23-يناير-2018

نساء السعودية محاصرات بقوانين تُشرع انتهاك حقوقهن (باتريك باز/ أ.ف.ب)

"وضع متناقض ودعاية السلطة مخالفة لحالة القمع على الأرض"، هذا اختصار غير مخل لتقرير حقوقي حول وضع النساء السعوديات، وبشكل خاص المدافعات عن حقوق الإنسان في مملكة ابن سلمان.

وصف تقرير حقوقي وضعية المرأة السعودية، تحديدًا المدافعات منهن عن حقوق الإنسان؛ بالفاضح لمزاعم ابن سلمان 

التقرير الصادر في 17 كانون الثاني/يناير الجاري، جاء تحت عنوان "محكوم عليهن بالصمت"، استعرض الوضع الحالي الذي وصفه بـ"الفاضح"، الذي تعيشه المدافعات عن حقوق الإنسان في السعودية، ووضعية حقوق المرأة في السعودية بشكل عام، بعيدًا عن البروباغندا المحيطة ببعض إجراءات محمد بن سلمان التي يعتبرها البعض "حقوقية"، وإن كان من ورائها مقاصد أخرى سياسية.

اقرأ/ي أيضًا: دفاعًا عن حقوق المرأة أم تطلعات ابن سلمان؟!

ويُعد التقرير نتاج دراسة من "مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان"، وهو مبادرة من منظمتين حقوقيتين مستقلتين، هما الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب. وقد أشار التقرير إلى تناقض الدعاية حول ما يُزعم من "تطور سريع وجاد في وضع المرأة السعودية" في عهد ابن سلمان، إذ تظل قدرة المرأة السعودية في التعبير عن رأيها رهن مواقع التواصل الاجتماعي، وكثيرٌ منهن يستخدمن أسماءً مستعارة أو وهمية، ويظل النشاط المجتمعي والمدني مقيّدًا، بل مُجرّمًا.

"رؤية 2030".. رغبةٌ في التغيير أم ادعاءٌ للتباهي؟

تساءل التقرير في صفحاته الأولى، عن حقيقة "رؤية 2030" التي يقدمها ولي العهد محمد بن سلمان كبرنامج له كأول حفيد متوقع لحكم المملكة. ونقل التقرير آراء مشككة من شخصيات أجريت معهم مقابلات، حول نوايا ابن سلمان الحقيقية، وإعرابهم عن خشيتهم من استخدام الرؤية بطريقة دعائية لإظهار نفسه كمصلح اجتماعي. مشيرين إلى أنّ هذا النوع من الدعايا يُستخدم لتخفيف حدة الانتقادات الموجهة للسعودية دوليًا في ملفات حقوق الإنسان.

وذكر التقرير مثالًا هامًا عن استخدام حقوق المرأة في خدمة نظام ابن سلمان، وإظهاره كمنفتحٍ أمام المجتمع الدولي، فقبل ثلاثة أيام من تصويت مجلس حقوق الإنسان على الحرب في اليمن، في أيلول/سبتمبر الماضي، صدر الأمر ملكي الخاص بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، ما يشير لمحاولة تخفيف الضغوط الخارجية على السعودية.

في المقابل، تكشف حقيقة ما تتعرض له المرأة السعودية، زيف المزاعم الدعائية لابن سلمان. وقد أورد التقرير عددًا من الانتهاكات التي طالت المدافعات عن حقوق المرأة خلال عهد ابن سلمان. ففعلى سبيل المثال، ممنعب الشرطة في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، مؤتمرًا حول إسقاط ولاية الرجل. كما منعت السلطات السعودية، الناشطة نسيمة السادة، مطلع 2017، إنشاء جمعية للدفاع عن حقوق المرأة باسم "نون".

لا تزال القوانين السعودية لم تُحدد بعد سن رشد للمرأة، ما يجعلها في نظر القانون قاصرًا مدى الحياة، وخاضعة لسطوة "العائل"

ويلفت التقرير إلى أنّ الإجراءات التي يفترض بها أنها إصلاحية، هي عمليًا لا تغير شيئًا من الواقع، خاصةً فيما يتعلق بالمرأة وحقوقها والمدافعات، وقد وصفها التقرير بـ"المستضعفة" نتيجة لوضعها القانوني الخاضع للتمييز، فالمرأة دائمًا تحت ولاية أحدهم، وفي العديد من الحالات تحاكم نساء بتهمة العقوق، وهي تهمة لا يُحاكم عليها سوى النساء في السعودية.

