10-يناير-2018

الكاتب إلياس فركوح

"إن الكلمات على ورقة تجعل الكون متناسقًا" بهذه العبارة المأخوذة من كتاب "في غابة المرآة" للكاتب الأرجنتينيّ ألبيرتو مانغويل؛ يفتتح الكاتب الأردنيّ إلياس فركوح كتابه "خُذ الكتاب لِتراكَ: رفوف، وجوه، قراءات" (دار أزمنة، عمّان 2018).

يفتتح إلياس فركوح القسم الأخير من كتابه "قراءات"، بقراءة في الكتاب الخالد "ألف ليلة وليلة"

يضمّ الكتاب ثلاثة أقسام يُسميها إلياس فركوح دفاتر؛ الأوّل "رفوف" يضمّ مقالاتٍ عدّة تناول فيها الكاتب المكتبة والكتُب كمفهوم وممارسات حياتيّة تعمل على كشف الواقعين، الثقافيّ والاجتماعيّ. ويقول إلياس فركوح لـ "ألترا صوت" إنّهُ رصد في هذا المقالات ضروب تعاملنا المُختلفة مع عالم الكتب داخل هذين البعدين، إذ يكون تعاملنا من جهة تعاملًا تفاعليًا يتّجه صوب المعرفة والمزيد من المعرفة. ومن جهة أخرى، يرصدُ كيف يكون هذا التعامل مجرّد إضافة شكليّة على ضوء سؤالين؛ الأوّل مفاده ماذا نقرأ، والثاني كيف نقرأ، مُستخلصًا الناتج عن هذين السؤالين.

اقرأ/ي أيضًا: عددان من "مرايا".. عودة إلى زمن المجلات

في الذهاب إلى القسم الثاني "وجوه" يقول إلياس فركوح إنّهُ خصّصَ هذا القسم للحديث عن أحد عشر كاتبًا وكاتبة، مستعرضًا كيفيّة رؤيته لتلك الشخصيّات من مستويين؛ الأوّل كأشخاص أصحاب رؤى ومواقف، والثاني ككتابات توضّح الخلفيات التي بنوا عليها رؤاهم ومواقفهم، وأحيانًا لواحدٍ فقط من هذين المستويين. ويشير إلياس فركوح، صاحب "أرض اليمبوس" إلى أنّهُ وزّع الشخصيّات على جغرافيّات متعدّدة ما بين عالميٍّ مثل المفكّر الإسبانيّ خوان غويتيسولو، والشاعر الفرنسيّ آرثر رامبو، والروائي الكولومبيّ غابرييل غارسيا ماركيز؛ وعربيّ كالمغربيّين محمد زفزاف وإدمون عمران المالح، والمصريّين إدوارد الخرّاط ونجيب محفوظ، فضلًا عن الأردنيين غالب هلسا وجمال أبو حمدان وسعود قبيلات وجميلة عمايرة.

يفتتح إلياس فركوح القسم الأخير من كتابه "قراءات"، والذي يضمّ قراءاته في سبعة عشر كتابًا، بقراءة في كتاب "ألف ليلة وليلة"، قبل أن يستعرض بقيّة قراءاته في كتب متنوعة ما بين روايات وقصص عربيّة وأجنبيّة، ونصوص ورسائل وحوارات وشهادات. ويقول فركوح لـ "ألترا صوت": "مقصدي من تلك القراءات إيضاح طريقتي في كيفية فهمي وتأويلي لتلك النصوص. وأعتقد أنّ ما جاء فيه يعكس كثيرًا، أو قليلًا، ما تطرقتُ إليه في القسم/ الدفتر الأول حيث سؤال ماذا أقرأ.. وكيف تكون هذه القراءة؟ وكذلك، من أجل التنويه إلى تميّز كل كتاب وتبيان شخص كاتبه".

إلياس فركوح

إلياس فركوح روائي وقاصّ أردنيّ من مواليد مدينة عمّان سنة 1948، صدر لهُ في الرواية: "قامات الزبد" و"أعمدة الغبار" و"غريق المرايا" و"أرض اليمبوس، القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربيّة". وفي القصّة: "حقول الظلال" و"من يحرث البحر" و"أسرار ساعة الرمل" و"شتاءات تحت السقف".


مقطع من الكتاب

فـي أكداس الكتب والدوريات المرتبة داخل مكتبتي، فـي الأعداد المنسيَّة التي يناسبها تسميَّة "الأرشيف"، تكمن كنوزٌ ولُقى نادرًا ما نجدها فـي كتب ودوريات اليوم.

تبدأ عملية البحث والاستقصاء مسبوقة بغاية محددة أعرفها تمامًا، غير أنني كلّما مضيت بالتقليب والفرز، أجدني ابتعدتُ تدريجيًا عن تلك الغاية، وتشعبتُ بدافع الفضول باتجاهات لم تكن خطَرَت لي منذ سنين وسنين! ولا يقتصر الأمر على هذا؛ إذ تعيدني الصفحات المتقلبة بين يدي إلى ما كنتُ أنا فـي تاريخ صدورها: تعيدني إلى ما كنتهُ وقتذاك، إما بقراءتي لتعليقاتي على هوامش الصفحات، أو تحديقي بالصور العتيقة العاملة على بثّ الحيوية لذكريات، وحكايات، وأشخاص تلك الفترة. أجدني فـي "تفضيلاتي"، أو لنقُل: ما كان سُلَّم أولوياتي! أتوقف قليلًا وأسهم متأملًا كيف يجرفنا نهرُ الزمن نحو ضِفاف ما كانت ضمن مقاصدنا. ثم أراني أفكِّر: ماذا كنت أريد أن أصبح، وما الذي أصبحتُ عليه؟

الأرشيف عند النبش فيه خطير، لأنه بقدر ما يُعيدنا إلى لحظات نائية عنا ومنسيَّة؛ فإنه يفضح قصورَ رؤيتنا للعالم عندما يُظهر أنَّ كثيرًا مما كنا نضعه على هامش اهتماماتنا، باتَ اليوم محور حياتنا غير المكتمل! موضوعات أكَلَت أوقاتًا من أعمارنا نفكِّر بها لنكتشف، ربما بعد فوات الأوان للبعض منا، أنَّ ما أهملناه فـي ذاك الوقت صرنا بأمسّ الحاجة للتدقيق فيه الآن.
إنَّ تقليب أوراق "الأرشيف" يماثل إعادة سرد حكايات أعمارنا، والضحك منها أو عليها. لِمَ لا نقول الكلام الأدقّ؟ لِمَ لا نقول: الضحك منا وعلينا؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

"جراح الغيمة".. مختارات شعرية مترجمة لياسر خنجر

ميشيل فوكو.. المنظور الفلسفي للسلطة