24-يناير-2024
جمال بلماضي

جمال بلماضي قاد الجزائر للتتويج بكأس أمم أفريقيا 2019

انتهت حقبة من الزمن الجميل للكرة العربية والجزائرية، وحتى الكرة الأفريقية، حينما قدّم جمال بلماضي استقالته من تدريب محاربي الصحراء، وفق ما نشره موقع ألترا جزائر مساء الأربعاء.

استقالة بلماضي أتت بعد نكسة الخروج من مرحلة المجموعات في كأس أمم أفريقيا للنسخة الثانية تواليًا، لتكون الخسارة مع موريتانيا مساء الثلاثاء بمثابة القشّة التي قصمت ظهر العلاقة بين من كان يطلق عليه وزير السعادة الجزائري، وبين المنتخب الأوّل.

لقد جعل جمال بلماضي منتخب الجزائر مرشّحًا دائمًا لنيل الألقاب، وعلّم الجزائريين الإيمان بحظوظهم، ومنحهم الشعور بالفخر الدائم، كما نقل إليهم عدوى الغرور بمنتخب بلادهم.

يمثّل جمال بلماضي حالة استثنائية في تاريخ المنتخب الجزائري، هذا الفريق الذي اعتاد على عدم الاستقرار الفنّي بشكل كبير، فمنذ عام 1963 وحتى 2018، تغيّر مدرّب المنتخب الأوّل 57 مرّة، لكن جمال بلماضي جعل اسمه مرتبطًا أكثر من غيره بمحاربي الصحراء، وقاد جيلًا ذهبيًا إلى منصّات التتويج، وهو أكثر مدرّب في تاريخ الجزائر استمرارًا في منصبه بما يقارب خمس سنوات ونصف السنة.

الاتحاد الجزائري لكرة القدم اتخذ قرارًا مثيرًا للجدل في عام 2018، ففي الثاني من أغسطس/آب كشف للجماهير عن هوية المدرّب الوطني، والذي يأتي خلفًا لأسماء رنّانة في عالم التدريب واللعب، ونحكي عن رمز عربي وجزائري اسمه رابح ماجر.

لقد أدى بلماضي تجربة رائعة في الدوري القطري، ووثق به الاتحاد الجزائري من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه للكرة الجزائرية، لكن أحدًا لم يتوقّع أن هذا الخيار سيكون الأفضل بتاريخ الاتحاد الجزائري.

في الثامن من أيلول/سبتمبر 2018 بدأت مسيرة بلماضي المدرّب مع الخضر ضد غامبيا ضمن تصفيات كأس أمم أفريقيا، وانتهت بالتعادل بهدف لمثله، وفي الثالث والعشرين من كانون الثاني/يناير 2024 كانت المباراة الأخيرة ضد موريتانيا، وانتهت بخسارة صادمة للمحاربين أمام المرابطين.

من مباراة غامبيا إلى موقعة موريتانيا، قاد بلماضي الجزائر في 67 مباراة، فاز في 43 منها، وتعادل في 17، وخسر في سبع مباريات فقط.

بين مباراة غامبيا ومواجهة موريتانيا، ثمّة الكثير من الحكايات التي سترويها الأجيال الجزائرية، أفراح وأتراح، دموعٌ للفرح الهستيري، وأخرى للخيبات الكاسرة، إلا أن جمال بلماضي استطاع أن يجعل عشرات الملايين من المشجعين يؤمنون بمنتخب بلادهم.

لقد جعل جمال بلماضي منتخب الجزائر مرشّحًا دائمًا لنيل الألقاب، وعلّم الجزائريين الإيمان بحظوظهم، ومنحهم الشعور بالفخر الدائم، كما نقل إليهم عدوى الغرور بمنتخب بلادهم.

