14-مارس-2023
suella braverman parliament

سويلا برافرمان في مجلس العموم

سمعت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان في مجلس العموم وخارجه، قسطًا وفيرًا من الانتقادات والتوصيفات التي وضعتها في مصاف المحرضين والعنصريين، والنازيين على نحو ما جاء في تغريدات المذيع الرياضي الشهير ونجم كرة القدم الإنجليزية سابقًا غاري لينيكر.

خطة الحكومة التي تقدمت بها الوزيرة، ابنة لمهاجرَيْن، كما تحب أن تقدم نفسها لتدفع عن نفسها اتهام العنصرة، تفرض حظرًا على اللجوء تحت مسميات وتبريرات لا تقنع لا المنظمات المعنية باللاجئين، وعلى رأسهم ممثلية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بريطانيا، ولا حزب العمال، وتثير أيضًا حفيظة وحنق شخصيات لا تسعى لتصنيف سياسي، لكنها لا تجد مهربًا من القول إن هذه الخطة "باطلة!".

مدهشة برافرمان في رفضها أن يكون، سواء للون بشرتها أو إرثها، أي شأن في تحديد وجهة نظرها. إذ تقابل ذلك باستعراض حب والديها لـ"الإمبراطورية" وقيمها

سبق لبرافرمان أن استعملت مفردات، قد يحار المرء في تحديد مستوى إساءتها للاجئين. مثال على ذلك، وصمها الذين يصلون إلى شواطئ إنجلترا عبر القوارب الصغيرة، بالغزاة.

ولا بد أن يتنبه المستمع لبعض إجاباتها سواء في مقابلات أو في مجلس العموم، إلى أن برافرمان، المولودة من والدَيْن، أحدهما من كينيا والآخر من جزر موريشيوس، تتبع تقسيمًا محددًا، على غرار تصنيف يميِّز بين الأخيار والأشرار.

قد تتغير تسمية الخانات: مجرمون، وهنا تضع "عصابات التهريب" والمهاجرين غير النظاميين الوافدين من بلدان تعاني من الحرب أو من اضطراب سياسي وقمع للحقوقيين وللناشطين في كفة واحدة... وصالحون، وهنا تضع الذين اختاروا طريق اللجوء "الآمنة"، أي والديها وأمثالهما في كفة أخرى، من دون أن تتوقف كثيرًا عند جزئية مهمة؛ وهي أن سياسة الحكومة آنذاك كانت تسمح بذلك.

تمر برافرمان على ذلك مرورًا خاطفًا كي لا تسمح بمساءلتها أكثر عن سياسة الحكومة الحالية، والأساليب التي تتبعها لمعالجة أزمة الهجرة واللجوء، والمنظومة القيمية التي تستند إليها لعقلنتها وتسويقها بين الناخبين.

مدهشة برافرمان في رفضها أن يكون، سواء للون بشرتها أو إرثها، أي شأن في تحديد وجهة نظرها. إذ تقابل ذلك باستعراض حب والديها لـ"الإمبراطورية" وقيمها، والتلويح بشفاعة قدومهما للعمل واستعدادهما للعطاء والاندماج.

تسخر برافرمان من منتقديها المندهشين من قدرتها على منح عباءة الحلال والعفة لوالديها، الذين أتيا إلى بريطانيا لغرض العمل والأمل بفرص أفضل وحياة مزدهرة، وإلباس ثوب التحريم والشيطنة على غيرهما، الذين تنتقص من أحقيتهم لأنهم مهاجرون بدوافع اقتصادية.

اتُهمت برافرمان بالنفاق. قد يصعب حسم إن كانت منافقة أم لا، لكن لو صدقنا نواياها وأكدنا على صدقية الحكومة في حل الأزمة، وتحقيق الأفضل للبريطانيين، وآمنَّا بأن الحكومة تفصل بين المهاجر "القادر" وبين المضطهد حقوقيًا وسياسيًا، فإننا لا نجد أي أثر يذكر لخطوات ملموسة ضمن سياسة تغلق نافذة المهربين وتفتح باب اللجوء الآمن.

النظام المعمول به اليوم في بريطانيا هو نظام تمييزي حسب وصف ممثل منظمة العفو الدولية في بريطانيا، فلا يوجد "طريق آمن" أو قانوني لتقديم طلب اللجوء إلا لعدد محدود من الأفغان والأوكرانيين

لا تفصِّل وزيرة الداخلية في الحديث عن هذه المسماة، "طريق اللجوء الآمنة"... عبارة ترميها كومضة في ختام كل إجابة عند منعطف كل مساءلة. لا تتوسع في الشرح، فهي لا تعرف كيف ستوجدها أو الأدق، لا تريد... إذ لا توجد وسيلة أخرى لطلب اللجوء إلى بريطانيا، إلا من داخل الأراضي البريطانية. وصاحب النية باللجوء، لو حصل على تأشيرة سياحية لزيارة بريطانيا وقدم فور وصوله الطلب، فإن ذلك يعني أنه مخادعٌ عن قصد أو باضطرار، بيَّتَ نية مسبقة خلاف ما أظهر. وهذا لوحده، كفيلٌ بعرقلة مساره ما لم يؤد ذلك إلى رفض طلبه لاحقًا وترحيله بعد مشقة وعناء.

النظام المعمول به اليوم في بريطانيا هو نظام تمييزي حسب وصف ممثل منظمة العفو الدولية في بريطانيا، فلا يوجد "طريق آمن" أو قانوني لتقديم طلب اللجوء إلا لعدد محدود من الأفغان والأوكرانيين وللمتقدمين من هونغ كونغ.

تنمق برافرمان بياناتها وتعليقاتها بمفردات مثل القانون والتعاطف، وتمضي هربًا من الوقوع في مطب الإقرار بأن السياسة الحري بها أن تخطها مع رئيس الحكومة ريشي سوناك، يجب أن تكون سياسة مواجهة تحكم عصابات التهريب التي تتشكل معظمهما من مهربين ألبان تمركزوا في شمال فرنسا في المناطق القريبة من كاليه، النقطة المقابلة لدوفر عند القناة الإنجليزية. ويجب أن تكون قبل كل شيء، سياسة تفتح إمكانية تقديم طلبات اللجوء من خارج بريطانيا، سواء من بلد الموطن الأول أو البلد التي حطت الرحال فيه عبر سفارات المملكة المتحدة أو قنصلياتها. لكن رسم سياسة كهذه يبدو صعبًا على "أبناء الإمبراطورية".