21-فبراير-2018

السعودية من أكثر دول العالم ممارسة لانتهاكات حقوق الإنسان وعلى رأسها الإخفاء القسري (ألترا صوت)

تُعتبر المملكة العربية السعودية من أكثر دول العالم انتهاكًا لحقوق الإنسان، سواء بحق مواطنيها أو الأجانب، ولعلّ آخر ضحاياها الناشطة نهى البلوي التي ظهرت مؤخرًا في شريط مصوّر على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنت فيه رفضها للتطبيع بين بلادها والاحتلال الإسرائيلي، وهو ما كلّفها الاعتقال والمثول أمام القضاء بتهم ملفقة، لا تهدف إلا لإسكاتها ومعاقبتها على مجاهرتها بمواقفها السياسية.

تعد السعودية من أكثر دول العالم انتهاكًا لحقوق الإنسان، ومن أبرز الانتهاكات التي تمارسها السلطات السعودية، جريمة الإخفاء القسري

أن تعبّر عن رأيك بحرية في السعودية، يعني أن مصيرك سجونها، وربما دون أن تعلم عائلتك عنك شيئًا. وتمارس السعودية ضمن انتهاكاتها جريمة الإخفاء القسري، التي تجرمها مختلف المواثيق الدولية.

اقرأ/ي أيضًا: "إصلاحات" ابن سلمان تطال الناشطة الحقوقية نهى البلوي بالاعتقال

ورغم المطالبات الدائمة للسعودية من طرف المنظمات الحقوقية الدولية، باحترام حقوق الإنسان، لا تزال تمارس المملكة أشنع الانتهاكات، ولعلّه يظهر اليوم أن عهد الملك سلمان وابنه وولي عهده محمد بن سلمان هو الأكثر قتامة في هذا المجال، وذلك رغم محاولات الترويج لإصلاحات اجتماعية لا هدف لها حقيقة إلا السعي لتحسين السمعة السيئة للسعودية أمام العالم، وقبله أمام مواطنيها الذين باتوا اليوم يخشون بطش أجهزة القمع في بلادهم أكثر من أي وقت مضى.

وقد عبّرت مؤخرًا منظمة العفو الدولية عن هذا الوضع، بأن "وجود نشطاء حقوق الإنسان اليوم في السعودية مهددون بالانتهاء؛ إذ أنهم يختفون واحداً تلو الآخر". وفي ذات الإطار، طالب، نهاية الشهر الماضي، محاميان بريطانيان بتعليق عضوية السعودية في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على خلفية انتهاكات حقوقية، بينها اعتقال أو اختفاء قسري لـ61 شخصًا منذ أيلول/سبتمبر 2017.

ولا تعترف السعودية بعديد المواثيق الدولية الرئيسية، منها العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما لم تصادق المملكة على الاتفاقية الدولية المتعلقة بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

وتسهّل قوانين المملكة ممارسة الانتهاكات وتبريرها، ومن ذلك ما أتاه قانون مكافحة الإرهاب المُصادق عليه السنة الماضية، والذي وسّع من مجال "الجريمة الإرهابية" بعبارات فضفاضة تشمل "الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة، أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر أو تعطيل النظام الأساسي للحكم".

كما يمنح ذات القانون النيابة العامة ورئاسة أمن الدولة، السلطة القانونية لإلقاء القبض على الأشخاص واحتجازهم دون رقابة قضائية، فيما يعني تقنين الإخفاء القسري على وجه التحديد. وبذلك تستبيح المملكة أبسط حقوق مواطنيها في السلامة الجسدية والنفسية، وتوفر ضمانات المحاكمة العادلة، وذلك عبر الاعتقالات العشوائية وممارسة التعذيب بحق الموقوفين وعدم إعلام عائلاتهم ومحاميهم بمكان احتجازهم.

لدى السعودية ترسانة لتقنين الانتهاكات الحقوقية، بما في ذلك الإخفاء القسري، وعلى رأسها قانون "مكافحة الإرهاب"

ولا تتوانى المملكة كذلك في ممارسة هذه الانتهاكات، ومنها على وجه الخصوص الإخفاء القسري تجاه الأجانب، وذلك لمجرد انتقادهم على مواقع التواصل الاجتماعي لجرائمها، إذ تعتقلهم بصفة قسرية كلما حلّوا بأي مطار في المملكة.

