09-ديسمبر-2020

فعالية في بنغلاديش ضد الفساد يوم 8 كانون الأول/ديسمبر 2020 (مامنور رشيد/Getty)

يحتفى العالم في التاسع من شهر كانون الأول/ديسمبر من كل عام بـاليوم الدولي لمكافحة الفساد، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 31 تشرين الأول/أكتوبر عام 2003 اتفاقية مكافحة الفساد، ودخلت حيز التنفيذ فى كانون الأول/ديسمبر 2005، حيث تعد هذه الاتفاقية متعددة الأطراف محل تفاوض بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتضم 71 مادة مقسمة إلى 8 فصول. على أن تقوم الدول الأطراف بتنفيذ عدة تدابير لمكافحة الفساد، والتي قد تؤثر على القوانين والمؤسسات والممارسات.

أنطونيو غوتيريش: الفساد في وقت كوفيد-19 يمكن أن يقوض الحكم الرشيد في جميع أنحاء العالم تقويضًا خطيرًا

ونشرت الأمم المتحدة عبر حسابها الرسمي في منصة تويتر وسم #UnitedAgainstCorruption ورفعت شعار "التعافي تحت راية النزاهة"، كما بدأت حملة في السوشال ميديا تتعلق بنشر فيديوهات تثقيفية ووثائق ودراسات وإرشادات لمحاربة الفساد وقرارات ذات صلة بمكافحة الفساد صادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا لا نهزم الفساد في العالم العربي؟

أرقام عملاقة

وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم ستاينر  أن تكلفة الفساد السنوية في العالم تقدر بحوالي 2.6 تريليون دولار أمريكي كهدر وسرقة، إضافة إلى تريليون دولار كرشاوى. ووفقًا لتقرير منظمة الشفافية العالمية، وعلى مقياس من صفر إلى مئة، حيث الدول الأكثر فسادًا تقترب من الصفر والدول الأكثر شفافية تقترب من المئة. وهذا المؤشر يحتسب مدركات الفساد في القطاع العام فقط دون القطاع الخاص. تبين وفق المؤشر أن الدول الغربية مثل الدانمارك ونيوزيلندا حازت على مقياس 87 ونالت الترتيب العالمي الثاني في الشفافية. وحصدت فنلندا وسنغافورة والسويد وسويسرا الترتيب الثالث عالميُا في الشفافية. أما الدول الاكثر فسادًا، فحازت الصومال على مقياس عشرة من مئة، وجاءت خلف جنوب السودان وسوريا اللتين حصلتا على 13 درجة في المقياس نفسه، واليمن 14 في المئة، وليبيا 18 درجة، والعراق 20 درجة، وإيران 26 درجة، ولبنان وموريتانيا 28 درجة، ومصر والجزائر 35 درجة.

في ذات السياق، سبق لـتقرير في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن تطرق للفساد في لبنان كونه حالة نافرة ويستشهد التقرير بالنفايات التي ملأت شوارع العاصمة بيروت لأيام وتكرار هذه الأزمة بشكل مستمر. كما يتسبب الفساد في لبنان بالانقطاع  المستمر للكهرباء، ويستنزف 33% من الناتج المحلي الإجمالي، ويسهم في تعريض لبنان للكوارث، كاحتراق الغابات وانفجار مرفأ بيروت وانقطاع الأدوية والمشتقات النفطية وتدهور العملة الوطنية. وكلها مؤشرات تشي بالفساد وسط تحدث البنك الدولي عن غموض يعتري أغلب الصفقات في لبنان.

الفساد في سياق كوفيد-19

اتخذت الدول في جميع أنحاء العالم عدة تدابير مهمة للتصدي لحالة الطوارئ الصحية ولتجنب الانهيار الاقتصادي العالمي. فحشدت على عجل أموالًا بالمليارات لشراء المعدات الطبية وبناء شبكة أمان اقتصادية للمواطنين والشركات المنكوبة. غير أن الاستجابات العاجلة المطلوبة دفعت بعض الدول إلى التساهل التجاري والتساهل في الرقابة والمساءلة لتحقيق تأثير سريع اقتصادي، وهو ما أدى بالتالي إلى وجود فرص كبيرة للفساد.

