26-يوليو-2020

تأتي الاحتجاجات على خلفية قمع السلطات الروسية المتزايد للإقليم (أ.ب)

ألترا صوت – فريق التحرير 

تشهد مدينة خاباروفسك المحاذية للحدود الروسية مع الصين احتجاجات شبه يومية منذ قرابة ثلاثة أسابيع على خلفية اعتقال السلطات الروسية حاكم الإقليم سيرغي فورغال الذي يتمتع بشعبية كبيرة، بسبب اتهامات بالضلوع في جرائم قتل، فيما يرى سكان الإقليم أن الاتهامات سببها "دوافع سياسية"، وأن احتجاجاتهم تأتي ردًا على تعامل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل سيئ مع أزمة سياسية محلية في أقصى الشرق الروسي.

تشهد مدينة خاباروفسك المحاذية للحدود الروسية مع الصين احتجاجات شبه يومية منذ قرابة ثلاثة أسابيع على خلفية اعتقال السلطات الروسية حاكم الإقليم سيرغي فورغال الذي يتمتع بشعبية كبيرة

وفي مظاهرة حاشدة نظمت في نهاية ثالث عطلة أسبوع على التوالي، تجمع الآلاف أمام مقر الإدارة الإقليمية في ساحة لينين وسط المدينة للاحتجاج على اعتقال فورغال في التاسع من الشهر الجاري، قبل أن يتم نقله إلى موسكو لمحاكمته بتهم القتل المنسوبة إليه، فيما يطالب سكان الإقليم بإعادة فورغال ليحاكم أمام أجهزة الإقليم القضائية.

اقرأ/ي أيضًا: الانتقال الديمقراطي في روسيا.. حين تكون الثقافة والنخبة عائقًا

ووفقًا لعديد وسائل الإعلام الغربية فإن الاحتجاجات التي بدأت على خلفية دعوة سكان الإقليم إليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي "بشكل عفوي" في أول عطلة نهاية أسبوع يوم 11 من الشهر الجاري، كان لها دور كبير بزيادة أعداد المحتجين في ثاني عطلة نهاية أسبوع يوم 18 من الشهر عينه، الأمر الذي دفع بالمحتجين لتنظيم مظاهرات صغيرة خلال أيام الأسبوع الماضي.

فيما يقول صحفيون روس يرصدون حركة الاحتجاجات منذ البداية إن الحشود التي شاركت في احتجاجات يوم السبت كانت الأكبر حتى الآن، من حيث لم يسبق لروسيا ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي (1991) أن شهدت مثل هذه الأعداد المشاركة في الحركات الاحتجاجية.

وبينما قدرت وسائل إعلام رسمية أعداد المحتجين بأنه لا يزيد على 6.5 ألف متظاهر، قال نشطاء من المعارضة إن الأعداد المشاركة في الاحتجاجات تراوحت ما بين 50 – 100 ألف شخص، فيما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية أن الأعداد تراوحت ما بين 15 – 20 ألف شخص شاركوا في الاحتجاجات.

كما وجهت لجنة التحقيق الروسية المعنية تحقيقاتها بالجرائم الكبرى تهمًا لفورغال تقول فيها إنه "العقل المدبر وراء جرائم قتل ومحاولة قتل عدد من رجال الأعمال بين عامي 2004 – 2005"، لكن سكان الإقليم يرون أن هذه التهم ذات صلة بـ"دوافع سياسية"، بسبب فوزه المفاجئ كممثل عن الحزب الديمقراطي الليبرالي الروسي بمنصب حاكم الإقليم في انتخابات 2018 بنسبة وصلت لنحو 70 بالمائة، مما أدى لخسارة مرشح حزب روسيا الموحدة الحاكم في الانتخابات.

توضح مجلة الإيكونوميست اللندنية أن سياسات الكرملين السيئة في تعاملها مع خاباروفسك كانت من أهم الأسباب التي أدت للاحتجاجات الكبيرة التي شهدها الإقليم الشرقي، وتتلخص بعدم احترام بوتين لشعور السكان بالفخر لاعتمادهم على تنمية الإقليم ذاتيًا بالاعتماد على موارده الاقتصادية، واستقلالهم بقوانينهم الفيدرالية الخاصة، غير أن بوتين عمل خلال السنوات الماضية على السيطرة على الموارد المالية والطبيعية للإقليم، بالإضافة لمنع سلطاته من إصدار القرارات الخاصة بهم.

