19-يونيو-2023
أطفال في مخيم جنين أمام بقايا مدرعة الفهد الاسرائلية (GETTY)

أطفال في مخيم جنين أمام بقايا مدرعة الفهد الإسرائيلية التي استهدفها رجال المقاومة (GETTY)

في أحدث تطور لعدوانها المستمر على مدينة ومخيم جنين منذ شهور، قامت قوة خاصة من جيش الاحتلال الإسرائيلي بعملية اقتحام للمخيم، فجر اليوم الإثنين، لاعتقال مجموعة من المطاردين، وبعد اكتشاف أمرها، اندلعت مواجهات مسلحة مع الشبان المدافعين عن المخيم، حيث أطلق جنود الاحتلال النار والغازات السامة بشكل عشوائي، ما أدّى إلى سقوط عدد من الشهداء وجرحى الفلسطينيين.

قامت قوة خاصة من جيش الاحتلال الإسرائيلي بعملية اقتحام للمخيم، فجر اليوم الإثنين، لاعتقال مجموعة من المطاردين، وبعد اكتشاف أمرها، اندلعت مواجهات مسلحة مع الشبان المدافعين عن المخيم

شهداء وجرحى في عملية الاقتحام

وفي آخر تحديث لحصيلة الاقتحام الإسرائيلي، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن ارتقاء 5 شهداء وإصابة 91 فلسطينيًا، وصلوا إلى مستشفيات جنين الحكومي والرازي وابن سينا، بينهم عدد من الإصابات الخطيرة.

ونعت كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، اثنين من مقاتليها، وهم: الشهيدان قيس جبارين (21 عامًا)، وقسام أبو سرية (29 عامًا).

شهداء وجرحى فلسطينيين خلال اقتحام مخيم جنين

 

كمين للمقاومة الفلسطينية في مخيم جنين

وردّت المقاومة باستهداف قوات القوة المقتحمة بعبوات ناسفة، وأوقعتها في كمين، ما أدّى إلى إعطاب عدد من آليات الاحتلال، وإصابة عدد من جنوده. واعترف جيش الاحتلال بإصابة 7 من جنوده، وتعرض 4 آليات لأضرار، وتحدت كتيبة جنين، الاحتلال بأن يعترف بخسائره الحقيقية.

وفي محاولة لإخلاء الجنود المصابين، قصفت مروحيات إسرائيلية أهدافًا في مخيم جنين للمرة الأولى منذ 20 عامًا، ونقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية عن مصدر عسكري قوله: إن "القصف استهدف مقاتلين شكلوا خطرًا حقيقيًا على الجنود"، بينما قال مصدرٌ آخر، إن "الجيش استدعى مروحية لتأمين عملية إخلاء الجنود المصابين من الجو".

صدمة إسرائيلية 

في تعليقه عن كمين جنين، قال المعلق العسكري لموقع "واللا" العبري، أمير بخبوط، بأن المقاتلين في جنين استخدموا عبوات ناسفة شديدة الانفجار وغير اعتيادية. وتساءل: "كيف لم يعلم الجيش والشاباك بوجود مثل هذه العبوات في جنين؟".

ونقل الموقع العبري عن مسؤول عسكري من قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، إن قواتهم خلال اقتحامها لجنين، اليوم الإثنين، تعرضت لكمين "غير مألوف"، مؤكدًا أن "العبوات الناسفة التي تم استخدامها مماثلة في قوتها وتطورها للعبوات الناسفة التي تستخدمها حركة حماس في قطاع غزة".

وبحسب المصدر العسكري، فإن "العبوات المستخدمة في التفجيرات أظهرت تطورًا في قدارت التصنيع لدى المقاتلين في مخيم جنين وفق التقديرات الأولية"، وأضاف "العبوة منها تزن حوالي 40 كلغ"، وتابع " أدت العملية إلى إعطاب مصفحة الفهدالمصممة للتعامل مع المتفجرات وإطلاق النار وتحطيم الجزء الخلفي منها، وهذا أمر غير معتاد وحتى شديد الخطورة في هذه الساحة"، وأضاف المصدر، أنه بعد تفجير الآلية وترجل الجنود منها، أمطرهم المقاومون بالرصاص، منوهًا أن "واقعة اليوم ليست حالة منفردة، ففي الشهر الماضي كانت هناك زيادة حادة في حجم استخدام العبوات الناسفة الموجهة عن بُعد ضد قوات الاحتلال"، وتابع المصدر "يتم التحقيق الآن إن كانت هذه العبوات والمتفجرات مصنعة محليًا، أو تم تهريبها إلى جنين من الخارج"، مؤكدًا "خطورة الحدث في جنين"، مشيرًا إلى أن "الجيش بحاجة إلى فهم كيف علم المسلحون بمسار الجيش، وزرعوا العبوات الناسفة فيه".

وكشف المعلق العسكري للموقع العبري عن اندهاش قادة جيش الاحتلال في شمال الضفة من عملية اليوم، يعود إلى أن "الجيش وجهاز الشاباك أحبطا على مدار الشهور الستة الماضية إدخال مواد ذات استخدام مزدوج إلى المنطقة، من أجل منع تصنيع العبوات الناسفة".

ونقل الموقع العبري عن مصادر عسكرية، أن "الجيش الإسرائيلي يستعد للتعامل مع إمكانية تنفيذ عملية عسكرية انتقامًا لما حدث في جنين، اليوم".

