18-يناير-2018

البنك المركزي المغربي (ويكيبيديا)

دخل المغرب مرحلة تعويم الدرهم، وسط مخاوف جمّة من التداعيات الاقتصادية لهذه العملية التي قد تؤثر سلبًا على قوت المواطنين كما حصل في مصر، إلا أن قرار التعويم أصبح ساريًا الآن ولا مجال للعودة، مما يستدعي من المرء التفكير في التكيف مع الوضع الجديد بشكل أفضل، بدل التوجس فيما هو قادم، ولأجل ذلك نقدم ثلاثة طرق مجرّبة من شأنها أن تحافظ على أموالك.

مع تعويم الدرهم، ينصح الخبراء للحفاظ على مدخراتك تحويل الأموال المخزنة إلى أصول، سواء إلى ذهب أو عقارات أو أسهم أو عملة صعبة

حوّل أموالك إلى أصول ذهب أو دولار

نظرًا لعدم امتلاك المغرب قدرات اقتصادية صلبة على مستوى الإنتاج والتصدير، فإنه يُتوقع أن تَفقد العملة المحلية الكثير من قوتها الشرائية مع مرور الوقت، خاصة أنه يجري استنزاف العملة الصعبة نتيجة المضاربات وتهريب الأموال، ومن ثمّة فإن الودائع المالية، سواء كانت مخزنة في البنك أو في البيت، ستنخفض قيمتها. ولهذا السبب ينصح الخبراء للحفاظ على مدخراتك بتحويل الأموال المخزنة إلى أصول، سواء إلى ذهب أو عقارات أو أسهم أو عملة صعبة.

معظم الناس يتوجهون في مثل هذه الحالات إلى الذهب، فهو يعد من الأصول الصلبة التي لا تتأثر كثيرًا بالتقلبات المالية إن لم يرتفع سعرها، فيمكن شراء الذهب بهدف تجميد قيمة مدخراتك حتى لا تتعرض للتآكل، لكن من المستحسن شراءه بشكله الخام، أي قبل صياغته من قبل الصائغ الذي يضيف مالاً ليس بالهين لقاء تجهيزه للبيع، وعندما تنخفض قيمة الدرهم يمكن بيع الذهب قطعة قطعة وفق ما يحتاج صاحبه من مال.

أما صبُّ المدخرات في ممتلكات عقارية فإنه عمل يحتمل شيئًا من المخاطرة، وذلك حسب السوق والمنطقة المتواجد فيها، إذ يمكن أن يرتفع سعر العقار مستقبلاً وهنا يكون المرء رابحًا، مثلما يمكن أن تنخفض قيمة العقارات نتيجة كساد ما فيخسر المرء أمواله، ولذلك فإن الاعتماد على هذا الخيار يحتاج إلى بعض الخبرة لقراءة سوق العقار جيدًا ومخاطره قبل الاستثمار فيه، تمامًا كما يتطلب سوق البورصة والأسهم إلى خبرة مسبقة قبل الدخول إليه.

وهناك من يتجه إلى شراء العملات الصعبة، الدولار واليورو، بوصفها مالاً حقيقيًا تملك قوة شرائية أينما ومتى احتجتها، لكن إن اخترت هذا الخيار فلا تنجر إلى المضاربة كما تفعل "المافيات المالية"، أي شراء الدولارات بهدف التربح من بيعها في المستقبل عندما تنخفض قيمة الدرهم، لأن المضاربات تسهم في استنفاذ مخزون البلاد من العملة الصعبة فتتعمق تداعيات التعويم، فضلاً عن أنها تحمل الكثير من المخاطرة نتيجة التقلبات المستمرة وغير المتوقعة التي تحدث حينما يتم تحرير العملة، لكن يمكن شراء الدولار بغرض الحفاظ على المدخرات.