وتضيف بأن شعبية فورغال المتزايدة بين سكان الإقليم بسبب إجرائه بعض الإصلاحات على الصعيد المحلي، مثل تخفيض راتبه الخاص أو عرض اليخت الذي كان يستخدمه حكام الإقليم السابقون في رحلاتهم الترفيهية للبيع، جعله يتحول خلال فترة قصيرة إلى بطل محلي، قبل أن ترتفع شعبيته بشكل أكبر بعدما رفض التلاعب بنتائج انتخابات البرلمان المحلي، والتي أفضت في نهايتها لحصول الحزب الحاكم على مقعدين فقط.

فضلًا عن ذلك فإن التصويت على التعديلات الدستورية الذي نظم قبل أقل من أربعة أسابيع على مستوى الاتحاد الروسي، جاء من بين الأسباب التي أدت لاعتقال فورغال، فقد سجل الإقليم أدنى نسبة مشاركة في التصويت في عموم الاتحاد الروسي بموافقة واحد بالمائة من ناخبي الإقليم على التعديلات، والتي تسمح بموجبها لبوتين البقاء في منصبه حتى عام 2036، بعدما تضمن أحد بنوده تصفير عدد الساعات التي قضاها زعيمًا للكرملين.

وكان لصدور قرار من الكرملين بتعيين ميخائيل دغتياريوف حاكمًا للإقليم يوم الإثنين الماضي دور كبير في تأجيج غضب سكان الإقليم، نظرًا لأن الحاكم الجديد لا صلة له بالإقليم، فضلًا عن تصريحاته التي هاجم فيها المحتجين رافضًا مطالبهم التي تدعو لاستقالته من منصبه، بعد اتهامه بأن المحتجين ليسوا من سكان الإقليم، وقدموا من موسكو والأقاليم الأخرى للمشاركة في الاحتجاجات.

لكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف رفض تصريحات دغتياريوف باعتبار أن "مثيري الشغب، ونشطاء المعارضة الوهميين"، هم من يقفون وراء التحريض على دفع الاحتجاجات نحو التصعيد، وهو ما يمكن اعتباره ردًا على تصريحات زعيم المعارضة والمرشح للانتخابات الرئاسية مرة واحدة إليكسي نافالني، والتي اعتبر فيها أن هذه الحركة الاحتجاجية في خاباروفسك لا يمكنها تحقيق مطالبها إلا إذا حصلت على دعم جميع المدن الروسية.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الاحتجاجات في الإقليم الواقع في أقاصي الشرق الروسي، أظهرت حجم التذمر والسخط من سياسات الكرملين الحالية، لدرجة أن أحداثًا صغيرة أصبح يمكنها أن تتحول لعاصفة كبيرة من الاحتجاجات، وتدعم الصحيفة حديثها بالإشارة  لعدم محاولة قوات الأمن السيطرة على الاحتجاجات.

إن الاحتجاجات في الإقليم الواقع في أقاصي الشرق الروسي، أظهرت حجم التذمر والسخط من سياسات الكرملين الحالية

وترجع الصحيفة الأمريكية السبب وراء عدم اعتراض قوات الأمن للمحتجين على الرغم من عدم حصولهم على تصريح رسمي للتظاهر وفقًا لنصوص القانون الروسي لأعدادهم الكبيرة، إضافةً لعدم وجود قائد أو منسق للاحتجاجات، مرجعةً ذلك لاعتمادهم على وسائل التواصل الاجتماعي بدلًا عن وسائل الإعلام التقليدية التي يسيطر عليها الكرملين، فيما تقول تقارير منفصلة إن سبب عدم اعتراض قوات الأمن للاحتجاجات يأتي خوفًا من تصعيدها بشكل أكبر، مما يجعلها نتنشر في عموم المدن الروسية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 منشقان عن نظام بوتين.. يشغلان صحافة العالم