29-يوليو-2017

ألتراس نادي الزمالك يهربون من الأمن في استاد برج العرب (Getty)

حظر طويل امتد لسنوات تفرضه السلطات المصرية على مشجعين الأندية الرياضية، ورغم ذلك الحظر تجد السلطات نفسها مجبرة على السماح بدخول عدد قليل من المشجعين إلى المدرجات في بعض المباريات المقامة على الملاعب المصرية والخاضعة لقوانين البطولات القارية حسب قوانين الفيفا والاتحاد الإفريقي لكرة القدم، فمشاركة الجمهور شرط أساسي وإلا تُمنع الأندية المصرية من المشاركة في تلك البطولات.

الأحكام العسكرية في مصر نهائية، غير مسموح فيها بالاستئناف أو النقض على الحكم، كما هو الحال مع القضاء المدني

التاسع من تموز/ يوليو الجاري، جرت أحداث شغب باستاد برج العرب بمدينة الأسكندرية، بعد مبارة لنادي الزمالك المصري مع فريق أهلي طرابلس الليبي، خرج على إثرها نادي الزمالك من البطولة الإفريقية، غضبت الجماهير بشدة وهاجمت رئيس النادي مرتضى منصور بهتافات معادية، وأشعلت الشماريخ بالمدرجات، وكسّرت عددًا من الكراسي، اشتبك الأمن مع الجماهير حتى خارج المدرجات، وقبض على المئات منهم، أفرج عن البعض بينما يظل البعض الآخر محبوسًا منذ ذلك الحين ويواجه تهمًا جزافية.

أطفال تحت السن القانوني يحاكمون عسكريًا
وصل عدد المقبوض عليهم 235 من رابطة مشجعي نادي الزمالك، المعروفة إعلاميًا باسم "الوايت نايتس" وأغلب هؤلاء من الشباب والمراهقين الصغار، حتى أن عددًا منهم -لم نتمكن من تحديده- لم يكمل عامه الـ18 بعد، ومنذ يومين، وتحديدًا في 27 تموز/ يوليو الجاري، قررت نيابة غرب الأسكندرية إحالة المتهمين إلى النيابة العسكرية، باعتبار أن استاد برج العرب منشأة عسكرية خاضعة لقوانين القوات المسلحة.

اقرأ/ي أيضًا: حكام مصر بين القصور والملاعب.. القصة الكاملة (1-2)

وينص قانون القضاء العسكري على أن يُحاكم عسكريًا كل من يعتدي على منشآت تابعة للقوات المسلحة، ويُذكر أن الأحكام العسكرية في مصر نهائية، غير مسموح فيها بالاستئناف أو النقض على الحكم، كما هو الحال مع القضاء المدني، ما يهدد بحياة هؤلاء إذا صدر حكم يدينهم تدور من حوله الشكوك التي تجعله حكمًا مسيّسًا، خاصة أن المحامين مُنعوا من حضور التحقيقات مع المتهمين أو الاطلاع على ملف القضية، الذي لا يحمل أي دلائل أو أحراز تثبت تورط المتهمين مما هو منسوب إليهم من تهم متعلقة بالانضمام لجماعة مؤسسة على خلاف القانون "الوايت نايتس" والجهر بالصياح وإثارة الفتن واستعراض القوة والتعدي على رجال الشرطة بالسباب والضرب أثناء ممارسة عملهم وتعريض حياة الأشخاص للخطر بالإضافة لتخريب وإتلاف الممتلكات العامة، حسب تصريحات المحامين.