آليات إسرائيلية معطوبة في ضواحي مخيم جنين

كما نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرنوت"، عن مصدر في عسكري إسرائيلي، أن الجيش يقوم بالتحقيق فيما إذا كانت عمليات هذا الصباح "كمينًا للمتفجرات"، عرف فيه المقاتلون الفلسطينيون طريق خروج قوات الاحتلال من المخيم، أو خمنوا ذلك فقط، حيث قاموا بزرع أعداد كبيرة من المتفجرات هناك، مما أدى إلى إصابة الآليات المدرعة. إصابات مباشرة، كما تم إطلاق أعيرة نارية دقيقة على القوات المنسحبة.

دعوات إسرائيلية لعملية عسكرية واسعة في جنين

الموقع الاستخباري الإسرائيلي "إنتلي تايمز"، نوه إلى أنه "كان ينبغي على القوات أن تقدم نتيجة أسرع في جنين، فهذه ليس غزة أو جنوب لبنان بعد، وإذا كان الأمر كذلك فلتستخدم جميع الإمكانات، ومن الصعب تعريف تعقد عملية الاعتقال للفلسطينيين وإنقاذ المستعربين ودورية المظليين على أنها حادثة تحت السيطرة".

من جانبه، أشار قائد لواء جنين بالجيش الإسرائيلي سابقًا العميد أورن أبمان، إلى أن "الواقع تغير، ومن الضروري التحول إلى حالة قتالية واستخدام كل الوسائل لإسكات مصدر النيران"، وأضاف "المكان الذي يطلقون النار منه يجب أن يكون نقطة حمراء يجب تدميرها"، على حسب تعبيره.

من جهته، قال رئيس مجلس الامن القومي تساحي هانغبي، إن جنين أصبحت "وكرًا مركزيًا" لنشاط للفصائل الفلسطينية، وإن "السلطة الفلسطينية رفعت يديها وفقدت سيادتها في المدينة". وأضاف هانغبي خلال حديث مع اذاعة "كان" ظهر اليوم أن "عمليات مثل التي تنفذها قوات الامن في جنين حاليًا تهدف الى منع مشاهد تَفَجُّر حافلات في قلب مدن البلاد".

وفي نفس السياق، دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إلى شن عملية عسكرية في شمال الضفة الغربية، عقب حدث اليوم في جنين، ونقلت إذاعة جيش الاحتلال عن سموتريتش قوله: "حان الوقت لشن عملية واسعة في شمال الضفة، بمشاركة سلاح الجو والقوات البرية"، وأضاف: "سأطالب بعقد اجتماع عاجل للكابينت (المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر) حول الأمر".

تأكيد على جاهزية المقاومة الفلسطينية

فلسطينيًا، أكد المتحدث باسم حركة "حماس" حازم قاسم على أن "المقاومة في الضفة المحتلة صلبة وقوية، والاحتلال أبعد ما يكون عن حسم المعركة ضد المقاومة في جنين"، وقال قاسم في تصريحات صحفية: "إن جنين تثبت اليوم مرة أخرى أنها عصية على الانكسار وحاضرة بالفعل المقاوم، وأن الاحتلال ما زال يتفاجأ في كل مرة يحاول أن ينهي المقاومة"، وأضاف "الاحتلال سيفشل في هذه المعركة وفي كل معركة يخوضها ضد شعبنا، ولن يكون له مكان على أرضنا، وعليه أن ينتظر مزيدًا من المقاومة في قادم الأيام"، وأوضح قاسم، أن "الاحتلال حاول الدخول للمخيم لكنه تفاجأ بهذا الفعل النوعي، والإعداد من المقاومة والبسالة العظيمة وإيقاعه في كمين محكم وإصابة جنوده وآلياته"، واعتبر أن "قدرة المقاومة على مفاجأة العدو بمزيد من التكتيكات والأدوات تشير إلى أنها تزداد اتساعًا أفقيًا في الانتشار بالجغرافيا".

أما رئيس الدائرة الإعلامية لحركة الجهاد الإسلامي أنور أبو طه، فأكد أن: المقاومة ستستمر بالتصدي للعدوان الإسرائيلي على جنين بكل الإمكانات والقدرات".

تشييع شهداء عملية الاقتحام الإسرائيلي في مخيم جنين

إدانة عربية للعملية الإسرائيلية

عربيًا، أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، "التصعيد الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وآخرها العدوان على مدينة جنين صباح اليوم الإثنين"، محذرةً من "استمرار دوامة العنف التي سيدفع الجميع ثمنها"، وشدّد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سنان المجالي في بيان، على "ضرورة وقف الاقتحامات المستمرة للمدن الفلسطينية وحمايتها من الاعتداءات المتكررة عليها، ووقف التصعيد الذي يمثل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني والتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال"، وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة "موقف الأردن الرافض لهذه الاعتداءات والإجراءات الأحادية التي تقوّض مساعي خفض التصعيد"، مشددًا على "ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكلٍ فوري وفاعل لوقف هذا العدوان وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة".

إن جنين تثبت اليوم مرة أخرى أنها عصية على الانكسار وحاضرة بالفعل المقاوم، وأن الاحتلال ما زال يتفاجأ في كل مرة يحاول أن ينهي المقاومة في جنين

من جهتها، حذرت وزارة الخارجية المصرية من "مخاطر استمرار التصعيد ضد الفلسطينيين"، مشيرةً إلى أن "مثل هذه الاعتداءات لا تؤدي إلا إلى تأجيج الأوضاع وتنذر بخروجها عن السيطرة وتقويض مساعي خفض التوتر في الأراضي المحتلة"، وأدانت مصر في بيان لوزارة الخارجية: "الاعتداء الذي شنته القوات الإسرائيلية على مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة صباح اليوم، وما واكب ذلك من عمليات قصف جوي وإطلاق نار ضد المدنيين، ما أسفر عن وقوع ضحايا ومصابين".