اقرأ/ي أيضًا: ثورة السعوديات: "لا للولاية"! 

وانطلاقًا من مبدأ الولاية، فإن القوانين السعودية لا تحدد سن رشد للمرأة، ما يجعلها قاصرًا مدى الحياة، ويعطي لعائلها الحق في التحكم بها. وقد أورد التقرير أمثلة على ذلك في عهد ابن سلمان، مثل دينا علي السلوم، التي حاولت الهرب من عائلتها إلى أستراليا، وطلب اللجوء هناك، ولكن السلطات السعودية أجرت اتصالات بمطار مانيلا في الفلبين الذي هبطت فيه الطائرة ترانزيت، وتم إعادتها للسعودية مرة أُخرى لسفرها دون إذن ولي أمرها. ولا يعرف إلى الآن مصيرها مع تهديدات على لسان أقربائها وصلت للقتل.

هناك أيضًا مريم العتيبي، وهي ناشطة مناهضة لولاية الرجل على المرأة. وقد حاولت العتيبي الاستقلال عن والدها فقد فيها شكوى بالعقوق. ثم تعرضت للاعتقال في نيسان/ابريل 2017، قبل أن يُفرج عنها لاحقًا. وهناك آلاء العنزي، والتي تعرف نفسها على أنها ناشطة حقوقية، وارتبط اسمها بعدد من الحملات وعلى رأسها الدفاع عن دينا علي سلوم. تم اعتقالها هي أيضًا في 12 نيسان/أبريل الماضي، خلال توجهها للمطار، بتهمة محاولة نشر صور لدينا علي سلوم. واحتجزت العنزي وتم إيداعها في دار لرعاية الفتيات، حتى دفع والدها كفالة وأخلي سبيلها. 

مثال آخر عرضه التقرير، هو الناشطة سمر بدوي، التي طلب منها الأمن الحضور إلى مكتب التحقيق في جدة في 15 شباط/فبراير 2017، وكانت الأسئلة حول نشاطها الحقوقي، بما فيها حمله إسقاط الولاية. 

الانتهاكات تتوالى

الانتهاكات التي تتعرض لها المدافعات عن حقوق المرأة، جزء من سلسلة انتهاكات كرّس لها في عهد ابن سلمان، من بينها ما يستند إلى قانون الإرهاب، والتفسيرات الجزئية من قبل القضاة لبعض القوانين. 

وتعد من أبرز من ذقن مرارة قانون الإرهاب في السعودية، نعيمة المطرود، الناشطة السياسية من منطقة القطيف ذات الأغلبية الشيعية، والتي تم اعتقالها في 23 شباط/فبراير 2016، ثم بدأت محاكمتها في نيسان/أبريل 2017. وحُكم عليها بالسجن ست سنوات، وحظر سفرها ست سنوات أخرى، وذلك في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

يُذكر أنه عند تعديل قانون الإرهاب في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، لم تلتفت سلطات ابن سلمان إلى الانتقادات التي وجهت للقانون، خاصة تعريف "الإرهاب" فيه، والذي تدخل ضمنه جرائم الإرهاب المعروفة، إلى جانب المس بأن الدولة وانتقاد السلطات، ما يفور تبريرًا لقمع الرأي المخالف.

الانتهاكات في السعودية مستمرة على كافة الأصعدة، رغم مزاعم الإصلاح، مُستندةً إلى قوانين سيئة السمعة تُشرّع للقمع

وفي سياق القمع المستمر، اعتقلت السلطات السعودية خلال الشهور الأخيرة من عام 2017، العديد من الشخصيات العامة، معظمها محسوبون على ما يسمى بالتيار الإصلاحي، كما اعتقلت عددًا من الأمراء وكبار رجال الأعمال، بحجة "مكافحة الفساد".

 

اقرأ/ي أيضًا:

ابن سلمان يقود "الانفتاح" في السعودية بسوط القمع والتخويف

تحدت نظام الولاية السعودي.. ما مصير دينا علي؟