هناك من يتجه إلى شراء العملات الصعبة بوصفها تملك قوة شرائية أينما ومتى احتجتها، لكن إن اخترت هذا الخيار فلا تنجر إلى المضاربة لأنها لا تخلو من مخاطر

اقرأ/ي أيضًا: تعويم الدرهم: في أي سياق وأي تداعيات ينتظرها المواطن المغربي؟

قم بشراء المواد المستوردة قبل ارتفاع ثمنها

يعمل تحرير سعر الصرف على زيادة الربح على مستوى الصادرات، لأن الطلب يزداد على العملة المحلية من الخارج مقابل حيازة الدولار واليورو، لكنه في نفس الوقت يرفع الخسارة على مستوى الواردات، التي تسدد بالعملات الصعبة، ولأن اقتصاد البلاد يعاني عجزًا تجاريًا، أي أن وارداته تفوق صادراته، على الأرجح سيحدث "تضخم استيراد"، من شأنه أن يتسبب في ارتفاع الأسعار بالأسواق المحلية، خاصة تلك المواد المستوردة من الخارج.

وبالتالي فإن شراء بضاعة من البضائع المستوردة حاليًا يمكن بيعها مستقبلاً بثمن أعلى عندما تصل تداعيات تعويم الدرهم الأسواق المحلية، إذ من المرجح أن يرتفع سعر البضائع التي تأتي من الخارج، في حال انخفاض قيمة الدرهم المغربي، وهو أمر يرتقب أن يستغرق بعض الوقت باعتبار أن المغرب دخل مرحلة تحرير العملة بشكل تدريجي، حيث يفرض البنك المركزي حاليًا، كمرحلة الأولى، حدودًا عليا ودنيا لسعر صرف الدرهم، ويتدخل في حالة تجاوزها، قبل المرور إلى التحرير الكامل.

وإذا ما استقر رأي المرء على هذا الاختيار، فمن الأفضل ابتياع المواد الغائبة في الإنتاج المحلي والتي يتم استيرادها بشكل كامل من الخارج، إذ هي الأكثر احتمالاً لارتفاع ثمنها مستقبلاً، وفي نفس الوقت أن تكون هذه المواد غير مكلفة على مستوى التخزين، سواء من حيث المال أو الحفاظ على جودتها لفترة طويلة.

اقرأ/ي أيضًا: تأجيل تعويم الدرهم في المغرب يكشف مافيا تجار العملات

استثمر في المجال الإلكتروني

أمام تعويم الدرهم، من المهم توجيه رأس المال إلى شبكة الأنترنت وتقديم خدمات لزبناء خارج البلاد، هكذا يمكن استخلاص الدولار الذي سيتقوى أكثر أمام العملة المحلية

في حال انهيار العملة نتيجة التضخم، فإن كل من يتقاضى أجره بالدرهم أو يتعامل به سينال حصته من الخسارة المالية بعد أن تفقد الأموال المحلية البعض من قيمتها الشرائية، وبالمقابل كل من يتقاضى أجره بالدولار أو اليورو أو يتعامل بهما سيكون محظوظًا، إذ سيكسب في هذا الحال رغم الأزمة التي قد يعانيها بلده، وهذا يشمل العاملين في شركات أجنبية وأصحاب المشاريع الناشئة على الأنترنت التي تقدم خدماتها لخارج البلاد وكل من يدر دخلًا بالعملة الصعبة.

وبذلك فإن أفضل استثمار في هذه الظروف، هو توجيه رأس المال إلى شبكة الأنترنت وتأسيس شركة ناشئة تقدم خدماتها لزبناء خارج البلاد، هكذا يمكن استخلاص الدولار، الذي سيتقوى أكثر أمام العملة المحلية، وبالتالي فإن المستثمر هنا، سواء كان فردًا أو فريقًا، لا تصله تداعيات التحرير حتى لو انهارت العملة، بل يصبح رابحًا في هذا الوضع.

وكثيرة هي الأعمال التي يمكن من خلالها تحصيل موارد بالعملة الصعبة على شبكة الأنترنت، ربما تأسيس موقع للتجارة أو شركة خدماتية أو إنشاء برمجيات وبيعها على الشبكة، المهم هو إيجاد المشروع المناسب والتعرف على السوق جيدًا قبل الشروع فيه، هكذا يحافظ المرء على مدخراته في ظل تقلبات أسعار الصرف وفي نفس الوقت يفتح أمامه فرصة للربح.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تعويم الدرهم المغربي.. شروط خارجية ومخاوف داخلية

رفع الدعم عن المواد الأساسية.. هل هلع المغاربة مشروع؟