ومن بين هؤلاء الضحايا، حالة الشاب الأردني من أصل فلسطيني خالد الناطور الذي اعتقلته الاستخبارات السعودية سنة 2016، وذلك لمجرد وصوله لمطار الرياض في رحلة عمل، حيث دام اعتقاله وإخفاؤه قسريًا ثلاثة أشهر في ظروف غامضة، قبل الإفراج عنه وترحيله لبلاده، وذلك دون توجيه أي تهمة أو عرضه على المحكمة. وكان مردّ هذا الاعتقال هو النشاط المعارض للشاب خالد الناطور لمشاركة الدرك الأردني في قوات درع الجزيرة في البحرين.

اقرأ/ي أيضًا: السعودية.. قانون "إرهابي" لمحاربة "الإرهاب"

كما لا تستثني جرائم الإخفاء القسري في السعودية، الأمراء المعارضين من داخل الأسرة المالكة، ولعلّ آخر ضحايا هذه الجريمة هم ثلاثة أمراء يعيشون في أوروبا، تم اختطافهم خلال السنتين الماضيتين، وهم سلطان بن تركي، وتركي بن بندر، وسعود بن سيف النصر، وجميعهم أحفاد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود.

وقد سلّطت "بي بي سي" الضوء عليهم في وثائقي بثته في آب/أغسطس الماضي، بعنوان "أمراء آل سعود المخطوفون". وتنوّعت طرق اعتقال هؤلاء الأمراء، ومن ثمّ إخفائهم وعدم ظهورهم للعلن، بين التسليم على غرار ترحيل المغرب للأمير تركي بن بندر إلى السعودية بالتنسيق مع أجهزتها الأمنية، وكذا تحويل وجهة الطائرة على غرار حالة سلطان بن تركي الذي تم تغيير وجهة طائرته من القاهرة إلى الرياض بالقوّة سنة 2016، وهو نفس الحال بالنسبة للأمير سعود بن سيف النصر الذي كان من المفترض أن تقله طائرة خاصة من ميلانو الإيطالية إلى روما، في إطار صفقة عمل، غير أنها توجهت إلى الرياض.

وتكشف السعودية بانتهاكاتها الممنهجة لحقوق الإنسان، عن وجهها الحقيقي كـ"مملكة رعب" تلاحق من يعبّرون عن آرائهم ومواقفهم المخالفة لها، بل حتى الصامتين، إذ بات الصمت دليل إدانة لعشرات الشخصيات، خاصة رجال الدين المعتقلين، ومنهم سلمان العودة، ليثبت ولي العهد محمد بن سلمان بذلك انتهاجه لسياسة أقرب للجنون والعُصابية، خشية من الناشطين بل وحتى الصامتين الذين يفضلون الإحجام عن تأييد سياسة الدولة وانتهاكاتها، حتى تبيّن بلا شك أن ابن سلمان بات يخشى ظلّه اليوم، ولاسيّما بعد أن بات عدوًّا بنظر العشرات بل المئات من أفراد أسرته ممّن نكّل بهم وأهانهم.

لا تستثني جرائم الإخفاء القسري في السعودية الأمراء المعارضين من داخل آل سعود مثل سلطان بن تركي وتركي بن بندر وسعود بن سيف النصر 

بذلك تفشل المملكة في الظهور بصورة وردية كتلك التي تسعى للترويج لها، داخليًا وخارجيًا، عبر استغلال بعض الإجراءات التي لم يتم اتخاذها حقيقة لذاتها بل لاستغلالها للظهور في ثوب المصلح، وذلك في خدعة انكشفت للجميع خاصة في الداخل السعودي الذي يتابع بنفسه تصاعد حملات القمع بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في سابقة فريدة.. خبراء أمميون يدينون قمع السعودية للنشطاء والحقوقيين

"محكوم عليهن بالصمت".. الانتهاكات ضد نساء السعودية تفضح تناقضات ابن سلمان