25-ديسمبر-2020

أحد المخيمات في سهل البقاع (أديب شودري/Getty)

هناك أكثر من مليون لاجئ سوري مسجل لدى المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان. وتقدّر الحكومة اللبنانية أن عدد السوريين الفعلي في البلاد هو 1.5 مليون لاجئ. يعيش اللاجئون في لبنان عمومًا في ظروف صعبة جدًا، وبطبيعة الحال لا تختلف هذه الظروف بالنسبة للاجئين السوريين. كما فاقمت جائحة كوفيد-19 من المشاكل المعيشية لديهم، خاصة في ظل عدم توفر أبسط مقومات الوقاية الصحية. المخيمات المكتظة التي تنتشر في العديد من المناطق اللبنانية، بشكل خاص في سهل البقاع  على طول الحدود اللبنانية السورية تعاني من نقص شديد في الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش.

الحلقة الأضعف أمام جائحة كورونا في لبنان هم سكان المخيمات المؤقتة في البقاع، فالخدمات الأساسية بالكاد تتوفر بحدودها الدنيا لهم

ويمكن القول أن الحلقة الأضعف أمام جائحة كورونا في لبنان هم سكان المخيمات المؤقتة في البقاع، فالخدمات الأساسية مثل التغذية والنظافة والمياه والصرف الصحي والتهوية والتوعية بالكاد تتوفر بحدودها الدنيا. جهود المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبالتعاون مع اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية ومنظمات غير حكومية أخرى تسعى من أجل تأمين مستلزمات سبل العيش وتوفير التوعية اللازمة وما يرافقها من العيادات الطبية المتنقلة والمستلزمات الطبية في هذه المخيمات. إلا أن الجهود المبذولة حتى الآن تبقى أقل من اللازم والضروري بسبب كثافة الطلب على الخدمات وارتفاع الحاجات المعيشية مقارنة بما يتم توفيره. هذا كله في ظل غياب شبه تام لدور الحكومة اللبنانية بسبب نقص مواردها وتمويلها وعدم وجود خطط للتعامل مع المستجدات التي خلفها فيروس فيروس كورونا. 

اقرأ/ي أيضًا: "تفادي ضياع جيل الكورونا".. تقرير لليونيسف يرصد أوضاع الأطفال في وقت الجائحة

الشتاء يقتحم المخيمات وكوفيد - 19 أيضًا

تم تسجيل آلاف الحالات من الإصابة بفيروس كورونا بين اللاجئين، كما أن هناك مئات الإصابات بين من لم يجروا الفحص الطبي للكشف عن الإصابة، إما بسبب الإهمال أو قلة الوعي بعوارض المرض وإما لأسباب مادية كتكلفة إجراء الفحص الخاص وعدم توفر الفحص المجاني بشكل واسع. سبب آخر يتمثل في عدم إمكانية الالتزام بالحجر المنزلي والتوقف عن العمل "المياوم" عند شريحة واسعة من اللاجئين، مما يعرض أصحاب هذا النوع من العمل لفقدان المداخيل. يضاف إلى ذلك أن الزيارات من المنظمات الدولية توقفت بسبب سياسات العزل والإغلاق فحرم اللاجئون من الخدمات التي كانت تؤمنها برامج الخدمات مباشرة داخل المخيمات.

لا تتوفر القدرة اللوجستية لدى البلديات اللبنانية على العمل الفعال في نطاق سلطتها من أجل تلبية احتياجات المخيمات وحل مشاكلها 

موسم الشتاء في ظل جائحة كورونا كان قاسيًا جدًا على اللاجئين هذا العام، فالمياه دخلت إلى الكثير من الخيم وأغرقتها، وصارت الممرات داخل المخيمات مليئة بالوحل السميك مما جعل التنقل في أرجاء العديد من المخيمات إحدى المشاكل الحقيقية التي يعانيها سكان هذه المخيمات.

اقرأ/ي أيضًا: الأمم المتحدة تتحدث عن أرقام "نريليونية" في اليوم الدولي لمكافحة الفساد

أما بالنسبة لدور الجهات البلدية، فلا قدرة لوجستية متوفرة للبلديات على العمل الفعال في نطاق سلطتها. وبحسب ما أشار إليه رئيس بلدية سعدنايل في البقاع الأوسط عدنان الشوباصي، فإن هناك فروقات حادة بين تعداد السكان الرسمي والفعلي، فتعداد سكان المدينة من اللبنانيين يقدر بحوالي 15 ألف نسمة، بينما تعداد اللاجئين السوريين في المدينة وحولها يقدر بحوالي 35 ألف نسمة دون أن تتوفر مصادر مالية إضافية لتقديم الخدمات لهم أو إحصاء دقيق يقدر احتياجاتهم.

كما أن النقص الفادح في مواد التدفئة  من بين المشاكل التي تعانيها مخيمات البقاع بشكل متكرر منذ سنوات. إذ أن أسعار المحروقات ارتفعت، ومادة المازوت المخصصة للتدفئة صارت غير متوفرة، وإن توفرت فسعرها يفوق استطاعة اللاجئين. بينما تعاني وزارة الاقتصاد اللبنانية من عدم القدرة على ضبط الأسعار وضبط عمليات التهريب عبر الحدود وتقلص قيمة البطاقة التموينية التي تقدمها الجهات الدولية.

اللجوء إلى بلد "منكوب"

في ذات الوقت لا يمكن فصل أوضاع اللاجئين في لبنان عن المشهد اللبناني العام، والذي تدهور منذ بدء انتفاضة 17 تشرين والانهيار المصرفي وانخفاض سعر الليرة وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل جنوني بنسبة وصلت 400%. إضافة لتوقف الدعم الحكومي للكثير من المواد الأساسية، ومن ثم انتشار فيروس كورونا، وانفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020 الذي جعل غالبية الخدمات التي تقدمها المنظمات المحلية والدولية تتحول بشكل طارئ باتجاه العاصمة بيروت والمناطق المنكوبة المتاخمة للمرفأ. وهذا التحول زاد من عزلة المخيمات ووضع ملف اللاجئين على أدنى سلم الأولويات من قبل السلطات اللبنانية والعديد من المنظمات الإنسانية العاملة في لبنان، وسط أحاديث عن تكاليف تقدر بـ5 مليار دولار يجب تأمينها لإعادة إعمار العاصمة.

بحسب الأمم المتحدة فإن 70% من اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر 

وبحسب دراسة بعنوان "اشتداد المحن: تغيرات في مستويات الفقر منذ بداية تأثير جائحة كورونا على اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في الأردن وإقليم كردستان العراق ولبنان" صادرة عن البنك الدولي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ظهر أن أكثر من 4 ملايين لاجئ سوري في المجتمعات المضيفة يرزحون تحت طائلة الفقر الشديد منذ بداية أزمة فيروس كورونا مطلع هذا العام. وكشفت الدراسة أن أزمة كورونا زادت الفقر عند اللاجئين السوريين في لبنان بنسبة 56 نقطة مئوية، وأشار التقرير إلى أن 90% منهم يعجزون عن تأمين الحد الأدنى من الحاجات للبقاء على قيد الحياة. وبحسب الأمم المتحدة فإن 70% من اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر أساسًا. وفي ظل جميع هذه الظروف  والمعطيات لا يتوفر ما يبشر بحلول وتغييرات إيجابية قد يحملها عام 2021 لمن أجبروا على اللجوء إلى لبنان ومخيماته. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

تحذير أممي من وصول معدلات الجوع في اليمن إلى أرقام قياسية

الزواج المبكر في وقت الجائحة.. زيادة في انتهاك الطفولة والمواثيق الدولية