في هذا الصدد قال الأمين العام  للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في رسالته بمناسبة اليوم الدولي لمحاربة الفساد: "إن الفساد فعل إجرامي لاأخلاقي وخيانة للأمانة المستودعة من الشعب. وضرره يكون أشد جسامة في أوقات الأزمات، كما في الوقت الحالي الذي يكابد فيه العالم جائحة كوفيد-19. والتعامل مع هذا الفيروس يخلق فرصًا جديدة لاستغلال ضعف الرقابة وعدم كفاية الشفافية، حيث يتم تسريب الأموال بعيدًا عن الناس في أوقات هم فيها أحوج ما يكونون إلى تلك الأموال".

كما يزدهر الفساد في أوقات الأزمات، والحالة التي فرضها كوفيد - 19 ليس استثنائية في هذا الشأن. ويسلط تقرير "التعافي تحت راية النزاهة" الضوء على مسألة إمكانية تحقيق انتعاش أفضل والحاجة لوضع تدابير فعالة للحد من الفساد، كما يؤكد كذلك على أن التعافي الشامل من تبعات فيروس كورونا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال اعتماد مبادئ النزاهة.

اقرأ/ي أيضًا: الفساد يلاحق المواطنين إلى قبورهم في لبنان

وأشار غوتيريش إلى أن الحد من مخاطر سوء الإدارة والفساد أثناء جائحة كوفيد - 19 يتطلب مشاركة هيئات قوية، وإشراف أفضل على حزم الدعم المقدمة في حالات الطوارئ، وإدارة المشتريات العامة بصورة أكثر انفتاحًا وشفافية، وتعزيز امتثال القطاع الخاص بمعايير مكافحة الفساد. وفضلا عن ذلك، تحتاج البلدان إلى ضمان دعم وحماية المبلغين عن الفساد والصحفيين الذين يكشفونه في أثناء الجائحة، وجعل أطر مكافحة الفساد الوطنية متماشية مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى وجوب التكاتف لوقف اللصوصية والاستغلال عن طريق تضييق الخناق على التدفقات المالية غير المشروعة والملاذات الضريبية، والتصدي للمصالح الطفيلية التي تستفيد من السرية والفساد، وممارسة أقصى درجات اليقظة بشأن كيفية إنفاق الموارد على الصعيد الوطني.

كما طرح غوتيريش حلولًا لذلك تتلخص في: إنشاء نظم قوية للمساءلة والشفافية والنزاهة، ومحاسبة القادة، كما يجب على أصحاب الأعمال التصرف بمسؤولية، ويجب أن يكون هناك حيز مدني نابض بالحياة وأن تتاح إمكانية الوصول إلى المعلومات، ويجب حماية الحقوق وتقدير شجاعة المبلغين عن جرائم الفساد وحمايتهم، وتفعيل التكنولوجيا من أجل زيادة الشفافية وتحسين رصد شراء اللوازم الطبية.

وأنهى رسالته بالقول "لقد ظل الفساد لفترة طويلة، بالنسبة لأعداد كبيرة من الناس في جميع المناطق، مصدرًا لعدم ثقتهم في قادتهم وحكوماتهم وغضبهم عليهم. ولكن الفساد في وقت كوفيد-19 يمكن أن يقوض الحكم الرشيد في جميع أنحاء العالم تقويضًا خطيرًا، وأن يبعدنا أكثر عن المسار الصحيح في عملنا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الفساد في عالم كرة القدم.. شراء ذمم وتلاعب بالعقود والصفقات

لعبة السلطة في السعودية.. ابن سلمان "يكافح الفساد" بالفساد!