مثل كلّ شيء جميل، وكما الأساطير، وكحالة قصص الحب الرومانسية، يجب أن ينتهي كلّ شيء له بداية

من مباراة غامبيا إلى موقعة موريتانيا، قاد بلماضي الجزائر في 67 مباراة، فاز في 43 منها، وتعادل في 17، وخسر في سبع مباريات فقط.

إذن تعرّض المنتخب الجزائري فيما يقارب لستّ سنوات من العمل لسبع خسارات فقط، وهي حصيلة رائعة لأي فريق قوي من العشر المصنّفين أولًا على العالم، لكنّ خسارات الجزائر جميعها كانت قاسية ومؤثرة، وغالبًا ما تحمل وراءها نكسة رياضية وطنية.

لكنّ اللحظة الأهم في تاريخ جمال بلماضي، كانت بالتتويج في كأس أمم أفريقيا 2019، وقتها فازت الجزائر بجميع مبارياتها، باستثناء تعادل واحد مع كوت ديفوار في ربع النهائي، أنهاه المحاربون بركلات الترجيح.

رحل جمال بلماضي عن تدريب منتخب الجزائر، وربما هو ثاني أفضل قرار بمسيرته، بعد قرار اتخذه قبل قرابة خمسة أعوام ونصف، حينما تولّى تدريب الخضر

كلّ عربي وجزائري يذكر تلك الدموع التي ذُرفت، والعبارات الشهيرة للمعلّق حفيظ دراجي، حينما طلب من رياض محرز راجيًا أن يضع الكرة في مرمى نيجيريا بالدقيقة الأخيرة من الدور نصف النهائي "حطها بالغول يا رياض"، ونهاية بالتتويج التاريخي للمحاربين باللقب الأفريقي.

كانت جوقة مثاليّة عرّابها المايسترو جمال بلماضي، وعلى أساس هذا الإنجاز أصبح الجميع يهاب مواجهة المحاربين، قبل أن تأتي ثلاث لكمات متتالية، آخرها كانت بالضربة القاضية.

الجزائر بطلة لكأس أمم أفريقيا 2019

الجزائر كانت تعيش عصرًا ذهبيًا، 35 مباراة متتالية دون هزيمة، ومباراتان فقط تفصل المحاربين عن كسر رقم إيطاليا القياسي، إلا أن أتت مواجهة غينيا الاستوائية في كأس أمم أفريقيا 2021، تلقّى فيها جمال بلماضي خسارة صادمة، وانقطعت سبّحة الانتصارات المتتالية، ومن حينها بدأ المستوى بالانحدار.
أولى الضربات الموجعة حدثت في كأس أمم أفريقيا 2021، حينما ودّعت الجزائر المرشحة للقب البطولة من الدور الأول، والثانية كانت بعد كارثة الفشل في الوصول إلى نهائيات كأس العالم، وقتها فعلت الجزائر كل ما هو ممكن، لكنّ الأقدار وحدها حالت دون بلوغها أفضل نسخة في تاريخ كأس العالم، ورصاصة الرحمة لهذا الجيل الذهبي أتت من بوابة موريتانيا، فودّعت الجزائر مجددًا كأس أمم أفريقيا من الدور الأول للنسخة الثانية تواليًا، وهو أمر لم يحدث من قبل.

رياض محرز

مثل كلّ شيء جميل، وكما الأساطير، وكحالة قصص الحب الرومانسية، يجب أن ينتهي كلّ شيء له بداية، لقد رحل جمال بلماضي عن تدريب منتخب الجزائر، وربما هو ثاني أفضل قرار بمسيرته، بعد قرار اتخذه قبل قرابة خمسة أعوام ونصف، حينما تولّى تدريب الخضر، لكنّ الفارق بين بلماضي وغيره، أنه صنع اسمًا للجزائر بعد غياب دام عقود، فالمنتخب الجزائري قبل بلماضي ليس كما بعده، وبلماضي رغم رحيله عن الجزائر، فإرثه لن يصبح من الماضي، بل سيبقى رمزًا خالدًا في تاريخ الكرة الجزائرية والعربية.