تجاهل إعلامي وتحذيرات للأهالي من الحديث مع الصحافة
لم تنل القضية القدر المستحق من الاهتمام الصحفي والإعلامي، ربما لتسارع الأحداث وكثرتها في مصر وفي المنطقة العربية بشكل عام، فأصبح من الطبيعي أن نسمع يوميًا أخبارًا عن أرقام من البشر المقبوض عليهم أو المختفين قسريًا أو حتى من تم تصفيتهم خارج إطار القانون، فلم تعد تلك الأمور بقدسيتها وحرمتها السابقة وأصبحت أمرًا معتادًا في حياة المواطن المصري، وقد يكون السبب الآخر هو أوامر أمنية بتجنب الحديث عن القضية في وسائل الإعلام والصحافة التي تسيطر عليها القبضة الأمنية بالكامل حتى لا يُثار الرأي العام، بل أن بعض الإعلاميين هاجموا المشجعين واتهموهم بالبلطجة والتمويل وطالبوا بحبسهم وتأديبهم ونيل العقاب المناسب.

تواصلنا مع أهالي أحد الأطفال المحبوسين والذي لم يتجاوز عامه الـ16، وحاولنا أن نخرج منهم بتصريحات أو تفاصيل حول وضع المتهمين وملابسات القبض عليهم ولكنهم رفضوا الحديث أو الإدلاء بأي تصريحات، ووضح من كلامهم أن هناك تحذيرات أمنية من الحديث مع الصحافة والإعلام، وأن مثل تلك الأفعال قد تضر بموقف ذويهم في القضية، وقد تضعهم أنفسهم في خطر مماثل، وطلبوا منّا أن نتجنب الحديث عن ابنهم المحبوس.

هذا التجاهل الإعلامي لم يمنع الشباب من الحديث عن الجمهور المحبوس على مواقع السوشيال ميديا، فلاقى المتهمين تضامنًا واسعًا من الشباب ودُشن وسم "الحرية لجمهور الزمالك" ووسم "الحرية للجمهور" ووسم "لا للمحاكمات العسكرية" للتدوين عن المعتقلين وأوضاعهم ومهاجمة رئيس النادي مرتضى منصور، باعتباره له يد في القبض عليهم بعلاقاته الأمنية وقربه من النظام، وتصريحاته بالإعلام وتفاخره بأنه أول من تصدى للأولتراس ومن طالب بتحويلهم لمحاكمات عسكرية.

وقال البعض أن تحويل القضية للنيابة العسكرية هو مجرد رأي استشاري إذا كانت القضية من اختصاصهم فتحول بشكل نهائي أم تعود مرة أخرى للنيابة العامة، ولكن هذا الأمر يتعارض مع ما صرّح به مرتضى منصور بتحويل المشجعين للمحاكمات العسكرية.

انتقام أمني من روابط المشجعين
عداء طويل ومستمر بين الأجهزة الأمنية المصرية بذراعيها الجيش والشرطة، وروابط تشجيع الأندية الكبرى كنادي الزمالك والنادي الأهلي، فهذه ليست الحادثة الأولى التي يعادي فيها الأمن المصري روابط المشجعين، فكان هناك مذبحة ستاد بورسعيد في 2012 في ظل حكم المجلس العسكري والتي راح ضحيتها أكثر من 70 شخص من مشجعي النادي الأهلي.

عداء طويل ومستمر بين الأجهزة الأمنية المصرية بذراعيها الجيش والشرطة، وروابط تشجيع الأندية الكبرى كنادي الزمالك والنادي الأهلي

واتهم البعض وقتها المجلس العسكري بالتواطؤ وتدبير المذبحة، وكان هناك مذبحة ستاد الدفاع الجوي في 2015 التي راح ضحيتها أكثر من 20 شخص من مشجعي نادي الزمالك، واتهمت بعض الجماهير مرتضى منصور بالتحريض ضد الجمهور وتدبيره للمذبحة انتقامًا من أفراد الوايت نايتس.

ناهيك عن الاعتقالات المستمرة للمشجعين وعلى رأسهم سيد مشاغب أحد أعضاء رابطة "الوايت نايتس" والمحبوس منذ أكثر من عامين، ويُذكر أن لروابط المشجعين دور مؤثر في أحداث الثورة المصرية، خاصة بتصديهم للبلطجية في أحداث موقعة الجمل بميدان التحرير.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مصر.. ستنتصر الحياة للمشاغب

مصر.. سياسة في المستطيل الأخضر