05-ديسمبر-2020

طفلة من مدغشقر تحمل طفلها الرضيع (أحمد إيزغي/الأناضول/Getty)

أعلنت الأمم المتحدة في عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ووضعت اتفاقيات دولية نابعة منه ملزمة للقضاء على زواج الأطفال. إذ تنص المادة 16 من الإعلان على وجوب أن يكون الشخص قد بلغ "سن الرشد" عند عمر الزواج وأن يتم الزواج بحرية وبموافقة كاملة من قبل الشخص المعني.

منعت جائحة كورونا الكثير من الفتيات من الحصول على الخدمات والمعلومات والأمن والسلامة وتأمين حقوقهن الحيوية ويتوقع أن ترفع نسبة الزواج المبكر

لكن إلى اليوم تشير تقديرات الأمم المتحدة على الصعيد العالمي، أن واحدة من كل خمس فتيات تتزوج قبل سن الثامنة عشرة. وتتزوج 700 ألف فتاة كل عام قبل بلوغ سن الثامنة عشر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ووفق إحصاءات تقريبية تشير إلى زواج 12 مليون فتاة عالميًا قبل عمر الثامنة عشر وقد يتضاعف العدد بسبب كورونا وسياسات الإغلاق والحجر المنزلي. وتشير دراسة صادرة عن المركز العالمي للأبحاث حول المرأة إلى أن آثار فيروس كورونا ستضيف 13 مليون زوجة قاصرة في جميع أنحاء العالم، مما يؤدي إلى تخلي 10 ملايين فتاة أخرى عن دراستهن الثانوية.

اقرأ/ي أيضًا: قاصرات اليمن على مائدة الزاوج المبكر

وحسب الدراسة فإن جائحة كورونا منعت الكثير من الفتيات من الحصول على الخدمات والمعلومات والأمن والسلامة وتأمين حقوقهن الحيوية، مما يزيد من هشاشة أوضاعهن ويعرضهن للتزويج المبكر. في الوقت الذي ترى العديد من العائلات أن الزواج المبكر يعد خلاصًا من الأوضاع الاقتصادية والحرمان من التغذية والفقر والعوز وانخفاض القدرة على التحصيل الدراسي.

ومع توقف المدارس عن التعليم الحضوري والانتقال إلى التعليم "أونلاين" في عديد من بقاع العالم فقدت العديد من الأسر القدرة على توفير متطلبات متابعة العملية التعليمية. مما أفقد الكثير من الفتيات القدرة على متابعة الدراسة. وبعد ارتفاع معدلات الفقر، خاصة عند الجماعات البشرية الهشة، كاللاجئين والهاربين من الحروب وتوفر غيرها من العوامل كالتفكك الأسري والاتجار بالبشر تلجأ الكثير من الأسر إلى بدائل حياتية في مقدمتها تزويج البنات القاصرات  كنوع من التكيف مع أزمة كورونا وما رافقها من تبعات معيشية ثقيلة.

لكن لمثل هذا الخيار سلسلة من العواقب المدمرة طويلة الأمد على الفتيات. حيث يوقف زواج الأطفال تعليم الفتيات، ويعرضهن لمخاطر كبيرة كأن يصبحن معزولات ومنفصلات عن عائلاتهن وعن المشاركة المجتمعية الفعالة. إضافة إلى إمكانية تعرضهن للعنف المنزلي وأضرار الصحة العقلية. كما يدخل الزواج المبكر الفتيات في مرحلة الأمومة وهنّ غير مستعدات للأمر عاطفيًا أو جسديًا، فضلًا عن ثقل المهمات الأسرية والمسؤوليات التابعة لذلك.

اقرأ/ي أيضًا: القاصرات في مصر.. قشة في مهب الريح

من المتداول أن نسبة الإجهاض ترتفع كلما كان الزواج في عمر أصغر، وينتج عن هكذا زيجات العديد من المواليد من ذوي الإعاقة الجسمانية أو العقلية. وفي حال كان الطفل سليم الصحة الجسدية والعقلية فإنه سيعيش في أسرة غير متعلمة وتفتقد للثقافة التربوية مما يستتبع حتمًا عيش حياة صعبة وهشة والتعرض لأزمات نفسية ومخاطر عديدة. 

ويعتبر الحمل المبكر السبب الرئيسي للوفاة بين المراهقات على مستوى العالم بسبب سوء الخدمات الصحية وخدمات الطوارئ. مثلًا، ما بين عامي 2014-2016 زادت نسبة الفتيات القاصرات الحوامل بنسبة 65%. ففي بعض البلدان العربية يظهر أن القوانين تسمح بالزواج للفتيات ما دون 15 سنة فيما تكون الفتيات اللاجئات عرضة للتزويج في أعمار أقل بسبب تشريعات دينية أو بسبب تقاليد وأعراف مجتمعية.

كما ترتفع نسب التزويج المبكر في الدول النامية ومناطق الصراعات العسكرية والفوضى والمناطق الفقيرة بسبب موجات الهجرة والنزوح الكثيفة، ومع وجود جائحة كوفيد-19 ارتفعت النسب المئوية للزواج المبكر. ومن ضمن المؤشرات المقلقة أن تسع دول من بين عشرة دول تعتبر في مقدمة التزويج المبكر تعصف بها الحروب والفقر مثل سوريا والعراق واليمن والصومال والسودان وفيتنام ودول أفريقية عدة غيرها. 

مما يجب معرفته أن التزويج المبكر ينهي أحلام الفتيات ويمحي أي أمل في تحقيق ما كن يطمحن لتحقيقه في مستقبلهن العملي والعلمي. خاصة الفتيات اللواتي يتم تزويجهن قسرًا وحرمانهن من عيش طفولتهن بشكل كامل وصحي وسليم. وكل ذلك يعتبر انتهاكًا لمواثيق حقوق الطفل حول العالم. وتطالب منظمات عدة حول العالم، من بينها وكالات الأمم المتحدة المختصة، بإيلاء هذا الموضوع الأهمية القصوى وتأمين التمويلات اللازمة للحد من انتشار هذه الظاهرة وإنقاذ الفتيات من براثن التزويج المبكر عبر اتباع سياسية مكثفة وخطط موجهة والتعاون عالميًا لمواجهة هذه الأزمة وإيجاد الحلول المستدامة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الحب قبل الزواج.. محظور لدى قبائل اليمن

في الكاميرون.. كيّ الأثداء لحماية البنات من الزواج المبكّر