهي الهيئة الإسرائيلية المسؤولة في الضفة الغربية المحتلة، ومنحه سلطة تطبيق أنظمة البناء في المستوطنات والبؤر الاستيطانية.

ويطالب سموتريش قادة ألوية المناطق في جيش الاحتلال في الضفة الغربية بشرح أي قرار يتخذونه لهدم البناء غير القانوني في المستوطنات لنائب رئيس الإدارة المدنية. وفي الوقت الحالي، تخضع مثل هذه القرارات لسلطة قائد القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي، ويتطلب الهدم لأسباب أمنية موافقة وزير الأمن يوآف غالانت.

ويقول مسؤولون كبار في المؤسسة الأمنية إن تنفيذ خطة سموتريتش من شأنه أن يجعل ضباط الجيش رفيعي المستوى تابعين للمدنيين الذين تم تعيينهم لأسباب سياسية. 

يريد وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش تعيين أحد المقربين منه نائبًا لرئيس الإدارة المدنية

وقال أحد المسؤولين إن هذا التحول من شأنه أن يمنح رؤساء الحكومات المحلية في المستوطنات وسيلة ضغط كبيرة على قادة الألوية، الذين سيترددون قبل أن يأمروا بالهدم.

وقالت مصادر مطلعة إن مرشح سموتريتش لمنصب نائب رئيس الإدارة المدنية هو هيليل روث، الذي يستوطن في مستوطنة يتسهار، وكان أمين صندوق المجلس الإقليمي "السامرة" عندما كان المستوطن يوسي دغان رئيسًا للمجلس. وروث هو نائب الرئيس التنفيذي ورئيس قسم الميزانية في منظمة بني عكيفا، وهي منظمة ذات تأثير كبير على حزب الصهيونية الدينية الذي يتزعمه سموتريتش.

زيادة الاستيطان

وفي وقت سابق، كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال أصدرت أوامر مصادرة بهدف توسيع ثلاث محميات طبيعية استيطانية في الغور وفي صحراء البحر الميت، تهدف إلى تقليص المساحة المتاحة أمام الفلسطينيين لرعي أغنامهم.

وبحسب "هآرتس"، فقد وقع رئيس الإدارة المدنية في جيش الاحتلال أوامر في الأسابيع الأخيرة بتوسيع ثلاث محميات طبيعية استيطانية بإضافة مناطق جديدة إليها، وهي: محمية "أم زوكا"، ومحمية قانا وسمر الاستيطانية التي تقع بالقرب من الشواطئ الشمالية للبحر الميت، ومحمية وادي فصايل في الغور.

وأوضح الصحفي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية أنس أبو عرقوب لـ"الترا فلسطين"، أن المحمية الاستيطانية "أم زوكا" أقيمت على أنقاض قرية فلسطينية مهجرة تدعى خربة المزوقح الواقعة في أراضي بلدتي طمون وطوباس، وكان قد دمرها جيش الاحتلال بعد احتلاله للضفة الغربية عام 1967، ثم  أقام فيها معقلًا لتنظيم "تدفيع الثمن" الإرهابي تحت اسم  "المزرعة أم زوكا" في نهاية عام 2016.

وأشار أنس أبو عرقوب إلى أن المحمية الاستيطانية "أم زوكا" هي واحدة من ست "مزارع" أنشأها مستوطنون في الأغوار الشمالية خلال السنوات الماضية.

وكانت جمعية "كيرم نوبوت" الحقوقية الإسرائيلية قد كشفت في وقت سابق أن المستوطنين في "أم زوكا" استولوا على 14 ألف و979 دونمًا، وهذه تعادل حوالي ثلثي مساحة المحمية الطبيعية المزعومة، وحولوا 99 دونمًا من هذه المساحة إلى حقول زراعية، ويمنعون رعاة الأغنام الفلسطينيين من رعي قطعانهم فيها.

وبيّن أبو عرقوب أن أهم النتائج الفعلية لتوسيع المحميات الاستيطانية يكمن في تقليص مساحة الرعي للفلسطينيين الذين لا يستطيعون الاستفادة من المساحات المصادرة لصالح المحميات في رعي الأغنام. وأضاف، أن توسيع محمية قانا وسمر ستؤدي إلى منع البدو من رعي أغنامهم وجمالهم في هذه المنطقة التي تمتد بين البحر الميت شرقًا والطريق السريع 90 لحوالي 5 كم، وتبلغ مساحتها 1100 دونم.

وكانت صحيفة "هآرتس" نشرت قبل سنوات تقريرًا عن إنشاء بؤرة استيطانية اسمها "مزرعة أوري" في منطقة "أم زوكا"، التي كانت حتى وقت قريب ضمن منطقة مصنفة كمحمية طبيعية، وهي الآن ضمن منطقة المحمية الموسعة.

وبحسب "هآرتس"، فمن المفترض أن يضمن أمر المصادرة عدم إقامة أي بناء غير قانوني داخل المحمية الطبيعية، لكن الإدارة المدنية لم تنفذ بعد الأوامر التي أصدرتها في الماضي ضد البناء في البؤرة الاستيطانية "أوري".

وأضافت أنه مع مرور السنوات، وسّعت بؤرة "أوري" الاستيطانية نشاطها في المنطقة، ويصل قطيع أبقارها إلى مناطق واسعة، بما فيها مناطق يتجول فيها الرعاة من الفلسطينيين.

