02-أكتوبر-2015

تمثال بيل شانكلي على بوابة الآنفيلد (دين مهتاربولوس/Getty)

لافت تصريح أحد كبار مشجعي نادي ويست هام يونايتد حين قال "جوُّ آنفيلد المشهور قد تبخّر، فقط أغنية 'لن تسير وحدك أبدًا' قبل اللقاء، بعد ذلك هدوء وانتظار حدوث شيء ما". منذ موسم 1961 - 1962 وبالتحديد عندما فاز نادي ليفربول بلقب دوري الدرجة الثانية وصعد إلى الدرجة الأولى، بقيادة العبقري حينها، بيل شانكلي، لم يصل النادي إلى ما هو عليه اليوم من انعدام للروح.

كانت فترة الستينيات والسبعينيات وصولاً إلى تسعينيّات القرن الماضي، الفترة الذهبيّة لليفربول، البطولات والتتويجات والألقاب لم تكن تفارق الفريق الانكليزي، حتى بات من كبار أوروبا، ومرعبيها. أساس هذه الإنجازات إضافة إلى نوعيّة اللاعبين، كانت نوعيّة الجماهير والمشجعين التي تدعم النادي وجهازه الفنّي، والتي استمرت كذلك حتى موسم 2014 - 2015.

 لم تترك جماهير ليفربول ناديها في أصعب الظروف، ولم تنتقد أيّ لاعب على مدى سنوات مهما كانت الأسباب، ومهما كَبُرت الأخطاء، فالأساس كان دعم اللاعبين والإدارة وبالأخص المدرب، والوقوف إلى جانبهم حتى وإن كانت التتويجات بعيدة عن الخزائن، لكن ما نراه اليوم بات مختلفًا جدًا.

اقرأ/ي أيضا: موانئ كرة القدم الأكثر شغفًا

تغيّر في عقليّة المشجعين

 نادي ليفربول لم يعد مرعبًا في أوروبا، ولا حتى في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولكنّ اللافت أنَّ عقليّة مشجعي آنفيلد تغيّرت كثيراً عن ذي قبل، فالجمهور الذي كان يردد "إن لم تشجعنا وقت الخسارة لا تقم بتشجيعنا وقت الفوز"، ها هو تحوّل اليوم إلى أشباه مشجعين يجلسون في المدرجات.

إنها المرّة الأولى التي يطالب فيها جمهور ليفربول بإقالة المدرّب وبعض اللاعبين

أيٌّ من المشجعين لم ينتقد روي هودجسون أو كيني دالغليش وغيرهما عندما فشلوا في تحقيق بطولات أو إنجازات للنادي خلال السنوات الماضية، والجميع وقف خلف جون ألان ريزا بعد الخطأ الشهير أمام تشيلسي في العام 2008، وحُمِلَت صور الإمبراطور ستيفن جيرارد بعد سقطته الشهيرة أمام تشيلسي الموسم ما قبل الماضي وضياع الدوري في الأمتار الأخيرة لدعمه والوقوف إلى جانبه.

 أمّا اليوم فإنها المرة الأولى في تاريخ ليفربول التي نرى فيها طائرة ترفع لافتة فوق قلعة الآنفيلد تطالب المدرب بالرحيل، وبطرد لاعبين من الفريق. إنها المرّة الأولى منذ تأسس النادي التي نرى فيها مقاعد الآنفيلد فارغة قبل ربع ساعة من نهاية المباراة، كما أنها المرة الأولى أيضا التي نرى فيها مشادات كلاميّة بين اللاعبين والجماهير.

قال كريستيانو رونالدو مرّةً إنَّ أكثر ما يخشاه في بريطانيا هو ملعب الآنفيلد

 لم يتخيّل أي عارف بليفربول أنَّ أصوات جماهير الفرق الأخرى ستعلو في آنفيلد على أصوات جماهير ليفربول، لكن كلّ هذا يحصل الآن في القلعة الحمراء كما تلقّب. يقول أحد العارفين بالنادي الوضع أصبح حزينًا. لم يَعُد هناك ما يميّز جماهير الليفر عن غيرها من الجماهير، "آنفيلد أصبح مكانًا عاديًا - لم يعد هناك روح في الآنفيلد - يا له من أمر حزين".

 كل ما يحصل في الآنفيلد اليوم وكل التغيّرات في عقليّة مشجعي نادي ليفربول تعود بالدرجة الأولى إلى النتائج السيئة للفريق، وغياب التتويجات على مدار المواسم الماضية، والأهم رحيل الأسماء الوازنة في الفريق أمثال لويس سواريز وستيفن جيرارد، وعدم رغبة أسماء كبيرة باللعب للنادي، كلّ هذا بات يحبط جماهير الليفر.

 لم يعد آنفيلد بالتأكيد كما كان، وجماهير الليفر لم تعد تشجّع النادي بل تتابعه، لأنّ المشجع لا ينتقد ناديه إلا لدفعه للأفضل، فهنا نقول أنّه "يصوّب" ويضع يده على الأخطاء لتصحيحها، ولكن اليوم تحوّل بعض جمهور الليفر إلى متابعين للنادي ينتقدون كلّ شيء، لهذا "لم يعد الآنفيلد مرعبًا" كما في السابق.

 كان جمهور الليفر بعضٌ مما تبقى من زمن كرة القدم الجميل، زمن تحوّل اليوم إلى إعلانات وبرامج دعائية، وأموال تفرش هنا وهناك أمام لاعبين ومُعلنين، أَفرغت كرة القدم من معناها الحقيقي، وحوّلت الجماهير التي كان عاشقة لنواديها إلى جماهير متابعة للأنشطة الرياضية والمباريات لا أكثر ولا أقلّ.

 آنفيلد لم يعد مرعبًا... لقد تغيّرت كرة القدم كثيرًا.

إقرأ/ي أيضًا: ليفربول.. "سيكولوجيا ع الخفيف"