01-نوفمبر-2017

تضاعفت الانتهاكات ضد الأقليات في الولايات المتحدة بعد وصول ترامب للحكم (وين ماكنامي/ Getty)

خلال إعلان نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، عن نيته زيارة كل من مصر وإسرائيل أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر، شدّد على اضطهاد الأقليات الدينية في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لإعادة توجيه الأموال إلى دعم الأقليات "بعيدًا عن الأمم المتحدة"، كما قال إن الولايات المتحدة لن تعتمد بعد الآن على الأمم المتحدة وحدها لمساعدة المسيحيين والأقليات المضطهدة، في أعقاب ما أسماها الإبادة الجماعية والفظائع التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وأنها ستقدم الدعم المباشر للمجتمعات المضطهدة من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وبينما تنادي أمريكا بحقوق الأقليات في الخارج أو في العالم العربي بالتحديد، يختلف الأمر في الداخل تمامًا.

في حين تنادي الولايات المتحدة بحقوق الأقليات في الخارج، تحديدًا العالم العربي، يختلف الأمر في الداخل تمامًا

في هذا التقرير نرصد بعضًا مما تشهده الولايات المتحدة من صعود لليمين المتطرف، وانعكاس ذلك على ارتفاع معدلات الانتهاكات وجرائم الكراهية ضد الأقليات، مع وصول ترامب للبيت الأبيض، بل من قبله، منذ بدء الحملة الانتخابية أواخر 2016.

اقرأ/ي أيضًا: تحالف الأقليات بوجه العنصريين في أمريكا

صعود اليمين المتطرف

مع بداية تواجد دونالد ترامب في قائمة المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة، شهدت بلاده صعودًا قويًا لليمين المتطرف، حتى قيل إن فوزه في تلك الانتخابات لم يكن ليتم لولا مساندة هؤلاء المتطرفين له، والذين أيدوه في أولى قراراته العنصرية الخاصة بمنع دخول مواطني سبع دول للولايات المتحدة.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، حتى وقعت أحداث شارلوتسيفل، التي حاول فيها المناوئون لليمين المتطرف في الولايات المتحدة الخروج في تظاهرات ضد العنصرية والتطرف، مع المطالبة بإزالة تمثال لجنرال كان قد حارب في صفوف المؤيدين لاستمرار العبودية في الحرب الأهلية الأمريكية. حينها غرد ترامب عبر تويتر قائلًا: "من المحزن أن نرى تاريخ وثقافة بلدنا العظيم تنتهك بإزالة تماثيلنا ومعالمنا الجميلة"، فيما يُعد إمّا جهلًا من ترامب بسيرة الجنرال الذي أراد المتظاهرون إزالة تمثاله، أو دعمًا مفتوحًا لأفكار الجنرال المتطرفة.

لم يكتف ترامب يتغريدته المثيرة للجدل، وإنما دافع عن تظاهرة القوميين البيض المعارضة بدورها لتظاهرة الذين أرادوا إزالة تمثال الجنرال المذكور. أثار ذلك استهجانًا واسعًا بين الأمريكيين. وكان ستيف بانون، مستشار ترامب آنذاك، قد وصف المتظاهرين القوميين البيض بـ"المهرجين"، وبعدها بيومين تقريبًا أقيل بانون من البيت الأبيض!

كان دونالد ترامب ولا يزال بمثابة دعامة تقوي شوكة جماعات اليمين المتطرف في الولايات المتحدة

عنصرية ضد الجميع

تحدثت دراسات وتقارير عن ارتفاع معدلات الانتهاكات وجرائم الكراهية ضد الأقليات في الولايات المتحدة خلال الشهور الماضية، تحديدًا مع وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض. ووثقت زيادات مضطردة في حالات الانتهاكات التي تم التبليغ عنها، والمرتبطة بالعنصرية على أساس الهوية الجنسية أو الدين والعرق. 

اقرأ/ي أيضًا: تنامي الحركات اليمينية مع مجيء ترامب.. راعي التطرف في الولايات المتحدة

ويعتقد الكثير بأن وصول ترامب للبيت الأبيض، كان داعمًا لتقوية المجموعات المتطرفة والعنصرية، وتحدث بعض المهددين من تلك الجماعات، عن رسائل تهديد ربطت بشكل مباشر بين الانتخابات الرئاسية الأمريكية وفوز ترامب، وبين تهديدها لمُستلم الرسالة.

ووفقًا للإحصائيات، فإن ما حدث تحديدًا هو أن الكثير من المتطرفين والعنصريين، الذين كانوا متواجدين من قبل ظهور ترامب على الساحة الانتخابية في 2016، بدأوا بالمجاهرة بأفكارهم، بل ممارسة التطرف في شكل اعتداءات ورسائل تهديد؛ بُعيد وصول ترامب للحكم، فيما يبدو أن إجمال المشهد السياسي في البلاد، ووصول اليمين المتطرف للحكم في الولايات المتحدة، كان سببًا في بروز هذه الجماعات على السطح من جديد.

وتُشكّل الانتهاكات بحق المسلمين أعلى ارتفاع في معدلات الانتهاكات بحق الأقليات، إذ ارتفعت لحوالي 67% عما قبل ترامب. وإن كانت حالة سوء المعاملة ضد المسلمين عمومًا في الولايات المتحدة، قد شهدت ارتفاعًا متزايدًا منذ أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، إلا أنها بدأت في التراجع نسبيًا مع حلول عام 2014، ثم عادت لترتفع مجددًا مع بدء أولى مراحل العملية الانتخابية. ومقارنة بـ481 جريمة كراهية ضد المسلمين في الولايات المتحدة، سجّل العام الماضي (2016) زيادة بـ28 جريمة، أي بإجمالي حوالي 509 جريمة كراهية ضد المسلمين.

وفي المجمل فإن الانتهاكات العنصرية بحق المسلمين في الولايات المتحدة، تمثل حوالي 4.4% من إجمالي الانتهاكات ضد الأقليات هناك، على الرغم من أن تعداد المسلمين في الولايات المتحدة لا يتجاوز 1%، بحسب براين ليفين الباحث في علم الجريمة، في مقال نشرته مجلة "ذي كونفرزايشن"، نقلًا عن "بي بي سي".

في الوقت نفسه تسود مخاوف مشابهة للتي يشعر بيها المسلمون في الولايات المتحدة، بين مجموعات تتبع الديانة السيخية، وفي أكبر معاقلهم بمدينة سان بطرسبرغ. المثير للاهتمام في الأمر، أن كثيرًا من الانتهاكات التي تمس السيخ في الولايات المتحدة، نابعة من الاعتقاد الخاطئ بأنهم مُسلمون. وقد ازدادت الانتهاكات بحقهم، منذ بدء الحملة الانتخابية لدونالد ترامب، وتصاعدت مع وصوله للبيت الأبيض.

تكشف الإحصائيات عن ارتفاع معدلات الانتهاكات العنصرية في الولايات المتحدة مع وصول ترامب للبيت الأبيض

في النهاية، وإلى جانب كل ذلك يمكننا التأكيد على زيادة معدلات الجرائم على أساس عنصري بعد تواجد ترامب، بالإشارة إلى رغبته في بناء جدار عازل مع المكسيك، وقراره بحظر دخول مواطني سبع دول إسلامية، وهو ما يجعل العنصرية شبه مُشرعنة في ظل نظام سياسي يُمارس بدوره هذه العنصرية.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

داعشية جديدة يقودها ترامب

كيف سيبدو 2017 في ظل رئاسة ترامب؟