تهجير متواصل

ونشر موقع "الترا فلسطين" مادة ترصد هجمات المستوطنين على  5 عائلات فلسطينية، أجبرتهم على الرحيل من تجمّع "السخن" البدوي، شرق محافظة نابلس، وهو واحد من التجمّعات البدوية التي تبقت خلف ما يعرف بخط "ألون" الاستيطاني في برية شرق رام الله ونابلس، ويقع غرب قرية فصايل.

وقال الناشط في توثيق انتهاكات المستوطنين في التجمعات البدوية أيمن غريب، لـ"الترا فلسطين" إن ما جرى مع العائلات بأن أحد المستوطنين حضر إلى التجمّع ومعه قطيع من الأبقار، وأقام عند مدخل التجمع، وحاصر العائلات، ومنعها من التنقل والرعي وجلب الماء، ونفذ مع مستوطنين طوال ثلاثة أيام هجمات استهدفتهم خلال الليل، ما دفع خمس عائلات إلى الرحيل عن التجمّع، فيما حال من بقي في التجمع يزداد سوءًا.

بدوره، أوضح المشرف العام على المنظمة المدافعة عن حقوق البدو حسن مليحات أن هجمات المستوطنين على تجمع "السخن" أجبرت 5 عائلات بدوية تعداد أفرادها نحو 30 على الرحيل تحت تهديد السلاح، وأشار إلى أن سكان تجمع السخن يقدر بنحو 200 شخص يهددهم المصير نفسه.

وأفاد مليحات أن سكان التجمع يعتمدون على الرعي وتربية المواشي كمصدر دخل وحيد، وتعود بداية وجودهم في الموقع إلى سبعينيات القرن الماضي.

وحذر مليحات من أن رحيل جميع العائلات من التجمع يعني استيلاء المستوطنين على مساحات جبلية واسعة يسكنها ويتحرك فيها البدو ويستخدمونها للرعي والزراعة وتتجاوز 15 ألف دونم.

وأكد مليحات أن التجمعات البدوية تحديدًا في الأغوار تتعرض "لأكبر عملية تطهير عرقي منذ النكبة، نتيجة إرهاب المستوطنين وانعدام الدعم من أي جهة كانت".

في هذا السياق أوضح أيمن غريب، أن التجمعات التي رحلت بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر هي تجمع واد السيق بواقع 30 عائلة، وتجمع عين الرشاش 18 عائلة، وتجمع المعرجات 40 عائلة، بالإضافة إلى 4 عائلات صغيرة من وسط طريق المعرجات، وتجمع صغير شرق قرية الطيبة، وتجمع صغير يسمى جبعيت شرق قرية المغير.

وفي مدار عامين، رحل من هذه المناطق تجمّعات أخرى، منها تجمع عين سامية والقبون ورأس التين والواد الأحمر وحمصة الفوقا والبقعة، بالتالي لم يبق أي تجمع بدوي كبير سوى تجمع السخن المهدد بالترحيل القسري والتهجير، بحسب غريب.

العقوبات أوروبية.. وسموتريتش يرد

واتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، يوم الإثنين، على فرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين لمهاجمتهم فلسطينيين في الضفة الغربية، وإضافة المزيد من العقوبات على أعضاء حركة حماس في تسوية مع المجر التي كانت تعارض القرار.

ويعد هذا القرار المرة الأولى التي تتفق فيها الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين يمارسون العنف، على خطى الولايات المتحدة وبريطانيا.

وقال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: "تم الاتفاق على حل وسط قوي على مستوى العمل وآمل أن يستمر هذا حتى التبني الكامل قريبًا، لكن الاتفاق السياسي موجود".

وتشمل عقوبات الاتحاد الأوروبي حظر السفر وتجميد الأصول، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في الأيام المقبلة عند نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، وهي سجل لقوانين الاتحاد الأوروبي. كما سيتم منع مواطني الاتحاد الأوروبي من التعامل مع الأهداف.

وفشلت محاولة سابقة للاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين بعد معارضة المجر، الداعم القوي لإسرائيل. وتتطلب العقوبات إجماع جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، أن الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال أصدرت أوامر مصادرة بهدف توسيع ثلاث محميات طبيعية استيطانية في الغور وفي صحراء البحر الميت

ورد وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، على إعلان الاتحاد الأوروبي، قائلًا: "الاتحاد الأوروبي مشغول بفرض عقوبات على اليهود، بدلًا من الدعم الكامل للقضاء على الشر. هذا ليس جديدًا ولكنه لا يزال محزنًا. إن حملة المقاطعة الكاذبة ضد دولة إسرائيل ناجحة. وهي حملة مصممة بالكامل لتشويه سمعة دولة إسرائيل. وإذا كان هناك عنف، فسيتم التعامل معه من قبل النظام القضائي، وفق قوله.

وأضاف: "هناك رد صهيوني واحد مناسب على بيان الاتحاد الأوروبي هذا، وهو تعزيز وإنشاء المستوطنات في جميع أنحاء أرض إسرائيل"، بحسب تعبيره.

وأصدرت الولايات المتحدة يوم الخميس الماضي جولتها الثانية من العقوبات على المستوطنين الإسرائيليين منذ الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي جو بايدن.